أمين مساعد «مستقبل وطن»: الحزب يستعد لانتخابات مجلس النواب بجولات تنظيمية    بمشاركة 300 شاب وفتاة.. نائب محافظ سوهاج يطلق المنتدى الشبابي "طريقك يبدأ من هنا"    رئيس مياه الشرب بالدقهلية: حل جذري لمشكلة الصرف الصحي بمنطقة قولنجيل قريبًا    ولي العهد يرأس جلسة مجلس الوزراء في نيوم    اتحاد الكرة يهنيء محمد صلاح    حادث بني سويف يكشف مفاجأة.. قائد السيارة صديق نجل مالكتها بلا رخصة قيادة    مساعد وزير الداخلية الأسبق: 50 جنيهًا غرامة عبور المشاة عشوائيًا.. والمطلوب هو التطبيق الفعلي    مي سليم تتألق بالأزرق في أحدث إطلالتها على البحر | صور    القومي للمرأة يشارك في قمة الإبداع الإعلامي للشباب العربي    كرم جبر يكتب: مصر والعرب.. الحكمة في زمن الارتباك!    «الإسكان» توضح أسباب سحب الأرض المخصصة لنادي الزمالك    4 أبراج لا تستطيع بدء يومها بدون قهوة.. القوة المحركة لهم    بيان رسمي من مديرية الشؤون الصحية بمحافظة الدقهلية بشأن وفاة الطفل مالك    وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ بتابع سير العمل في مستشفى الحميات    حزن في كفر الشيخ بعد وفاة والد كابتن محمد الشناوي إثر حادث سير    114 ألف دولار نفقة شهرية.. تعرف على شروط انفصال كريستيانو وجورجينا    فرقة لاثونا جايتيرا الكولومبية تقدم حفلا فى مهرجان القلعة (صور)    رئيس الرقابة على الصادرات: معمل اختبار الطفايات المصري الثالث عالميا بقدرات فريدة    "تعليم الشرابية" توجه بسرعة رفع المخلفات وتكثيف أعمال التشجير بالمدارس    طاهر النونو: مقترح بتشكيل لجنة مستقلة لإدارة غزة فور وقف إطلاق النار لتسهيل إعادة الإعمار    مبابي وفينيسيوس يقودان هجوم الريال ضد أوساسونا في الدوري الاسباني    إعلان القائمة القصيرة لجوائز الصحافة المصرية (دورة محمود عوض 2025) وترشيحان ل«الشروق».. تفاصيل    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    شروط تركيب عدادات المياه الجديدة 2025.. قرار وزارة التموين والتفاصيل الكاملة    تقرير: باير ليفركوزن يقترب من استعارة لاعب مانشستر سيتي    "ابني كريم رد عليا".. صرخة أم في سوهاج بعد أن ابتلع النيل طفلها (القصة الكاملة)    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    بصحبة زوجة كريم محمود عبدالعزيز.. ريهام أيمن تنشر صور جديدة لها    نابولي يعلن ضم مدافع جيرونا    اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، التشخيص والعلاج عند الأطفال والكبار    بنك القاهرة يطلق حملة ترويجية وجوائز لحاملي البطاقات الائتمانية    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    من تيمور تيمور إلى نيازي مصطفى.. حوادث مأساوية أنهت حياة نجوم الفن    تقارير: 200 طفل يصابون يوميا بسوء تغذية حاد    لليوم الرابع.. "مستقبل وطن" يواصل اجتماعات لجنة ترشيحات النواب استعدادًا لانتخابات 2025    جهاز الاتصالات: إيقاف الهواتف التي تجري المكالمات التسويقية الإزعاجية بداية من الأسبوع المقبل    محامي بدرية طلبة يوضح حقيقة إحالتها للمحاكمة ب«إساءة استخدام السوشيال ميديا» (خاص)    4374 فُرصة عمل جديدة في 12 محافظة بحد أدنى 7 آلاف جنيه    وكيل تعليم بالأقصر يتفقد التدريب العملي لطلاب الثانوية الفندقية على أساسيات المطبخ الإيطالي    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    بعد جولة مفاجئة.. محافظ الدقهلية يحيل مسؤولين بمستشفى نبروه للتحقيق    بالصور العرض الخاص لدرويش في الرياض بحضور عمرو يوسف والفيلم تجاوز 10 ملايين جنيه في أربعة أيام عرض بمصر    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    محرز يقود تشكيل الأهلي المتوقع أمام القادسية في السوبر السعودي    لافروف: أجواء محادثات بوتين وترامب فى ألاسكا كانت جيدة للغاية    الأرصاد: اضطراب الملاحة على البحر الأحمر وخليج السويس والموج يرتفع ل3.5 متر    ضبط 433 قضية مخدرات فى حملات أمنية خلال 24 ساعة    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البقاء للشعوب والشجعان من القادة
نشر في الشعب يوم 18 - 11 - 2006


بقلم: د. بثينة شعبان

تعاظمت الأحداث وتسارعت في الأسبوع الفائت، بعضها مخطط له ومدروس هدفاً وتوقيتاً كالمجزرة البشعة التي ارتكبها الإسرائيليون بدم بارد في بيت حانون ليضيفوها إلى سجلهم المكتظ بالمجازر وجرائم الحرب والإبادة والتعذيب والسجون، وبعضها أملته إرادة الشعوب العزيزة والعادلة دائماً كهزيمة الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ التي أدت إلى استقالة وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد الذي لطخ التاريخ الأمريكي بقتل مئات الألوف من المدنيين العراقيين، وجلب للولايات المتحدة عار أبو غريب والتعذيب والسجون السرية .

ليست هذه هي المرة الأولى الذي توقّت فيه إسرائيل حلقة من مسلسل إبادتها للشعب الفلسطيني مع حدث ينشغل السي إن إن به على مدار الساعة، وليست المرة الأولى التي تبيد بها إسرائيل عوائل كاملة بأطفالها ونسائها وهم نيّام، ومجزرة قانا الأخيرة في الجنوب اللبناني قبل مجزرة بيت حانون شاهد على ذلك، ولكنها المرة الأولى التي يخفت بها الصوت العربي والإسلامي إلى هذه الدرجة المخزية وكأن الهوان استحكم بالأنظمة والحكام والإعلام والإدارة فلا غضب ولا تحرك ذي معنى بل بعض عبارات اعتباطية مكرورة استخدمت هي أيضاً بدورها للتغطية على الجريمة من قبل وسائل الإعلام المغرضة. أما الهجمة الأقلّ دموية، والأخطر أثراً، على العرب والمسلمين في الغرب، من منع الضباط المسلمين من العمل في مواقع حساسة في مطار باريس، إلى منع ضابط الشرطة البريطاني فاروق من العمل في فريق حماية بلير لأن ولديه 9 سنوات و 11 سنة قد ذهبا لتأدية فريضة الصلاة في جامع، فهي أحداث نقرؤها في الإعلام الغربي دون أن يتناولها الإعلام العربي دراسة وتمحيصاً وتحليلاً . وأما دفق الأفلام على الفضائيات الأجنبية والعربية التي تصوّر العرب والمسلمين إرهابيين وتتهم كل ذي سحنة سمراء، امرأة كانت أم طفلاً أم رجلاً، بالتخطيط للقتل وممارسة الأعمال الإرهابية ضد ذوي السحنة البيضاء والعيون الملونة فهذا ما لم يسمع به المخرجون العرب ولم يتناولوه أيضاً في مؤتمراتهم أو أعمالهم، بل ربما يجلسون كغيرهم من العرب ليشاهدوا كلّ ذي اسم عربي ومسلم في سلسلة الأفلام الجديدة هذه يتصرف بوحشية وقسوة يستحق عليها سجن غوانتانامو وتعذيب أبو غريب ووحشية قوانين العنصرية التي صدرت ضدهم في الغرب. وهذا الشعور بالإحباط والوهن والقدرية وما تميزت به ردود الفعل العربية والإسلامية بمجملها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وكأن المحافظين الجدد وحكومتهم في واشنطن أصبحوا قوة لا تقهر ولا أمل من الوقوف في وجههم أو حتى مجرد الاعتراض على سياستهم. من هنا أخذت إسرائيل تسرّب املاءاتها للبنتاغون والبيت الأبيض سواء بغزو العراق واحتلاله وتدمير مدنه أم باتخاذ سياسات إبادة عنصرية ضد الشعب الفلسطيني أم بشن عدوان على لبنان وارتكاب أبشع المجازر وجرائم الحرب فيه، ورغم أن العرب هم الذين منوا بأعظم الخسائر التي تمثلت بتدمير بلد عربي عريق وقتل ما يقارب المليون من خيرة أبنائه وتهجير وإزاحة الملايين، فيه ومنه، فإنّ ردود الفعل العربية لم ترقَ إلى مستوى هذه الجريمة التاريخية بل أخذت بذور الفتنة التي زرعها أعداؤهم تنمو وتزهر في لبنان والعراق وفلسطين والسودان من أجل تغذية خلافات وتيارات تمزق البلدان، متوهمة أن الخصم هو العربي الآخر بدلاً من استيعاب ما يجري وفهم حقائق التاريخ والجغرافية. بل إن هناك من العرب من يتناسى عدوه الأساسي ويغض النظر بل يعمى بصره عن المجازر والدمار في العراق ولبنان وفلسطين والسودان ويجعل "تملقاً للمجرمين" من أشقائه هدفاً بعدائه وخصومه وسهام الفرقة والقطيعة.

وكما كان الشعب الأمريكي هو العامل الحاسم في إيقاف حرب ظالمة ومؤلمة على فيتنام، يبدو أن الشعب الأمريكي نفسه سيسجل لنفسه شرفا آخر في التاريخ في إيقاف حرب مجرمة وظالمة شنتها حكومته على الشعب العراقي تكاد تودي بوحدة البلد بعد أن أثخنت الجراح وأدمت قلوب أهليه في مأساة إنسانية هي الأدهى والأعظم في القرن الواحد والعشرين بعد مأساة فلسطين طبعاً .

من هنا أتت نتائج الانتخابات النصفية بفوز الديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ كلمة صريحة قالها الشعب الأمريكي ضد حرب الجمهوريين على العراق، ولو كان الإعلام الغربي حراً بالفعل ولو توافرت الحقائق للشعب الأمريكي في وقت مبكر أكثر لما فاز الرئيس بوش بولايته الثانية ولأنقذ مثل ذلك القرار لو قدر له أن يكون حياة آلاف الأبرياء من الأمريكيين ومئات الآلاف من العراقيين، فكما أن الشعب الاسباني قال كلمته منذ سنتين وانتخب قائداً سحب جيشه من العراق في أسرع ردة فعل من قبل المشاركين في الحرب على العراق وكما أن الشعب الإيطالي قال كلمته أيضاً ورفض، من كان ركناً في الحرب على العراق كان يمكن للشعب الأمريكي أن يقول كلمته في الانتخابات الرئاسية لولا التعتيم الإعلامي المتعمد الذي مارسته إدارة بوش والشركات الإعلامية المتصهينة لتزوير الحقائق واختراع المصطلحات وقتل الإعلاميين الشرفاء الذين يدفعون بأنفسهم وحياتهم في سبيل دفع الظلم وحثّ الشعوب على التصدي للظالمين والقتلة. ولقد أرادوا بذلك أن يخلقوا أوهاماً بدل الحقائق على الأرض مستخدمين أحداث الحادي عشر من سبتمبر لقتل المزيد من الأمريكيين والأوربيين في العراق وأفغانستان، وقتل أضعاف أضعافهم من العرب والمسلمين، وتسجيل جرائم ضد الإنسانية في غوانتانامو وأبو غريب والفلوجة وغزة وجنين وغيرها الكثير، سيندى لها جبين الأمريكيين الشرفاء لقرون قادمة، ما لم يعمدوا إلى انتخاب إدارات قادرة على غسل هذا العار ووضع استراتيجية جديدة مناقضة تماماً لاستراتيجية المحافظين الجدد المبنية على الحروب والمواجهة والعنف وانتهاك القوانين والشرائع السماوية والإنسانية، وتبني استراتيجية تعتبر الولايات المتحدة ليست قوة عسكرية فقط وإنما قوة أخلاقية تقف مع حقوق الشعوب وكرامتها وازدهارها، وبدلاً من إرسال جنودها للقتل والتعذيب قادرة على إرسال علمائها ومهندسيها لنشر التنمية ومبادئ التعايش والكرامة التي يفاخر بها الأمريكيون في دستورهم .

انتصار الديمقراطية في الانتخابات النصفية إذن هو هزيمة سياسية وفكرية لاستراتيجية المحافظين الجدد المبنية على العنف والمواجهة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي حولت الولايات المتحدة إلى آلة حرب وعدوان على كرامات الشعوب وحقوقهم وبلدانهم وسنداً غير مشروط لسياسات إسرائيل العنصرية وحروب الإبادة وجرائم الحرب التي ارتكبتها حكومة اولمرت دون رادع بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني، مدعومة كلما دعت الحاجة بالفيتو الأمريكي الذي حرم الشعب الفلسطيني من صوت وقرار الأسرة الدولية في مساندته، التي حجبتها عنه قرارات حكومة الولايات المتحدة واستخدامها المسيء لحق الفيتو الذي يجب أن يستخدم فقط في قضايا تهدد السلم والأمن الدوليين، وبدلاً من ذلك يستخدمه جون بولتون لمساعدة إسرائيل في الإمعان في تجويع وتعذيب وقهر شعب فلسطيني أصيل وأعزل. إن اعتبار بوش وبولتون مجزرة بيت حانون «دفاعاً عن النفس» عار عليهما سيلاحقهما ما دام المجرمون الذين ارتكبوها طليقي السراح.

إن انتصار الديمقراطيين الحقيقي سوف يعتمد على رؤيتهم المستقبلية لدور الولايات المتحدة في العالم: هل سيكون دور المساند للعدل والكرامة وحقوق الشعوب أم دور الشاري لضمائر بعض الحكام هنا وهناك، الطامعين في مناصب ضد إرادة ومصالح شعوبهم! إن أهم ما يجب على الديمقراطيين أن يفهموه هو أن الشعب الأمريكي، كما هو حال الشعوب الأخرى، خاصة تلك التي وقعت ضحية حروب بوش ورامسفيلد وتشيني، والذي تعب من طيش وظلم وتهور وصلف المحافظين الجدد، يريد سياسة بديلة قائمة على احترام الشعوب وحقوقها، وقائمة على تحقيق العدل وليس على التغطية على الجرائم وتسويقها لأسباب لا علاقة لها بمصلحة الشعب الأمريكي أو مصلحة الشعوب الأخرى . لقد خسرت الولايات المتحدة سمعتها ومصداقيتها بعد أن تعاطف العالم برمته معها في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فهل سيعمد الديمقراطيون إلى غسل أدران الذل والإهانة التي لحقت بشعوب أفغانستان والعراق وفلسطين ولبنان، جاعلين من الحوار والنقاش والإنصات لأصوات الكرامة والكبرياء أسلوباً ومنهجاً، أصوات يطلقها الفخورون بشعوبهم وإراداتها، بدلاً من الخائفين منها والمتواطئين عليها، شركاء حقيقيين في كل أنحاء العالم. فنجاحهم اليوم دليل آخر أن البقاء هو للشعوب، وأنها هي صاحبة القول الفصل في كتابة التاريخ، والتاريخ علّمنا أن البقاء الحقيقي أيضاً هو للقادة الشجعان الذين لا يخشون مراجعة الخطأ ووضع منهج يجعل من كرامة الإنسان وتحقيق العدالة له المعيار الأوحد، الذي يحرصون على تطبيقه ليس فقط في الولايات المتحدة أو الغرب بل في العالم أجمع . ومهما كانت قوة الإعلام المفروض فلن تستطيع يوماً أن تطفئ نور الله، وإرادة الله دائماً هي العليا، وإرادة الشعوب هي الباقية لأنها من إرادة الله وكل شيء آخر مؤقت وزائل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.