نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية، الأربعاء، عن قائد سلاح الجو الصهيوني، الجنرال عيدو نحوشتان، قوله "إن قواعد سلاح الجو ربما تكون في أي حرب أو مواجهة عسكرية مقبلة عرضة لهجمات (الأعداء)"، مؤكداً أنه تجري استعدادات مكثفة لمواجهة احتمال كهذا. وجاءت أقواله في أثناء جولة ميدانية قام بها في قاعدة رامون التابعة لسلاح الجو الصهيوني في جنوب الدولة الصهيونية. وأضاف نحوشتان أن سلاح الجو مستمر في القيام بالاستعدادات اللازمة لمواجهات مجموعة متنوعة من التحديات، بينها تحديات لم يكن يواجهها في أثناء حرب لبنان الثانية صيف 2006 وعملية (الرصاص المسبوك) العسكرية في غزة شتاء 2009، لكنه، كما أكدت الصحيفة الصهيونية، رفض التطرّق إلى الخطر النووي الإيراني. وتحدث قائد سلاح الجو عن منظومة (القبة الحديدية) التي يُفترض أن تعترض الصواريخ القصيرة المدى، فقال إنها منظومة مرّت بعملية تطوير متسارعة وحققت إنجازات لا بأس بها، إلا إنها ليست ناضجة بعد من الناحية العملية، وعندما تصبح عملاتية سيتم نصبها، وفقاً لتقدير الموقف لدى المؤسسة الأمنية، على حد تعبيره.
القبة الحديدية على صلة بما سلف، أفاد المراسل للشئون العسكرية في الصحيفة أنّه علم من مصادر أمنية رفيعة المستوى في تل أبيب أنّ التجربة العملياتية لمنظومة (القبة الحديدية)، والتي كان من المفترض أن تجري الأسبوع الفائت قد ألغيت بسبب عدم نضوج هذه المنظومة حتى الآن. ولم يحدد بعد موعد آخر لإجرائها، بحسب المصادر. وأضاف المراسل العسكري قائلاً "إنّ المقصود بذلك هو التجربة الشاملة والأكثر أهمية لهذه المنظومة، والتي كان من المفترض إجراؤها قبل إعلان دخول هذه المنظومة حيّز النشاط العملياتي، إذ تبين في آخر لحظة أنه ما زالت هناك مشكلات متعددة، ولذا تقرّر تأجيل هذه التجربة إلى موعد آخر لم يعلن عنه بعد.
وكانت آخر تجربة لمنظومة (القبة الحديدية) قد جرت في يوليو الفائت وتكللت بالنجاح، غير أن دور أفراد سلاح الجو الصهيوني في تلك التجربة كان هامشياً للغاية، وتمت من جانب خبراء سلطة تطوير الوسائل القتالية (رفائيل).
وبحسب الصحيفة الصهيونية، فقد أكدت مصادر رفيعة المستوى في الجيش الصهيوني، أنه على الرغم من إلغاء هذه التجربة فإن منظومة (القبة الحديدية) تنطوي على قدرات كبيرة، معربة عن قناعتها بأنه سيتم نصبها في نهاية الأمر من دون أن تواجه أي مشكلات. ومع ذلك فإن المؤسسة الحربية الصهيونية لم تغيّر إلى الآن موقفها بشأن عدم نصبها في المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، وستكتفي بنصبها في قواعد سلاح الجو.
وأكدت مصادر مطلعة في سلاح الجو أن المنظومة ستوفر حماية من صواريخ القسّام لكنها لا تعتبر (مظلة جوية)، وبناء على ذلك فإنه في حال إطلاق صواريخ أو قذائف هاون من غزة على المستوطنات الجنوبية، فإن أجزاء من هذه الصواريخ أو شظاياها ستستمر في السقوط في المستوطنات، على حد تعبير المصادر عينها.
حزب الله عدو صلب وعنيد من ناحية أخرى، وفي دراسة جديدة صادرة عن مركز دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، يعترف الباحث الصهيوني، جاي أبيعاد، بأنّه منذ أن وضعت حرب لبنان الثانية أوزارها في أغسطس من العام 2006، قام حزب الله اللبناني بدراسة معمقة للحرب التي دارت مع الجيش الصهيوني وتمكن من استخلاص "العبر والنتائج"، مؤكداً على أنّ الحزب قام بدراسة معمقة ومركزة لمجريات الحرب الثانية على لبنان، بهدف الاستعداد للمواجهة القادمة مع الدولة الصهيونية.
ولفت إلى أنّ الحزب درس بجدية بالغة التغييرات التي طرأت على استعدادات الجيش الصهيوني وعلى التغيير الذي أدخله الجيش استعداداً للمعركة القادمة، وقال الباحث الصهيوني أيضاً إنّه خلافاً للجيوش التقليدية فإنّ حزب الله عكف على الاستعداد للجولة القادمة، لأنّ الحديث يدور عن تنظيم ديناميكي يفهم ويتفهم المتغيرات التي دخلت على الساحة ويستطيع أن يلائم قوته العسكرية بحسبها، ورأى الباحث أيضاً أنّ قوة حزب الله من جميع النواحي تحسنت وتطورت بشكل مقلق للغاية وهي تختلف تدريجياً عن الحزب الذي حارب الجيش الصهيوني في العام 2006، وبالتالي يقول الباحث، فإنّ الجيش الصهيوني يقف الآن أمام عدو صلب وعنيد وفقط وضع الخطط العسكرية الحديثة والمتطورة ستمكنه من إلحاق ضربة قاسية بحزب الله.
ويقول الباحث في الدراسة إنّ الهدف من البحث الذي عكف على إعداده هو تسليط الأضواء على الجهود التي يقوم بها حزب الله لتعزيز قوته المتجددة منذ نهاية الحرب، بالرغم من القيود التي فرضها عليه قرار مجلس الأمن 1701، محاولاً فهم الأسس التي تقوم عليها عملية إعادة التسلح التي شرع بها حزب الله على مدى السنوات الماضية، بعد تحليلها، لاستنتاج الاتجاهات المستقبلية للعقيدة التنفيذية لحزب الله، فضلا عن محاولته اكتشاف المنطق العملاني خلف هذه الاتجاهات.
انجازات بتدمير منازل المدنيين وتحلل هذه الدراسة أيضا عددا من الجوانب التي يعمل الحزب على تعزيزها كإحدى العبر المستخلصة من الحرب، كالقوة البشرية، التسلح، التدريب، والانتشار في الميدان. كما تتناول هذه الدراسة مدى تطابق الاستنتاجات مع الخطة التي أعدها حزب الله لمواجهة الجيش الصهيوني في الجولة المقبلة للحرب.
ويرى الباحث الصهيوني أنّ ظاهر الأمور شيء، والواقع القائم على الأرض شيء آخر، ففي نهاية القتال عام 2006، لم يفوت الحزب أي فرصة للتكيف مع الواقع الجديد، وهو يقوم بإدخال التعديلات المطلوبة لزرع بذور المواجهة الجديدة مع الدولة الصهيونية، علاوة على ذلك، يؤكد في الدراسة على أنّ عملية الوزن النوعي التي نفذتها القاذفات الصهيونية في الليلة الأولى لحرب يوليو أحدثت ثقباً بارزاً في الجدار السري للحزب، حيث أدت إلى إخراج صواريخ فجر 3 و5 المتوسطة المدى من الحرب، وفق زعمه.
هذا التغلغل المخابراتي إلى داخل حرم الحزب وتدميره لأكثر من أربعين راجمة صواريخ مخبأة سراً في بيوت نشطائه، صدم قيادة حزب الله. ويستعرض الباحث "إنجازات" الجيش الصهيوني خلال المعركة، بالإشارة إلى "تدمير آلاف بيوت المدنيين الشيعة"، والمراكز الرئيسية لحزب الله في الضاحية الجنوبية والتحصينات على الخطوط الأمامية على طول الحدود والأهداف اللوجستية وتحطيم الأنظمة المدنية له، إلا انه يقر في المقابل بالعجز عن النيل من القيادة الرئيسية للحزب ويصفها بالرشيدة، لأنها قدمت صورة على أنها على مستوى الحدث.
قناة المنار والإعجاز ويتطرق لاستخدام هذه القيادة لشبكة تلفزيون المنار، التي يقول إنها أظهرت قدرات عجائبية على البقاء ومواصلة بثها وتغطيتها لمجريات الحرب. ويقول افيعاد إنه في ساحة الحرب "تمكن الحزب من الحفاظ على قدرات إطلاق الصواريخ ومفاجأة إسرائيل تكتيكياً، سواء من حيث هجومه على السفينة حانيت (ساعر 5) بصاروخ بحر من طراز C-82 أو من خلال شبكة الأنفاق والمخابئ التي جهزها قبل الحرب واستخدمها خلال المعارك حيث قتل 199 جنديا إسرائيليا، ودمر 45 دبابة (ميركافا 4) التي تعد من أقوى الدبابات في العالم، باستخدام صواريخ متطورة مضادة للدبابات". وبحسبه فإنّه في كل الأحوال، حزب الله لم ينجح في الحرب الثانية على لبنان، إنّما الجيش الصهيوني هو الذي فشل من تلقاء نفسه.
ويزعم الباحث الصهيوني أنّ قادة الحزب يعرفون أنّه لا توجد لديهم القدرة العسكرية على مواجهة الجيش الصهيوني في حال اجتياحه الجنوب اللبناني، وبالتالي فإنّهم قاموا بتركيز القوات والمنشآت داخل القرى لاستدراج الجيش الصهيوني إلى داخل القرى لمعرفة القيادة بأنّ ضرب القرى سيحصد أرواح المدنيين، وأنّ القضاء على القوة العسكرية يُحتم على الجيش الصهيوني محو القرى عن الخريطة، كما أنّ خطة حزب الله الجديدة تعتمد في أحد أركانها الأساسية على قتل أكبر عدد من الجنود الصهاينة، لأنّ الحزب يعلم أنّ المجتمع اليهودي حساس للغاية في هذه القضية، وكلّما ازداد عدد القتلى في صفوف الجيش الصهيوني، فإنّ الضغط الشعبي على المؤسستين العسكرية والسياسية في الدولة الصهيونية سيزداد.
الاحتلال لا يفيد وبحسب الباحث الصهيوني فإنّ التغيير الأخطر بالنسبة للصهاينة في خطة حزب الله للمواجهة القادمة تكمن في مواصلته التهديد بقصف عمق الدولة الصهيونية، ومن أجل تحقيق هذا الهدف، فقد قام الحزب بنشر آلاف الصواريخ في مناطق مختلفة من الجنوب اللبناني، أولاً لمنع سلاح الجو الصهيوني من توجيه ضربة قاصمة له في بداية المعركة، الأمر الذي سيُفقده ورقة إستراتيجية هامة، وعملية توزيع الصواريخ ونشر منصات الإطلاق، يقول الباحث، يُحبط خطة سلاح الجو الصهيوني بتوجيه الضربة القاضية للحزب من ناحية، ومن الناحية الأخرى، فإنّها ستُبقي التهديد بقصف العمق الصهيوني قائماً وخطيراً.
بالإضافة إلى ذلك، يرى الباحث أنّ حزب الله وصل إلى قناعة بأنّه لا يستطيع أن يمنع الجيش الصهيوني من احتلال جنوب لبنان، وبالتالي فإنّ خطته الجديدة تشمل أيضاً عنصراً مهماً للغاية وهو مواصلة قصف الدولة الصهيونية حتى بعد احتلال الجنوب بهدف تحطيم النظرية القائلة إنّ احتلال الأراضي اللبنانية سيكون بمثابة سور واق للعمق الصهيوني، وهذا الأمر، يضيف الباحث، سيؤدي بالجمهور الصهيوني إلى التشكيك بقدرة الجيش على حمايته من صواريخ حزب الله.