اصدر مدعي المحكمة الدولية الخاصة بلبنان مسودة لائحة الاتهام الاثنين فيما يتعلق باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري في الوقت الذي تم فيه الاعلان عن إرجاء الاستشارات النيابية الملزمة التي كانت مقررة امس الاثنين واليوم الثلاثاء في قصر بعبدا الى الاثنين المقبل لتوفير وقت اضافي امام الاتصالات الخارجية والداخلية بهدف البحث عن مخرج للوضع السياسي المتأزم. ولم يكشف النقاب عن مضمون مسودة الاتهام التي ارسلت الى القاضي دانييل فرانسين. ولن تظهر تفاصيل عريضة الاتهام قبل فترة من ستة اسابيع الى عشرة وهي المرحلة التي يقرر عندها فرانسين ما اذا كانت هناك ادلة كافية للسير في اجراءات القضية.
وفجر التوتر في لبنان الذي سبق صدور لائحة الاتهام أزمة الأسبوع الماضي عندما انهارت الحكومة بعد انسحاب وزراء حزب الله وحلفائه من حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري. وقالت المحكمة التي تدعمها الأممالمتحدة في بيان 'سلم مدعي المحكمة لائحة اتهام والأدلة الداعمة لقاضي الاجراءات'.
واضافت المحكمة ان الوثائق سلمت الساعة 15:35 بتوقيت غرينتش لكنها قالت ان مضمون لائحة الاتهام سيبقى سريا في الوقت الراهن. وقال بيان لمكتب مدعي المحكمة "سيواصل المدعي وفريقه بنشاط متابعة التفويض الممنوح له فيما يتعلق بالتحقيق المستمر ومتابعة هذه القضية".
واضاف ان الاتهام يمثل بداية المرحلة القضائية لعمل المحكمة وأن المدعي دانييل بلمار "سيتناول أهمية ما قدم من وثائق" في بيان يصدره في تسجيل مصور اليوم الثلاثاء.
وتفيد تقارير نشرت في وسائل اعلام اجنبية خلال السنتين الاخيرتين ان القرار سيتضمن اتهاما الى حزب الله، الحزب السياسي النافذ والحركة اللبنانية الوحيدة المسلحة الى جانب الدولة.
واعلن حزب الله رفضه للقرار قبل صدوره، وهو يتهم المحكمة بالتسييس ويطالب بوقف التعاون معها، الامر الذي يرفضه فريق سعد الحريري، نجل رفيق الحريري ورئيس اكبر كتلة نيابية في البرلمان.
ويخشى محللون وسياسيون ان يتسبب اتهام حزب الله بتصعيد التوتر في لبنان الذي يشهد منذ الصيف الماضي ازمة سياسية نتيجة الانقسام الحاد حول المحكمة، تطورت الاربعاء الماضي الى سقوط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الحريري بعد استقالة احد عشر وزيرا بينهم عشرة يمثلون حزب الله وحلفاءه. ونشطت الاتصالات في الداخل والخارج في الايام الاخيرة في محاولة لاحتواء اي تداعيات سلبية للازمة.
وكانت دمشق قد شهدت امس قمة ثلاثية جمعت الرئيس السوري بشار الأسد وأمير دولة قطر حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.
وقال بيان رئاسي سوري ان المباحثات تناولت آخر مستجدات الأوضاع في المنطقة وخصوصاً الأزمة في لبنان حيث تم التأكيد على حرص القادة الثلاثة على أن يكون هناك حل لهذه الأزمة مبني على المساعي الحميدة السورية السعودية لتحقيق التوافق بين اللبنانيين ومنع تفاقم الأوضاع.
وأضاف البيان أن الرؤساء الثلاثة رحبوا بقرار لبنان تأجيل الاستشارات النيابية ريثما تتحرك الجهود السياسية لمساعدة اللبنانيين على إيجاد الحل الذي يحقق مصالح الشعب اللبناني واستقرار لبنان.
السفير السوري في أنقرة د. نضال قبلان قال ل'القدس العربي' ان اللقاء الثلاثي الذي جرى في دمشق أمس جاء على خلفية بعض الأفكار التي تمت بلورتها عبر الاتصالات أفضت إلى هذا الاجتماع، لكن قبلان لم يشأ الحديث عما يمكن أن يسمى مبادرة تركية سورية ليؤكد أن الحرص السوري التركي على تجنب انزلاق لبنان الى حافة الفوضى، وكان لافتاً قوله ان المبادرة السورية السعودية ستبقى إطار التعاطي مع مفردات الأزمة اللبنانية لأن هذه المبادرة قطعت شوطاً مهماً في هذا الاتجاه.
وأضاف قبلان: "الغاية أهم من التفاصيل، الغاية واضحة بالنسبة لسورية وتركيا وقطر وهي عدم انزلاق لبنان إلى حافة الفوضى والمجهول"، مؤكداً أن المملكة السعودية ستوضع في صورة ما خرجت به القمة السورية التركية القطرية وكذلك إيران ستوضع بذات الصورة. واعتبر قبلان أنه إذا لم تستطع سورية وتركيا وقطر إيجاد صيغة تنزع فتيل الأزمة اللبنانية "فنحن أمام تحدٍ بالغ الخطورة والعواقب"، واصفاً اللقاء الثلاثي بالمفصلي وزاد قبلان: التنسيق السوري التركي القطري جوهري في رسم ملامح المرحلة المقبلة المتعلقة بلبنان.
واعتبر قبلان أن هناك قناعة لدى هذه الدول بضرورة احتواء مفاعيل الأزمة اللبنانية لأن هناك مؤامرة خطيرة على لبنان ومقاومته والدول الداعمة لها، وكان لافتا قول السفير السوري بأن التسريبات التي كشفت عنها قناة الجديد حول العلاقة بين سعد الحريري والصديق هي رأس جبل الجليد وأنها غيض من فيض، "وهناك وثائق وتسجيلات أخرى ستكشف بشاعة المخطط الذي وضع لمرحلة ما بعد اغتيال رفيق الحريري".
وأضاف قبلان أن القرار الظني يشكل المرحلة (ب) من خطة ما يسمى بإنهاء المقاومة في لبنان بعد أن فشلت عدوان 2006 في تحقيق ذلك، وذهب السفير قبلان إلى أن "أية صيغة سيتم التوافق عليها في دمشق أو في لبنان ستحدد هوية لبنان للمرحلة المقبلة عربياً ودولياً وهذه المعركة وصلت إلى مرحلة مفصلية يجب أن يكسبها فريق على حساب فريق آخر".