رئيس جامعة القاهرة يستقبل رئيس المكتب الثقافي الكويتي لبحث التعاون ودعم الطلاب الوافدين    افتتاح توسعات جديدة بمدرسة تتا وغمرين الإعدادية بالمنوفية    البنك التجارى الدولى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بجلسة الاثنين    اتحاد شركات التأمين يناقش تحديات فرع «الطبي» والأسس الفنية للإكتتاب به    ماذا ينتظر أسعار الذهب؟.. توقعات صادمة للفترة المقبلة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الفلسطيني تطورات غزة وتداعيات التصعيد الإقليمي    إيران تعلن إسقاط 3 طائرات مسيرة إسرائيلية    الرئيس النمساوي يبحث مع زيلينسكي سبل إنهاء الحرب "الروسية الأوكرانية"    مفوض الأونروا: يجب ألا ينسى الناس المآسي في غزة مع تحول الاهتمام إلى أماكن أخرى    مباريات أفضل الأندية في العالم : أبرز إنجازات الأندية المصرية    تفاصيل القبض علي المتهم بتقييد نجلته وسحلها بالشارع في حدائق أكتوبر    انقلاب سيارة محملة بمادة ك أو ية على طريق السنطة - طنطا دون حدوث إصابات (صور)    التعليم تعلق على وقائع غش جماعي بسوهاج واستبعاد رئيس اللجنة بالثانوية العامة    وزير الثقافة يشارك في إزاحة الستار عن "استديو نجيب محفوظ" بماسبيرو    إلهام شاهين توجه الشكر لدولة العراق: شعرنا بأننا بين أهلنا وإخواتنا    مجانا حتى 21 يونيو.. فرقة بني مزار تقدم "طعم الخوف" ضمن عروض قصور الثقافة    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    الجامعة الألمانية تنظم ورشة عمل مع هيئة الدواء والمهن الطبية عن اليقظة الدوائية    رئيس جامعة المنوفية والمحافظ يدشنان قافلة طبية متكاملة بمنشأة سلطان    بعد عيد الأضحى‬.. كيف تحمي نفسك من آلالام النقرس؟    «من أقدم المستشفيات التخصصية في الصعيد».. محافظ المنيا يفتتح تطوير «مستشفى الرمد»    ضبط سائق استخدم إضاءة تُعرض حياة المواطنين أعلى الدائري| فيديو    «خيالكم مريض».. رئيس تحرير الأهلي يشن هجوما ضد هؤلاء بسبب تريزيجيه    تنسيق الجامعات.. 6 أقسام متاحة لطلاب الثانوية ب حاسبات حلوان    جامعة أسوان تنظم ورشة عمل لمناهضة العنف ضد المرأة    إيراد فيلم ريستارت فى 16 يوم يتخطى إيراد "البدلة" في 6 شهور    «حسبي الله في اللي بيقول أخبار مش صح».. لطيفة تكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل وفاة شقيقها    إسرائيل تستعد لإطلاق رحلات جوية لاستدعاء العسكريين والعاملين في الصناعات الدفاعية من الخارج    ما هي علامة قبول الطاعة؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    النائب حازم الجندي: مبادرة «مصر معاكم» تؤكد تقدير الدولة لأبنائها الشهداء    مصرع طفل أسفل عجلات قطار الصعيد عند مزلقان دماريس بالمنيا    اليوم .. محاكمة 15 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية في مدينة نصر    خرج ينزف بالبلكونة.. شاب يذبح جاره المسن في ظروف غامضة بالبحيرة    المصرف المتحد سابع أكبر ممول لإسكان محدودي ومتوسطي الدخل ب3.2 مليار جنيه    رئيس مجلس النواب يضع مجموعة قواعد لمناقشة مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية    شوبير يكشف سبب تبديل زيزو أمام إنتر ميامي وحقيقة غضبه من التغيير    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    الثانوية العامة 2025.. أبرز المعلومات عن كلية علوم الرياضة للبنات بالجزيرة    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    الدخول ب 5 جنيهات.. 65 شاطئًا بالإسكندرية في خدمة المصطافين    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    أسعار الفراخ اليوم.. متصدقش البياع واعرف الأسعار الحقيقية    الينك الأهلي: لا نمانع رحيل أسامة فيصل للعرض الأعلى    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    إيران تنفذ حكم الإعدام فى مدان بالتجسس لصالح إسرائيل    الرئيس الإيراني: الوحدة الداخلية مهمة أكثر من أي وقت مضى.. ولن نتخلى عن برنامجنا النووي السلمي    انتصار تاريخي.. السعودية تهزم هايتي في افتتاحية مشوارها بالكأس الذهبية    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    النفط يرتفع مع تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات    عمرو أديب: كنت أتمنى فوز الأهلي في افتتاح كأس العالم للأندية    "بعد لقطة إنتر ميامي".. هل يلقى حسين الشحات نفس مصير محمد شريف مع الأهلي؟    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    إيران تعلن اعتقال عنصرين تابعين للموساد الإسرائيلى جنوب طهران    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفهوم الحضارة غربياً وإسلامياً..!!
نشر في الشعب يوم 12 - 10 - 2009

تضاريس المفهوم الغربي لقضية الحضارة يتلخص في قليل من الأشياء .. هو بدء النشأة على ضفاف الأنهار .. و انها تبدأ من خلال التجمع البشري مما يجعل ثمة تفاعل إنساني وتدجين لجانب الشر- بالرغم ان (بوركيا) قال غير ذلك أنهم دجنوا جانب الخير وليس الشر-.. وقانون ما ينظم المجتمع .. ولقد قال (فرويد) أن أول إنسان سدد إهانة بدلا من حجر هو المؤسس الأول للحضارة ..
The first human who hurled an insult instead of a stone was the founder of civilization. ~Sigmund Freud
بينما نحن نعتبر أن المؤسس الأول للحضارة هو من قال ،في موقف ابني ادم .. كما جاء في القرآن:
(لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) (المائدة : 28 ) (إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ) (المائدة : 29 )
والقيمة العظمى في الآية أعلاه ( إني أخاف الله رب العالمين) .. فالتقوى هي المعيار في الارتقاء . وإلا كان الواقع مجزرة أو كارثة .. وهم يعرفون ذلك ..
ان التاريخ الإنساني أصبح سباقا أكثر فأكثر ما بين التعليم والكارثة ..
Human history becomes more and more a race between education and catastrophe. ~H.G. Wells, The Outline of History
ترى ما هو الكائن خلف الأشياء والعنصر الأساسي في استقاء التصورات الغربية ...هل هي تسديد الإهانة بدلا من حجر.. ام العفو.. قال تعالى :(وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (الشورى : 40 )أم مخافة الله ..
ولم تختلف الرؤية عن تصورهم أن كل حضارة هي عملية ترتيب لتدجين العواطف ووضعها في إطار من العمل مفيد ..
Every civilization is, among other things, an arrangement for domesticating the passions and setting them to do useful work. ~Aldous Huxley
ونحن نعتبر تدجين الإنسان أو إعادة صياغة الإنسان في شكله الراقي لايتم إلا من خلال رسل السماء ليسموا بالإنسان ويرتقوا به .. من حمأة الأرض والطين ..من خلال منهج أو كتب السماء ..(القرآن الكريم )
قد يعتبروا أن حراثة الأرض كان البدء في نشوء الحضارة ،ومن ثم تبعته بقية الفنون، وان الفلاحين هم المؤسسين للحضارة الإنسانية ..
When tillage begins, other arts follow. The farmers, therefore, are the founders of human civilization. ~Daniel Webster, Remarks on Agriculture
و رأينا أن الذي بدأ الارتقاء بالجنس البشري ووضعوا أسس الحضارة هم الأنبياء.. قد يكون الفلاح فاعلا في توظيف الجهد للخبز وهو عامل البطن .. وإطعام أفواه .. ولكن ماذا عن العقل والضمير والسلوك والأخلاق..قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
إنهم الأنبياء .. الذين ارتقوا وأعادوا صياغة الإنسان حسب منهج السماء .. صياغة الإنسان إلى أن يصل بنفسة إلى قمة نفسة.. تتم بصياغة الذهن والضمير والأخلاق. اصطلح عليها إسلاميا بمصطلح الورع كأحد الأشكال....ما هو المفهوم الراسخ في حيثيات موقف ما وهو أن يتمهل الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عندما بارز عمرو بن عبد ود ويبصق الأخير في وجهه الشريف.فيتمهل الإمام أثناء المبارزة و.حينما سألوا الإمام لم تمهلت عليه؟ قال:خشيت أن اقتله ثأرا لنفسي وليس لله .. وهنا يتلخص معيار التقوى وتخليص النفس من حظوظها ..بقدر ما تكون الأمور لله ..
فالقضية معاييرها في الغرب سطحية المعالجة ولا تذهب إلى ما هو كائن وراء الأشياء .
نعتبرها سطحية التصور وبتعبيرهم تعود إلى ستة بوصات من قشرة الأرض ..يقول احدهم بالرغم من الذرائع الفنية والتعقيدات والانجازات العديدة فإن الانسان مدين في وجوده إلى قشرة من ستة بوصات من تربة الارض، وحقيقة أن السماء تمطر..
Man - despite his artistic pretensions, his sophistication, and his many accomplishments - owes his existence to a six inch layer of topsoil and the fact
that it rains. ~Author Unknown.
ولكنهم لم يقولوا أنهم مدينون لرب السماء..
وهي كلمة قالها (اليوت) انها حضارة ملحدة، أو كافرة.godless))..
And the wind shall say "Here were decent godless people;Their only monument the asphalt roadAnd a thousand lost golf balls."
~T.S. Eliot
يقول اليوت : ستقول الريح أن كان هناك قوم ملحدون( كفرة ) ومهذبون..وصرحهم التذكاري طريق الإسفلت وآلاف من كرات الغولف ..
--------------------------------
قال( توماس كارليل) ان العناصر الثلاثة للحضارة الحديثة ،البارود والطباعة والعقيدة البروتستانتية ..
The three elements of modern civilization, gunpowder, printing and the protestant religion. Thomas Carlyle
وثمة استدراك لابد منه ،ان استعمال البارود والانفجارات .. بلا تقوى ودون تفعيل معايير العدل وعلى اي أسس يتم استخدام البارود او الديناميت ..ستكون البشرية في واقع الكارثة أو إزاء نوع من الإجرام .. ان معيار التقوى أساس في نشأة الحضارة الإسلامية .. ومنها ما قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم للصحابي الكريم حينما قتل الأخير رجلا قال لا اله إلا الله .. أثناء المعركة واعتبرها انها ناتجة عن خوف فقال المصطفى الكريم أشققت عن قلبه ؟!. وثمة باب خاص اسمه باب الجهاد في الفقه الإسلامي.. فالحرب عندنا أخلاق وسلوك حضاري .. وليس نوع من القتل. الهمجي .. أو البربرية.. هناك من حذروا من الوضع القائم غربيا :انه ينبغي أن نبحث عن نوع جديد من الفكر إذا أراد الجنس البشري أن يستمر في الحياة ..
We shall require a substantially new manner of thinking if mankind is to survive. ~Albert Einstein
Civilization is hideously fragile... there's not much between us and the Horrors underneath, just about a coat of varnish. ~C.P. Snow
او انها تغليف ممكن ان تقبع طبيعة الإنسان الوحشية وراءه التي ما زالت تنفجر بشكل جهنمي كما هو الحال دوما ..
Is man's civilization only a wrappage, through which the savage nature of him can still burst, infernal as ever? ~Thomas Carlyle, The French Revolution, vol III, book V, chapter 7
وهو تصور ساقه (مارك توين ): أن حضارة الإنسان الأبيض أكذوبة وانه لا يقل وحشية عن الإنسان البدائي ..
among them the white man's notion that he is less savage than the other savages. ~Mark Twain, Following the Equator, 1897
واعتبروا ان ضخامة وثنية الحضارة مدمرة للطبيعة والشعربشكل عام ، وكلاهما أشياء روحية ..
The gross heathenism of civilization has generally destroyed nature, and poetry, and all that is spiritual. ~John Muir, letter to J.B. McChesney, 19 September 1871
وربما لخصها آخرين: ان الحضارة الحديثة ما هي إلا إنسان بدائي يحمل اليكترونيات
[M]odern man is just ancient man... with way better electronics. ~Author unknown, "A Short History of Breakfast," from a Jack in the Box tray liner, 2006
واعتبر (امرسون) ان نهاية الجنس البشري ستكون جرّاء هذه الحضارة .
The end of the human race will be that it will eventually die of civilization. ~Ralph Waldo Emerson
وينتهي (ودرو ويلسون) : ان خلاصة الإجمالي هذا الشأن .. أن حضارتنا لا يمكن أن تحيا ماديا ما لم تجدد روحيا ..
ومن هنا كان لابد للإسلام أن يقول كلمته في وضع توازناته الرائعة
كأمة وسطا.. (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (البقرة : 143 )
The sum of the whole matter is this, that our civilization cannot survive materially unless it be redeemed spiritually." —Woodrow Wilson on Civilization

و يفيد السياق أن الحضارة التي قامت على أكتاف الرجل الأبيض في أمريكا انتكست بالمفاهيم العقلانية والأخلاقية ،إذا إنها لم تأتي إلا بالدمار وبناء المتاحف لأنها بنيت على باطل.. فان كان ثمة نظرية ما بنيت على باطل فكل الاستنتاجات باطلة.. ولا يمكن ان تقيم حقا او تدفع باطل.. لانها منخورة من الداخل كأعجاز نخل خاوية .. إن الجريمة التي اقترفها الرجل الأبيض على الهنود الحمر كانت جريمة لا تغتفر ،إذ انها قامت على إبادة الرجل الأصلي وقامت على أنقاض ملايين من الجماجم . وفي نهاية المطاف أقاموا متاحف تكفيرا لعقدة الذنب فهل تغني المتاحف ذات التماثيل الجامدة بديلا عن الأحياء ..لتذكرنا أن كان هناك أقوام اسمهم الهنود الحمر او الفلسطينيين أو العراقيين أو الأفغان مثلا.. ليقول مارتن فيشر الحضارة الحالية تخلق الموت وبناء المتاحف ..
A living civilization creates; a dying, builds museums. ~Martin H. Fischer
ليقول احدهم أن قضيتنا ألا نصلي في المقابر بل كيف أن نظل بشرا في ناطحات السحاب ..
Our concern is not how to worship in the catacombs but how to remain human in the skyscrapers. ~Abraham Joshua Heschel
وهي معايير ظاهراً من الحياة الدنيا .. (يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) (الروم : 7 )
You can't say civilization isn't advancing: in every war, they kill you in a new way." —Will Rogers on Civilization
يقول ويل روجرز :الحضارة لا تتقدم ،ففي كل حرب لا تستطيع ان تقول أنهم يقتلونك بطريقة جديدة ..
وكانت محصلاتها : كما قال احدهم يجب أن يكون مقبولا ،أن ثمة درجة من عدم الاستقرار غير متوائمة مع الحضارة ولكن الأمر ككل، ان العصور العظمى كانت أيضا غير مستقرة..
It must be admitted that there is a degree of instability which is inconsistent with civilization. But, on the whole, the great ages have been unstable ages. ~Alfred North Whitehead
.. وعدم الاستقرار ناجم عن أن هذه الحضارة لا تعتمد على دين قيم ..يصيغ الانسان .. ويسدد طريقه على هدي من السماء..

*****
كذلك قرأت في كتاب كنوز التلمود Treasures Of Talmud: المال يقيم الرجل على قدميه .. عادة الذي يحكم السياق غربيا هو منطق يهود خيبر وهم خارجين منها.. وقد جمعوا كل ذهبهم في جلد ثور ومن ثم يقولون للصحابة: معنا الذي يرفع الدنيا ويخفضها ..(وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ) (البقرة : 93 ) من هنا كانت قيمة الذهب والمال في الفكر الغربي بل كان مثار الغرابة أن هناك ما فاق ذلك ، وهو ما قرأته لكاتب يهودي اسمه حاييم زعفراني .. انه في طقوس الدفن اليهودي أن يلقي اليهود بقطع ذهبيه في جوانب القبر .. كما لو كانوا يقومون برشوة لملائكة العذاب .. فكان فحوى السياق لديهم أن الذهب لا يرفع الدنيا فقط ويخفضها بل يرفع الآخرة أيضا ويخفضها .. وهذا سوء أدب وصفاقة ..
إسلاميا قال تعالى : (وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً) (النساء : 5 )
المال مهم في الحياة الإنسانية فهو كما قال الإمام علي .. اللسان لمن أراد فصاحة والحسام لمن أراد قتالا .. وكما قال المصطفى الكريم نعم المال الصالح للعبد الصالح .. مال بلا تقوى.. زمام ُيقاد به إلى كل سوء.. من هنا وجدنا مصير قارون الخسف من السماء.. من حيثيات ان موسى عليه السلام طالبه ان يزّكي بالعشر من ماله .. ولكنه رفض قائلا إنما أوتيته على علم عندي .. أي أوتيته بذهني وقريحتي المتوقدة ، ولم ينسب سبب غناه إلى الله الغني الحميد .. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (فاطر : 15 ) وكانت نهاية المطاف (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ) (القصص : 81 ) وجهة نظري انه قليلاً ما يكون المسلمون الأتقياء أثرياء بهذا النوع من الثراء المتوحش..ذلك لان التقي عادة ما يصطدم بجدار المبدأ في سياق تحصيله وكذا إنفاقه ..وليس من أي مصادر يحقق الغنى..ناهيك انه يصرفه في مصادره الشرعية .. أما غير المسلمين عادة ما يحققون الثراء المجرم ذلك لأنهم لا يصطدمون بجدار المبدأ.. وثمة مصادر شتى غير شريفة وغير شرعية لتحقيق الثراء الكافر عادة من الربا أو اللصوصية أو التجارة غير الأخلاقية .. وهو عادة لا بركة فيه ممحوق بركته و إلى زوال.قال تعالى: (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) (البقرة : 276 ) روعة المال كما قال الإمام علي .. انه من قوام الدنيا غني لا يبخل بمعروفه وفقير لا يبيع دينه بدنياه .. روعة المال اسلاميا في وجبة طعام لفقير وكسوة لعاري روعة المال أن يمسح دمعة يتيم ويساعد مسكين .. اويرحم أرملة وأيتامها في ظل هذا الغلاء القاسي.. وتقطع الأرحام في هذا الزمان..
من جهة أخرى ،اعتقد انه لا عار ولا عيب أن يكون الإنسان فقيرا ، ولكن العار والعيب أن يكون ثريا من طريق غير مشروع إسلاميا..
للمتقين من الدنيا عواقبها *** وان تعجل منها الظالم الأثم
*******

المفهوم الإسلامي للحضارة :

يختلف التصور الإسلامي للحضارة عن المشروع الغربي ..فالمشروع الحضاري الإسلامي خط خطوطه العريضة الأنبياء صلوات الله عليهم كما أسلفنا ، وكان قوامه التوحيد (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء : 25 )
التصور الشمولي للحضارة الإسلامية هو أن يكون كل شيء لله .. الصلاة النسك والمحيا والممات لله رب العالمين
(قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام : 162 ).. والمرتكز الذي تقوم عليه التصورات هو تقوى الله ..قال تعالى (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (التوبة : 109 ).. فأساسيات البناء مرتكزات إقامة الكيان الحضاري الإسلامي لابد أن يكون على أساس من التقوى .. وليس شفا جرف هار انهار به في نار جهنم ..إن التقوى تقوم بصياغة ضمير الإنسان وأخلاقياته في ألا يتحول الآدمي إلى وحش كاسر في هذا الكون ..همجي.. أو أرعن كما فعل الغرب دوما أساليب القرصنة الموروثة عن أجداده.
قال تعالى :
(يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) (ص : 26 )
أن يحكم بالحق وألا يتبع الهوى فيضله عن سبيل الله .. والسياق واضح أن من ضلوا عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب .. ان الحضارة الغربية .. نست أو تناست يوم الحساب وهي حضارة كافرة كما قال اليوت أو وثنية كما قال جون ماير..
ومعنى ألا يرتكز الإنسان على معايير الإيمان أو انتفى لديه الإدراك انه محاسب بين يدي الله..سيتحول السياق إلى إنسان غير مسئول التصرفات بدون وخز لديه من الضمير.. بأن يتحول السياق الحياتي إلى نوع من الإجرام .. شيء رأيناه في العراق أن ينزل كل مخزون الغرب من القنابل والصواريخ على رأس بغداد .. دون ان يعتد ان هناك عجوز او رضيع ..نظام ساقه (مارك توين ) حول بدائية ووحشية الإنسان الأبيض أعلاه .وهو ايضا غني عن التحليل..
.. انه سياق إجرامي بكل المعايير .. وليس بعد الكفر ذنب ..
في وقت يتميز التصور الإسلامي للحضارة أن العدل هو الأساس .. فالحكمة الالهية الأساسية في إرسال الرسل هي ان يقوم الناس بالقسط أي( العدل) (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحديد : 25 )
من خلال حيثيات العدل(القسط) يتمخض الكيان الحضاري عن واقع مثالي يتم به الارتقاء بالإنسان.. و(الحديد) في الآية أعلاه للدفاع عن الحق.. أو إقامة الحق ..يكون التصور واضح ..لابد للحق من قوة تحميه (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ) (الأنفال : 60 )
فالحق بلا قوة تحميه .. كبر عليه أربع تكبيرات ..ندرك ان الحق أصيل في الكون.. ولكن سطوة الباطل قد تكسب الجولات ..دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة
لا يموت الحق وان لطمت ***عارضيه قبضة المغتصب
دخل عبد الله بن عباس على الإمام علي بن أبي طالب في خيمته وهو يخصف نعله .. فناوله الإمام ذلك النعل وقال ما قيمة هذا النعل؟ .. فقال ابن عباس لا قيمة له .. فقال الإمام والله انه لأحب إلي من إمرتكم إلا أن أقيم حقا أو ادفع باطلا ..وهي عبارة قالها الإمام علي لأبي ذر وهو يودعه إلى منفاه في الربذة ..لايؤنسك إلا الحق ولا يوحشنك إلا الباطل ..
فقال ابو ذر .. والله ما أريد إلا الله صاحبا ولا أخشى مع الله وحشه .
من هنا الحق أصيل في الذهنية الإسلامية منذ القدم .. أليس اسم من أسماء الله ..!!
بالعدل يكون ثراء الحياة الإنسانية حضاريا وبالظلم يتحول الكون إلى ارض قفراء موحشة كما قال اليوت في قصيدته waste land وحيثيات الأرض المقفرة أنها بدون دين قيم كما قال اليوت أعلاه godless)) كانت كافرة أي بلا دين يرسم الخطوط العريضة لمشروعها الحضاري ..
على النقيض فإن مشروع الإسلام الحضاري ..يرتكز على قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المائدة : 8 )
(اعدلوا هو اقرب للتقوى) ..
يتفتق تلقائيا عن واقع العدل مضامين الحرية والرفاهية والإبداع . وهي ترتبط تحديدا مع مفهوم (لا اله إلا الله محمد رسول الله). التي ما دخلت بيئة ما، إلا كسرت قيود الاستبداد كما قال الكواكبي..إنها منظومة متماسكة ..لا تنسجم مع الظلم .. والعدل هو وضع الشيء في موضعه .. وُسئل الإمام علي عن العاقل قال هو الذي يضع الشيء موضعه فقالوا صف لنا الجاهل قال قد فعلت !!.. أي انه وصفه بترك صفته..
أعرض الصحابة الكرام عن حب الدنيا لأنهم أدركوا يقينا أن الآخرة هي لب الموضوع ومثار السياق ..كما قال خالد محمد خالد
أن النبي صلى الله عليه وسلم ركل أمجاد الأرض لأنه يؤمن فقط بالمجد في الملأ الأعلى .. وهو سياق له حيثياته مع الإمام علي عندما بلغه قول سعد ابن أبي وقاص وعبد الله بن عمر أن الإمام يقاتل من اجل الدنيا ..فقال الإمام : عجبا لسعد وابن عمر يزعمان أني أحارب من اجل الدنيا أفكان رسول الله صلى الله وسلم يحارب على الدنيا ؟ فإن زعما أن رسول الله حارب لتكسير الأصنام وعبادة الرحمن، فأنا حاربت لدفع الضلال والفساد أفمثلي ُيزنّ بحب الدنيا والله لو تمثلت لي الدنيا بشرا سويا لضربتها بالسيف ..
وهذا السياق لا يتفق مع ما ساقه الغرب أعلاه أن مفهوم الحضارة عندهم ليس للصلاة في المقابر بل للسكنى في ناطحات السحاب ..
ذهب عمر بن الخطاب ليفتح بيت المقدس فالتقى أبو عبيده على مشارف فلسطين ومر معه على بيته ولم يجد بها شيئا من الأثاث . اللهم إلا سجادة يتخذها للنوم والصلاة ووعاء للوضوء..فقال له ألا تتخذ شيئا من الأثاث فقال ذلك يبلغنا .. أي إلى الآخرة .. فقال له كلنا غلبته الدنيا إلا أبو عبيده .. يقول هذا وفي ثوبه أربع رقع ..
روى هشام عن الحسن أن زياد ابن أبيه بعث الحكم بن عمرو الغفاري على خراسان ففتحوا فكتب إليه : أما بعد فإن أمير المؤمنين كتب أن اصطفى له الصفراء والبيضاء ولا تقسم بين الناس الذهب والفضة . فكتب إليه الحكم : كتاب الله سبق كتاب أمير المؤمنين وأضاف الحكم : اقسم بالله لو كانت السماء والأرض رتقا على عبد فاتقى الله لجعل له منهما مخرجا ، وزيل الرسالة بالسلام ثم نادى للناس اغدوا على فيئكم فقسمه بينهم ..فوجه معاوية من قيّده وحبسه فمات فدفن في قيوده وقال إني مخاصم ..
كان السياق مختلف مع أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب فحينما كان يأتي الخراج إلى بيت المال ويكدس به الذهب والفضة يقول الإمام غّري غيري .. ويقول لخادمه هجّر يا ابن النباح أي ارفع الأذان .. ويقول له عليّ بأشياخ الكوفة ..ثم يوزع كل مافي بيت المال على الفقراء والمساكين .حتى لا يبقى فيه شيء .ثم يرشه بالماء ويصلي ركعتين ثم يفرش حصيرة وينام ...
قال احمد بن سيار كان سبب موت والي خراسان الحكم بن عمرو الغفاري انه دعا على نفسه وهو بمدينة مرو لكتاب ورد إليه من ابن ذياد ومات قبله بريده الاسلمي فدفنا جميعا. من هنا اعتقد أن سبب دعاء الحكم على نفسه هو انه لم يتحمل سلوك ذياد ابن أبيه معه وواقع بني أميه..وحسب رأي صاحب السير أن الحكم ذو صلاح ورأي وإقدام فلم يكن له من أول طلقة أن يهرب من الميدان. ولكن نظرا لتزايد الضغوط دعا على نفسه ، وقد قام رحمه الله بالإصلاح في حدود صلاحياته المستقاة من الكتاب والسنة وهي صلاحيات ثابتة أن كتاب الله سبق كتاب أمير المؤمنين.. عن جميل بن عبد الطائي قال الحكم بن عمرو يا طاعون خذني فقيل له لم تقول هذا وقد قال النبي لا يتمنين أحدكم الموت. فقال الحكم: أبادر ستا: بيع الحكم ،وكثرة الشرط ،وإمارة الصبيان ،وسفك الدماء ،وقطيعة الرحم ونشأ في آخر الزمان يتخذون القرآن مزامير..
لقي الحكم ، عمران بن حصين فقال له أما تذكر أن رسول الله لما بلغه الذي قال له أميره: قع في النار، فقام ليقع فيها فأدركه فامسكه ..فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو وقع فيها لدخل النار ،لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ..
قال صاحب السير آن الحكم بن عمرو الغفاري له صحبه ورواية وفضل وصلاح ورأي وإقدام ..
روعة السياق تتبدى في صالحي هذه الأمة .. الذين مضوا وتركوا من خلفهم نورا يضيء درب السائرين ..فالحضارة الإسلامية حضارة الأتقياء لا حضارة القراصنة..قال تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (القصص : 83 )
عزاها آخرين الى ان الحضارة الغربية كنوع من الورنيش البراق .. وسياق من الوثنية انتهت بالجنس البشري إلى تدمير الِشعر والروحانيات يقول (سنو) : ان الحضارة هشة بشكل بشع ليس هناك فرق بيننا وبين الرعب الداخلي اللهم الا طبقة من الرونيش..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.