طلبت الحكومة الفلبينية من مجلس النواب بدء مناقشة تعديلات مقترحة على القانون الأساسي الخاص بإقليم مينداناو ذي الغالبية المسلمة، والمتمتع بالحكم الذاتي، يهدف أحدها إلى تقسيم الإقليم، مما مثل نقطة خلاف بين مانيلا وجبهة مورو التي تقاتل لاستقلال الإقليم، حالت دون التوصل لاتفاق ينهي الصراع المستمر في الإقليم منذ عقود، بحسب صحيفة "مانيلا ستاندرد" الخميس 28-1-2010. ونقلت الصحيفة عن رئيس مجلس النواب الفلبيني بروسبيرو نوجراليس قوله: "سوف نبدأ في مجلس النواب العمل على تعديل القانون الأساسي الذي ينظم أوضاع إقليم مينداناو المسلم، أو صياغة قانون جديد كليا خاص به"، مضيفا أن الحكومة طلبت من المجلس العمل على مشروعي قانونين مقترحين في هذا الشأن. وينص مشروع القانون الأول المقترح على توسيع الإقليم بحيث يشمل القرى المجاورة التي صوت أهلها في استفتاء جرى في العام 2001 لتكون جزءا من الإقليم، فيما ينص مشروع القانون الثاني على تقسيم مينداناو إلى قسمين. ويضم القسم الأول بحسب مشروع القانون الثاني مناطق جنوب وغرب الإقليم، بينما يضم الآخر مناطق وسط الإقليم، بحسب ما تم الاتفاق عليه في محادثات السلام بين الحكومة والجبهة الإسلامية للتحرير (مورو)، والتي تقاتل لاستقلال الإقليم منذ عقود. وأكد نوجراليس أن المتوقع أن يتوصل البرلمان إلى قرار في هذا الشأن بحلول يونيو المقبل، حيث إنه من المنتظر التوقيع على اتفاق للسلام بين الحكومة وجبهة مورو، وقال: "القانون الجديد أيا ما كان شكله سوف يأخذ في الاعتبار ما تم التوصل إليه (في محادثات السلام مع مورو) والاتفاقات التي سوف تتمخض في نهاية المطاف عما يجري من محادثات سلام". ويعتبر إقليم مينداناو مهد الإسلام في الفلبين، حيث كان أول مكان هبط فيه المسلمون الأوائل الذين قدموا إلى الجزر الفلبينية في القرن الخامس عشر الميلادي، وموطنا لأكثر من 5 ملايين مسلم. وتفجر الصراع من أجل استقلال الإقليم في أواخر الستينيات، وأدى إلى مقتل أكثر من 120 ألف شخص، وتشريد 700 ألف آخرين، فيما لا يزال 250 ألفا يعيشون في مراكز إيواء في مينداناو، بحسب إحصائيات رسمية وأممية. خلافات وخاضت الحكومة وجبهة مورو الإسلامية العديد من جولات التفاوض حول مستقبل الإقليم منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، كان آخرها المفاوضات التي تستضيفها حاليا العاصمة الماليزية كوالالمبور. وأعلن السكرتير التنفيذي الفلبيني إدواردو إرميتا أن وكيل وزارة الشئون الخارجية الفلبينية رفائيل سيجويس، الذى يرأس لجنة السلام الحكومية، قدم مشروع اتفاقية للسلام إلى مفاوضي مورو في كوالالمبور بعد أن عرضها على مجموعة الأمن القومي الحكومية والرئيسة جلوريا ماكاباجال أرويو , إلا أن تقارير إعلامية وتصريحات مسئولين من الطرفين، الحكومة الفلبينية ومورو، أشارت إلى وجود مجموعة من المشكلات التي حالت دون توصل فريقي التفاوض في العاصمة الماليزية لاتفاق نهائي في هذا الشأن، ولكن من دون توضيح طبيعة هذه الخلافات. ونقلت ال"مانيلا ستاندرد" عن مهاجر إقبال، كبير المفاوضين في جبهة مورو: "هناك خلافات واسعة بيننا وبينهم في بعض بنود مسودة مشروع الاتفاق الذي تقدمت به الحكومة". كما نقلت الصحيفة عن رفائيل سيجويس قوله إنه لم يكن هناك انفراج في المحادثات، وأضاف في بيان: "أود أن أوضح أنه لا يوجد اتفاق حتى الآن". وعلى الرغم من عدم تحديد أي من الجانبين لطبيعة هذه الخلافات، فإن الصحيفة الفلبينية أشارت إلى أن إحدى نقاط الخلاف هي فكرة تقسيم مينداناو التي طرحتها الحكومة الفلبينية، مع عدم التزام مشروع القانون الذي يطرح فكرة التقسيم باعتبارات العرق والدين في المناطق التي سوف تتوزع بين المنطقتين اللتين سوف تنشآن بعد تقسيم الإقليم. وتأتي هذه المحادثات بعد 17 شهرا من إلغاء مانيلا لاتفاق مبدئي للسلام مع جبهة مورو، بسبب احتجاجات من جانب بعض الأحزاب والمنظمات المسيحية الكاثوليكية في البلاد. كما انهارت مفاوضات السلام بين الحكومة ومورو في أغسطس 2008 بعد فشل الجانبين في توقيع اتفاق حول ما يعرف ب"أرض الأجداد"، والتي طلب مقاتلو جبهة مورو الاعتراف بها كوطن للمسلمين في الفلبين، حيث دفع الفشل في التوصل إلى هذه الاتفاقية مقاتلي الجبهة إلى شن هجمات على بعض الأهداف المسيحية في مينداناو. إلا أن الأشهر الأخيرة شهدت خطوات على طريق تحقيق تقدم في محادثات السلام بين الجانبين، ومن بينها توقيع الطرفين اتفاقا في أكتوبر الماضي لحماية السكان المدنيين والممتلكات المدنية خلال أي نزاع مسلح بين الحكومة الفلبينية وجبهة مورو.