أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن عملية تهويد القدس وطرد سكانها منها هي البداية الفعلية لتنفيذ مخططات الاحتلال والوصول إلى "الدولية اليهودية"، لافتًا إلى أن الحصار الصهيوني على قطاع غزة يهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني طواعية، منتقدًا في الوقت نفسه السياسة الدولية التي تسودها حالة من النفاق والرياء وازدواج المعايير. وقال الأسد في خطابٍ ألقاه أثناء مشاركته في حفل الإفطار تلبية لدعوة من "حزب العدالة والتنمية" بحضور رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي وكبار المسؤولين في الدولة والحزب وأعضاء السلك الدبلوماسي: "عملية تهويد القدس الممنهجة وطرد سكانها الفلسطينيين هي البداية الفعلية من أجل الوصول إلى "الدولة اليهودية"، وما حصل في غزة وما يحصل اليوم وما حصل قبل الحرب من خلال الحصار وتجويع الشعب الفلسطيني أيضًا يدخل في نفس الإطار؛ لأن المطلوب أن يصل الشعب الفلسطيني إلى حالة من اليأس، ومن ثم يقوم بهجرة طوعية، وتتحقق هذه الأمنية (الإسرائيلية)". وشدد الأسد على أن الثمن الوحيد للسلام هو إعادة الحقوق إلى أصحابها؛ قائلاً: "من تحليل هذه الحقائق نستنتج أن هذا الشريك لن يوجد بشكل طوعي؛ لأن طبيعته منافية للسلام ورافضة له، بل سيوجد عندما تمارس عليه الضغوط التي تجعله يفهم أن اللون الواحد لا يمكنه العيش في الشرق الأوسط المتنوع، وأن السلام ثمنه الوحيد هو عودة الحقوق كاملة، وأن القوة مهما كبرت فهي غير قادرة على اقتلاع الشعوب ولا العقائد". وأشاد الرئيس الأسد بالمواقف التركية المشرفة، خاصة أثناء الحرب الصهيونية على غزة، وما قام به رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في مؤتمر "دافوس"، وقال: "لا بد من التنويه بالمواقف التركية خلال السنوات الماضية تجاه القضايا العربية تحديدًا، والتي كان لها تأثير كبير في الشعب العربي بشكل عام، وتركت بصمتها العميقة في مستقبل الأخوة العربية التركية، فلن ننسى موقف الحكومة التركية من جريمة العدوان على غزة، ومسيرة إسطنبول الكبرى المستنكرة للمجازر الجماعية التي نفذتها "إسرائيل" بحق الفلسطينيين، وفي المقابل فإن الشعب العربي بادل هذه المواقف المشرفة بالتقدير والعرفان، والذي ستظهر نتائجه الملموسة في المدى القريب". وأضاف: "أريد أن أنوِّه بالموقف المشرف لأخي رئيس الوزراء أردوغان في مؤتمر "دافوس"، هذا الموقف بالنسبة لنا، وأعتقد بالنسبة لأي إنسان عاقل ويحترم نفسه في هذا العالم، يعبِّر عن احترام للذات وللوطن والشعب، والدولة التي تحترم نفسها دولة تكتسب مصداقية، والدولة التي تكتسب مصداقية تصبح دولة فاعلة؛ لا يمكن أن تأتي الفاعلية وقوة الدولة من خلال المساحة أو من خلال عدد السكان أو من خلال القوة العسكرية أو الاقتصادية أو غيرها؛ تأتي أولاً من خلال الرؤية ومن خلال احترام الذات واكتساب المصداقية، ونحن اليوم بحاجة إلى كثير من هذه المواقف المشرفة الواضحة الصادقة العادلة.. السبب بسيط، وهو أن السياسة الدولية اليوم تسودها حالة من النفاق والرياء وازدواج المعايير". وعن موقف الكيان الصهيوني من عملية السلام وجديته فيها، أوضح الرئيس الأسد قائلاً: "(إسرائيل) أكدت مرة أخرى رفضها السلام من خلال تمسُّكها بموقعها الذي وقفت فيه دائمًا، وهو العمل على نسف أية مبادرة لتحقيق السلام، ومقابلة أية مبادرة من هذا القبيل بحروب جديدة ومجازر رهيبة، وهذا ما حصل في عام 2002 بعد "المبادرة العربية للسلام"؛ قامت "إسرائيل" بارتكاب مجازر في جنين وفي الضفة الغربية وقامت بالعدوان على لبنان في عام 2006، وبدأت بالعدوان على غزة بعد أربعة أيام من آخر حديث على الهاتف بيني وبين الرئيس أردوغان، والذي استمر حتى منتصف الليل، وكان في ذلك الوقت رئيس الوزراء "الإسرائيلي" موجودًا في تركيا، وكنا نأمل أن يكون الوقت قد حان لإتمام شيء أساسي في المفاوضات غير المباشرة، ففوجئنا بأن الرد "الإسرائيلي" كان هو الهجوم على غزة، وارتكاب المجازر التي تعرفون عنها كما نعرف". كما تعرَّض الرئيس الأسد للمخاطر المنضوية تحت الهدف الصهيوني القائم على أساس "الدولة اليهودية"، وقال: "التطرُّف الذي نراه في "إسرائيل" ليس استنتاجًا سوريًّا، هو حقيقة يجب أن نتعامل معها إن أردنا أن نصل إلى السلام بعيدًا عن العواطف والدبلوماسية الرومانسية، والطرح الأخير حول "يهودية الدولة" يصب في هذا الاتجاه؛ فهذه الدولة لن يقبل فيها مسيحي ولا مسلم، وستكون دولة من لون واحد ذات طابع عنصري، وهذا مناقض تمامًا للنسيج الاجتماعي لمنطقتنا الغني بتنوعه الديني والثقافي والعرقي، وهذا ما يفسر الردود العنيفة والحربية من قِبل "إسرائيل" على المبادرات السلمية المختلفة؛ لأن السلام يفترض الاندماج مع الآخر، وهذا يناقض التوجُّه (الإسرائيلي)".