انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    ترامب يعلن موعد اللقاء المرتقب مع زهران ممداني في البيت الأبيض    إسلام الكتاتني يكتب: المتحف العظيم.. ونظريات الإخوان المنحرفة    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    أسامة العرابي: رواية شغف تبني ذاكرة نسائية وتستحضر إدراك الذات تاريخيًا    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    تضرب الوجه البحري حتى الصعيد، تحذير هام من ظاهرة تعكر 5 ساعات من صفو طقس اليوم    أول تعليق من الأمم المتحدة على زيارة نتنياهو للمنطقة العازلة في جنوب سوريا    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    الجبهة الوطنية: محمد سليم ليس مرشحًا للحزب في دائرة كوم أمبو ولا أمينًا لأسوان    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    حجز الإعلامية ميرفت سلامة بالعناية المركزة بعد تدهور حالتها الصحية    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    بينهم 5 أطفال.. حبس 9 متهمين بالتبول أمام شقة طليقة أحدهم 3 أيام وغرامة 5 آلاف جنيه في الإسكندرية    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    تراجع في أسعار اللحوم بأنواعها في الأسواق المصرية اليوم    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    مهرجان القاهرة السينمائي.. المخرج مهدي هميلي: «اغتراب» حاول التعبير عن أزمة وجودية بين الإنسان والآلة    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    ارتفاع جديد في أسعار الذهب اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025 داخل الأسواق المصرية    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    معتذرًا عن خوض الانتخابات.. محمد سليم يلحق ب كمال الدالي ويستقيل من الجبهة الوطنية في أسوان    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    بالأسماء| إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي بأسيوط    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    الذكاء الاصطناعي يمنح أفريقيا فرصة تاريخية لبناء سيادة تكنولوجية واقتصاد قائم على الابتكار    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    علي الغمراوي: نعمل لضمان وصول دواء آمن وفعال للمواطنين    أسعار الأسهم الأكثر ارتفاعًا وانخفاضًا بالبورصة المصرية قبل ختام تعاملات الأسبوع    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العداء الأمريكي للقرآن ..!!
نشر في الشعب يوم 20 - 09 - 2010


بقلم: عبد الرحمن عبد الوهاب

الحمد لله ..
سيدي الخليفة: ماذا تريدني أن أخبرك، وعن أي شيء اتحدث؟ ،، قس كاليفورنيا يريد أن يحرق مصاحفنا، والامة عاجزة عن اتخاذ موقف. ورمى القس الكرة في ملعب البيت الابيض.. فمن المسئول عن هيبة القرآن واعلاء كلمة الله في الارض.. هل نحن.. من نزل القران بلسانهم وبين ظهرانيهم، ام ابناء الفرنجة..!!
وهاهو القس الصليبي يخرج قيؤه أمام شاشات التلفزة في واقع لم يتعامل بالفروسية فواقع الفروسية له منطقه الخاص وله إفرازاته مثلا تصورات رد الفروسية قديما على مثل هذا الموقف.. هو أن يقيد هذا العلج الصليبي ويؤتى برأسه ولو كان في بروج مشيدة. أو يؤتى به إلى مجلس الخلافة وضربة سيف تطير برأسه طيرة بطيء وقوعها.. ليعرف حجمه الطبيعي ويعرف أي خط احمر قد تجاوز وأي جريمة قد اقترف.. ولكن سيدي.. فالعرب طلقوا منطق الفروسية وضراب السيوف واكتفوا بآخر رقصة لليهودي المخنث. او فقه التحالفات وبرود الدبلوماسية التي سحقت وذبحت منطق الفروسية.. أجل سيدي: امة دون المستوى لحمل أمانة هذا المصحف أو إعلاء كلمة الله في الأرض.
امة مهيضة الجناح.. كيف تتكلم عن المجد امة أعينها منكسرة.. كيف نتكلم عن نخوة العرب والمسلمين في هذا الموقف.. كنت بصدد كتابة بحث مطول عن الارضية الفكرية لثورات الحسين وجيفارا وماو فقال لي الأصدقاء.. أي رموز للثورات تريد ؟ ونحن قد تغلغل اليهود تحت ثيابنا ؟. حتى الصحف المحسوبة على المعارضة.. تفتح صفحاتها وتستكب الصليبيين واليهود. مثل مجدي خليل وتوماس جورجسيان، وعلى الجانب الآخر: كل من يقول لا اله إلا الله.. تخرج عليه ألف بندقية أو يقتل غدرا.. او يلقى في اقرب معتقل.. كمثل بعض الفقهاء المعاصرين ممن برروا ذبح الحسين وسجلوا صك ببراءة يزيد بن معاوية.. بل قالوا ان ذبح الحسين كان من مناقب يزيد، وسجلت الجريمة ضد مجهول، أو ان استشهاد الحسين جراء صعقة كهرباء في كربلاء.. ولم يعرفوا أن التاريخ ليس إلا مشروع كفاح، موسى ضد فرعون وجهاد محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ضد أبي لهب وثورة من الحسين ضد يزيد..
سيدي الخليفة: إن منطق إعلاء كلمة الله في الأرض وان يهيمن هذا القران على العالم له سياقه الخاص.. وهو أن تأبى هذه الأمة منطق الاستخفاف والاستهانة..
وان هذا المصحف يخصها هي ولا يخص البيت الأبيض ليفصل في هكذا موقف.. في ظرف مصيري كهذا. لا ان تشرب الذل كاسات وقرآنها يهان ويحرق في العلن..
القرآن كلام فخم نزل من السماء، كلام الله تعالى، له الهيبة والقدسية والمكانة الرفيعة وله الذروة السامقة في كياناتنا وعبادتنا وسجداتنا وصلواتنا(فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) (وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ) (الانشقاق 20: 21 ).. القرآن كان على مر التاريخ أقوى من العروش وقوى الاستبداد.. فكل سورة قرآنية بمثابة منشور ثوري من السماء.. ضد قوى الظلم والاستبداد.. كان العالم الإسلامي يتنظر من اوباما والبيت الأبيض قرارا يحض على منع تيري من هذه الصفاقة – وخابت آمال العرب لأن اوباما يمثل ترسا في آلية اللوبي اليهودي والصليبي ولا تعويل عليه.. ولا يستطيع أن يخرج عن المسار المحدد له.!!. الأمة الإسلامية تستشيط غضبا ولو سلطت هذه الشعوب الإسلامية في جحافل لأكلت لحم القس تيري نيئا..
سئمنا المخططات القذرة التي يلعبها الدور الكنسي لحرق الدم الإسلامي.. بحرق مصاحفنا اعتبارا منهم ان هذا حرقا لهيبة القران العظيم.. اننا نرفض التورط الكنسي في الموضوع ان تيري جونز يعبر عن منهج كنسي في اميركا وليس خمسين راعيا يقودهم.. أن تيري جونز ورقة ورأس حربة في محاولة لاستفزاز وحرق دم امة.


من الآليات الأساسية لمشروع الأنبياء الكرام في تعديل وإصلاح الواقع الكوني، أن أول ما قام به الأنبياء هو تحرير العقول من إسار الصنمية حتى يستشعروا روعة التوحيد( لا اله إلا الله محمد رسول الله )، فكم تكون الروعة أن يتخلص الإنسان من سطوة الصنميات او الشركيات حتى وان كانت تميمة يعلقها المرء، حتى ينطلق على بسيطة الكون مخلصا الدين لله وبحرية كاملة وبلا عوائق وينعتق من القيود ( توكلا على الله ) حتى وان كانت قيود ذهنية فيما يتعلق بالتطير والتشاؤم.. وعليه فالأمة اتسمت بالنضج وليست معاقة ذهنيا من أي نوع.. وكان من الروعة أن قام الأنبياء بتحرير العقول من إسار إتباع ذهنية ومنطق الآباء والأجداد من الكفار فيما يتعلق بالإرث الصنمي للمترفين، قال تعالى : (وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ) (الزخرف: 23 ) وثمة تساؤل غريب، ما الذي يحدو بأقوام في القرن الواحد والعشرين وعصر المنطق والعقل أن ينتكس إلى مستوى حرق المصاحف ليعود بنا إلى الوجه الكالح للاستبداد الكنسي- المعاق ذهنيا- في القرون الوسطى، رحم الله جاليليو إذا جازت عليه الرحمة، ما هذه البشرية الكافرة التي تفتقد إلى حس النزاهة وتجرد العقل في زمن التقدم العلمي. هل العيب في التركيبة العقلية؟! ربما كان، فالعرب وخاصة المصريون يتهكمون على الغبي، بأن عقله متركب شمال، كناية عن حمق وغباء الروم لأنهم يبدءون بالشمال كنسق حياة، ككتابة للغة أو المأكل والمشرب.!! وكتاب الاعتبار لأسامة بن منقذ فيه استطراد مطول وتحليل مستفيض لمدى الغباء الصليبي في القرون الوسطى.
والإجابة، إن الجاهلية ما زالت ترتكس في إسار الصنمية حتى في أسس الفكر التي وضعها الغرب idols of thinking ولم ينته الغرب في تصوراته من صنمية الأمسحيث كان يقول د ه لورنس: انا راهب وثني في صومعة اعبد امرأة" وهو تصور لم يختلف عن الارث الاغريقي وفينوس الهة الجمال والجنس، وما التصور الامريكي الا افراز للإرث القديم، لنجد برنامج American idol يبث على MBC سواء اعتبرناه معبود الجماهير أو صنم الجماهير فالأصل واحد والشقة لم تبعد. وهذا نسق ومنهج حياتي للغرب يختلف جذريا عن امة (لا اله إلا الله محمد رسول الله) فهي امة لا تعبد إلا الله وحده ونسق حياتها تكسير واحتقار الصنم منذ النبي الثائر إبراهيم عليه السلام انتهاء إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
***
قال تعالى: (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (آل عمران : 18 ) وهذه الآية تحمل روعة النص القرآني الفخم المنزل من السماء، فكما قالوا ان الكلام يعبر عن روح صاحبه ونفسيته ومزاجه، إلا ان الاية اعلاه تعبر عن روح المتكلم –سما مقامه- الآية أعلاه بالرغم أنها ليست من التهديد والوعيد إلا أنها آية مخيفة ومهيبة المعنى والمبني ومضمارها انه تعالى شهد على نفسه والملائكة وأولو العلم انه قائم بالعدل.. ومن يتتبع ايات العدل قي القرآن سيجد ان الحكمة من بعث الرسل هو أن يقوم الناس بالعدل.. (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحديد : 25 )
والعدل تحرير من الظلم، فالدين الاسلامي ثورة تحررية ضد الظلم والطغيان: فلقد قال تعالى لموسى: (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) (طه : 24 ) وقال عن قوم نوح: (وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى) (النجم : 52) فبالعدل يعتدل العالم، وبالظلم يكفهر العالم ويصبح الهواء غير قابل للتنفس. ولقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، من ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق.. إن ربي على صراط مستقيم ولقد كان آل البيت في الحق كاستقامة المسطرة، ولقد كان هذا نسق الصحابة الطيبيين الطاهرين في العدل، ويوم قالها احد الصحابة لليهود، لقد جئتكم من أحب الناس إليّ - أي رسول الله- ، وانتم ابغض الناس إلي، وهذا لا يمنعني أن اعدل بينكم، فقالوا له بالحق قامت السماوات والأرض. ما أروع أن تكون شريعة الله حاكمة ومهيمنة على العالم (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) (التين: 8)
العدل الإلهي اقتضى في حكمته ان الإنسان مسئول عن أعماله خاصة ولو مثقال ذرة وان الإنسان ليس مسئول عن أوزار الآخرين (ألا تزر وازرة وزر أخرى) وان( كل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ) إلا أن هناك جرائم لها ملحقات ومستتبعات لا تستثنى من العقاب وهو وزر الإضلال (لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ) (النحل : 25 ) فالعداء في العادة يوّرث للأبناء كما قال الشاعر:
نساجلها العداوة ما بقينا ***وان متنا نورثها البنينا
ومن العداء الموّرث انه من الأكيد أن الآباء سيحملون أوزار الإضلال للأبناء.. فكما جاء في الحديث الشريف أن كل إنسان يولد على الفطرة، وأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه.
لقد كان الصحفي أنيس منصور ضيفا في بيت احد اليهود وبينما كان على طاولة الطعام، جاء ابن اليهودي وهو طفل صغير يريد أن يطعنه بالسكين من الخلف، انه عداء مورّث، وذكرت إحدى نساء اليهود من اليمن يوم أن وجه إليها صحفي من الهدف الكويتية ماذا تفعلي لو علمت أن ابنتك اعتنقت الإسلام، فقالت الأم اليهودية بتلقائية: لو أسلمت لذبحتها.. هذا عداء يفتقد إلى الموضوعية، أعماه الحقد الموروث..
الظلم ربما يكون نسق حياتي في التركيبة الجينية او الشفرة الجينية للإنسان أن ثمة أنماط بشرية لا تتورع عن الظلم وقلما يستيقظ الضمير، فاليهود قد قتلوا 300 نبي أرسلوا إليهم.. وهم اليوم لا يتورعون عن قتل الفلسطينيين ولا يستيقظ ضميرهم، بل إن الدائرة قد لا تشتمل على الأنبياء فقط بل اشتملت على الذين يأمرون بالعدل من الناس.. (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (آل عمران : 21 )
إن سياق العدل مرتكز في القرآن، والحكاية معروفة في التاريخ الإسلامي ان نزل جبريل ليبريء يهودي -بالرغم انه من أعداء الله- ويجّرم أنصاري -بالرغم انه من أنصار الله- .. العدل الإلهي لا يفرق وليس هناك محاباة..
ولقد حث القرآن أن نعدل مع من نبغضهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المائدة : 8 )
ولقد قال تعالى : (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) (النساء: 58)
وقال سما مقامه: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل : 90 )
القرآن يحث على العدل، ولقد توعد الله الظالمين بسوء المآل واللعنة وسوء الدار.
قال تعالى : وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً) (الكهف : 29 )
وقال تعالى: (يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (غافر:52)
أسباب العداء في بعض الأحيان قد يكون في الجينات او الشفرة أو مجبول على الظلم كما قال المتنبي:
الظلم من شيم النفوس فإن ترى*** ذا عفة فلعلة لا يظلم
وهنا ربما كان قصد المتنبي في عدم الظلم أن يكون لعلة أي لأسباب تتعلق أن الذي لا يظلم ليس إلا مهيض الجناح أو لا يستطيع أن يظلم لافتقار في الإمكانيات على الظلم جراء علة أو سبب ما، أو انه لم ينتهز الفرصة المناسبة مما جعل الواحدي في شرحه للديوان او القرطبي في نزهة المجالس أن ينتقد المتنبي في هذا البيت قائلا انه من أخلاق اللئام.. وهو تصور من بقايا الجاهلية كما قال بن كلثوم:
ألا لا يجهلن احد علينا
فنجهل فوق جهل الجاهلينا
ولكن لو كان المتنبي جعل عدم الظلم مرده الخوف من الله.. لكان أجدر واقرب إلى التقوى. واخرج نفسه من دائرة النقد واللوم لدى القوم.
هناك عداء جبلت بعض المخلوقات عليه كالشاة القرناء والشاة الجلحاء، ان ترى الكبش الأقرن في صراع مرير ولا ينتهي مع الكبش الاجلح اعتماد على القوة الغاشمة والظلم المفرط، مرده أن الجلحاء ليس لديها قرون وتفتقر لآليات الدفاع أو صد الهجوم. وهذا السياق من الظلم وارد أيضا حتى بين البشر أنفسهم في ظل شريعة الغاب التي تسود العالم بدلا من شريعة الله – كأن تحظر الأمم المتحدة تصدير السلاح إلى البوسنة والهرسك أيام الأزمة – حتى لا تستطيع الدفاع عن نفسها إلى أن تحولت إلى قبر جماعي كبير ذبحوا حتى الأطفال، واغتصبوا نصف نساءها، أو نزع سلاح الفلسطينيين – أو عدم السماح لحزب الله أو غزة، بالحصول سلاح يوازي ردع السلاح الإسرائيلي - فكان سياق العدل الإلهي يوم القيامة أن القصاص يتم يوم القيامة بين البشر والمخلوقات ومن بينه أن يقتص من القرناء لصالح الجلحاء..
سياق العداء الأمريكي للقرآن يرتكز على الظلم تجاه الإسلام، ليقول الأستاذ منير فاشا وهو مسيحي مقدسي.. ليس هناك امة مظلومة في العالم إلا امة الإسلام.. القس تيري جونز لم يقرأ القرآن ولكنه يريد حرق المصحف – عقله متركب شمال -هل الناس أعداء ما جهلوا، بالتأكيد هذا احد الأسباب.!! وربما كان مكمن العداء لأن أمريكا دولة أسست على الظلم.. أسسها مساجين أوربا وأرباب الإجرام الذين تم نفيهم إلى هناك، دولة أبادت الهنود الحمر سكان أميركا الأصليين، بل إنني قرأت في أكثر من مصدر أن الإسلام سبق كريستوفر كولومبس إلى أميركا وان هناك أثار لمساجد في أميركا تعود إلى أزمنة قبل ذهاب كولومبس إلى هناك، وهذا يعني ضمنا أنهم أبيدوا عن أخرهم حتى لم يبق لهم أثر بعد ذلك، كما أبيد الهنود الحمر، وبنت أميركا اليوم متاحف لتفيد أن كان هناك يوما جنس من السكان الأصليين يسكنون أمريكا اعتبارا أن هذا يكفر عن عقدة الذنب لديهم التقى رامز جلال ببعض الهنود الحمر في أمريكا- في برنامجه رامز حول العالم - فأعطوا له خشبة وقالوا اضرب بها بوش على وجهه إذا التقيت به وقالوا له أنهم يعتذرون للعراق وأفغانستان عما فعلته أميركا، اعتقد أن الظلم الأمريكي لسكان أمريكا الأصليين.. ولم يستيقظ لأميركا ضمير بعد وعليه لم ترد مظالم السكان الأصليين، كما هو الحال لإسرائيل في إجرامها بحق الفلسطينيين، لأن (الاستعمارية) الاستيطانية لا تختلف، وعدم استيقاظ ضميرها لا تجهدوا انفسكم فيه.. انه عداء كائن في الجينات الوراثية والتركيبة العقلبة.. ومن هنا نتساءل كيف تنفق نظرية العدل في القرآن مع دولة كأميركا شربت نخب الظلم حتى الثمالة وجرى الظلم في عروقها وشرايينها حتى النخاع ومخ العظام. وعليه تتبنى الدفاع عن السياق الإجرامي لإسرائيل هذا كله لان الجاهلية واحدة المغرس، فيكون السياق الطبيعي أن يتعرض المصحف لمحاولة الحرق.. لان عدل القرآن وظلم( أميركا- إسرائيل) لا يلتقيان، سواء في ارض محايدة أو منزوعة السلاح، اللهم إلا التقاء جيوش أو في ساحات الوغى.. وهي جبهات فتحتها أميركا وليس المسلمين، وعليه فإن من فتح الأبواب يغلقها ومن بدأ المأساة ينهيها.. وإلا فالأمة الإسلامية بالغة النضج وكفيلة بأن تلقن أميركا دروسا من الشعر الجاهلي.. وان لم يصلح معهم الشعر الجاهلي فلا مانع أن نلقنهم سورتي التوبة والأنفال ونحفرها جيدا في ذاكراتهم.
أبا هند فلا تعجل علينا..
وأنظرنا نخبرك اليقينا ..

***
سيدي الخليفة.. في غيبتك خرج أوباش العالم من جحورهم وكشروا عن أنيابهم ونهشونا وضربونا عن قوس واحدة.. وما زال العرب ينامون في مستنقع الذل.. نكست راياتنا منذ أن غابت الخلافة.. وليس هناك ولو دولة واحدة.. ترفع زئيرها حتى يرتدع الكلاب أو حتى تلقمه حجرا ليضع زيله بين ساقيه الخلفيتين ويعود (معوّصاً) من حيث أتى.!!
إسلامي وقرآني.. لا هنت.. فنحن نحفرك يا قرآننا في قلوب الأبناء كي يهيمن غدا على العالم. فهناك مناطق كثيرة معتمة في العالم وتحتاج إلى جديد من الفتوحات الإسلامية وشعاع القرآن.!!.
ها نحن نرفع المصحف بأيماننا عاليا من وراء القضبان.. ها نحن نرفع المصحف بأيماننا عاليا من على أعواد المشانق.. وحينما يضيق الحبل على الأعناق وتتهدل أيدينا.. فلن يسقط المصحف أرضا بإذن الله.. فلسوف يلتقطه أبناءنا الصغار قبل أن يسقط أرضا.. ليعاودوا رفعه بقبضتهم الصغيرة في وجه الباطل من جديد..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.