نفى سفير السودان بالأممالمتحدة المزاعم الأمريكية بأن أسلحة من شمال البلاد تذهب إلى الجماعات المسلحة بالجنوب, وذلك قبل الانتخابات العامة المرتقبة المقرر إجراؤها في أبريل المقبل. ووصف عبد المحمود عبد الحليم المزاعم الأمريكية بأنها "لا تتسم بالمسئولية".
وقال إن تصريح سوزان رايس المندوبة الأمريكية لدى الأممالمتحدة، الذي ينسب إلى الشمال تدفق السلاح للجنوب، يظهر أنها "مازالت تحبس نفسها في الماضي وأخفقت في التحول من موقفها كنشطة إلى موقف شخص جدير بتمثيل قوة عظمى".
ورأى السفير السوداني أن مبيعات السلاح الأمريكية هي التي تجعل العالم أقل أمنا، وليس الأسلحة الواردة من بلاده.
وكانت رايس قد عبرت عن القلق الأمريكي الأسبوع الماضي, لما قالت إنه تدفق للأسلحة ومن بينها أسلحة ثقيلة إلى جنوب السودان. كما قالت إنها تعتقد أن الأسلحة قادمة من شمال السودان ودول مجاورة, لم تسمها.
وذكرت نقلا عن مسئولين أمميين لم تسمهم, أنهم يشكون في أحاديث خاصة من أن الشمال يزود المقاتلين الجنوبيين بالأسلحة.
من جهة ثانية, رد عبد الحليم بغضب أيضا على تصريحات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بلاهاي لويس مورينو أوكامبو, الذي قال الأسبوع الماضي إنه يتوقع توجيه اتهام بالإبادة الجماعية للرئيس عمر حسن البشير قريبا.
ورأى السفير أن من سماهم "أعداء السودان" يحاولون استغلال أوكامبو لتدمير عملية إحلال السلام بإقليم دارفور غرب السودان، وأصر على أن الخرطوم لن تتعاون أبدا مع المحكمة الدولية.
كما وصف أوكامبو بأنه "مجرد مفك في ورشة الكيل بمكيالين وعدم العدالة" ووصف الجنائية الدولية بأنها "جونتانامو الأوروبية".
وكانت المحكمة قد أصدرت أمرا باعتقال البشير في مارس 2009، بزعم ارتكابه جرائم حرب بدارفور, فيما يتعلق بعمليات قتل جماعية وترحيل. ولكنها قالت إنه لا توجد أرضية كافية لتوجيه اتهام بالإبادة الجماعية.
وقد استأنف أوكامبو القرار للمضي قدما بتوجيه اتهام بارتكاب إبادة جماعية, بينما قالت الجنائية الدولية إنها ستصدر قرارا بشأن هذا الاستئناف في الثالث من فبراير المقبل.
تهديدات جنوبية من ناحية أخرى، حذر وزير خارجية السودان من أن الخلاف على مسألة التعداد في البلاد, قد يهدد الانتخابات العامة المقبلة المقررة في أبريل المقبل.
وألمح دينق ألور إلى احتمال مقاطعة الجنوب للانتخابات "إذا لم يحل خلاف حول بيانات التعداد الذي أجري العام الماضي".
وقال أيضا بهذا الصدد على هامش اجتماع للاتحاد الأفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا "يجب أن يحل هذا الخلاف وإلا فإن الجنوب لن يشارك بانتخابات البرلمان القومي".
ورأى ألور، وهو جنوبي، أن هناك اعتبارات سياسية وراء ذلك الخلاف, قائلا "هناك احتمال لأن يغير البرلمان الوطني اتفاقية 2005، بل ويغير حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان إذا لم تكن هناك أقلية كبيرة داخل البرلمان تحول دون ذلك".
وأشار الوزير إلى مخاوف الجنوبيين من أن "البرلمان الذي يسيطر عليه مشرعون من الشمال سيطيح ببنود اتفاق السلام الذي وقعه الشمال والجنوب عام 2005".
توقعات بحل الخلاف وفي الوقت نفسه توقع ألور حل هذا الخلاف, معتبرا أنه ليس من مصلحة حزب المؤتمر الوطني ألا يشارك الجنوب بالانتخابات البرلمانية على المستوى القومي.
يُذكر أن الجنوب يتهم الشمال بالتلاعب في نتائج التعداد لحرمانه من تمثيل كاف بالبرلمان يتناسب مع حجمه من أجل إصدار تشريعات في صالح الشمال.
وتقدر أرقام التعداد عدد السودانيين الذين يعيشون بالجنوب بحوالي 20% من إجمالي السكان، مما أثار غضب زعماء الجنوب الذين يزعمون وجود إحصاءات سابقة قدرت العدد بحوالي ثلث السكان.
وقد جرى تأجيل المحادثات بين الجانبين للتوصل إلى توافق، ومن المتوقع أن تستأنف الشهر المقبل.
يُذكر بهذا الصدد أن الخلاف بين الشمال والجنوب يسلط الضوء على أهمية الموارد النفطية بالمنطقة التي تعد مصدرا حيويا للدخل بالنسبة للحكومة.
دارفور والسلام قال إبراهيم جامبري الرئيس الجديد لقوة حفظ السلام المشتركة بين الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد) إنه يريد التوصل إلى اتفاق سلام في دارفور خلال عام.
وأضاف أنه سيعزز مشاركة قوته في جهود الوساطة من أجل بلوغ هذه الغاية، ولكنه عبر عن مخاوفه من أن يتحول الصراع في دارفور إلى مسلسل لا نهاية له كالصراع في الشرق الأوسط.
وقال جامبري للصحفيين بعد رحلته الأولى إلى دارفور بمناسبة تسلمه منصبه الجديد، إن أي تأخير جديد في تسوية الصراع المحتدم منذ سبعة أعوام في المنطقة النائية بغرب السودان قد يفضي به إلى النسيان بسبب انشغال العالم بأحداث خطيرة أخرى في السودان، وخاصة استفتاء عام 2011، بشأن استقلال الجنوب.
وعندما سئل جامبري ما الذي يريد تحقيقه في عامه الأول في مهمته الجديدة، رد بقوله "رؤية اتفاق سلام شامل يتم توقيعه فعلا حتى يمكننا تنفيذه".
وأكد جامبري الذي تولى رئاسة يوناميد في يناير الحالى ، أن مهمة بعثته هي الدعم فقط، ولكنه أضاف "نريد أن نفعل أكثر من ذلك، ولكننا لسنا من يقود المسلسل، فنحن متوارون خلف المسرح".
وقال إن قوة حفظ السلام في دارفور لديها الآن نحو 75% من قوتها من الجنود والشرطة البالغ عددها 26 ألفا، وإنها مستعدة لأداء دور أنشط، لاسيما في الوساطة بين الخرطوم والمتمردين.
مساندة الجهود واستدرك جامبري بالقول إنه لا يعرف هل تحقيق هذه النتيجة محتمل أم لا، لكنه رأى من المهم بلوغ ذلك الهدف، وأوضح أنه "من مصلحة الجميع المحاولة وفعل كل ما في وسعنا قبل نهاية هذا العام، أشعر أنه في عام 2011، سيتركز الاهتمام على شيء آخر وهو الاستفتاء".
وقال جامبري، وهو وزير نيجيري سابق ومبعوث خاص للأمم المتحدة إلى بورما، إنه يساند جهود حل الصراع التي يقوم بها وسيط الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور جبريل باسولي وخاصة الطريقة التي أشركوا بها جماعات مدنية في المحادثات، وأضاف أنه يمكن عمل المزيد للتنسيق مع جهود السلام الجارية الأخرى.
استطلاع رأى السكان وكانت جولة جديدة من مفاوضات دارفور قد انطلقت يوم الأحد الماضي في العاصمة القطرية الدوحة بحضور مندوبين عن الحكومة وبعض حركات التمرد.
وقبيل الجولة الجديدة اختلف قادة المجتمع المدني وبعض سياسيي دارفور حول الدعوة إلى تضمين حق تقرير المصير للإقليم في مفاوضات الدوحة.
وطالب مسئولون من حركة تحرير السودان جناح نور بتضمين حق تقرير المصير، مشيرين إلى ضرورة استطلاع رأي شعب دارفور في ظل حكومة قالوا إنها تسعى لتقسيم الإقليم إلى مجموعات قبلية متصارعة.
غير أن حركات أخرى بما فيها حركة العدل والمساواة، الفصيل الأكبر في الإقليم، إلى جانب قادة مستقلين وسياسيين، استبعدوا مناقشة الأمر في أي مفاوضات بين الحكومة والحركات المتمردة.