كشف التقرير السنوي الثالث عن حالة الديمقراطية في مصر لعام 2009 الصادر عن مرصد (حالة الديمقراطية) التابع للجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، بالتعاون مع المفوضية الأوروبية، أن الانتخابات في مصر تعانى من إشكالية حقيقية لا تجعل منها آلية لتداول السلطة. وأضاف التقرير، أن الدولة ليس لديها إرادة حقيقية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، كما أن البنية التشريعات تحرم المواطنين من حق المشاركة الحرة والنزيهة والتظلم، وتحسم الانتخابات مسبقا لحزب السلطة التنفيذية.
انتخابات عام 2009 جاءت نتائج التقرير من خلال متابعه جملة الانتخابات التي جرت في 2009 ومراقبتها، والتي تمثلت في الانتخابات التكميلية لمجلس الشعب، وانتخابات مرشد الإخوان، ونادي قضاة مجلس الدولة والمجالس المحلية، والأندية الرياضية ونقابتي الصحفيين والمحاميين، أظهرت تفاوت نسبة مشاركة الجماهير في أي حدث انتخابي في مصر. فالانتخابات التكميلية لمجلس الشعب لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها من 5 إلى 10% في أفضل الأحوال، أما الانتخابات الخاصة مثل انتخابات الاتحادات المهنية والنوادي الرياضية فتحظى بنصيب أوفر من مشاركة الجماهير فتصل نسبة المشاركة إلى 60 و70%. وارجع التقرير تفاوت هذه النسب إلى علاقة مباشرة بالجدوى والمنفعة العائدة على المواطنين، ودرجة نزاهة الانتخابات والى أي مدى إحساس المواطن بتأثير مشاركته في الانتخابات.
عوائق أمام نزاهة الانتخابات أشار التقرير إلى أن الانتخابات التي جرت عام 2009، جرت في ظل غياب الحريات العامة بموجب قانون الطوارئ وأيضا وجود تضيق من الأمن على المرشحين، واعتقال بعض المرشحين ومنع الجماهير من التصويت، كما شهدت عمليات تسويد وتزوير لصالح مرشح معين. وكما أن التشريعات المصرية تحسم الانتخابات المختلفة لصالح حزب السلطة التنفيذية قبل أجراءها، ويرى التقرير أن الدستور المصري في ظاهره يحترم الحريات إلا أنه يضم مواد فضفاضة تحمل أكثر من تأويل، ويحول الدستور القوانين المنظمة للحريات إلى قوانين مكلمة، وصل عددها إلى 20 قانون مما يعنى تحكم السلطة في الانتخابات، كما أن إلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات زاد من إمكانية تزوير الانتخابات، بالإضافة إلى أن المادة 62 من الدستور أعطت للمجلس التشريعي حق تجديد النظام الانتخابي المصري في أي وقت.
التيارات السياسية في مصر أوضح التقرير أن التيارات الأربعة الموجودة على الساحة السياسية الآن لا تؤمن بالعمل الجماعي ولا الأهلي، فالتيار الإسلامي الممثل له الإخوان المسلمين لا يتحدث عن الديمقراطية، بل عن الشورى وبرنامجه السياسي استبعد المسيحيين والمرأة من حق تولى المناصب العليا، كما أن له إشكالية كبيرة في مفهومي المواطنة والمساواة أمام القانون. أما التيار القومي، الذي يتمثل في السلطة التنفيذية الآن، يرى أن قيم حقوق الإنسان هي قيم مستوردة وتتنافى مع ثوابت الأمة المصرية. والتيار اليساري لدية أزمة في عدم مراجعة أفكاره عن الديمقراطية وأدبياته لا تزال تتحدث عن ديكتاتورية الطبقة العاملة. وأخيرا يبرز التيار الليبرالي الذي تضمنت البرامج الانتخابية لمرشحيه أفكارا بعيدة تماما عن الديمقراطية وقيم الليبرالية الحقيقية، كما أن تحالف حزب الوفد مع التيار الإسلامي في انتخابات نقابة المحامين يتنافى مع مفهوم الدولة المدنية الذي يدعو له التيار الليبرالي. يذكر أن هذا التقرير صدر ضمن برنامج حالة الديمقراطية الذي يقوم بمراقبة الانتخابات في مصر، وانتهى البرنامج بعد 3 سنوات من مراقبة كافة أشكال الانتخابات المصرية.