لايشك عشاق السفر والترحال لحظة واحدة فيما تتمتع به تونس برا وبحرا وسماء من جمال خلاب يشد نظر ومهجة السائح,ولايشك عاقل ومتابع سياسي في ماتمتلكه النخبة الرسمية في تونس من قدرات ومواهب تمكنها من مراوغة الخصم وترويج صورة وردية عن بلد متسامح يتمتع فيه النظام بأعلى درجات ضبط النفس والاعتدال السياسي ... الاعتدال السياسي والوسطية والتسامح وبلد الفرح الدائم والحداثة والتطور والتقدم الاقتصادي والاستقرار وترسيخ المسار الديمقراطي التعددي,كل تلك الكلمات أصبحت قاموسا يحتكره الاعلام الرسمي و"المأجور" من أجل الترويج لصورة على غاية من المثالية عن الأوضاع الداخلية بالقطر التونسي,حيث أن الجالس أمام فضائية تونس سبعة أو المتصفح لواحدة من العناوين الرسمية للصحف التونسية أو المتجول في بعض المواقع الصفراء التي تقبض بالدينار التونسي والدولار الأمريكي والعملات الأجنبية,يخال نفسه أمام واحة سياسية لايأتيها الباطل من بين أيديها ولامن خلفها ,بل يذهب به الظن الى أنه أمام نظام سياسي لايختلف عن نظيره السويسري أو النمساوي أو ربما صنوه في دولة موناكو أو جزيرة البندقية الايطالية ! تونس التي نحبها بلد جميل بلا شك في اشراقة شمسه وخصوبة أرضه وطيبة شعبه ,وعراقة تاريخه وذكاء شرائحه الشبابية وتطلع نخبه المبدعة ,غير أنه ككل بلاد الدنيا لايمكن أن يخلو من أزمات اجتماعية أو مشاكل سياسية أو صعوبات اقتصادية أو تحديات تفرضها التحولات الداخلية والاقليمية والعالمية ,بل ان نظامه السياسي ككثير من الأنظمة العربية لايمكن أن يبوب ضمن أنظمة التداول السلمي على السلطة واحترام القانون والاحتكام الى قرار المؤسسات و الشفافية السياسية والاعلامية والاقتصادية... اللاف 578; للنظر هو أن ما تعانيه كثير من أنظمة المنطقة من مشاكل سياسية وحقوقية وتخلف في مجالات وقطاعات حيوية يحظى باعتراف هذه الأنظمة ومناقشة رسمييها عبر وسائل الاعلام الوطني وحتى الأجنبي,وهو مايعد في تونس من قبيل المحرمات التي لاينبغي أن يقف عندها قلم حكومي أو وجه رسمي ,حيث عدمت البلاد وجها رسميا واحدا يقدم نفسه على أساس أنه ناطق حكومي رسمي يمتلك الشجاعة في الدفاع عن مواقف السلطة أو تبييض وجهها أو التسويق لقناعاتها,ومن ثمة فقد عهدت السلطة بهذه المهمة الى وكالة "هشك بشك" للأنباء والتي تقودها ميليشيا قلمية تونسية وعربية وأجنبية تبيع خدمات الافتراء لمن يدفع أكثر بالورق المالي الساخن. على مدار عقد ونصف تعودت السلطة في هذا البلد المغاربي والمتوسطي على تصوير الأوضاع الداخلية على أحسن مايرام ,حتى أن المرىء يخال النفس أمام قصص نجاح وتفوق لايمكن أن نجدها حتى في أحابيك قصص ألف ليلة وليلة! اننا بالتأكيد أمام بلد يجمع بين متناقضات كبرى ,حي& #1579; أن ماحققته البلاد من نسب محترمة في التمدرس والنمو الاجتماعي والاقتصادي مقارنة بدول الجوار العربي والافريقي يعد بكل المقاييس متخلفا عما تعرفه تونس من انغلاق سياسي ورداءة اعلامية وسجل حقوقي يثير كثيرا من الجدل والاهتمام العالمي . أما عن الشفافية الاقتصادية والمالية فذاك موضوع محرم لايجوز أن تتطرق اليه ألسنة رجال المال والأعمال أو المتخصصون الأكاديميون ,فما بالكم بنخب سياسية كبلتها المحاكمات والمطاردات والمضايقات اليومية التي تصل الى حد التجويع والمحاصرة والحرمان والسجن والنفي وغير ذلك م ن أشكال التهديد والوعيد والتشويه على منابر اعلامية ورقية وأخرى فضائية محلية تعتمد اخر ماوصلت اليه التقنية السمعبصرية... اخر ما لفت نظري في استراتيجية وكالة "هشك بشك " التونسية للأنباء والتي تعمل بالتنسيق مع مراسلي وكالات الأنباء الأجنبية ,هو أن تونس حققت تطورا "عظيما" في طب تكبير الصدور وشحط البطون وتكوير الثديين وامتصاص الدهون لتقدم هذه الخدمة بأسعار لاتوفرها فرنسا وأستراليا وكندا ! حيث أنني تأملت في خبر يسوق له حاليا على مواقع عربية وصحف تعتمد منهاج الاثارة الخبرية ,لأتفطن الى موضوع حققت في 07; تونس مكسبا عظيما في عظمة التسويق السياسي والسياحي ,اذ تحدثت مجموعة نسائية أوروبية عن حجم ارتياحها العظيم لتوفير هذه الخدمة الطبية الاحترافية فوق التراب التونسي بأسعار لاتتجاوز 2600 دولار في حين أن تسعيراتها تصل في بلدان غربية الى مابين 12 و15 ألف دولار ... هنيئا لتونس وشعبها بتكوير الثديين وتكعيب العينين ونفخ الشفتين وتكبير الصدر وشحط البطن وشفط الدهن بقيمتي ألفي وستمائة دولار التي ستشكل نقلة نوعية في حياتنا الوطنية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والسياسية وثورة معرفية تستحق منا أضواء كبير 1577; لاتقدرها الا عناصر محترفة ومهنية في قطاع الاعلام. طوبى لوكالة "هشك بشك" للأنباء المختصة في تغطية قضايا الرأي العام وما يشغله من قضايا مصيرية ,وطوبى لمرأتنا التونسية بصدرها الاصطناعي المغشوش و"سيلوكونها" الذي أدى لاصابة نظيرتها الغربية بتورمات سرطانية خبيثة ...طوبى لهذا العقل السياسي المدبر الذي يتقن كل شيء الا قول الحقيقة ومعالجة مشكلات البلاد على أساس المصارحة والمكاشفة ... انها بالفعل ظاهرة عربية سياسية جديدة ,جديرة بالتصدير والتسويق من أجل غض البصر عن مشكلات الاصلاح السياسي والأوضاع الحقوقية والتعديات المتكررة على المرأة التونسية تارة باسم التحديث وتارة باسم التصدي للظلامية ,وتارة أخرى باسم التحرير والتنوير الذي تقدمه أسماء مطربات الكاباريه وراقصات استعراضيات يتاجرن بالجسد على ركح مهرجاناتنا الصيفية وشاشاتنا الوطنية ! طوبى لكل الشعوب العربية بالشفط السياسي والنفخ الحقوقي والجراحة الاعلامية الذكية ,فهذا زمن تكبير الصدور وتقعير الثغور وتهديج الخدود في وجوه معارضاتنا الوطنية ,ولعل تجربة وكالة "هشك بشك" للأنباء التونسية تحتاج الى تقنين برلماني عربي واسع وتعميم حكوم& #1610; أوسع من أجل الاستعاضة بها عن مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية وكبار المستشارين الوطنيين والاعلاميين الصادقين الذين أصبحنا في غنى عنهم أمام زمن شحط الدهون وسحل المعارض واحتقار المواطن !