مع استمرار تسرب بعض المدن السورية من قبضة بشار الأسد، ومع زحف المعارضة تجاه العاصمة دمشق، تزامناً مع ما تردد عن قرب سقوط بشار، ازدادت التكهنات عن قرب تخلي طهران عنه، الداعم الأول لنظامه طيلة قمعه لثورة الشعب السوري منذ 4 سنوات. فالفترة الأخيرة شهدت تراجعاً كبيراً لنظام بشار الأسد، حيث فقدت قواته عاصمة محافظة، هي إدلب، ورغم الجهود المتكررة، لم تستطع الاستيلاء على الضواحي الشمالية والشرقية المتاخمة لدمشق، وكان هناك فشل في حلب ودرعا أيضًا، واضطر الأسد إلى إقالة اثنين من رؤساء أجهزة الشرطة السرية للنظامه "رفيق شحادة ورستم غزالة"، حتى أصبح الأسد مُحاصر داخل دمشق. المراقبون أوضحوا أن اهتمام طهران بالأزمة اليمنية جعلتها تعطي ظهرها للنظام السوري من غير قصد، مضيفين أن تساقط المدن السورية من يد بشار الأسد لا يعني قرب سقوطه أو تخلي إيران عنه. جسر الشغور وتراجعت قوات الأسد، أمام مقاتلي الجيش السوري الحر، وجبهة النصرة، في منطقة جسر الشغور آخر مدينة تسيطر عليها الحكومة السورية في محافظة إدلب، وكذلك غالبية القواعد العسكرية، وأعلنت الأخيرة إحكام قبضتها على المدينة كلها وانتزاعها من قبضة النظام السوري، الذي يسيطر عليها منذ بداية الصراع المسلح. وفي حلب أعلنت عدة فصائل عسكرية معارضة عن تشكيل "غرفة عمليات فتح حلب"، "بهدف توحيد الجهود لتحرير مدينة حلب" في الأيام المقبلة. عناصر للمعارضة السورية الدكتور مدحت حماد الخبير في الشأن الإيراني قال إنه حتى الآن لا توجد أية مؤشرات تفيد بأن طهران تخلت عن الأسد، مضيفاً أنه ليس هناك بديل لطهران عن النظام السوري الحالي. وأوضح الباحث في الشأن الإيراني ل"مصر العربية" أن إيران قد تتخلى عن الأسد إن وجدت بديلاً له يأمن وجودها في شرق البحر المتوسط، مشيراً إلى أن دعم إيران للحوثيين بالسلاح قد يضعف تمويل ودعم الأسد، لكنه لا يعني قطع المساعدات العسكرية كما يعتقد البعض. بدوره، قال الدكتور عادل عبد الله المحلل السياسي والناشط الحقوقي، إن الدعم الإيراني لم يتوقف تجاه بشار الأسد، لكنه قد يكون قُلل، وبالتالي أضعف صمود بشار ضد المعارضة وهزيمته في عدة مناطق. وأوضح الناشط الحقوقي أن نظام الأسد أُنهك خلال السنوات الأخيرة، وكذلك الدول التي تدعمه مثل إيرانوروسيا أنهكت أيضاً، بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليهما، وبالتالي قللت تلك الدول دعمها له، وهو ما كشفته عدم قدرة مقاتليه على الدفاع والهجوم المضاد في المناطق التي سقطت من قبضته رغم إعلان المعارضة عن خطتها لمهاجمة تلك المناطق قبل أيام من تنفيذها. وتابع: الانشقاقات التي ضربت صفوف الأسد مؤخراً بين أعضاء شرطته السرية، رفيق شحادة رئيس مخابراته العسكرية، وموت رستم غزاله صندوقه الأسود، ساعدت على انشقاق آخرين عنه، مضيفاً أن النظام الإيراني لن يترك حليفه الأول بعد حزب الله يسقط. وأشار إلى أن زيارة وزير دفاع بشار الأسد فهد الفريج لإيران، تؤكد استشعار الأول بُعد طهران عنه عسكرياً، لذلك ستكون الزيارة لطلب العون والمساعدة العسكرية للاستمرار في مواجهة الجيش السوري الحُر. قصف بشار لمناطق بإدلب الخبير العسكري اللواء نبيل فؤاد مساعد وزير الدفاع الأسبق، قال إن نظام بشار الأسد رغم ما يبدو أنه يتراجع إلا أن الواقع يؤكد أنه مازال متماسك، مضيفاً أن تقدم المعارضة وتراجع الأسد أمر طبيعي للعمليات العسكرية بين طرفي النزاع. وأوضح الخبير العسكري أن المعارضة في سوريا لا تريد وجود بشار الأسد في أي تفاوض، وبالتالي سيظل القتال مستمر حتى يسقط أحد الطرفين، مشيراً إلى أن هناك قوى تقف إلى جانب قوات بشار الأسد "روسياوإيران وحزب الله، في المقابل تدعم"تركيا والسعودية" يدعمان المعارضة وتابع: ما يحدث في سوريا هو كر وفر بين الجانبين، قائلاً إن توحد المعارضة ضد بشار قد تضعفه، لكنها لن تقضي عليه. ولفت: كل يوم يهاجر مقاتلين أوربيين وعرب للقتال ضد بشار الأسد، ومن ثم فهذا القتال يصب في صالح المعارضة. وزير دفاع الأسد في المقابل بدأ وفد عسكري سوري برئاسة وزير الدفاع العماد فهد جاسم الفريج زيارة رسمية تستغرق يومين إلى إيران لبحث تعزيز التعاون الأمني بين البلدين والأوضاع في المنطقة. وقالت وكالة "تسنيم" الإيرانية إن وزير الدفاع السوري وصل إلى طهران تلبية لدعوة رسمية من نظيره الإيراني وسيبحث خلال زيارته "العلاقات بين طهرانودمشق بالإضافة إلى الأوضاع الإقليمية والدولية". ومنذ سبتمبر الماضي وهناك تراجع ملحوظ لمقاتلي بشار الأسد أمام الجيش السوري الحر وجبهة النصرة، تسبب في إسقاط محافظة إدلب، ومنطقة درعا، وكذلك السيطرة على تل حمد الإستراتيجي، وغالبية المناطق المجاورة لها، إلى جانب سيطرة المعارضة على الرقة.