واصلت كتائب المعارضة السورية، تحقيق الانتصارات على حساب قوات نظام بشار الأسد، حيث أعلن تحالف عسكري مكون من جبهة النصرة وحركة أحرار الشام، وجند الأقصى، سيطرتهم بشكل كامل على بلدة جسر الشغور الإستراتيجية، في شمال غرب سوريا. ويعتبر تحرير جسر الشغور من سلطة النظام السوري، هو رابع انتصار كبير تحرزه المعارضة السورية المسلحة، خلال الأسابيع الماضية، حيث تقع جسر الشغور على الطريق بين حلب واللاذقية على الساحل السوري على البحر الأبيض المتوسط. وكانت المعارضة السورية قد حررت خلال الأسابيع الماضية، مدينة إدلب عاصمة محافظة إدلب، في شمال سوريا، وجنوبا، قامت بتحرير مدينة بصرى الشام، وحققت تقدمًا كبيرًا في درعا والغوطة وريف دمشق. وأشار المراقبون إلى أن هذه الانتصارات، جاءت نتيجة تحرك سعودي تركي قطري، يسعى لزيادة الدعم العسكري المقدم إلى المعارضة السورية، لتحقيق انتصارات نوعية في الوضع الميداني، تضغط على الرئيس السوري للتنازل عن السلطة والقبول بالحلول السياسية للأزمة السورية. التحالف السعودي القطري التركي وأوضح محللون سياسيون أن التحالف السعودي القطري التركي، زادت متانته خلال الشهور الماضية، وذلك بعد وصول الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، إلى سدة الحكم في المملكة، وذلك في إطار التغييرات الحاصلة في السياسة الخارجية السعودية. وأضافوا أن المملكة في عهدها الجديد غيرت من أولوياتها السياسية الخارجية في المنطقة، حيث وجهت أنظارها نحو تشكيل تحالف سني في المنطقة ليواجه التمدد الإيراني الشيعي، حيث وثقت علاقاتها خلال الشهور الماضية مع تركيا وقطر في إطار سعيها لتشكيل هذا التحالف. التحالف الدولي والتحالف السني واعتبر المراقبون أن التحالف الذي تسعى إليه المملكة في المنطقة، جاء بعد تباينات في وجهات النظر بين الدول الثلاث- تركيا والسعودية وقطر – على وجه التحديد، وبين دول التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية في المنطقة لاستهداف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف باسم "داعش"، حيث إن تركيا والسعودية وقطر ترى أن إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد هو الأولوية الأهم في المنطقة وأن سقوطه سيؤدي إلى تقويض تنظيم "داعش". على الجهة الأخرى، ترى الولاياتالمتحدة ودول العالم الغربي أن مواجهة تنظيم "داعش" هو الأولوية لها، في ظل ما يطلق عليه الحرب الدولية على الإرهاب، ثم يتم النظر في أزمة سوريا وإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. كما يختلف الطرفان، حول آلية إسقاط بشار الأسد ونظامه، ففي حين ترى كل من تركيا والسعودية وقطر أهمية التدخل العسكري المباشر في سوريا، فإن الولايات الدولية تضع في حساباتها ردود الأفعال الدولية الرافضة لهذا التدخل خاصة من روسياوإيران ولم تبد حماسة كبيرة لهذا التدخل. التدخل المباشر أم الدعم المباشر؟ ولفت العديد من المراقبين إلى أن التحالف التركي السعودي القطري، يقع بين خيارين لكل منهما مميزاته وعيوبه فيما يخص إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، أحدهما التدخل العسكري المباشر بقوات دولية أو من الدول الثلاث في سوريا، والآخر دعم قوات المعارضة السورية بالسلاح الإستراتيجي الذي يغير موازين القوة في سوريا. وبينوا أن التدخل العسكري المباشر، يحمل صعوبات عدة أهمها البعد الجغرافي النسبي للسعودية وقطر عن سوريا مما قد يصعب عملية التدخل العسكري، بالإضافة إلى أن هذه الخطة تقتضي توافقا دوليا حولها، وهو ما يبدو أنه غير متحقق حتى هذه اللحظة. بينما قد يحمل الحل الثاني، أملا للتحالف الثلاثي في إسقاط نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، وهو ما يظهر في النجاحات التي تحققها المعارضة في سوريا، غير أن هذه الخطة تحمل مخاطر عدة، أبرزها أن المعارضة السورية غير موحدة، وأن السلاح المقدم لها لابد وأن يخضع لرقابة شديدة لكي لا يقع في يد التنظيمات المعارضة لهذه الدول كتنظيم "داعش". موقف إيران وحزب الله وأعتبر المراقبون أن إيران وحزب الله سيعملون على مواجهة هذا التحالف ووقف أي خطط مستقبلية له في دعم المعارضة السورية في إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد حليفهم، مبينين أن الإيرانيين وحزب الله لديهم العديد من الاختيارات في تلك المواجهة. وأشاروا إلى أن أحد هذه الاختيارات هو العمل على تثوير وتسليح الأقليات الشيعية في الخليج بغرض إشغال تلك الدول بمشاكلها الداخلية عن الالتفات إلى الأزمة السورية، مؤكدين أن أحد الحلول الأخرى هو العمل على إيجاد ضغط دولي يمنع ذلك التدخل أو الدعم أو يحد منه، كما فعلت خلال السنوات الأربع الماضية من الثورة السورية، بغرض إبقاء ميزان القوة في سوريا متوازنا بين بشار الأسد ومعارضته وهو ما يعني استمرار بشار في قتل المزيد من السوريين وتشريدهم دون إيجاد حل نهائي للأزمة .