سيناتور مقرب من ترامب: إذا قطعت أمريكا علاقاتها بإسرائيل فسيقطع الله علاقاته معنا (فيديو)    "أكذوبة سياسية وخرافة قديمة"، كيف رد الأزهر ودار الإفتاء على تصريحات وهم "إسرائيل الكبرى"    كسرين بالقدم اليمنى، الإسماعيلي يعلن تفاصيل إصابة مروان حمدي ومدة غيابه    طريقة عمل سلطة التبولة بمذاق مميز ولا يقاوم    سعر اليورو اليوم الجمعة الموافق 15 أغسطس 2025.. كم سجلت العملة الأوروبية في البنوك؟    لو اتكسر مصباح السيارة هتعمله من غير ما تروح للميكانيكي: دليل خطوة بخطوة    رسميًا بعد قرار البنك الأهلي.. حدود السحب والإيداع اليومي من البنوك وال ATM وإنستاباي    نائب محافظ مطروح يتفقد قافلة «الخير» بقرية أبو زريبة بالسلوم ويعقد حوارًا مجتمعيًا مع الأهالي    رسميًا ..مد سن الخدمة بعد المعاش للمعلمين بتعديلات قانون التعليم 2025    رسميًا الآن.. رابط نتيجة تنسيق رياض أطفال 2025 محافظة القاهرة (استعلم)    الفصائل الفلسطينية: الأولوية فى الوقف الفورى للعدوان الإسرائيلى ورفع الحصار عن غزة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. بيان للفصائل الفلسطينية: ندعو مصر إلى رعاية اجتماع طارئ للاتفاق على استراتيجية وطنية ضد مخططات الاحتلال.. وترامب: بوتين لن يسيطر على أوكرانيا فى وجودى    مالى تعلن إحباط محاولة لزعزعة استقرار البلاد خُطط لها بدعم من دولة أجنبية    «هتستلمها في 24 ساعة».. أماكن استخراج بطاقة الرقم القومي 2025 من المولات (الشروط والخطوات)    محمد عباس مايو حكما لمباراة الزمالك والمقاولون بالدورى    نجم الأهلي السابق يكشف سر غضب الخطيب.. وهذه رسالتي ل ريبيرو    بيراميدز يخوض ودية جديدة استعدادا للمواجهات المقبلة في الدوري    خالد الغندور: تفاصيل اقتراب عودة أحمد فتوح للتدريبات الجماعية بعد مباراة المقاولون    السيطرة على حريق بمخزن بتروكيماويات في بلبيس بالشرقية    حبس المتهمين بمطاردة سيارة فتيات على طريق الواحات 4 أيام    محامي فتاتي طريق الواحات يطلب من النيابة إجراء كشف المخدرات على الشباب الأربعة    بحوزتهم أسلحة بيضاء.. أمن القليوبية يضبط طرفي مشاجرة في الخصوص    رسميًا بعد التأجيل.. موعد بدء العام الدراسي الجديد 2025-2026 للمدارس بالجزائر    بالأسماء.. إصابة 12 مصريا وروسي الجنسية في تصادم على طريق الساحل الشمالي بالعلمين    من الأطباء النفسيين إلى اليوجا.. ريهام عبد الغفور تكشف ل يارا أحمد رحلة تجاوز الفقد    رئيس دينية الشيوخ: وثيقة القاهرة خطوة استباقية لمواجهة سيل فتاوى الذكاء الاصطناعي المغرضة    مدربة لياقة تحب الخيل وتكره «الدايت».. 14 معلومة عن نادين أيوب ملكة جمال فلسطين    حظك اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025.. توقعات مهنية وعاطفية وصحية لكل برج    «اللهم ارزقنا لذة النظر إلى وجهك الكريم».. دعاء يوم الجمعة ردده الآن لطلب الرحمة والمغفرة    #رابعة يتصدر في يوم الذكرى ال12 .. ومراقبون: مش ناسيين حق الشهداء والمصابين    هترجع جديدة.. أفضل الحيل ل إزالة بقع الملابس البيضاء والحفاظ عليها    تناولها يوميًا.. 5 أطعمة تمنح قلبك دفعة صحية    مكافآت أمريكية ضخمة للقبض على 5 من أخطر تجار المخدرات في المكسيك    32 شهيدًا في غزة حصيلة العدوان الإسرائيلي خلال ساعات    بعد موافقة النواب.. الرئيس السيسي يصدق على قانون التصرف في أملاك الدولة    تعرف على عقوبة تداول بيانات شخصية دون موافقة صاحبها    ظهرت الآن، نتيجة المرحلة الأولى لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة    "بعد اتهامها بتجارة الأعضاء".. محامي زوجة إبراهيم شيكا يكشف لمصراوي حقيقة منعها من السفر    النائبة أمل سلامة: المرأة تعيش عصرها الذهبي.. والتأثير أهم من العدد    بالصور| نهضة العذراء مريم بكنيسة العذراء بالدقي    وزير البترول يكلف عبير الشربيني بمهام المتحدث الرسمي للوزارة    طرائف الدوري المصري.. لاعب بيراميدز يرتدي قميص زميله    ثقافة الفيوم تصنع البهجة في الشواشنة بفعاليات فنية وثقافية متنوعة.. صور    حدث بالفن| ناقدة تهاجم بدرية طلبة ونجم ينفي شائعة انفصاله عن زوجته وفنانة تثير الجدل    ستيفان مبيا: محمد صلاح كان يستحق الفوز بالكرة الذهبية في السنوات الماضية    رسميًا.. منتخب مصر يتأهل إلى ربع نهائي بطولة الأفروباسكت    القانون يحدد ضوابط استخدام أجهزة تشفير الاتصالات.. تعرف عليها    كالاس: مشروع "E1" يقطع الصلة بين شمال وجنوب الضفة الغربية    جرس إنذار والملابس لا تبرر.. أزهري يعلق على حادث طريق الواحات    لأول مرة بمجمع الإسماعيلية الطبي.. إجراء عملية "ويبل" بالمنظار الجراحي لسيدة مسنة    الأوقاف: تجارة الأعضاء جريمة شرعية وأخلاقية.. والتبرع جائز بشروط صارمة    رمضان عبد المعز يحذر من السرعات الجنونية وحوادث الطرق: "المتهور يقتل نفسه والآخرين"    الإعلام المصرى قوى    هل دفع مخالفة المرور يسقط الإثم الشرعي؟.. أمين الفتوى يجيب    رمضان عبد المعز: الإسلام جاء لرعاية مصالح الناس وحماية الأرواح    شعبة مواد البناء: سعر طن الحديد أعلى من قيمته العادلة في مصر ب16 ألف جنيه    درة تاج الصحافة    الإصدار الثانى عاد ليحكى الحكاية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذه هي الاستراتيجية الجديدة!
نشر في الشعب يوم 12 - 01 - 2007


بقلم: جواد البشيتي

يوشك الرئيس بوش أن يعلِن ما يوصف، إعلاميا على وجه الخصوص، بأنه "استراتيجية جديدة" لإدارته في العراق، مع وجود كونغرس جديد، يهيمن خصومه "الديمقراطيين" عليه، ولا يرى مقياسا يقيس به "الجديد" و"الإيجابي" في تلك الاستراتيجية سوى مقدار توافقها مع توصيات "لجنة بيكر هاملتون"، التي، على مشاركة "جمهوريين"، مناصفةً، في إنجازها، تظل، في كثير من نصوصها، وفي الجزء الأكبر من روحها، أقرب إلى وجهة نظر "الديمقراطيين" في شأن سُبُل الحل للأزمة العراقية، ولأزمة الولايات المتحدة في العراق وفي محيطه الإقليمي، منها إلى وجهة نظر "المحافظين الجدد"، أو نواتهم الحاكمة والمقرِّرة.

الرئيس بوش، وعلى ما يبدو، يستصعب كثيرا أن ينجح في إقناع مواطنيه، ومنتقدي ومعارضي نهجه الإستراتيجي السياسي والعسكري في العراق، بأن "استراتيجيته الجديدة" ليست من نمط تغيير، جديده غير مفيد، ومفيده غير جديد، وبأنها، أي تلك الاستراتيجية، قد تضمَّنت ما يمكن إظهاره على أنه موقف إيجابي وقفه الرئيس بوش من تلك "التوصيات"، أو من بعضها، فالرئيس بوش، وعلى الرغم من كون تلك "التوصيات" غير مُلْزِمة له، من الوجهة القانونية والدستورية، وعلى الرغم من كونه المسؤول عن السياسة الخارجية للولايات المتحدة، لا يمكنه، وهو الذي من الضعف الشعبي والسياسي الداخلي بمكان، أن يَظهر على أنه قد ضرب صفحا عن "توصيات" تلقى تأييدا شعبيا واسعا، وشارك في إنجازها أعضاء من حزبه؛ كما لا يمكنه أن يذلل كثيرا من العقبات من طريق تنفيذ "استراتيجيته الجديدة" إذا لم يُراعِ ميول ووجهات نظر الكونغرس الجديد.

لقد بدأ الرئيس بوش العمل بمقتضى "استراتيجيته الجديدة" حتى قبل أن يُعلنها رسميا، فما "إعدام" صدام حسين، وطريقة "إعدامه" على وجه الخصوص، سوى مبتدأ العمل بهذه الاستراتيجية. وإنِّي لا أرى من فَرْق يُذْكر بين "أهداف الإعدام" و"النتائج" التي تمخَّضت، وتتمخَّض عنه، وكأنَّ إدارة الرئيس بوش أحرزت نجاحها العراقي الأول إذ جاءت "النتائج" متَّفِقة، هذه المرة، مع "الأهداف"، ففشلها الكبير (والتاريخي) في العراق كنَّا نقف ونستدل عليه من خلال "النتائج" التي كانت تذهب دائما ب "الهدف المعلَن" لإدارة الرئيس بوش، وب "التوقُّع" الذي كانت تتوقعه.

إذا كانت إدارة الرئيس بوش، العاجزة (موضوعيا في المقام الأول) عن أن تختار غير ما يختاره لها "الواقع العراقي السيئ"، تستهدف، في "استراتيجيتها الجديدة"، بداية "رسمية" ل "الحرب (أو الحروب) الأهلية" في العراق، بعد إعلانها وتأكيدها، غير مرَّة، أن العراق لم يقع فيها بعد، فإنَّ أحدا لن يجادلها في حقيقة أنَّ "الإعدام" هو "الرصاصة الأولى" في تلك الحرب، والبداية "الرسمية" لها، فالوهم بعينه أن يعتقد إنسان أنَّ "جهود المصالحة" يمكن أن تؤتي ثمارها (الطيبة) بعد، وبفضل، "إعدام" صدام حسين، فهذا "الإعدام"، مع الطريقة التي نُفِّذ فيها على وجه الخصوص، قد "أعدم" تلك الجهود، على افتراض وجودها وصدقها، وزرع "الحرب الأهلية" في النفوس، وأسَّس لمزيد من الصراع البغيض بين الشيعة والسنة من عرب العراق، فما أشق وأصعب من أن تُقْنِع السنة من عرب العراق بأنَّ "الإعدام"، مع طريقته ووقت تنفيذه، لم يكن فعلا طائفيا معاديا لهم.

ولا يحتاج المرء إلى أن يبذل جهدا جهيدا من أجل إقامة الدليل على أنَّ "الإعدام" هو ذاته حفلة عقد قران ميليشيا مقتدى الصدر ("جيش المهدي") وحكومة المالكي، التي توصف، إعلاميا، بأنها "القائدة لجهود المصالحة"، والتي دعتها إدارة الرئيس بوش، غير مرَّة، في بياناتها الرسمية، إلى أن تكون حربا على الميليشيات جميعا، وتنهي كل اختراق لها للأجهزة والمؤسسات والقوى الأمنية والعسكرية الحكومية. وقد جاء "إعدام" صدام ليُظْهِر أنَّ هذا الاختراق (اختراق ميليشيا مقتدى الصدر) قد بلغ حتى غرفة "الإعدام".

وأحسب أنَّ "الإعدام"، مع طريقته، قد أُريد له، جزئيا، أن يكون "جائزة ترضية" من حكومة المالكي إلى مقتدى الصدر، فهذه الحكومة تعتقد أو تتوقَّع الآن أن يقف "جيش المهدي"، الذي بات حكومة في داخل الحكومة، مواقف يمكن أن تساعدها في إظهار نفسها على أنها "فوق الميليشيات"، و"حرب عليها"، فتتحوَّل "الحرب الحكومية على الميليشيات"، عمليا، إلى حرب على كل من يحمل السلاح من السنة من عرب العراق، وتنتهي، بحسب التوقُّع الحكومي، إلى سيطرة حكومية أمنية مطلقة على بغداد.

إنَّ الحكومة تريد لميليشيا مقتدى الصدر، وبعد نيلها "جائزة الترضية" تلك، أن تتغيَّر (في الظاهر ليس إلا) بما يقي الائتلاف الشيعي الحاكم شرَّ الانقسام والتصدع، وبما يمكِّن الحكومة من الادعاء بأنَّ "المسلَّحين" من العرب السنة هم فحسب الذين يقفون ضد سعيها إلى بسط سيطرتها الأمنية على العاصمة (وعلى مدن عراقية أخرى).

وفي سياق هذه الحرب، حرب الحكومة، التي في داخلها تقيم وتعمل حكومة مقتدى الصدر وميليشيات شيعية أخرى، للسيطرة الأمنية المطلقة على بغداد، وعلى مدن عراقية أخرى، يمكن ويجب أن يضطلع "المارينز"، الذين يتحصَّنون في خارج، وحول، مسارح تلك الحرب، بدور المساندة، فما زال المقاتلون من العرب السنة هم الذين يقاتلون الولايات المتحدة في العراق، ولا بأس، بالتالي، من هذا القتال المشترَك ضدهم ولو كانت عاقبته توسيع وزيادة النفوذ الإيراني في جنوب العراق.

وإدارة الرئيس بوش تفهم هذا التطور، الذي تَسْتَجْمِع وتهيئ له أسباب حدوثه، على أنه قوة يمكنها اجتذاب مزيد من الطاقة العسكرية والقتالية للمقاومة العراقية (التي هي عربية سنية في المقام الأول) إلى الحروب الأهلية الطائفية، فيسيل دم العراقيين، ويُحفظ دم "المارينز"، الذي لا يشاركون في القتال إلا في طريقة لا تُلحق بهم خسائر بشرية تُذْكَر، فلا تعود الحرب في العراق سببا لجعل الأزمة الداخلية لإدارة الرئيس بوش تتفاقم.

المناطق الكردية في شمال العراق لن تكون جزءا من مسرح الحرب الأهلية، فمصلحة إدارة الرئيس بوش تقضي ببقاء تلك المناطق آمنة بالنسبة إلى الوجود العسكري للولايات المتحدة في العراق، والذي في غير تلك المناطق سيُعاد تنظيمه بما يسمح ل "المارينز" بالبقاء بمنأى عن نار الحرب الأهلية، وعن ضربات رجال المقاومة، وعن ضربات إيرانية قد يتعرَّضون لها إذا ما تعرَّضت إيران لضربة عسكرية.

في "الاستراتيجية الجديدة"، التي يوشك أن يعلنها الرئيس بوش، لن نرى إلا مزيدا من الحرب الأهلية بين الشيعة والسنة من عرب العراق، ومزيدا من القتال تخوضه القوى الأمنية والعسكرية الحكومية العراقية، بدعم ومساندة من "المارينز"، ضد "المسلَّحين" من العرب السنة، ومزيدا من النفوذ الإيراني في جنوب العراق، ومزيدا من التعاون والتحالف بين قوى الائتلاف الشيعي الحاكم.

ومع أنَّ إدارة الرئيس بوش ستظل في "حرب باردة"، قد تتحوَّل إلى "ساخنة"، مع إيران فإنها لن تمانع في مزيد من النفوذ الإيراني في جنوب العراق وفي الائتلاف الشيعي الحاكم؛ لأنها تريد للعراق أن يغدو مستنقعا لإيران أيضا، وتريد لإيران أن تَظْهَر على أنها قوة فارسية وشيعية معادية للعرب السنة كافة.

وعندما تحقِّق إدارة الرئيس بوش هذا "الإنجاز"، في داخل العراق وفي محيطه الإقليمي، ومن غير أن يتكبَّد "المارينز" خسائر بشرية لا يمكن احتمالها، يصبح ممكنا تصدير الأزمة برمتها إلى الرئيس الديمقراطي المقبل، فإمَّا أن يمضي قُدُما في الطريق التي سار فيها سلفه الجمهوري الرئيس بوش، وإمَّا أن يتحمَّل هو مسؤولية إنهاء الوجود العسكري للولايات المتحدة في العراق مع ترك هذا البلد وشعبه نهبا للحروب الأهلية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.