تظاهر المسيحيون المتضامنون مع البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية في موقفه الرافض لمنح تصاريح بالزواج الثاني للمسيحيين المطلقين اليوم الخميس أمام قصر عابدين، للإعراب عن اعتراضهم على حكم المحكمة الإدارية العليا الذي ترفضه الكنيسة بزعم أنه يتنافى مع العقيدة المسيحية. وكان نجيب جبرائيل، المستشار القانوني للبابا شنودة، قد أعلن عن تنظيم وقفة احتجاجية صباح اليوم أمام قصر عابدين، بعد رفض الجهات الأمنية تنظيم الوقفة أمام قصر القبة، احتجاجًا على قرار الإدارية العليا القاضي بحق المسيحيين في الزواج الثاني.
ويقود القمص بطرس بطرس جيد ابن شقيق البابا المتظاهرين المسيحيين، وقد أحضر أكثر من 50 لافتة من الحجم الكبير منذ صباح أمس لرفعها خلال المظاهرات التي اندلعت في الكاتدرائية مساء الأربعاء، لإعلان تأييده التام للبابا شنودة ضد أي أحكام قضائية مخالفة للإنجيل، بحسب قوله.
وقرر البابا إطلاق حملة توقيعات في جميع الكنائس على بيان تضامني يعلن من خلاله الموقعون رفضهم تنفيذ الحكم والمضي في تحدي الدولة، وقد تم توزيع البيان في أعقاب الجلسة الطارئة للمجمع المقدس الثلاثاء الماضي ووقع عليه المئات بعد وقت قصير من توزيعه.
وجاء في نصه "نحن شعب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالقاهرة نحترم القانون ونطالب بعدالة القضاء ونشجب صدور قوانين أو قرارات أو أحكام تطالبنا بمخالفة تعاليم الإنجيل المقدس والتعدي على قوانين الكنيسة، وبخاصة الحكم الأخير والذي صدر بإلزام الكنيسة بالزواج الثاني للمخطئين مخالفا بذلك تعاليم الكتاب المقدس، وبناء عليه نعلن تأييدنا الكامل للبابا شنودة الثالث الذي يحافظ علي تعاليم الإنجيل المقدس، ويتكلم بلسان الأقباط رافضين التدخل في شئون الكنيسة مطالبين بسرعة صدور قانون الأحوال الشخصية الموحد للمسيحيين بكافة طوائفهم".
إلى ذلك، يعتزم البابا شنودة التقدم بطلب للمحكمة الدستورية العليا لفض النزاع حول حكمين نهائيين صادرين من المحكمة الإدارية العليا لصالح قبطييْن بالتصريح لهما بالزواج الثاني، وهو إجراء يهدف إلى إطالة أمد إجراءات تنفيذ الحكم، خاصة وأنه تلقي وعدًا من شخصية رفيعة المستوى في اتصال هاتفي بسرعة تمرير قانون الأحوال الشخصية في أقرب وقت مقابل وقف الحرب التي يشنها على الدولة.
شنودة موظف عام وفي رد فعل على تحديه لحكم القضاء الذي يلزمه بمنح تصريح بالزواج الثاني للمطلقين الأقباط، قال المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة السابق إنه بالإمكان عزل البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية من منصبه بقرار من رئيس الجمهورية.
ويعيد ذلك إلى الأذهان قرار الرئيس الراحل أنور السادات الذي أمر بعزل البابا شنودة من منصبه وتحديد إقامته بأحد أديرة وادي النطرون، إثر اتهامه بالسعي إلى استقلال الكنيسة، وقام بتكليف لجنة لإدارة شئون الكنيسة، قبل أن يعيده الرئيس حسني مبارك إلى المنصب في عام 1985.
ووصف الجمل البابا شنودة بأنه "موظف عام يخضع لنظام الدولة ويتم تعيينه من قبل رئيس الجمهورية وبالتالي يمكن عزله"، واعتبر في اتصال هاتفي لبرنامج "الحياة اليوم" على فضائية "الحياة"، أن القرارات التي تصدر عن البابا شنودة هي قرارات إدارية تخضع لرقابة القضاء الإداري بمجلس الدولة".
وتابع قائلاً "البابا موظف عام يؤدي واجبه الديني تحت نظام الدولة ويخضع للقانون، ومن يقول غير ذلك مخطئ، ووفقًا للقانون كل موظف عام يرتكب مخالفة دستورية أو قانونية أو يمتنع عن تنفيذ حكم قضائي نهائي يتعرض لعقوبة الحبس والعزل".
وكان يعقب بذلك على رفض البابا تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا الذي يلزمه بمنح تصريح بالزواج الثاني للأقباط المطلقين، مؤكدًا أنه لا توجد قوة على وجه الأرض تجبره على تنفيذ الحكم الذي لا يجوز الطعن عليه، بدعوى أنه يتنافى مع الإنجيل، الذي لا يسمح بالزواج الثاني إلا في حالتي الزنا والوفاة.
ويتذرع البابا شنودة برفض القرار بأنه صدر استنادا إلى لائحة 1938، التي ترفض الكنيسة الاعتراف بها، وعلق الجمل قائلاً "البابا رفض تطبيق لائحة 38 المعمول بها، لأنه من وجهة نظره الخاصة رأى أنها وضعت بأيدي باكوات وباشوات وهذا رأيه الشخصي".
غير أن القمص صليب متى ساويرس عضو المجلس الملي اعترض على توصيف بأنه موظف عام يجوز عزله، وقال إن البابا ليس موظفا كي يتم عزله ولا سلطان لأي جهة على الكنيسة, واعتبر أن من حقه أن يرفض تنفيذ حكم الإدارية العليا طالما يتعارض مع شريعتنا وديننا، ونحن نخضع لقوانين الدولة فيما يخص الأمور المدنية فقط بينما الأمور الدينية الحكم النهائي لشريعتنا وعقيدتنا المسيحية ونستمدها من الإنجيل، مثل الأخوة المسلمين الذين يستمدون شريعتهم من نصوص القرآن، وهذا حقنا فلن نخالف تعاليم الإنجيل ولن نغضب الله من أجل الإنسان.
لكن المستشار حامد الجمل قال إن الخلاف بشان الحكم الصادر هو خلاف في تفسير نصوص الإنجيل وليس خلافا على الإنجيل, والحكم صدر بناء على لائحة 38 التي وضعها المجلس الملي للكنيسة الأرثوذكسية قبل أكثر من 70 عاما،.
وأضاف أن تعديل لائحة 38 في عام 2008 من المجلس الملي لم يتم بشكل شرعي، لأنه كان لابد أن يتم عمل التعديل بواسطة المجلس الملي، ثم يعرض على مجلس الشعب لمناقشته واستطلاع الآراء حوله، ثم يقرر المجلس ما يراه بإقرار التعديل أو رفضه وهذا لم يحدث بتاتًا.