جامعات مصر المحاصَرة..علماء مصر عليهم أن يعلموا طلابهم من "كتاب السيسي" وإلا..” تحت هذا العنوان، جاء تقرير مطول بمجلة فورين بوليسي للباحثة إيميلي كرين لينين كرين حول القيود التي يفرضها النظام على الحياة الأكاديمية داخل الدولة العربية الأكثر تعدادا سكانيا. وتقول المجلة، وفق مصر العربية، من المقرر أن يعود الطلاب والأساتذة قريبا إلى الجامعات التي تشهد المستويات الأدنى للحريات الأكاديمية في تاريخ مصر. في العام الجامعي الماضي فحسب، ألقي القبض على 761 طالبا، وفُصل 281 للمشاركة في أنشطة سياسية بمقار الجامعات. وحكم على أستاذ جامعي بالإعدام بتهمة "التآمر لتقويض الأمن القومي لمصر"، بعد كتابته مقالات نقدية للنظام. وينتظر أستاذ آخر المحاكمة بتهمة "إهانة القضاء" عبر إحدى التغريدات الناقدة. وشهد العام الماضي تحولا بعيدا عن المواجهات المباشرة بين الطلاب وقوات الأمن والتي لطخت الموسم الدراسي 2013-2014. وبدلا من ذلك، تبنت الدولة نهجا أكثر مكرا، عبر إسكات الأكاديميين الناقدين، على نحو صامت، بالإضافة إلى تضييق نطاق البحث الأكاديمي، وغرس روح الخوف عبر مقار الجامعات. مثل هذا القمع الخفي يمثل جزءا من حملة أكبر نطاقا لنظام السيسي للسيطرة على الخطاب العام، وإملاء السرد السياسي. وفي ظل نمو اقتصادي فاتر، ووضع أمني متدهور، لا ترغب الدولة في المخاطرة، بل تعلن عن عدم اعتزامها التسامح مع الاحتجاجات والمعارضة، مهما كانت مسارح حدوثها، في الشوارع، أو غرف الأخبار، أو قاعات المحاضرات. من جانبه، قال أحمد عبد ربه، أستاذ السياسات المقارنة بجامعة القاهرة: “ ما نشهده الآن هو تغليف الانتهاكات بطابع مؤسسي، ضد الأكاديميين المصريين، في بما يتجاوز كثيرا تلك التي شهدها عصر مبارك". لقد بدأت الحملة القمعية في يونيو 2014، عندما أصدر السيسي مرسوما يمنحه شخصيا سلطة تعيين رؤساء وعمداء الجماعات المصرية. الخطوة المذكورة نزعت الإصلاحات التي أعقبت ثورة 2011، عندما تم السماح للجامعات بتعيين مسؤوليها عبر انتخابات داخلية. وفي سبتمبر الماضي، أتبعت الحكومة المرسوم الرئاسي بقانون يمنح مسؤولي الجامعات الحق في فصل الأساتذة دون مجلس تأديبي. "لقد رأيت العديد من عمداء الجامعات المختلفة يستبدلون بسبب افتراض تأييدهم للإخوان المسلمين. والآن لا يشترط فيمن يتم تعيينه أن يكون الأكفأ في مجاله، بل ينبغي عليه فقط أن يكون ممالئا للنظام، ولا يهتم بمسألة الحرية الأكاديمية، بل ينصب اهتمامه على تلبية البرنامج السياسي للنظام الحالي". من جانبه، قال محمد عبد السلام، المحامي ب" مؤسسة حرية الفكر والتعبير" : “أساتذة الجامعات يواجهون تدقيقا أكبر من ذي قبل، ليس فقط من قبل رؤسائهم، ولكن من خلال أقرانهم، ووسائل الإعلام". وتابع: “ في جامعة المنصورة، كان عادل بدر ضمن أعضاء لجنة مراجعة مناقشة رسالة ماجستير، وتحولت المحادثة إلى خارج الموضوع، للتحدث عن "عظمة السيسي". وأعلن بدر، بشكل مهذب، رفضه الخروج عن السياق، وطالب بالعودة لموضوع الرسالة. ولكن هل تدري ما حدث له؟ لقد وصف بالخائن والفاسد في أخبار العاشرة مساء". ونتيجة لذلك، يفعل أساتذة الجامعات ما بوسعهم لتجنب الخوض في مناقشات سياسية، وينصحون طلابهم بالبحث في موضوعات معينة. واستطرد عبد السلام: “مثل هذا النوع من الرقابة الذاتية سوف يتسبب في انهيار المستوى الأكاديمي للمنظمومة الجامعية ككل"، لا سيما العلوم الاجتماعية.