يعيش سكان الكرافانات الذين هدمت منازلهم خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة صيف 2014، حالة من النزوح والمعاناة تجددت مع حرارة الصيف الحارقة التي حولت كرفاناتهم لأفران من النار أجبرتهم على النزوح منها أو تعريشها بقطع من النايلون تعلوها بأمتار للتخفيف من شدة الحرارة ليعيشوا رحلة نزوح جديدة في الصيف بعد أن غرقت بمياه الأمطار في الشتاء. الكرفانات التي نصبت في منطقة خزاعة في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة وهي التي تعرضت لدمار كبير خلال عدوان صيف العام الماضي واقتربت من معاناة هؤلاء المنكوبين وكيف فعلت بهم موجة الحر القاسية في ظل غياب أي أفق للإعمار في المدى القريب في ظل عدم إيفاء الدول المانحة بتعهداتها المالية لإعادة إعادة إعمار غزة. في البداية يقول أبو محمد النجار:" السكن في الكرافانات في فصل الصيف جحيم نظراً لارتفاع درجة الحرارة، و في فصل الشتاء تكون شديدة البرودة وتغمرها المياه ". وتابع "أجبرت الحرارة المرتفعة داخل الكرافانات الأطفال والنساء والرجال للهروب من الكرافانات لأرض مجاورة مزروعة بالأشجار للاحتماء بها من حرارة الشمس الحارقة ". في حين قال نازح آخر وهو أب لسبعة أطفال : "كل العائلات من أطفال وشيوخ ونساء والتي هدمت منازلهم في الحرب لم يحتملوا العيش داخل الكرافانات فاضطروا إلى إخلائها منتشرين ما بين الأراضي الزراعية أما النساء والأطفال لجأ بعضهن إلى منازل أقاربهن لحين غروب الشمس هرباً من جحيم الكرافانات التي تحولت لصفيح ساخن يذبح ساكنيه في الصيف والشتاء". وطالب الغزي المنكوب الرئيس الفلسطيني أبو مازن أن يوفر لهم حياة جديدة مستقرة بلا معاناة، خاصة وأنهم ذاقوا الأمرين في رحلتي الشتاء والصيف وأن يقوم بالإسراع بإعادة إعمار القطاع .
ومع اشتداد حرارة الصيف أقدم عدد من سكان الكرافانات على فتح خراطيم المياه فوق أسطح الكرافانات المصنوعة من الصفيح علها تلطف الحرارة ووضعوا أطفال في بركمن النايلون من أجل التخفيف من درجة الحرارة كما ووضع عدد آخر أغطيه من القماش فوق الكرافانات علها تقيهم من أشعه الشمس الحارقة .
وعلى غير بعيد من المواطن الغزي المنكوب تجلس الحاجة أم محمد وقد بدت عليها علامات التعب والإرهاق من شدة ما تلاقيه هي وسكان الكرافانات من معاناة في ظل حرارة الصيف الحارقة فتقول :"لم نعرف طعم النوم نحن وأطفالنا الصغار كأننا نعيش في فرن نفسي أنام وأستريح أنا وعائلتي لا أستطيع الصمود أكثر مش قادرة نحنا تعبنا والله الحرب كانت أهون علينا من الموت يلي بنعيشه اليوم .. كل العالم صامت على المأساة ".
وتضيف : نهرب من الكرافانات في النهار ولكن وين أروح أصلاً الشجر حتى الموجود في المنطقة قلعوه اليهود ولازم أمشي مسافات كبيرة حتى أصل لشجرة أقعد في ظلها ..يارب أنقذنا من جحيم الكرافانات فهي الموت بكل ما تعني الكلمة من معنى ".
وفي إحدى الكرافانات وجدنا الطفلة أمل التي لا يتجاوز عمرها العشر سنوات رسمت على وجهها كل فصول معاناة الأطفال المهجرين الذين فقدوا منازلهم في الحرب فتقول " نحنا كان بيتنا جميل جداً لا نشعر بحرارة الصيف , هدموه اليهود, والآن نعيش في الكرافانات هنا غير الحرارة الحارقة في الزواحف والديدان بتسكن في داخل الكرافانات , كل ساعة في الكرافانات هي حالة رعب وموت ..".
وتابعت : أمنية حياتي أن أعود لمنزلي القديم الذي هدم وأناشد الحكومة و كل الضمائر الحية إنقاذنا وإعادة بناء منزلنا المدمر ..حسبي الله ونعم الوكيل على اليهود هدموا منزلنا ".
معاناة سكان الكرافانات في خزاعة هي نفسها معاناة كل سكان الكرافانات في حي الشجاعية بغزة وبيت حانون ،شمال قطاع غزة حيث تجسدت المعاناة بكل فصولها في تلك الكرافانات التي أطلق عليها "صناديق الموت" التي تسببت لقاطنيها بأمراض ومعاناة لا تستطيع الكلمات وصفها .
وتقطن المئات من العائلات الغزية التي فقدت منازلها في العدوان صيف العام الماضي في كرافانات متنقلة تبرعت بها العديد من الدول والمؤسسات الإغاثية الدولية كحل مؤقت لأصحاب المنازل المدمرة وكإيواء مؤقت بديل عن المدارس التي لجئوا إليها خلال الحرب حتى يتم إعادة إعمار منازلهم .
وتشير تقديرات وزارة الأشغال والإسكان الفلسطينية بأن إعادة إعمار قطاع غزة تحتاج لنحو خمس سنوات على الأقل في ظل تباطؤ عمليات الإعمار حيث لم يتم حتى الآن بعد عام من العدوان البدء الحقيقي بعملية الإعمار سوى ما أعلنته وزارة الإسكان الفلسطينية بأنها بدأت بتمويل بناء نحو 500 منزل بعد وجود تمويل لها من قبل قطر والكويت من أصل نحو 12600 ألف منزل تعرضوا للهدم خلال العدوان قطاع غزة صيف العام الماضي . شاهد الفيديو: