قالت الكاتبة الجزائرية حدة حزام أن إيران تثبت أنها قوة ديبلوماسية يحسب لها ألف حساب، بينما خسرت السعودية ومن ورائها دول الخليج كل الحروب التي قادتها ضد إيران بوسائط أخرى وبطرق ملتوية وأكدت أن السعودية خسرت صراعها مع إيران في العراق وستخسره حتما في اليمن، ولا أحد يضمن أن الحوثيين لن يقودوا معارك في العمق السعودي، ولن تأتي أمريكا لنصرتها. واستنكرت حرب اليمن وقالت أنه شتان بين انتصار الديبلوماسية السلمي، وبين حرب تجتمع فيها جيوش عربية وإسلامية ضد تنظيم الحوثيين، مهما كانت خطورته، في اليمن. وإليكم نص المقال مثلما كان متوقعا، انتصرت أول أمس، الديبلوماسية الإيرانية، في افتكاك مشروع اتفاق بعد 18 شهرا من المفاوضات حول مشروعها النووي مع مجموعة ال”5 + 1” في لوزان. يأتي هذا الانتصار الذي خرج الإيرانيون محتفلين به في شوارع طهران، في وقت تعيش فيه منطقة شبه الجزيرة العربية حربا ضروسا تقودها عشر دول خلف السعودية وبدعم من باكستان النووية، وتركيا التي تبحث عن دور قيادي في المحور السني. شتان بين انتصار الديبلوماسية السلمي، وبين حرب تجتمع فيها جيوش عربية وإسلامية ضد تنظيم الحوثيين، مهما كانت خطورته، في اليمن. مباركة انتصار إيران لا يعني أننا ندعم نظام الملالي هناك، لكن لابد من الاعتراف بقوة هذه الدولة، اقتصاديا وفكريا وعلميا، واليوم تثبت أنها قوة ديبلوماسية يحسب لها ألف حساب، بينما خسرت السعودية ومن ورائها دول الخليج كل الحروب التي قادتها ضد إيران بوسائط أخرى وبطرق ملتوية. السعودية ودول عربية أخرى تقود اليوم حربا مدمرة على اليمن، حربا ضد العرب الشيعة، بحجة إضعاف إيران، بعد حرب الخليج الأولى التي دفعت فيها العراق لشن حرب استنزاف ضد بلاد فارس استمرت ثماني سنوات خرج فيها العراق منهكا، قبل أن تتآمر عليه بلدان الخليج بعد خطئه الجنوني باحتلال الكويت، ومن ثم تقود عليه أمريكا احتلالا وحربا مدمرة، دمرت جيشه وبنيته التحتية والاجتماعية وفتحته اليوم على كل الصراعات الطائفية. خسرت إذن السعودية صراعها مع إيران في العراق وستخسره حتما في اليمن، ولا أحد يضمن أن الحوثيين لن يقودوا معارك في العمق السعودي، ولن تأتي أمريكا لنصرتها. فاتفاق أمس سيغير الكثير في مواقف الغرب من دول المنطقة، فدول الخليج والسعودية تحديدا كانت تعتقد أنها منافس أبدي لإيران في علاقتها بأمريكا والغرب، وأن مكانتها لن تتغير، خاصة وأنها تغدق بالمال على البنوك الأمريكية، وبالنفط، وأنها زبون هام في تجارة السلاح. أمريكا والغرب وإسرائيل وإيران أيضا خرجوا منتصرين من خلال هذا الاتفاق، بينما الخاسر هي دول الخليج التي تقود حربا على نفسها وعلى شعوب عربية، في اليمن وسوريا تحديدا. لا أدري إن كانت السعودية وحلفاؤها سيفهمون ويتعلمون من هذا الدرس، أن الحرب ليست عتادا جديدا وأسلحة فتاكة تقتنيها بملايير دولارات النفط، فالحرب هي ديبلوماسية أيضا وجلوس إلى مائدة المفاوضات، والذي لا يملك الديبلوماسية المحنكة لن يفيده السلاح، فكل حرب تتوج انتصاراتها الانتصارات الديبلوماسية. فهل سيحسب عرب الخليج بعد اليوم حسابا للبعد الحضاري والفكري والعلمي. أمريكا ضمنت من هذه المفاوضات ألا تعتدي إيران على إسرائيل وهذا هو ما كان يهمها في المنطقة، وليس حماية أصدقائها الأمراء هناك. وقد ضمنت أن تتوقف إيران عن تخصيب اليورانيوم وألا تنتج القنبلة النووية. وقبلت إيران لأنها فهمت أن امتلاك القنبلة النووية لن يحميها من العدوان الأمريكي ولن يجنبها الفوضى، وأنه ليس هذا هو الذي يعطيها مكانة محترمة بين الأمم، والدليل أن باكستان نووية، ومع ذلك لم تعرف الاستقرار وأمريكا تلعب كيفما شاءت في الداخل الباكستاني. ألم يقتل طياروها زعيم القاعدة بن لادن منذ أربع سنوات، دون أن تتصدى لها القوة النووية؟ ستدفع السعودية عشرات المليارات في هذه الحرب المدمرة التي تقودها على اليمن، وتهدم بذلك الخدمات الجليلة التي قدمتها إلى الغرب في تآمرها على تخفيض سعر النفط عقابا لروسيا وإيران لدعمهما النظام السوري. لكن باب المندب الذي يتحكم فيه صومال غير مستقر سيتحول المرور فيه إلى مغامرة حقيقية وسيؤدي حتما إلى ارتفاع أسعار النفط، حتى وإن كانت إيران ستعمل على رفع إنتاجها للمحروقات بعد رفع العقوبات عليها بناء على هذا الاتفاق. رفع الحصار عن إيران سيؤدي إلى تقوية قدرات هذا البلد علميا واقتصاديا وديبلوماسيا، وسيؤثر هذا حتما على ما يجري في سوريا وتهديد السعودية لحزب الله في اليمن. وستحقق إيران ومن ورائها حلفاؤها انتصارات أخرى، ولن يفيد السعودية احتماؤها بباكستان وتركيا ومصر، لبعث محور سني قوي. كان عليها أن تنأى بنفسها عن صراع طائفي ومذهبي وتسعى إلى حل خلافاتها مع إيران ديبلوماسيا، فهي ليست أقوى من أمريكا والغرب الذي فضّل الحل السلمي. بان كيمون بعث برسالة مشفرة إلى المملكة عندما علق على الاتفاق بأنه خطوة في طريق السلم والاستقرار؟!