وافق مجلس القضاء الأعلى على ما يسمى بمشروع "مكافحة الإرهاب"، وبعيدا عن المغالطات القانونية التي يتضمنها مشروع القانون إلا أن تمرير القانون والموافقة عليه من قبل المجلس أمر خطير في ظل غياب المجالس التشريعية المنتخبة. فاستمرارا لحالة الفوضى في إصدار القوانين والتشريعات بمصر منذ 30 يونيو، أعلن مجلس القضاء الأعلى في جلسته المنعقدة أمس برئاسة المستشار أحمد جمال الدين رئيس محكمة النقض ورئيس المجلس، عن موافقته على مايعرف ب "مشروع قانون مكافحة الإرهاب" الذي قدمته حكومة السيسي للمجلس، تمهيدا لإقراره والعمل به خلال الأيام المقبلة، حسب "وراء الأحداث". وبعيدا عن الكوارث القانونية التي يتضمنها مشروع قانون "مكافحة الإرهاب" فإن "موافقة" مجلس القضاء الأعلى على هذا المشروع في ظل غياب المجالس التشريعية المنتخبة، تعد سابقة غريبة من نوعها، حيث يفترض أن "مجلس القضاء" لايمتلك سلطة التشريع وإنما هي أحد سلطات "البرلمان" الذي يغيب عن مصر منذ انقلاب يوليو 2013. وعبر مواقع التواصل الاجتماعي أبدى نشطاء ومغردون استغرابهم من قيام "مجلس القضاء الأعلى" بلعب دور "المشرع" وقيامه بمهام سلطات البرلمان، خلال عصر السيسي، معتبرين أن القضاء المصري أصبح مشرعا وحاكما، ولاعبا أساسيا في الحياة السياسية كذلك. قوانين مشبوهة وكانت مصادر قانونية مطلعة، قد كشفت في وقت سابق أن قسم التشريع بمجلس الدولة يقوم الآن بتنفيذ تعليمات السيسي بسن 7 قوانين لإرهاب الشعب وللإسراع بتصفية المعارضين، عبر التخلي عن درجات التقاضي، ومحاولة تقنين نصوص جديدة لقتل المعارضين. وقالت المصادر إن هناك لجنة طارئة تقوم حاليًّا بمراجعة قانون العقوبات والإجراءات الجنائية، تمهيدا لتعديلها عن طريق قرارات جمهورية، في غياب البرلمان، أو مجالس نيابية. وأكدت المصادر أن أحمد الزند وزير العدل في حكومة الانقلاب تعهد للسيسي خلال جنازة النائب العام الراحل هشام بركات أنه سيقوم بعمل عدة قوانين تمكنه من فعل أي شيء ضد معارضي النظام الحالي. يذكر أن مجلس الدولة اعترض سابقًا على إصدار الرئيس محمد مرسي، إعلانه الدستوري، الذي حاول فيه حماية مجلس الشورى من الحل، كما حدث من قبل مع مجلس الشعب، رغم أن مرسي كان يملك حق التشريع طبقًا للدستور. إسهال تشريعات وكانت دراسة مفصلة صدرت الشهر الماضي عن المركز الوطني للاستشارات البرلمانية في مصر قد كشفت أن محصلة القرارت بقوانين التي أصدرها عبدالفتاح السيسي خلال عامه الأول في السلطة بلغت لنحو 300 قانون، وهو ما اعتبره المركز تجاوزا واضحا من قبل السيسي فى استخدام السلطة التشريعية الاستثنائية، حسب وراء الأحداث. وأوضح المركز في بيان له أن عدد القرارات بقوانين التى أصدرها عبد الفتاح السيسي خلال عامه الأول بالسلطة بلغت 300 قرارا بقانون وهو ما يتجاوز عدد مايستطيع أي برلمان إصداره خلال خمس سنوات، وهو مايعني أن السيسي أصدر ما لم يستطع برلمان مناقشته وإقراره من قوانين خلال فصل تشريعي كامل". السيسي لا يريد برلمانا وبحسب مراقبين فإن حالة النهم المتزايدة في إصدار تشريعات وقوانين لدى عبدالفتاح السيسي خلال عامه الأول بالسلطة في مختلف نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية، تكشف بشكل أو بآخر أن السيسي لا يريد برلمانًا على الإطلاق وأنه قد يقف بصورة أو بأخرى وراء عمليات التأجيل المتكررة للانتخابات البرلمانية. وفي تصريحات صحفية سابقة للدكتور محمد أبو الغار، رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، فإن السيسي لا يريد برلمانًا في المقام الأول خلال فترة بقائه في السلطة. وفسر أبو الغار كلامه قائلاً: "السيسي لا يريد برلمانًا الآن، لذلك تأخرت الدعوة لإجراء الانتخابات البرلمانية كثيرًا، ولهذا السبب أيضًا أصدرت الدولة عددًا كبيرًا من القوانين في غياب البرلمان، وأن عددًا كبيرًا منها غير دستورى، وهناك قوانين مقيدة للحريات قد تؤثر في مصر وتحولها إلى دولة بوليسية، وتحتاج إلى دراسة، وهناك قوانين لسنا متعجلين في صدورها الآن لكنها خرجت".