هددت حركة طالبان، الخميس، قوات الاحتلال الدولية في أفغانستان بالرد على هجومها المرتقب على أحد معاقل الحركة بالجنوب، بحرب استنزاف من خلال تفجيرات وضربات سريعة. وقال المتحدث باسم طالبان، يوسف أحمدي "سنلجأ إلى التكتيك الذي اعتمدناه في العمليات في ناوا وخانشين"، في إشارة إلى الهجمات التي شنتها قوات الاحتلال البريطانية والأمريكية في 2009، في ولاية "هلمند".
وأضاف أحمدي "سنلجأ أساسًا إلى عمليات الكر والفر وزرع القنابل على الطرقات".
وكانت طالبان قد قالت، مؤخرًا، إن مروحيات الناتو وجهت ضربات صاروخية إلى منطقة "مرجه"، تمهيدًا لدخول تشكيلات من قوات الاحتلال الأمريكية إليها.
وأضافت أن مقاتلي طالبان تمكنوا من إيقاف تقدم التشكيل الأمريكي الأول بتفجير عبوة ناسفة أوقع 4 قتلى و5 جرحى، وتابعت أنه بعد هذا الحادث تراجع العسكريون الأمريكيون وتحصنوا في منازل السكان المحليين.
الاحتلال يخدع الإعلام وعلى صعيدٍ آخر، قال أحمدي "حسب ما رأينا على الأرض فان هذه العملية لا تختلف عن الأنشطة اليومية لقوات الغزو".
وأضاف أن "العدو يروج لهذه العملية ويحاول إقناع وسائل الإعلام بأنها أكبر عملية عسكرية رغم أن مرجه منطقة صغيرة جدًا".
وفي وقتٍ سابق، أعلن مصدر في وزارة "الدفاع" الأفغانية أن عملية "معًا إلى الأمام"، التي تشنها قوات الاحتلال التابعة للناتو وتشكيلات من الجيش الأفغاني العميل على معاقل حركة طالبان في ولاية "هلمند"، بدأت الثلاثاء، وأن التشكيلات الأمامية للقوة المهاجمة التي تتألف من 14 ألف عسكري أجنبي محتل وأفغاني عميل، تقدمت إلى منطقة "مرجه" التي تبعد بمسافة 10 كلم إلى الجنوب من منطقة "ناد علي".
حماقة الناتو وبعد إعلان قوات الاحتلال في أفغانستان نيتها شن هجوم مشترك مع القوات الأفغانية العميلة لاستعادة مقاطعة "مرجه" في ولاية "هلمند", كتبت نورين ماكدونالد في مجلة "فورين بوليسي" مقالا جاء فيه:
إن السؤال المهم الذي يطرح نفسه بخصوص ما أعلن عن شن قوات الناتو والقوات الأفغانية عملية لاستعادة مقاطعة مرجه هو مدى توافق العملية مع الإستراتيجية الخاصة بأفغانستان ولماذا مرجه في هذا الوقت بالذات؟
يمكن للمرء القول إن القوات الأمريكية وقوات الناتو لم تحقق نجاحا عسكريا مهما في أفغانستان منذ بداية الغزو برغم توسيع التفويض لقوات إيساف لتشمل كافة أنحاء البلاد خلال الفترة بين 2004 و2006.
كما يمكن له أن يجادل بالقول إن العكس هو الصحيح, فإستراتيجية طالبان العسكرية كانت ناجحة وبسطت سيطرتها على مزيد من الأراضي في جنوبي وشرقي أفغانستان ويزداد تواجدها بسرعة في الشمال.
كما أن قوات طالبان أطبقت على كابل نفسها وما الهجمات الأخيرة داخل المدينة إلا دليل على ذلك.
على أن من المؤكد أن عدم تمكن أكبر قوة عسكرية في العالم من السيطرة على أفغانستان يعتبر مشكلة حقيقية وهي مشكلة يجب حلها سياسيا وليس عسكريا عن طريق الفوز بقلوب وعقول الشعب الأفغاني بتحقيق إنجازات سياسية وتنموية ومحاربة المخدرات, وهو ما عجزت عنه الدوائر السياسية الغربية منذ بدء الحرب الأفغانية.
تسوية سياسية إن زيادة القوات العسكرية التي أقدمت عليها إدارة أوباما والتي ستعزز بقوات من دول الناتو الأخرى, يجب أن تستغل ليس من أجل تحقيق نصر عسكري فحسب, بل نصر عسكري حاسم ذي شأن عظيم في النزاع بأكمله.
وفي الوقت الذي يركز فيه الغرب على الحل السلمي, فإن زيادة عدد القوات يجب أن تستغل من أجل انتزاع المبادرة العسكرية من قوات طالبان وهي خلفية لازمة للبدء في أي مفاوضات لتحقيق تسوية سياسية, على أن تشكل الأهداف العسكرية سندا ودعما للغايات السياسية.
وعليه فلماذا التركيز على استعادة مقاطعة مرجه من بين كافة الأراضي التي تسيطر عليها طالبان؟ فتحريرها ليس أكثر من مجرد نصر عسكري رمزي يعوزه المنطق السياسي.
ومع أن المنطقة تعد مركزا لتجارة الهيروين فإن الافتقار لإستراتيجية لمكافحة المخدرات يعني أن ما سيتم اتخاذه من إجراءات ضد اقتصاد المنطقة بعد تحريرها والقائم على الأفيون يبقى أمرا يكتنفه الغموض.
وإذا لم تتوفر سبل بديلة لكسب العيش بعد استرداد المنطقة، فإن مشاعر الاستياء من الحكومة الأفغانية والقوات الدولية لا يمكن لها غير أن تتفاقم.
تفوق مطلوب إن الاستعدادات للعملية ليست مشجعة, فرغم أن الإعلان عن العملية منح المدنيين فرصة لمغادرة مسرح القتال, فلم تتخذ خطوات لإعادة إسكان هؤلاء النازحين الذين فروا نحو مدينة لشكرغاه ومخيم اللاجئين خارجها الذي لا يوجد به ما يكفي من إمدادات الطعام والدواء وإسكان العائلات التي فرت إليه من ديارها حيث البطالة تضرب أطنابها وهذا لا يعتبر كارثة من الناحية الإنسانية فحسب ولكن من مفهوم مكافحة التمرد كذلك.
لماذا لا تركز الولاياتالمتحدة على استخدام قوتها العسكرية من أجل الوصول إلى أهداف قابلة للتحقيق وذات قيمة إستراتيجية حقيقية للغرب, والتي ستترك أثرا إيجابيا على حياة الشعب الأفغاني بدل استخدامها بطريقة تساعد طالبان على تجنيد مقاتلين في صفوفها من أبناء المخيم المكتظ؟
على سبيل المثال فإن أفضل استغلال لزيادة القوات يتمثل في استعادة السيطرة على الطريق الدائري الموصل بين كابل ولشكرغاه والذي تسيطر عليه طالبان، مما يجعل السفر عليه خطرا ويمنح سكان الجنوب شعورا بالعزلة.
كما يجب على قوات الناتو والقوات الأفغانية إحكام السيطرة على ولاية قندهار بأكملها التي لها أهمية جغرافية وسياسية بالنسبة إلى طالبان أكثر من هلمند, فاحتلال الأراضي والبقاء فيها أمر حيوي من أجل التنمية وإقامة مشاريع البنية التحتية وازدهار السكان الاقتصادي مما يبعد السكان عن طالبان.
وتختتم نورين مقالها بالقول "إن استخدام زيادة القوات والذي كلف إدارة أوباما قدرا كبيرا من رصيدها السياسي لتحقيق نصر سهل من قبيل السيطرة على مقاطعة مرجه قد يكون كارثيا ويستنزف القوة العسكرية.
"إن أي جهد تضطلع به الولاياتالمتحدة والناتو من الآن فصاعدا يجب أن يستغل على أرض الواقع لإحداث تفوق عسكري حاسم وإستراتيجي, وإجبار طالبان على الجلوس إلى طاولة المفاوضات وتقديم بعض التنازلات, وتعزيز العلاقات مع الشعب الأفغاني وليس الحط منها".