أبوالغار: الأجهزة الأمنية هي صانعة القوانين.. وفرحات: بعضها ليس ضروريًا ما يقرب من 500 تشريع صدر فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يتولى سلطة التشريع في غياب البرلمان، إذ أن الدستور المصرى يعطى الحق للرئيس فى إصدار القوانين فى حالات استثنائية، إلا أن محمد علوي، رئيس قسم الأبحاث القانونية فى "اللجنة المصرية للحقوق والحريات"، يرى أن القوانين التى أصدرها ليست بالضرورية. أبرز القوانين والتشريعات فى عهد السيسي، قانون الانتخابات الصادر فى يونيو 2014، والذى يرى الخبراء انه يقلص من فرص الأحزاب الليبرالية التى نشأت بعد الثورة، حيث إن نظام التصويت الجديد من شأنه إفساح المجال للنخب القديمة للعودة من جديد، كما صدر قانون الجامعات فى يونيو 2014، الذى منح للسيسى سلطة تعيين وفصل رؤساء الجامعات، وسمح له، على غرار مبارك، بالسيطرة على الجامعات. بالإضافة إلى قانون الجمعيات الأهلية الصادر فى سبتمبر 2014، الذى فرض مزيدًا من القيود على الجمعيات الأهلية، وتضمن أحكامًا بالسجن مدى الحياة فى حال تلقى أموال من جهات أجنبية بهدف "الإضرار بالمصالح الوطنية"، وقد أثار القانون حفيظة الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، والتى تعتمد فى تمويلها على مصادر التمويل الخارجي. إلى جانب قانون القضاء العسكرى فى أكتوبر 2014، الذى أعطى الجيش الولاية القضائية على أجزاء كبيرة من الأماكن العامة بما فى ذلك الطرق والجسور والجامعات، ومسوّدة قانون الإرهاب فى ديسمبر 2014. وسيعمل هذا القانون فى حال إقراره، بحسب حقوقيين، "على توسيع رقعة التعريفات التى تشملها كلمة الإرهاب لتتضمن كل الأعمال التى تضر بالوحدة الوطنية"؛ وهى صياغة فضفاضة ومبهمة، كما تم إصدار العديد من التشريعات والقوانين الأخرى منذ تولى السيسى وحتى يومنا هذا. ورصدت إحصائية أعدها قسم التشريع بمجلس الدولة، تجاهل رأى قسم التشريع فى بعض القوانين فى عهد السيسي، حيث رفض القسم 34 مشروع قانون وأعادها إلى الوزارات سواء لرفض موادها لتعارضها مع مواد الدستور أو القوانين الأخرى، أو لاستيفاء بعض الأوراق أو الشروط، ورغم ذلك تم إصدار تلك القوانين، ومن أبرزها قانون إنشاء وتنظيم عمل اللجنة القومية لاسترداد الأصول، وقوانين مثل تنظيم الأحداث الرياضية وحماية المشاركين فيها والمنشآت الرياضية، وتعديل بعض أحكام قانون الزراعة، وتعديل قانون المناقصات والمزايدات للسماح بالتصرف فى أراضى الدولة لأغراض الاستثمار، وهى القوانين التى أعادها القسم إلى مجلس الوزراء لإدخال تعديلات على نصوصها، بالتزامن مع إصدار قرارات جمهورية بإصدار تلك القوانين، ليكون القاسم المشترك الوحيد بينها هو صدورها دون أخذ ملاحظات قسم التشريع فى الاعتبار. ونشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية تقريرًا لباتريك كيسنجلي، مراسل الصحيفة بالقاهرة بعنوان "بين كل طرفة عين السيسى يسن قوانين الاستبداد والقمع"، مشيرة إلى أن الوتيرة السريعة التى صدرت فى ظلها القوانين والتشريعات فى عهد السيسى تفوق شهية التشريع التى شهدتها مصر فى عهد أنور السادات وحسنى مبارك، كما أنها تضاهى تلك التى صدرت فى أعقاب سقوط النظام الملكى فى مصر فى عام 1952. وقال الدكتور محمد أبو الغار، رئيس الحزب "المصرى الديمقراطي الاجتماعي"، إن "الأجهزة الأمنية هى صانعة القوانين، مثلما كان يحدث فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، فهناك دولة عميقة تضع هذه القوانين". وأضاف "المناخ العام يقول إن الرئيس والدولة إما أنهما لا يريدان برلمانًا نهائيًا، أو يريدان برلمانًا مفتتًا وضعيفًا وهشًا، لا يستطيع اتخاذ قرار، وغير قادر على ممارسة رقابة على السلطة التنفيذية". وتابع أبوالغار في تصريحات إلى "المصريون": "السيسى لا يريد برلمانًا فى الفترة الحالية ولهذا السبب أيضًا أصدرت الدولة عددًا كبيرًا من القوانين فى غياب البرلمان، وأن أغلبها غير دستوري"، مشيرًا إلى أن "الرئيس يخشى وجود برلمان يناقش ويحاسب ويتساءل عن أوضاع البلاد وسياسات الدولة". وقال الدكتور محمد نور فرحات، الفقيه الدستوري، إن المادة 156 تعطى رئيس الجمهورية الحق فى إصدار قرارات بقوانين فى حالة الضرورة، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يومًا من انعقاد البرلمان الجدي. وأضاف "القوانين والتشريعات التى تم إصدارها فى عهد السيسى بعضها يتعلق بالرئيس لما له من سلطة مثل تعيين أعضاء هيئات قضائية، ومنح أوسمة، وكلها لا تخضع لنص المادة 156 التى تختص بالقوانين الخاصة بالبرلمان". وذكر أنه فى عهد السيسى صدرت العشرات من القوانين التى يختص بها البرلمان والتى لا صله لها لاعتبارات الضرورة، مثل قوانين "المعاشات العسكرية، التداول فى البورصة، قانون تنظيم الجامعات، قانون الإجراءات الجنائية، وغيرها".