تظهر الجمعيات والمؤسسات الخيرية بشكل ملحوظ في شهر رمضان، وتستغل الحالة الروحانية التي تسيطر على مشاعر الجميع، من أجل جمع الأموال لصالح مشروعات خيرية وعلاج المرضى ومساعدة الفقراء، وتحرص على عرض مشاهد في الإعلانات الخاصة بها للمريض وهو يتألم ويطلب المساعدة، أو المحتاج وهو يبكي على عدم قدرة توفير الأموال والنفقات لأسرته، حتى تثير شفقة وعطف المشاهدين، معتمدة في ذلك على العواطف الإنسانية للمشاهد، على حساب المريض. ومن بين هذه الحملات ما يظهر أن الشعب المصري في انتظار "جنيه واحد" من أجل الحصول على الشفاء، رغم أن الدولة تحمل على عاتقها توفير العلاج للمحتاج وغير المحتاج في المستشفيات الحكومية والتأمين الصحي، وتخصص ميزانية كل عام للإنفاق على الصحة وأخرى على التعليم. وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة ليلى عبدالمجيد أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة القاهرة، إن "هناك بعض الجمعيات الخيرية، تستغل المواطن المصري في شهر رمضان، وتقوم بعمل حملات إعلانية للتبرع المادي، مشيرة إلى أن الإعلانات الخاصة بالتبرعات أصبحت كثير جدا بشكل "عشوائي ومشوش". وأضافت "عبدالحميد"، أن "وزارة التضامن هي المنوط بها جمع التبرعات وتنظيم عمل هذه الجمعيات من أجل ضمان صرف هذه الأموال في المكان المناسب"، متسلئة "هل تقوم هذه الجمعيات بمساعدة الفقراء والمجتمع؟ وهل يوجد بين هذه الجمعيات من ينتمي للجماعة الإرهابية؟"، لافتة إلى أن إعلانات التبرع التي تعتمد على ظهور المريض على شاشة التلفزيون تقوم بانتهاك صريح وواضح لحقوق الانسان وكرامته، واستغلال المرض وهذا أقرب إلى "التسول". وأوضحت أستاذ الصحافة والإعلان أنه يجب وضع ضوابط تنظم هذه الإعلانات من قبل وزارة التضامن الاجتماعي، وعلى القائمين في هذه الحملات مراعاة الضوابط المهنية والإنسانية، مشيرة إلى أن الحملة الإعلانية للتبرع تتكلف ما يقرب لمليون جنيه، وهذا الرقم أن استخدم في علاج المريض سوف يكون أفضل للمريض بكثير. وتابعات "عبدالمجيد"،: "بعض إعلانات جمع التبرعات تنتهك كرامة المواطنين حين تعرض الفقير وهو يبحث عن الطعام في القمامة، وهذا يعطي صورة سلبية عن الشعب المصري للمجتمع الخارجي"، لافتة إلى أن هناك طرق آدمية لجمع التبرعات ومساعدة المحتاج وحل مشاكل المجتمع قائلة: "المصريون يفعلون الخير طوال العام وليس في رمضان فقط و قبل ظهور هذه الإعلانات". وقالت الدكتورة حنان يوسف، أستاذ الإعلام بجامعة عين شمس، إنه "من الطبيعي أن يكون هناك حملات إعلانات تكافل اجتماعي تظهر في شهر رمضان الكريم"، مضيفة "لا نشكك في النيات الطيبة لأحد، ولكن المشكلة التي ظهرت هذا العام وجود إعلانات كثيرة جدا للتبرعات تتسبب في ارتباك المشهد الإعلاني لدى المشاهد من هذا الكم المبالغ فيه من الإعلانات وتثيره وسوف يكون سلبياً على هذه الحملات". وأضافت "يوسف"، أن "المشهد الإعلاني يشهد حالة من الانتقاد والتضارب، حيث يقوم بإعلان عن جمع تبرعات وفي الوقت نفسه يقوم بالإعلان عن سلع باهظة الثمن"، متسائلة: "لمن يوجه المعلنون إعلاناتهم؟"، مشيرة إلى أن هذا يخلق حالة عدم المصداقية لدى المشاهد. وأوضحت أستاذ الإعلام بجامعة عين شمس، أنه لا يوجد شك في النيات الطيبة لدى البعض، متابعة: "هذه الحملات تؤدي إلى تشوية صورة المصريين والنيل من كرمتهم، ويعود بآثار سلبية على المجتمع، خصوصاً مع وجود حملات تخاطب الخارج من أجل التبرعات، وهذا لا يتفق مع الفعل الطيب الذي يسعى إليها الإعلان". وأشارت "يوسف" إلى أن ارتباك المشهد الإعلاني الحالي، جزء من حالة الارتباك التي تصيب منظومة الإعلان والإعلام بشكل عام، لافتة الى اهمية وجود استراتيجية بصيغة قانونية تقوم بتنظيم واضح وصريح، وتوقيع العقوبات على المخالفين للمنظومة بشكل عام، وتقوم بتوفير الحماية للمستهلك والمشاهد، الذي يقوم بالشراء أو التبرع، خصوصاً أأ نه يوجد بعض الجمعيات الخيرية التي تقوم بجمع التبرعات ولا نعلم شيئاً عن مصدر تمويلها. وبدورها قالت الدكتورة إيناس أبو يوسف أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة، إن "هناك حالة من الفوضى في إعلانات التبرعات وجمع الأموال بشكل كبير وهناك إعلانات لا يصح أن تعرض على الإطلاق"، مشيرة إلى أن هذا يرجع إلى عدم تفعيل قانون ميثاق الشرف الإعلاني الخاص بتنظيم وعرض الحملات الإعلانية. وأضافت "أبو يوسف"، أن "إعلانات جمع التبرع تصور بأن الدولة غير قادرة على توفير العلاج للفقير"، وهذا غير صحيح فالدولة تعمل على حل مشاكل المواطن وتقوم بوضع ميزانية للصحة والتعليم. وتابعت: "لوهذه الجمعيات انفقت ميزانية الحملات الإعلانية على الفقراء والمرضى سوف يكون أفضل بكثير". وأوضحت أستاذ الصحافة والإعلان، أن "إعلانات جمع التبرعات تخترق خصوصية المريض والفقير بعرضهم على الهواء مباشرة بهذا الشكل من أجل جمع الأموال، وهذا شيء غير منطقي"، لافتة إلى أن كثرة هذه الإعلانات تصيب المشاهد بحالة ملل وتبلد ويأتي بنتائج عكسية ويسبب حالة من النكد لدي المشاهد