أعلنت تركيا رفضها للجنة الداخلية التي شكلتها الحكومة الصهيونية لتقصي الحقائق بشأن الهجوم الصهيوني على أسطول الحرية نهاية الشهر الماضي، مؤكدة أنها لا تثق بنزاهتها بينما رحبت الولاياتالمتحدة باللجنة التي صدقت عليها الحكومة الصهيونية. وأعلن وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو رفض بلاده تشكيل تل أبيب لجنة تحقيق من طرف واحد في الأحداث التي رافقت اقتحام وحدات من القوات الخاصة الصهيونية اسطول سفن الحرية الذي كان متجها إلى قطاع غزة. وقال أوغلو إن تركيا مصرة على تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة من قبل الأممالمتحدة يكون لتركيا والكيان الصهيونى ممثلان فيها.
واضاف في مؤتمر صحفي مشترك بأنقرة مع نظير السنغالي أن "الجريمة تم ارتكابها في المياه الدولية وليس في المياه الاقليمية لإسرائيل، لذا من المهم ومن المنطقي أن تحقق لجنة دولية في القضية".
وقال الوزير "إن أنقرة مصرة على موقفها ومطلبها بتشكيل لجنة دولية خاصة وأن تركيا هي من فقدت تسعة من مواطنيها وليست إسرائيل، وتمنى على الولاياتالمتحدة أن تقف موقفا عادلا من هذه القضية وأن تدافع عن حقوق مواطنها الذي قتل على السفينة على يد الجنود الاسرائيليين".
وقال أيضا إنه "من غير المنطقي أن تكون إسرائيل الخصم والحكم في آن معا" واعتبر أنه إذا ما أصرت إسرائيل وتمسكت بموقفها "فإنه سيكون من حق تركيا إعادة النظر في علاقاتها مع إسرائيل وسيكون من حقها أيضا التحرك ضد إسرائيل من خلال القنوات القانونية الدولية".
وقال بيان صادر عن المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت جيبس "إن إسرائيل قادرة على إجراء تحقيق حيادي يتمتع بالمصداقية، مضيفاً أنه يتوقع أن يكون التحقيق سريعا وأن يتم الكشف عن نتائجه للعلن، وإنه لن يصدر حكما مسبقا على نتيجته".
من جانبه شدد السفير السوري في تركيا نضال قبلان على أن ثمة إعادة نظر جدية للغاية في أنقرة للعلاقة مع تل أبيب وطريقة التعامل معها، مشيراً إلى أنه قد تكون هناك مصالح تركية مع الدولة الصهيونية لكنها لن تكون على حساب الكرامة التي تعتبرها تركيا أهم من أية مصلحة هنا أو هناك حسب قوله، لكنه أوضح في المقابل أن تركيا دولة عملية وواقعية وأنه علينا ألا نتوقع إجراءات تركية من قبيل فورة الدم أو ردة الفعل العاطفية وإن كانت العواطف مشحونة ضد الصهاينة.
وتابع السفير قبلان أن ردة الفعل على الإرهاب الصهيوني لا تأتي بالعواطف بل بإجراءات مدروسة ومؤلمة دون تعريض المصالح الاستراتيجية التركية لضرر كبير.
وزاد السفير بالقول ان ما سيرسم العلاقة التركية الصهيونية المستقبلية هي الممارسات الصهيونية على الأرض. ولفت قبلان إلى أن هناك إجماعا رسميا وشعبيا وإعلاميا تركيا على أن تدفع تل أبيب ثمن جريمتها الأخيرة.
وأشار إلى أن تركيا ألغت ثلاث مناورات مشتركة كانت مقررة مع تركيا وأن جميع الوزارات والمؤسسات الرسمية التركية تراجع الآن ما هو قائم من اتفاقيات مع الدولة الصهيونية لإلغاء ما يمكن إلغاؤه، لأن تركيا وحسب قوله "تشعر بأن إسرائيل قد تجاوزت الخطوط الحمراء".
واللافت فيما قاله السفير السوري أن الأتراك كانوا يسمعون ويشاهدون الجرائم الصهيونية ويتعاطفون ضدها لكنهم جربوا هذه المرة الإجرام الصهيوني بأنفسهم وسمعوا ما نقله الجرحى الأتراك عما حصل معهم على متن أسطول الحرية.
وأشار إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد أكد خلال زيارة التضامن والتعزية التي قام بها إلى تركية أن سورية ستذهب مع تركيا في أي إجراء يضع حداً للجرائم الصهيونية، وأن هذه الزيارة كان لها أثر عميق في نفوس الأتراك على المستوى الرسمي والشعبي وأنها حملت مواقف صادقة أوصلت الرسالة الحقيقية للشعب والحكومة التركيين.
وأضاف أن الرئيس السوري كان حريصاً على أن يقدم التعازي لتركيا ولكل أسرة تركية بشكل مباشر وأن يؤكد تضامنه الكامل مع القيادة التركية دون تحفظ.
وبخصوص بقاء الفرص لاستئناف مفاوضات سلام غير مباشرة بين دمشق وتل أبيب من عدمها قال السفير قبلان ان سورية "كانت تؤكد أنه ليس هناك في إسرائيل شريك حقيقي في عملية السلام، واليوم ووفق تعبير السفير السوري أصبح واضحاً أن الحكومة الإسرائيلية تتماهى بين اليمين المتطرف واليمين الأكثر تطرفاً".
وأردف بالقول انه يجب محاكمة هذه الحكومة في محاكم دولية لأنها حكومة إرهابية بامتياز لا تعرف معنى السلام ولا تؤمن به، لافتاً إلى أنه لا توجد فرصة لاستئناف عملية السلام بوجود هكذا حكومة، ليكرر قوله "هؤلاء مجرمو حرب يجب أن يحاكموا في محاكم جرائم الحرب، وبعد ذلك وفي حال جاءت حكومة إسرائيلية أثبتت للعالم أن لديها نوايا وممارسات حقيقية تجاه السلام يمكن حينها العودة للحديث عن مفاوضات سلام"، وتابع "أي حديث حالياً عن السلام هو ضرب من الهرطقة والخيال".
واعتبر السفير السوري أن تل أبيب لم ترغب يوماً في أن تكون تركيا وسيطا في مفاوضات السلام، وأنه عندما وضعت تل أبيب بظرف معين كانت فيه تركيا وسيطاً، كانت تأمل بأن تنحاز تركيا صوبها، لكن تركيا أضاف السفير السوري كانت وسيطاً نزيهاً انحاز للحق والشرعية الدولية مما دفع الصهاينة لتقويض الوساطة التركية ونسفها في مفاوضات السلام.
وأشار الدبلوماسي السوري ذو الأصول الإعلامية إلى أن سورية والدولة الصهيونية كانتا أواخر العام 2008، على وشك التوقيع على اتفاق عبر الوسيط التركي يمهد لمفاوضات سلام مباشرة، وأنه وقبل الموعد المتفق عليه مع تركيا بيومين قامت الدولة الصهيونية بعدوانها على غزة وارتكبت المجازر وعمليات القتل.