وصلت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلى إسلام أباد في الموعد المناسب تماما، لتقوم بزيارة طويلة، وحاولت خلالها إنقاذ العلاقات بين البلدين، التي كانت بالفعل على وشك الانهيار، بعد أن فقدت باكستان "جاذبيتها" بالنسبة للولايات المتحدة، في الوقت الذي قررت فيه الأخيرة أن تتخلى عن "حليفتها الضعيفة"، وتتجه إلى حلفاء آخرين، تجمعها معهم علاقات "متكافئة"، وليس مجرد "الاحتياج" الذي يربطها بباكستان. ولم يكن قد مر على وصول كلينتون إلى إسلام أباد سوى ساعات قليلة يوم الأربعاء الماضي، حتى هز انفجار قوي لسيارة ملغومة، سوق مزدحمة في مدينة بيشاور الواقعة شمال غرب البلاد، وهو ما تسبب في مقتل 105 أشخاص على الأقل، لكن الرسالة التي بعث بها الانفجار كانت أكبر بكثير في الأهمية، من عدد القتلى، الذين اعتادت عليهم المدن الباكستانية خلال السنوات الأخيرة، فقد كانت الرسالة موجهة إلى الولاياتالمتحدة رأسا، لتؤكد لها أن الوجود الأمريكي في المنطقة، لن يكون سهلا، لأنها تتحالف مع الطرف الأضعف، الذي فقد الكثير من قوته السياسية خلال السنوات الأخيرة، كما فقد الكثير من جاذبيتها، بعد أن وصل إلى الحكم في البلاد، الرئيس آصف على زرداري، الذي يبدو أضعف بكثير من سلفه "العسكري" برويز مشرف، الذي كانت فترة تحالفه مع واشنطن هى الأكثر ازدهارا وتوافقا ما بين الجانبين، وفي نفس الوقت، كانت هذه الفترة هى الأقل في عدد الهجمات التي تقوم بها حركة طالبان. لقد تزامن وصول كلينتون للعاصمة الباكستانية، مع إقرار الكونجرس لتقديم مساعدات ضخمة لباكستان، التي طالبت مرات عديدة، بالحصول على دعم اقتصادي وعسكري، يمكنها من التصدي للتمرد الحدودي لطالبان، حيث عطل إقرار هذا الدعم، تنفيذ الحملة العسكرية للجيش الباكستاني على إقليم وزيرستان الحدودي، وهى الحملة التي تعتبر الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة، في حملتها الساعية لهزيمة تنظيم القاعدة، وإرساء الاستقرار في أفغانستان. طوال سنوات العدوان الأمريكي في أفغانستان، لعبت باكستان دور البطولة بجدارة، في دعم الحليف الأمريكي، فكان لها الدور الأبرز في القبض على العديد من أعضاء تنظيم القاعدة، الذين سلمتهم للولايات المتحدة، وكان على رأسهم خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، وتأمل واشنطن أن يتمكن الحليف الباكستاني من اعتقال أسامة بن لادن زعيم التنظيم، الذي تؤكد الاستخبارات الغربية، أنه يختبئ في أحد الأماكن على الحدود الباكستانية الأفغانية المضطربة، وهو ما يجعل الولاياتالمتحدة أكثر صبرا على الحليف الضعيف.