أوروبا تُصعّد لهجتها.. دعوة لوقف النار في غزة ومراجعة العلاقة مع إسرائيل    مرموش ضد بونو مجددًا.. مواجهة مرتقبة في مونديال الأندية    الموساد بلسان إيراني: كان فعلا "أقرب إلينا من آذاننا"    الزعيم يصمد.. وسقوط جماعي للأندية العربية في كأس العالم    حالة الطقس اليوم في الإمارات    عادل إمام يتصدر تريند "جوجل".. تفاصيل    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة    "ياحراق اللجان".. شقيق رامي ربيعة يثير الجدل بهذا المنشور بعد خروج العين من المونديال    ياسر ريان: طريقة لعب ريبيرو لا تناسب أفشة.. وكريم الديبس يحتاج إلى فرصة    المستشار الألماني يدعو لإبرام صفقة سريعا مع ترامب بشأن الرسوم الجمركية    السيطرة على حريق هائل في مصنع زيوت بالقناطر الخيرية    ضبط المتهم بالتخلص من شقيقه ونجله وإصابة جارهما في قنا    مصرع وإصابة 16 شخصا فى حادث مروع بالمنوفية    إسرائيل تعلن مقتل 11 عالما نوويا و30 قيادة عسكرية خلال الحرب على إيران    بيع فستان للأميرة ديانا في مزاد علني بمبلغ خيالي (صور)    "لازم واحد يمشي".. رضا عبدالعال يوجّه طلب خاص لإدارة الأهلى بشأن زيزو وتريزيجيه    أشرف إمام: حمزة المثلوثي زملكاوي وخرج من الباب الكبير    محافظ الجيزة يعتمد تنسيق القبول بالثانوية العامة الأحد المقبل    شروط التسجيل لاختبارات القدرات بالثانوية العامة 2025    حوار| رئيس اتحاد نقابات عمال الجيزة: الاقتصاد شهد تحسنًا بعد ثورة 30 يونيو    سطو مسلح على منزل براد بيت بلوس أنجلوس أثناء تواجده بالخارج    أطعمة ومشروبات لمواجهة التوتر والنسيان والقلق خلال الامتحانات    سعر الدولار اليوم الجمعة 27-6-2025 ينخفض لأدنى مستوياته عالميًا منذ مارس 2022    بكام طن الشعير؟ أسعار الأرز اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 في أسواق الشرقية    فلسطين.. اندلاع مواجهات عنيفة بين فلسطينيين ومستوطنين إسرائيليين في المنطقة الشرقية بنابلس    قمة الاتحاد الأوروبي تفشل في إقرار الحزمة ال18 من العقوبات ضد روسيا    يكسر رقم أبو تريكة.. سالم الدوسري هداف العرب في تاريخ كأس العالم للأندية (فيديو)    حريق ضخم في منطقة استوديو أذربيجان فيلم السينمائي في باكو    كم فوائد 100 ألف جنيه في البنك شهريًا 2025؟ أعلى عائد شهادات في البنوك اليوم    حنان مطاوع تروي كواليس «Happy Birthday»: صورنا 8 ساعات في النيل وتناولنا أقراص بلهارسيا    مدحت شلبي يكشف قرارًا صادمًا من وسام أبو علي.. وتخوف الأهلي    «البنت حبيبة أبوها».. أحمد زاهر يوجه رسالة مؤثرة لابنته ملك في عيد ميلادها    دعاء أول جمعة فى العام الهجرى الجديد 1447 ه لحياة طيبة ورزق واسع    فضل شهر محرم وحكم الصيام به.. الأزهر يوضح    مصطفى بكري: 30 يونيو انتفاضة أمة وليس مجرد ثورة شعبية    بالصور.. نقيب المحامين يفتتح قاعة أفراح نادي المحامين بالفيوم    ملف يلا كورة.. جلسة الخطيب وريبييرو.. فوز مرموش وربيعة.. وتجديد عقد رونالدو    الورداني: النبي لم يهاجر هروبًا بل خرج لحماية قومه وحفظ السلم المجتمعي    وزير قطاع الأعمال يعقد لقاءات مع مؤسسات تمويل وشركات أمريكية كبرى على هامش قمة الأعمال الأمريكية الأفريقية بأنجولا    من مصر إلى فرانكفورت.. مستشفى الناس يقدّم للعالم مستقبل علاج العيوب القلبية للأطفال    عطلة الجمعة.. قيام 80 قطارًا من محطة بنها إلى محافظات قبلي وبحري اليوم    انخفاض ملحوظ في البتلو، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    لجان السيسي تدعي إهداء "الرياض" ل"القاهرة" جزيرة "فرسان" مدى الحياة وحق استغلالها عسكريًا!    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 9 مساجد في 8 محافظات    هل التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة؟.. الإفتاء توضح    "القومي للمرأة" يهنئ الدكتورة سلافة جويلى بتعيينها مديرًا تنفيذيًا للأكاديمية الوطنية للتدريب    بحضور مي فاروق وزوجها.. مصطفى قمر يتألق في حفلة الهرم بأجمل أغنياته    طريقة عمل كفتة الأرز في المنزل بمكونات بسيطة    صحة دمياط تقدم خدمات طبية ل 1112 مواطنًا بعزبة جابر مركز الزرقا    متحدث البترول: إمداد الغاز لكل القطاعات الصناعية والمنزلية بانتظام    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    حجاج عبد العظيم وضياء عبد الخالق في عزاء والد تامر عبد المنعم.. صور    حسام الغمري: الإخوان خططوا للتضحية ب50 ألف في رابعة للبقاء في السلطة    مصرية من أوائل ثانوية الكويت ل«المصري اليوم»: توقعت هذه النتيجة وحلمي طب بشري    ترامب: خفض الفائدة بنقطة واحدة سيوفر لنا 300 مليار دولار سنويا    فيديو متداول لفتاة تُظهر حركات هستيرية.. أعراض وطرق الوقاية من «داء الكلب»    إصابة 12 شخصا إثر سقوط سيارة ميكروباص فى أحد المصارف بدمياط    وزير السياحة والآثار الفلسطينى: نُعدّ لليوم التالي في غزة رغم استمرار القصف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجرم إذ أصبح قاضيا!
نشر في الشعب يوم 11 - 11 - 2006


بقلم: جواد البشيتي

قرار إعدام الرئيس العراقي صدام حسين "شنقا حتى الموت" لا يمكن فهمه وتفسيره، ولجهة وقت صدوره على وجه الخصوص، إلا على أنه دليل قوي على أن إدارة الرئيس بوش ما عاد في مقدورها فعل أي شيء في العراق يمكنه أن ينتشلها، مع الولايات المتحدة، من ورطتها العسكرية السياسية الاستراتيجية فيه، فإخفاقها العراقي الكبير هو الآن يلبس لبوس "الناخب الكبير"، إن لم يكن الأكبر؛ ولسوف يتمخَّض عن نتائج، في مجلسي النواب والشيوخ، تجعل الرئيس بوش أكثر عجزا من ذي قبل عن الهروب من وحش الهزيمة الذي يطارده، ويوشك أن يفترسه، مع كل الأوهام التي حملته على غزو واحتلال العراق، والتي لولا المقاومة العسكرية العراقية (العربية السنية في الجوهر والأساس وحتى الآن) لما ظهرت لنا، وللعالم بأسره، على أنها أوهام.

إنني متأكِّد أنَّ الابن قد قال لأبيه إنه سيأتيه برأس صدام حسين ولو قبل ساعة من ولادة الهزيمة الكبرى للولايات المتحدة في العراق، فعائلة بوش، التي نجحت، والحق يُقال، في أن تجعل الحماقة سيدا للبيت الأبيض، هي التي قرَّرت، عبر "رؤوف رشيد عبد الرحمن"، إعدام الرئيس صدام حسين لشفي غليلها منه!

قرَّرت ذلك وهي تعلم علم اليقين أنَّ قرارها لن ينزل إلا بردا وسلاما على "الديمقراطيين"، الذين يعلمون هم أيضا علم اليقين أنَّ كارثة إدارة الرئيس بوش في العراق أكبر وأعظم من أن يسمح قرار الإعدام للجمهوريين بأن يُسيِّروا الرياح بما تشتهي سفينتهم الانتخابية والسياسية. إنَّ الهزيمة الانتخابية للجمهوريين، والواقعة حتما، إنما هي أول الغيث العراقي، وتضرب جذورها عميقا في الهزيمة الاستراتيجية لإدارة الرئيس بوش، وللولايات المتحدة في العراق، والتي لن يأتي قرار إعدام الرئيس صدام حسين إلا بما يَسْتَجْمِع ويهيئ لها مزيدا من الأسباب، وإن كنتُ أعتقد أنَّ خير تلك الهزيمة الآتية لا محالة سيجيء مُقْتَرِنا بشر حرب، أو حروب، أهلية عراقية، بعض بذورها بذرته الولايات المتحدة، وبعضه نَمَّتْهُ فحسب.

"الدجيل"، أو ما شابهها من أعمال لردع "العدو الداخلي"، أو "العدو الداخلي الخارجي"، لنظام حكم صدام حسين عن إظهار وممارسة مزيد من العداء كان ممكنا أن أراها كما رآها ضحاياها لو أنَّ الذين قرروا إعدام الرئيس صدام حسين مثَّلوا عهدا جديدا في الحكم، فيه من الديمقراطية والإنسانية، ومن قيمهما ومبادئهما، ما يجعل "الدجيل" وأخواتها، جزءا من ماضٍ انتهى إلى غير رجعة؛ أمَّا أن يأتي عهدهم بجرائم تجعل الجرائم التي اتَّهموا عهد صدام حسين بارتكابها قطرة في بحر جرائمهم، وجرائم أسيادهم، التي لسيد البيت الأبيض حصة الأسد منها، فهذا إنما يدعوني إلى أن أفهم عهد صدام حسين بحسب نسبية الخير والشر، وأن أراه، بفضل جرائمهم، عهدا للرحمة والخير، يشتد حنين العراق والعراقيين إليه، وكأن الرئيس بوش لم يعلن حرب الخير على الشر إلا ليظهر، عبرها، وبتأكد أنه إله الشر في الألفية الثالثة.

صدام الذي قرر بوش إعدامه ليس هو ذاته صدام الذي كان يحكم العراق، الذي بفضل الولايات المتحدة و"الديمقراطية" التي جاءت بها إليه على أسنَّة رماح "المارينز" أصبح مكانا لا يصلح لحياة البشر وتَنْهب أرضه وشعبه "حرب الكل ضد الكل".

إنَّ إعدام صدام في "عراق اليوم" لا يقرره إلا من اختار للعراقيين مزيدا من تبادُل العداء الذي في دوافعه ونتائجه عداء للعراق الذي يحتاج إليه العراقيون والعرب، فالولايات المتحدة خلقت عراقا جعل غالبية العرب يرون في صدام حسين رمزا ل "كرامة عربية قومية سنية"، وكأن حماقة سياسة سيد البيت الأبيض تُزيِّن له إعدام كل ما بقي من أوجه وحدة بين عرب العراق وأكراده، بين الشيعة والسنة من عربه، عبر إعدام صدام حسين، فالشيعة من عرب وفُرس والأكراد ظهروا، أو أُظْهروا، على أنهم مع قرار الإعدام؛ والسنة من عرب العراق، ومن العرب عموما، ظهروا، أو أُظْهروا، على أنهم ضد هذا القرار.

إنها حماقة المهزوم لا محالة هي التي قررت إعدام صدام حسين، وكأن إدارة الرئيس بوش تريد لهذا القرار أن يشعل فتيل حرب عراقية أهلية، لعل دخانها يحجب الرؤية.. رؤية العالم لهزيمتها الكبرى في العراق.

لقد خلقوا لنا من الصراع والعصبية في العراق ما يجعل قرار إعدام صدام حسين، الذي اتَّخذه كبير المجرمين في العالم، وقودا لحرب تنتهي بهزيمتين: هزيمة الولايات المتحدة، وهزيمة "القومية الديمقراطية العربية"، التي لن تقع في العراق إلا لتعبر حدوده العربية.

ولو كان للوعي القومي الديمقراطي العربي من قوى حقيقية تسنده في العراق، وفي العالم العربي عموما، لرأينا موقفا عراقيا وعربيا من قرار الإعدام يسمح ل "القومية الديمقراطية العربية" بأن تتولى هي مبادلة الولايات المتحدة عداء بعداء، فلا تُهْزَم القوة الإمبريالية العظمى في العالم في العراق إلا لتكون، أو لتصبح، هزيمتها نصرا قوميا وديمقراطيا للعرب، بدءا بالعراق.

إذا كان لا بد من إعدام صدام حسين "شنقا حتى الموت" فلْيُعْدَم على أيدٍ انتهت توا من إعدام كبير المجرمين الدوليين، وإعدام كل من نصب المشانق للحق القومي والديمقراطي للأمة العربية، وزرع فيها، أو نمَّى، كل عصبية كريهة ومنافية لوحدتها القومية الديمقراطية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.