لم يكن شريف الشوباشي أول من نادى بخلع الحجاب أو سخر منه، فقد سبقه في هذه الدعوة كل من فاروق حسني وزير الثقافة وحسين كامل بهاء الدين وزير التعليم في عهد المخلوع، وجميعهم على نفس الشاكلة والصفات. فالأول "فاروق حسني" عندما سخر من الحجاب تعرض لسخرية ليس من المجتمع فحسب، بل من كبار المسئولين بالدولة "آنذاك"، إذ يبدو أنه عندما تحدث ساخرا من الحجاب ظن أن هذا يرضي "الهانم" والتي كانت سندا له في أشد الكوارث، وكانت وراء الإبقاء عليه، إلا أن الموضوع أثير في مجلس الشعب، وارتبك كمال الشاذلي وغيره إذ أن زوجاتهم محجبات، كما أنهم كانوا أكثر حنكة سياسية مليون مرة مما يجري الآن، لأنهم ببساطة قرأوا المشهد جيدا، وأن رد الفعل العكسي سيصب لصالح أقوى خصومهم "الإخوان"، فالحجاب في الموروث الشعبي فضلا على أنه فرض ديني، فإنه رمزا لحياء الفتاة أو السيدة وعفتها، وفي هذه الحالة سيحتكر الإخوان الفضيلة والتدين. أما حسين كامل بهاء الدين وهو أيضا مما شهر عنه بحماية "الهانم" له، وأنه كان طبيبا لولديها – علاء وجمال – في صغرهما، فقد كان يكره الحجاب بشدة، حتى تحولت ساحة القضاء في عهده لدعاوى بينه وبين تلاميذ المدارس، وكان أشهرها الدعوى التى أقامها الشيخ حافظ سلامة وحكمت لصالحه بأحقية أولياء الأمور بارتداء بناتهم الحجاب دون اعتراض من الوزارة أو الوزير. وعندما قال الوزير تصريحه الشهير والمثير "إن الحجاب لا يحجب شعر رأس الفتاة بل يحجب الفكر والتفكير" تصادف إعلان نتيجة الثانوية العامة بعد أيام قليلة، وجاءت المفاجأة في أن من بين الأوائل على الجمهورية ثمانية طالبات محجبات. وأذكر فى ذلك الوقت أن جامعة القاهرة كانت تجهز لانتقاء أفضل الطالبات لاحتمال لقاء الرئيس، فإذا بالمشهد أن غالبة الطالبات والمتفوقات من المحجبات. ومؤخرا تنطط شريف الشوباشي داعيا لمليونية لخلع الحجاب، بل ذكر إحصائية عجيبة بأن 99 % من المحجبات عاهرات وهي جريمة سب وقذف، ولو كان في القانون المصري تجريم للكذب لنسبت إليه بامتياز وأثبتت أنه شخص كذوب، ولم يرد النظام أو يعلق على تصريحه ولو بعدم الاستجابة للمليونيات لأي سبب، فمصير المظاهرات لا ثالث له القتل أو السجن.. وصمت النظام يعني أن الدعوة لاقت هوى في النفس، دون التنبه إلى إحداث فتنة، أو إلى ما فطن له نظام مبارك من قبل في أن الدعوة ستصب لصالح عدو النظام اللدود "الإخوان" وزاد من ارتباك المشهد وجود فاطمة ناعوت في مقدمة الداعين لخلع الحجاب، وهي التي سبق أن تحدثت مع السيسي وتناول حديثها أمور الدين، وهو ما سيعود بالسلب على السيسي، كما أن بقية الداعيات لاعلاقة لهن بالشارع إطلاقا، وفي مقدمتهن هدى بدران التي رأست جمعيات للمرأة تحصل على تمويل رهيب من الخارج لا يعرف أحد أين الرقابة على صرفها، وهل بمستندات حقيقية أم "بفواتير مضروبة"، كما أنها وغيرها من الداعين والداعيات في نظر الناس لن يقنعوا أحدا.. وفي هذا المقام نذكر مقولة طريفة أعتقد أن من قالها العالم الإسلامي الكبير الدكتور محمد عمارة في قناة "الجزيرة" عندما قيل له عن آراء دينية لنوال السعداوي، فقال ممكن للمشاهد أن يسمع لنوال السعداوي ويضحك كثيرا ولكن في الجد لن يأخذ عنها أمور الدين وأحكامه. أما عن أكذوبة عدم ارتداء المصريات الحجاب من قبل السبعينيات، مستعينين ببعض صور لطالبات المدارس والجامعات، فإن هولاء لا يفرقون بين النسبة والتناسب بين المحجبات وبين غير المحجبات، فربما لا يتنبه هؤلاء إلى أن الحجاب كان له مظاهر أخرى سجلتها الأفلام القديمة للفتيات والسيدات في قطاعات وأماكن مختلفة، يجمعها "غطاء على الرأس" ومنها في القرى ارتداء السيدات الطرحة مع القميص "الملس" أو "التربيعة" مع الجلابية التي لا تظهر شيئا حتى القدم، وهو ما نجده في كثير من قرى ونجوع مصر حتى اليوم، وفي البندر كان الزي الشهير الملاية اللف واليشمك... إلخ إلا أن استبدل مؤخرا بالعباية. وإن كان عدم ارتداء البعض للحجاب من باب الحرية الشخصية، فمن باب الديموقراطية التي يتشدقون بها أن يكون ارتداء الحجاب أيضا حرية شخصية. فمصير الدعوة لخلع الحجاب سيكون مثل مصير ما حدث من قبل.. سخرية من الدعوة ومن الداعين لها، وكفى للوطن إلهاء وفتنا بمثل هذه الأمور في وقت تحيط به أكبر المخاطر، أمن سد النهضة والأطماع الصهيونية وغيرها وغيرها، إلا لو كان هؤلاء والصحف التي روجت للدعوة وعلى رأسها المصري اليوم، والوطن، وأيضا فضائيات الفلول يعملون عن عمد لصالح أعداء الوطن، أو يكونوا الوكلاء المغفلين للصهاينة في مصر.