افتخر قائد الانقلاب العسكري في مصر في آخر خطاب "شهري" له أنه سيحضر مؤتمر القمة الإفريقية في جنوب إفريقيا الشهر القادم. اعتبر السيسي ذلك أحد أبرز إنجازاته، بعد أن كان الاتحاد الإفريقي يرى ما حدث في مصر انقلاب، وكانت جنوب إفريقيا تحديدا ترفض الاعتراف بما جرى في 3 يوليو. الاتحاد الأفريقي (اختصاراً AU في اللغة الإنجليزية) هو منظمة دولية تتألف من 52 دولة أفريقية. تأسس الاتحاد في 9 يوليو 2002، متشكلاً خلفاً لمنظمة الوحدة الأفريقية. تُتّخذ أهم قرارات الاتحاد في اجتماع نصف سنوي لرؤساء الدول وممثلي حكومات الدول الأعضاء من خلال ما يسمى بالجمعية العامة للاتحاد الأفريقي. ونظرا للانقلابات العسكرية العديدة التي شهدتها القارة السمراء، فقد كان الاتحاد الإفريقي حساسا للغاية تجاه الدول التي يتم فيها القفز على السلطة عن طريق الانقلابات العسكرية، فعلق عضوية بعض الدول الأعضاء التي شهدت انقلابات عسكرية ومنها: 1- غينيا: وقد علقت عضويتها بعد انقلاب عام 2008 2- مدغشقر: علقت بعد الأزمة السياسة في مدغشقر عام 2009 بين الرئيس مارك رافالومانانا ضد اندري راجولينا، الرئيس السابق لبلدية العاصمة انتاناناريفو. 3- إريتريا: انسحبت بعد أن دعا الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة مجلس الأمن لفرض عقوبات عليها بعد اتهامها بدعم الإسلاميين الصوماليين. 4- جمهورية أفريقيا الوسطى: علقت بعد اندلاع حرب أفريقيا الوسطى بين حكومة جمهورية أفريقيا الوسطى وجماعة السيليكا، هي جماعة مقاتلة في جمهورية أفريقيا الوسطى معظم مقاتليها من المسلمين ، تأسست سنة 2012 من مجموعة من المتمردين المعارضين لحكم فرانسوا بوزيزي، واستولت على السلطة مارس 2013 بعد دحرها للقوات الحكومية وتولى زعيمها ميشال دجوكوديا الرئاسة كأول رئيس مسلم لهذا البلد الأفريقي ،غير أنه استقال بعد دخول البلاد في حرب عرقية بين المسلمين والمسيحيين ما أدى لمقتل الآلاف خصوصا من المسلمين ما تسبب في تدخل القوات الفرنسية والأفريقية. 5- مصر (يوليو 2013- يونيو 2014): عُلّقت في 5 يوليو 2013 نتيجة انقلاب 2013 في مصر الذي أدى للإطاحة بالرئيس محمد مرسي. وبعد الانتخابات التي أقامها السيسي في 2014 تمت إعادة العضوية لمصر. *** لا يجب أن نظلم الاتحاد الإفريقي كثيرا، فموقفه عقب الانقلاب العسكري في مصر كان ربما مفاجئا للكثيرين، وكان أقوى بمراحل من موقف الاتحاد الأوربي الذي اعتبرت الممثلة العليا للسياسة والأمن فيه كاترين أشتون شريكة بشكل أو بآخر في الانقلاب؛ بدفاعها عن موقف الانقلابيين في الجيش، وإملائها الشروط على الرئيس المنتخب والحكومة. كما أن موقف الاتحاد الإفريقي تجاه ما حدث في مصر من انقلاب عسكري - وهو لم ينكر أنه انقلاب عكس الإدارة الأميركية التي تهربت طويلا من الإجالة على هذا السؤال - هو نفس موقف الاتحاد من الانقلابات السابقة في القارة، ومن الانقلاب الذي يحدث الآن في بوروندي. وإذا أخذنا في الاعتبار علاقات الاتحاد الإفريقي بأوربا، فإن موقف الاتحاد كان محاولة للعب دور الوسيط بين الطرفين في مصر، ولما انتهت المباحثات بالفشل انتهى دوره! وإذا أخذنا في الاعتبار حرص الانقلاب في مصر على إجراء انتخابات صورية محاولا ترميم شرعيته المفقودة، فإنهم اضطروا للاعتراف بنتائجها رغم أنها تحصيل حاصل، لأنه ببساطة لا يوجد بديل. *** الانقلابات العسكرية تظل انقلابات عسكرية. قائد عسكري يركب دبابته ويذهب للقصر الجمهور لقتل الرئيس أو اعتقاله، ويذهب أحد رجاله للتلفزيون الرسمي لإعلان بيان الانقلاب! الانقلابات لا تحتاج إلى شروح من القاموس لنعرف معناها، فإذا كانت تمشي كالبطة وتتحرك كالبطة فهي بطة، كما قال جون ماكين في حواره الشهير في مصر. لكن من قال أن أصحاب الحق ينتصرون فقط لأنهم أصحاب حق! لقد كان مصدق رئيس شرعيا في إيران، وكان شافيز رئيسا منتخبا في فنزويلا، وكان أربكان رئيسا جاء بالصناديق في تركيا، وكذلك كان مرسي في مصر. ما يحكم مسار الأحداث في هذه الانقلابات ليس من معه الحق، وإنما من فقط يستطيع الدفاع عن ما يملك! لذلك فإن قضية إسقاط الانقلاب ليست متعلقة بالسيسي الخائن فحسب، ولا حتى في كل من عاونه وأيده ودافع عن جرائمه، وإنما في أن تكون هذه الدولة مهابة وشرعيتها مصونة، بحيث يفكر كل متربص ألف مرة إذا حاول الاقتراب من هذه الدولة أو من شرعيتها! وعليه فقد كان أيسر جزء عند الانقلابيين في مصر وقت الانقلاب هو اختطاف الرئيس، وكان كل تفكيرهم ماذا سيفعلون بعدها، بينما انقلاب بوروندي انتهى باعتقال الميجر جنرال جوديفرويد نيومبارى الذى قاد محاولة انقلاب على الرئيس هناك. بوروندي بالطبع ليست كمصر لكنها للأسف تعلمت ما لم نتعلمه ولديها جيش أكثر وطنية في هذا الشأن!