حين سئل وزير النقل المصري المهندس محمد منصور، في البرلمان، عن السبب الذي منعه من تقديم استقالته بعد مقتل 18 شخصا في تصادم قطارين، رد وقال إن الحادث هو الأول منذ أن تولى الوزارة. من وجهة نظر الوزير فإن الحادث لا يمثل له تلك الأهمية التي يمكن أن تدفعه لتقديم الاستقالة، لكنه في الواقع لم يقدم لأعضاء مجلس الشعب المصري "البرلمان" العدد اللازم توافره من حوادث القطارات ليقدم وزير النقل والمواصلات استقالته، كما لم يحدد الحد الأدنى من ضحايا الحوادث الذي يمكن أن يحرك بداخله الرغبه في ترك المنصب. ثم ان دفاع الوزير، عن نفسه، بني على أساس مغلوط، فحادثة قطاري العياط لم تكن الأولى في عهده، ولعل أشهر هذه الحوادث، تلك التي وقعت العام الماضي في مرسى مطروح عندما اصطدم القطار بحافلة ركاب أوقعت نحو 44 قتيلا، ووزارة المواصلات مسؤولة تماما عن تقاطع طرق السيارات مع حرم القطارات. دافع الوزير بأن قال إن حوادث القطارات تحدث في كل دول العالم و من بينها الدول المتقدمة، وهذا صحيح، لكن لا يوجد مكان في العالم تحدث به مثل هذه النوعية من الحوادث الغرائبية، فمرة تسقط دورة المياه في القطار وبداخلها سيدة لتلقى ربها في الحال، ومرة يسير قطار مشتعلا لمئات المترات بينما يشوى الركاب داخله في كارثة لا تزال أصداء حزنها حية في معظم بيوت الصعيد، وتلقى التهمة على الركاب الذين صنعوا لأنفسهم "شاي"، كما انقلب قطار وقالوا ان أحد الأشخاص عبث ب"الجزرة" التي تربط ما بين عربات القطارات، ومات الناس ومرت الأعوام ولم تتمكن الشرطة من العثور على صاحب الجزرة. وأخيرا خرج المسؤولون بتهمة جديدة حين ألقوا اللوم على "جاموسة" واعتبروها السبب في موت 18 شخصا وإصابة العشرات في حادث العياط. لا يكتفي المسؤولون في مصر بمثل هذه التهم والتفسيرات العجائبية، لكنهم يخرجون للناس بتصريحات عن محاسبة المخطئين، وتشكيل لجان فنية، ولجان لتقصي الحقائق، ثم ينتهي كل شئ على "فشوش"، مثلما حدث مع حادث قطار الصعيد الذي أحرق أكثر من 360 شخصا، ولم تقتنع المحكمة بمسؤولية المتهمين عن هذا الحادث، وهم مجموعة من صغار الموظفين والفنيين، وطالبت المحكمة بتقديم المسؤولين الحقيقيين عن هذا الحادث، ومرت 4 سنوات ولم يظهر الجناة. وفي البرلمان المصري أخذ وزير النقل يتحدث عن الانجازات التي حققها في قطاع السكك الحديدية، وأوضح ان وزارته انفقت 8 مليارات جنيه على تطوير السكك الحديدية. كما أعلنت وزارة النقل أنه تم تجديد الجرارات والعربات، وأجهزة التحكم والاتصال، لكن يأتي حادث قطار العياط ليكشف أن كل هذه الأجهزة كانت معطلة، وان المليارات ذهبت هي الأخرى مع صاحب الجزرة و"الجاموسة". وتتحدث الصحف المحلية عن تقصير حكومي واضح كان السبب في الحادث حيث كان قطار درجة أولى مليء بالركاب اصطدم بقطار متوقف شبه خال من الركاب على القضبان نفسها بعد ارتطام القطار الأول بجاموسة. ووصف مصدر في الهيئة القومية لسكك حديد مصر القطار الذي توقف بعد ارتطامه بالدابة والذي يعمل بين محافظات الجيزة وبني سويف والفيوم جنوب وجنوب غرب القاهرة، بأنه متهالك وأن ارتطامه بالدابة تسبب في تشغيل مكابحه بينما كان القطار التالي قادما من بعيد. وألقت الشرطة القبض على سائقي القطارين. يشار إلى أن العام 2002 شهد أسوأ كارثة قطارات بمصر قرب مدينة العياط أيضا عندما شب حريق في سبع عربات من قطار مكتظ بالركاب مما أدى إلى مقتل 360 شخصا على الأقل. وبعد هذا الحادث استقال وزير النقل والمواصلات إبراهيم الدميري، كما أدى حادث قطار في شمال مصر إلى مقتل 44 شخصا في العام 2008 بعد عامين من حادث خلف 58 قتيلا.