شدد سياسيون وحقوقيون وإعلاميون على أن نظام الرئيس مبارك وأجهزته الإعلامية تعمَّدوا إثارة قضية النقاب بهدف شغل المجتمع عن قضاياه المهمة والمصيرية، مطالبين في ندوة "أزمة النقاب في مصر.. بين العام والخاص"، التي نظمتها مؤسسة "عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني" مساء أمس؛ بتفعيل الحوار بين مكوِّنات المجتمع المختلفة حتى لا تأخذ قضايا فرعية حيزًا كبيرًا من اهتماماتها. وقال د. يحيى الجمل الفقيه الدستوري إن تهميش الفكر الوسطي المعتدل هو الذي أوصلنا إلى هذه المرحلة، مطالبًا الشعوب العربية والإسلامية بالعمل على زيادة الإنتاج الفكري لها والتوقف عن استيراد المزيد من الأفكار والرؤى الغربية التي لا تتناسب مع عالمنا. وأوضح أن البيئات التي تنعدم فيها الديمقراطية ويسود فيها الاستبداد ينتشر فيها مثل هذا الجدل القائم، ودعا إلى تشجيع الاحتشام ومحاربة السفور؛ نظرًا لآثاره المدمرة على كافة فئات المجتمع، وخاصةً الشباب منهم، وهو ما نراه مترجمًا في زيادة عمليات الاغتصاب والتحرُّش. وقال حافظ أبو سعدة أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إن إثارة قضية النقاب الآن جاءت للتغطية على قضايا أكثر أهميةً، وهي قضايا الممارسة السياسية للمرأة والتمثيل النيابي في ظل نظام "الكوتة" الجديد، مضيفًا أن إصدار تشريع يحدِّد زيًّا عامًّا للمدارس أو الجامعات ليس بالأمر الجديد؛ حيث أصدر د. حسين كامل بهاء الدين وزير التربية والتعليم الأسبق قرارًا عام 95 يحدِّد فيه الزيَّ المدرسيَّ، وواجه القرار معارضةً قويةً، ورُفعت دعوى قضائية ضد القرار، وكان الحكم برفض الدعوى لولاية الوزير على المدارس. من جانبه أكد الإعلامي حافظ الميرازي أن من حق المرأة أن تجد الحماية من المجتمع قبل أن يطالبها بخلع النقاب، مشيرًا إلى أن النقاش والجدال حول القضايا الخلافية أمرٌ صحيٌّ، ولكن لا يجب أن يتحول إلى عراكٍ حادٍّ، وأوضح أن العالم يتجه الآن نحو العودة للقيم الدينية بعد أن تسبَّب الإلحاد والانحلال في كثير من الضرار والجرائم. وحول تجربته الإعلامية مع الحجاب قال إنه في مطلع التسعينيات عارض تعيين الزميلة خديجة بن قنة في قناة (الجزيرة) لأنها كانت محجبة، وبعد نقاش طويل معها اقتنع أن الإعلام هو تمثيل لصورة المجتمع، ولا بد أن يعبر عن كل الاتجاهات السائدة فيه. وأضاف: "واستحضرت هذا الحوار حينما أردنا تأسيس قناة (الحياة) فقلت إن مجتمعنا المصري يشكِّل المحجبات فيه أكثر من 70%؛ لذلك لا بد أن يمثَّل هؤلاء على الشاشة"، وأعرب الميرازي عن رفضه التام لما يقوم به التلفزيون المصري الرسمي من إبعاد المحجبات عن الشاشة.