تعكس مشاركة اليونسكو في اختتام أعمال الدورة العشرين للجنة التراث الثقافي غير المادي بنيودلهي تحوّلًا متناميًا في الرؤية الدولية للتراث، من كونه موروثًا جامدًا إلى كيان حيّ يتجدد عبر الممارسة اليومية والمعرفة المتوارثة. وفي هذا السياق، يبرز خطاب الدكتور خالد العناني بوصفه تأكيدًا على أن صون التراث لم يعد منفصلًا عن قضايا التعليم والسلام وحقوق الإنسان، بل أصبح أداة فاعلة لتعزيز التفاهم بين الشعوب وبناء مجتمعات أكثر تماسكًا. وتأتي هذه الرؤية في لحظة عالمية تتزايد فيها الحاجة إلى ثقافة الحوار، حيث يشكل الاستثمار في التراث الحي والتعليم الإنساني ركيزتين أساسيتين لمواجهة النزاعات وترسيخ السلام المستدام. View this post on Instagram A post shared by Khaled El-Enany خالد العناني (@khaled.elenany) وفي إطار قرب اختتام أعمال الدورة العشرين للجنة التراث الثقافي غير المادي في نيودلهي، نشر الدكتور خالد العناني، المدير العام لليونسكو، بيانًا عبر صفحته الرسمية على إنستجرام، أكد فيه أهمية هذه الدورة ودورها في إعادة تعريف مفهوم التراث بوصفه ممارسات ومعارف حية تنتمي إلى الشعوب وتُمارس من أجلها. اقرأ ايضا| حدث تاريخي في باريس.. تنصيب الدكتور خالد العناني مديرًا عامًا لليونسكو أوضح الدكتور خالد العناني أن هذا التجمع الدولي يعكس جوهر اتفاقية التراث غير المادي، التي تسعى إلى صون المعارف والمهارات والتقاليد والممارسات الثقافية الحية، بوصفها تراثًا نابضًا بالحياة ومُرتبطًا بالمجتمعات المحلية، في إطار رؤية اليونسكو التي تضع الإنسان في قلب العمل الثقافي. وخلال زيارته إلى الهند، أشار العناني إلى سلسلة من اللقاءات المثمرة مع فريق مكتب اليونسكو في الهند، حيث تم تسليط الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه المكاتب الميدانية لليونسكو، وعددها 53 مكتبًا حول العالم، في تحويل الالتزامات الدولية إلى مبادرات عملية على أرض الواقع. كما أتاحت اللقاءات، التي شارك فيها رئيس المؤتمر العام ورئيس المجلس التنفيذي، البناء على حوارات سابقة وتجسيد مفهوم القيادة الجماعية داخل المنظمة. كما شملت الزيارة معهد اليونسكو للتعليم من أجل السلام (MGIEP)، الذي يُعد نموذجًا رائدًا للابتكار في مجال التعليم، مع التركيز على تمكين الشباب وترسيخ التعليم بوصفه ركيزة أساسية لحقوق الإنسان والكرامة والسلام، سواء في نيودلهي أو عبر شبكة اليونسكو العالمية. وتوقف العناني عند زيارته لمدرسة ليلاواتي فيديا ماندير، حيث عكس فضول التلاميذ وثقتهم بأنفسهم الإمكانات الهائلة التي يحققها التعليم عندما يقوم على التعاطف والتفاهم وبث الأمل في الأجيال الجديدة. واختتم العناني حديثه بالتأمل في إرث المهاتما غاندي، مؤكدًا أن السلام ليس مفهومًا نظريًا، بل خيار يومي ومسؤولية مشتركة، وإرث يمكن بناؤه في عقول النساء والرجال والأجيال القادمة. كما أعرب عن امتنانه العميق لحكومة الهند، وعلى رأسها رئيس الوزراء ناريندرا مودي، على استضافة الدورة العشرين للجنة التراث غير المادي في القلعة الحمراء بنيودلهي، وهي إحدى روائع العمارة المغولية المُدرجة على قائمة التراث العالمي منذ عام 2007.