صور لنا الانقلابيون أن قضية السد بسيطة للغاية، وأنه لا خوف مطلقا من السد الإثيوبي في ظل توقيع اتفاقية تفاهم بين الانقلابيين وإثيوبيا، لكن دراسة دولية حذرت من مخاطر بناء سد النهضة «الإثيوبى» بشأن تصميم السد وعمليات ملء الخزان وتراكم الأملاح وتأثيرها على الأراضي الزراعية في مصر، ونصحت الدراسة، التي أعدتها مجموعة عمل النيل الشرقي الدولية، ومعهد «ماساتشوستس» الأمريكي للتكنولوجيا، عقب مؤتمر ضم مجموعة من الخبراء الدوليين من إثيوبيا ومصر والسودان، في نوفمبر الماضي، وتم إصدارها أمس، بضرورة الاتفاق بين مصر وإثيوبيا «على وجه السرعة» بشأن تنسيق العمليات بين السد العالي وسد النهضة، في حوض نهر النيل، لضمان شراكة المياه خلال فترات انخفاض التدفقات. وتخطط إثيوبيا لاستكمال سد النهضة الإثيوبي في منتصف 2017 على النيل الأزرق، بينما انتهت مصر من بناء السد العالي في أسوان في عام 1968. وأشارت الدراسة إلى وثيقة إعلان المبادئ، التي وقع عليها كل من إثيوبيا ومصر والسودان، الشهر الماضي، في الخرطوم، بشأن سد النهضة الإثيوبي، وقالت إنه يجب ألا يسبب هذا السد «ضررا كبيرا» لأي من البلدين الآخرين. ومن المتوقع أن يناقش الأطراف الثلاثة كيفية إدارة السد، الذي سيكون أكبر محطة للطاقة في أفريقيا بعد انتهائه خلال عام، وبعد استشارة عدد من الخبراء الدوليين لتقييم تأثيره الإقليمي. وقالت إثيوبيا إنها قد تستغرق نحو 6 سنوات لملء 74 مليار متر مكعب من المياه في خزان سد النهضة، وتزيد تلك الكمية ب1.5 مرة عن معدل التدفق السنوي للنيل الأزرق في موقع السد، وطالب التقرير بأن تكون الخطة «مرنة» بما فيه الكفاية للاستجابة لتفاوت هطول الأمطار من حين لآخر. وقال الخبراء في ملخص دراستهم: «إذا كانت مستويات المياه منخفضة في مصر والسودان خلال عملية الملء سيكون على إثيوبيا أن تفرج المزيد من مياه المصب». وأعرب الخبراء المشتركون في إعداد التقرير، ويبلغ عددهم 17 عالما من عدة دول يعملون في الولاياتالمتحدة، عن قلقهم إزاء جوانب تصميم السد، بما في ذلك احتمال وجود «مناطق ضعيفة» في 5 كيلومترات (نحو 3 أميال)، في بعض أجزاء من السد الممتلئة بالصخور. وتابع التقرير: «نحن قلقون من أن المخاطر التي يشكلها السد بشكل واسع لا يتم تقديرها أو تحليلها بشكل كامل، مما يعني تكاليف إضافية كبيرة لإثيوبيا.. في حين أن أي تمزق قد يتسبب في كارثة اقتصادية وإنسانية للسودان». وأوضحت الدراسة أن الجانب المصري اعترض على الدراسة التي تمت برعاية معهد «ماساتشوستس» للتكنولوجيا؛ حيث رأت لجنة استشارية من وزارة الري المصرية أن التقرير قد تجاهل الحقائق المثبتة في تقرير دولي سابق بشأن السد، في المقابل، أكدت الدراسة أن الجانب السوداني يوافق على توصيات الدراسة التي أعدها الخبراء، عكس الجانب المصري حتى الآن. وبدورها، ردت اللجنة الإثيوبية المكونة من الخبراء الحكوميين وغير الحكوميين، في استجابتها للتقرير ونشرت على موقع معهد «ماساتشوستس» للتكنولوجيا: «لقد جاء تصميم وبناء السد وفقا للمعايير الدولية وتم تطبيقه على أرض الواقع بشهادة جميع أنحاء العالم». وشددت الدراسة على أن بناء خطوط النقل والاتفاق على صفقات الطاقة والكهرباء في أقرب وقت ممكن للحصول على الكهرباء التي سينتجها سد النهضة هو أمر مهم وضروري، مشيرة إلى أن السد سيعمل على توليد كمية من الطاقة متساوية تقريبا مع الاستهلاك المحلي في إثيوبيا، وتتضمن خطط تصدير إثيوبيا بيع 1.200 ميجاوات من الكهرباء إلى السودان و2000 ميجاوات إلى مصر، وأوضحت الدراسة أن عائدات أديس أبابا من تصدير الكهرباء من سد النهضة لن تقل عن 1 مليار دولار سنويا، على الرغم من أن أي تأخير في بيع الكهرباء ستكون له تكلفة كبرى على إثيوبيا، وأضافت: «إذا لم يكن هناك اتفاق بشأن تجارة الكهرباء على أرض الواقع، وإذا لم تكن خطوط النقل على وضع الاستعداد عندما يصبح توليد الطاقة الكهرومائية ممكنا بالنسبة لسد النهضة، فإن الماء لن يتم الإفراج عنه عن طريق توربينات السد، مما سيكون له انعكاسات كبيرة على اتفاق التشغيل المشترك». وذكرت أن انخفاض التدفقات المائية إلى مصر خلال مرحلة ملء خزان السد، وربما بعض تطورات المنبع الأخرى، قد يؤدي إلى زيادة ملوحة الأراضي الزراعية ويحتاج إلى عناية على وجه الفور، وأضافت أن التراكم السريع للأملاح في الأراضي الزراعية المصرية في دلتا النيل يمكن أن يخلق أزمة سياسية في حوض النيل، خصوصا إذا ألقى المزارعون وصناع القرار المصري اللوم على إثيوبيا لحل مشاكلهم، وأكدت الدراسة أن المشاريع المائية على طول النيل الأزرق تعتبر استثمارات جذابة اقتصاديا وماليا، ولكن بعض مخاوف الخبراء بشأن السد قد تزول إذا جعلت إثيوبيا بعض المعلومات متاحة عن سد النهضة- وفقا للدراسة.