أكد "تسبي بارئيل" المحلل الاستراتيجي في صحيفة "هآرتس" العبرية،إن ما يحدث في سيناء تحوّل إلى حرب حقيقية شاملة، مشيرًا إلى أمكانية تطور المشهد الصراعى بسيناء بين التنظيم وعسكر كامب ديفيد إلى ما يشابه الحرب صد تنظيم الدولة بالعراق . بحسب بارئيل فإن الحرب في مصر متعددة الجبهات؛ إذ إن قسماً منها يدور في المدن الرئيسية مثل القاهرة والفيوم والعريش ورفح، والقسم الآخر في مناطق مفتوحة. كما أن هذه الحرب تشبه الحرب ضد عدو أجنبي، على الرغم من أن الجماعات المسلحة مكوّنة بالغالب من مواطنين مصريين. وفي هذا السياق، يرى بارئيل أن اتباع هذه الاستراتيجية من المتوقع أن يؤدي إلى سيطرة الجماعات المسلحة على مدينة العريش ومداخلها، والطرق المؤدية إليها، كما أنه من الممكن أيضاً أن يدخل إلى قطاع غزة. فبحسب تسجيل مصور نشر في الأيام الأخيرة، هدد تنظيم "الدولة" بدخول غزة وفرض سيطرته عليها. ومن ناحية أخرى صرّح مسؤول رفيع المستوى ومطّلع على طريقة اتخاذ القرارات بالحكومة المصرية، لصحيفة "هآرتس"، بأن اقتراب الجماعات المسلحة من قطاع غزة سوف يدفع قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي إلى "دعوة" جيش الاحتلال الإسرائيلي للانضمام للمعركة ضد التنظيم، دون المساس بالسيادة المصرية، أي أن التدخل الإسرائيلي سوف يكون عبر قطاع غزة التي تعتبرها مصر جزءاً من السيادة الإسرائيلية. وأضاف المسؤول أنه من المتوقع أصلاً أن يكون جيش الاحتلال الإسرائيلي ونظيره المصري قد قاما بالتنسيق في ما بينهما استعداداً للسيناريو المذكور. لكن أكبر مخاوف الحكومة المصرية هو أن يؤدي نشوب حرب عسكرية في غزة إلى موجات نزوح مدني جماعي من غزة إلى سيناء. يتحدث بارئيل عن وجود عدة فروقات بين تنظيم "الدولة" والجماعات المسلحة التابعة له في سيناء، وبين التنظيم نفسه في سوريا؛ فعلى سبيل المثال، قوة التنظيم في سيناء أقل بكثير من قوة التنظيم الأم في سوريا، كما أنه سيكون من الصعب عليه الاعتماد على التزود بالدعم المستمر من الدول المجاورة، مثل السودان وليبيا، على الرغم من أنها تمكنت من ذلك لسنوات. إلى جانب ذلك، بحسب بارئيل، فإن قدرة التنظيم في سيناء على تدريب قواته وتعزيزها لا يشبه إطلاقاً قدرة التنظيم في سوريا، وذلك لكون الحدود المحيطة به أقل نفعاً له. سبب آخر يراه بارئيل، هو أن الجيش المصري لا يشبه الجيش العراقي أو السوري اللذين اختفيا تقريباً من الأضواء في يونيو الماضي، إذ إن الجيش المصري له وجود منذ عدة سنوات في مناطق سيناء، ويدير معارك مكثفة ضد التنظيمات الناشطة في سيناء، كما أنهم يبدون أكثر إصراراً على القتال. لكن في الوقت نفسه، يدل حجم العمليات الذي نفذ بالفترة الأخيرة على تخطيط مسبق وقدرة مثيرة للإعجاب بإدارة المعارك، كما أنه أثار الأسئلة والتعجب حول جودة عمل الاستخبارات العسكرية في مصر. هل يبايع أهل سيناء تنظيم "الدولة"؟ يسأل بارئيل هنا هذا السؤال، إذ يقول إن هناك عاملاً محدداً سيؤثر على سير الأحداث مستقبلاً، وهو قدرة تحمل المدنيين في تلك المناطق، واستعدادهم للتعاون مع تنظيم "الدولة" أو مبايعته. فمن المعروف أن المثلث "الشيخ زويد، العريش، رفح" يضم بالأساس مدنيين من البدو الذين همّشتهم الحكومة المصرية على مدار سنوات طويلة من المجتمع المصري، كما أن وعود السيسي لأهالي سيناء بتوفير فرص عمل وبدائل لتحسين حياتهم، لم تتحقق. ويذكر بارئيل أن قسماً من القبائل البدوية أكدت أنها ستتعاون مع الجيش المصري، لكن هناك الكثير من المعارضين لهذا الوعد، خاصة بعد التهجير القسري الذي تعرض له أكثر من 2000 بيت في سيناء على حدود قطاع غزة، بأمر من السيسي، ودون أن تقدم التعويضات للأهالي سواء مادياً أو بإيجاد سكن بديل. وبما أن قسماً كبيراً من هؤلاء انتقل للسكن في العريش والشيخ زويد، فمن الممكن أن يكونوا أول من يتعاون مع تنظيم "الدولة" إذا ما قدم الأخير لهم رواتب سخية مقابل المبايعة. ويتوقع بارئيل أن يطبق تنظيم "الدولة" في سيناء الاستراتيجية المتبعة في سوريا لترهيب الناس، مثل قطع الرؤوس وتنفيذ أحكام الإعدام بطرق مروعة، الأمر الذي سوف يوفر عليه مواجهة مقاومة مدنية. ويبقى تحدي الجيش المصري في هذه المرحلة هو أن عليه استئصال قوات التنظيم بشكل كامل. وليس هذا فحسب، إذ على الجيش المصري أيضاً منع بقاء التنظيم في العريش والشيخ زويد، لأنه في هذه الحال سيتمكن الأخير من إدارة حرب استنزاف طويلة، من شأنها زيادة الضغط الجماهيري داخل مصر وتهديد ونزع شرعية النظام والرئيس.