ينطبق مثل مصائب قومًا عن قوم فوائدة علي حال المصنعين والفلاحين بعد قرار الحكومة منع استيراد القطن من الخارج، فالمصنعون اعتبروه كارثة تحل على صناعة الملابس في مصر وتهدد بإغلاق أكثر من 2000 مصنع علي الأقل وتنذر بحدوث ارتفاع جنوني في أسعار الملابس رغم حالة الركود. بالنسبة للفلاحين، الوضع مختلف فقد استقبلوا القرار بصدر رحب؛ واعتبروه طوق نجاة يستطيعون من خلاله تصريف المحصول لمصانع الغزل والنسيج وعدم التعرض لخسائر مثلما حدث العام الماضي، نتيجة عجزهم عن بيع القطن المحلي لمصانع الملابس. وقررت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، ممثلة في الإدارة المركزية للحجر الزراعي، وقف استيراد الأقطان من جميع مناطق الاستيراد العالمية لكافة الجهات والشركات، لافتة إلى استثناء كافة الرسائل المشحونة قبل 4 يوليو الجاري. شهادة وفاة للصناعة وقال محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الغرف التجارية: إن صناعة الغزل والنسيج في مصر أصبحت غير قادرة علي مواجهة كل هذه العقبات التى تواجهها والمشكلات الدائمة فالحكومة تحارب الصناعة ولا تقدر حجم العمالة الموجودة. وأوضح المرشدي ل"مصر العربية" أن صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة في مصر تواجه الكثير والكثير من العقبات مثل مشكلة الجمارك المرتفعة علي الغزل المستورد بالإضافة إلي رسوم الحماية عليه مما أدى لارتفاع الأسعار خلال الفترة الماضية، مشيرا إلى أنه ورغم هذه العقبات فإن المصنعين مستمرين في الصناعة حتي لا يتم تسريح أكثر من ألفي عامل علي الأقل. ويصل متوسط إنتاج القطن المصرى من 2 إلى 2.5 مليون قنطار خلال الأعوام الخمس الماضية، منها مليون قنطار للتصدير، و تحصل المصانع على النسبة الباقية بحسب جمعية مصدري القطن. وأشار إلي أن القطن المحلي الموجود في مصر حاليًا لا يستخدم فى صناعة الغزل والنسيج بسبب وجود ماكينات معدة خصيصًا لتلقيمها بالقطن قصير التيلة، أما المنتج المصري فهو طويل التيلة ولا يستخدم بالسوق المحلي، مؤكدًا أن الفلاحين يقومون بتصديره إلي الولاياتالمتحدة وأمريكا وغيرها من الدولة المنتجة للقطن قصيرة التيلة. وبحسب إحدى الإحصائيات الزراعية المتخصصة، فإن الصين من أكثر الدول في القارة الأسيوية والعالم أيضا انتاجًا للقطن قصير التيلة وبعدها الهندوالولاياتالمتحدة. المرشد انتقد قرار الوزارة بمنع استيراد القطن قصير التيلة؛حيث أن القرار اتخذ بشكل فردى من جانب الوزير المختص وليس من اجل حماية الصناعة المحلية، وطالب رئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب بالتدخل لحالة الأزمة الحالية . ولفت إلى أن هناك أنواعا من القطن تعتمد عليها الصناعة بنسبة لا تتخطى 90%،لا تنتجها مصر، وهى القطن قصير ومتوسط التيلة والذى يعتمد عليه الصناع بكافة دول العالم، مما يؤكد أن استمرار القرار سيخرج مصر من المنافسة مع هذه الدول. ويصل الإنتاج الكلي لمصر من القطن خلال الموسم الحالي إلى نحو 1.9 مليون قنطار، وسجلت صادرات القطن المصري تراجعا بأكثر من 21% خلال الربع الثاني من العام الحالي. وباتت شركات الغزل والنسيج الموجودة في مصر مهددة بخطر الإفلاس نتيجة اتجاه عدد من التجار في الدول الآسيوية وخاصة الصين إلى تصدير المنتجات الخاصة بالملابس إلى مصر بأقل من سعر التكلفة نحو 60% الأمر الذي يخلق نوعا من عدم القدرة على منافستها مقارنة بأسعار التكلفة في مصر. رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الغرف التجارية اعتبر أن استمرار الحال على ما هو عليه سيغلق المصانع ويشرد عمالها . القطن المحلي غير صالح بدوره، أكد يحيي زنانيري رئيس جمعية مصنعي الملابس، أن القطن المصري الموجود حاليًا لا يصلح للصناعة الملابس الجاهزة، مشيرًا إلي أن المصانع المحلية تعتمد علي 90% من الأقطان قصيرة التيلة ومتوسطي التيلة، أما المحلي فهو طويل التيلة. وتابع:” القرار يعتبر كارثة تهدد مصانع الغزل والنسيج والملابس الجاهز فتؤدى إلي اغلاق مصانع تعتمد بصفة كلية على القطن المستورد من الخارج، مؤكدين أن وزارة الزراعة تسرعت كثيرًا في هذا القرار ولا يعر ف الوزير تبعيات القرار علينا كمصنعين. وأشار نانيري إلي أن القرار من شأنه أن يحدث ارتفاعًا في أسعار الملابس بشكل كبير للغاية وقد تصل النسبة ل 25% مقارنة بأسعار ما قبل القرار، مشيرًا إلي أن الحكومة تحارب صناعة الغز والنسيج في مصر. وأكد أن حجم التجارة الموجودة في سوق الملابس والتي يتم تصنيعها في مصر تصل إلى نحو 15 مليار جنيه كحد أدنى للمبالغ الموجودة بالسوق وتمثل فقط 20% من حجم الملابس ، لافتا إلى أن عدد المصانع الموجودة فى مصر بالنسبة لملابس الجاهز يقدر بنحو 11 ألف مصنع مرخص وغير مرخص حيث أن التجارة تستوعب أرقام كبير من العمالة تصل إلى نحو 2 مليون عامل . وأوضح أن الحكومة المصرية قامت بفرض رسوم حماية على واردات الغزل والنسيج من الخارج بسبب عمليات الاستيراد التي يمارسها المصنعون في مصر، مؤكدا أن الدولة فرض رسوم حماية على الغزل وتركت الملابس الواردة من الخارج بدون أي حماية. وأصدر وزير التجارة والصناعة الأسبق محمود عيسى أول يناير 2012 رسم الإغراق على الغزول المستوردة 3300 جنيه على الطن (3.30 جنيه على الكيلو)، على أن يتم تطبيقه فورا، على أول شحنة قادمة من الخارج، ولمدة عامين من تاريخه كخطوة مبدئية لإنقاذ صناعة الغزل والنسيج. وأشار إلى أن عمليات التهريب الملابس من الخارج ورسوم الحماية على ورادات المصانع المصرية أول مسمار في نعش الصناعة الوطنية وتعتبر عائقا رئيسا في ازدهار صناعة الغزل والنسيج بصفة عامة. طوق نجاة للفلاحين ومن جهته قال أسامة الجحش نقيب الفلاحين، إن القرار من شأنه أن يحدث انفراجة كبيرة لدى الفلاحين خاصة في تصريف القطن داخل السوق المحلي،مؤكدًا أن الفترة المقبلة ستشهد رواجًا للقطن المحلي طويل التيلة. وأضاف الجحش ل"مصر العربية" أن هناك خطة من قبل وزارة الزراعة تم وضعها بالتنسيق مع نقابة الفلاحين من أجل زيادة المساحة المزروعة من القطن خلال الفترة المقبلة.