- انتظار الفقراء للدور في العلاج يعني تزايد المرض وتيبس العظام وبطالة المريض وافتقار أسرته تحقيق: علي القماش مستشفى الهلال الأحمر أنشأ في الثلاثينات لتكون مركزا متقدما ومتخصصا في علاج العظام من إصابات وغيرها، وجاء موقعه وسط القاهرة وبالقرب من أعرق ميادينها وأكبر محطة سكك حديدية تستقبل أعدادا هائلة كل يوم، ولم يكن اختيار المكان أو التخصص اعتباطا أو مصادفة بل لأهمية دور المستشفى في علاج الحوادث وغيرها. إلا أن حال المستشفى مؤخرا صار كما يقول المثل "لا يسر عدو ولا حبيب" فأصبح مصدرا للخطر بدلا من العلاج، وبدلا من الفخر به أصبح التندر عليه، وبدلا من علاج المفاصل أصبحت المستشفى مفاصلها سايبة. المستشفى مفاصلها سايبة المصادفة وحدها قادتنا إلى هذا التغير الرهيب، إذ كان المطلوب هو رسم قلب لحالة مرضية، فإذا بالمفاجأة بعدم استخدام الجهاز بعد توقفه رغم أن الساعة كانت نحو الواحدة ظهرا، وعندما سألنا جاءت الإجابة أنه لكي يعمل يحتاج إلى وقت، وكان لا بد من "واسطة" حتى يتم عمل رسم القلب، ولولا طبيبة طيبة ما حدث، رغم أن المستشفى في وسط أم العاصمة، والوقت في عز الظهيرة. كان طبيعيا أن نسأل عن ما يجري من فوضى رغم أن مدير المستشفى الشاب وهو الدكتور محمود الشناوي مشهودا له بالكفاءة، وإن كان الواقع هو تراجع المستشفى بعد عهد المدير الدكتور محمد رمزي، ومن الواضح أن الدكتور مهدي عندما تولى إدارة المستشفى كان مثل أهل مكة أدرى بشعابها، فوضع لافتات ولوحات بكل أرجاء المستشفى يحذر فيها الجمهور من دفع رشاوى أو إتاوات للموظفين، وعندما تولى الدكتور طارق الغزالي حرب مديرا للمستشفى رفع وأزال اللافتات على الفور؛ بحجة أنها تسيء للعاملين بالمستشفى، وواضح أنه هروب من الواقع، والذي ورثه الدكتور الشناوي، ولكن ماذا يفعل مع ثورة مفترض أنها قامت لتهز الأعماق للنهوض بالوطن. فساد ممنهج مظاهر الفساد بالمستشفى لا تنتهي، الأمثلة لا تكفيها التفاصيل التي تتوازى مع الكم الهائل من المترددين على المستشفى بحكم موقعها وسمعتها المفترضة أو التي كانت.. ومن أمثلة ونماذج بؤر الفساد الآتي: المريض الفقير قد يحصل على قرار على نفقة الدولة بعد عذاب مرير، لكن مندوب المستشفى يذهب حسب بوصلة المزاج فيضطر المريض إلى الذهاب بنفسه أو قريب بالدرجة الأولى، وهو شرط من شروط المجالس الطبية المتغطرسة – المتخصصة - فى تعذيب البشر، وقد لا يجد المريض قريبا معافيا صحيا وماديا، فيضطر للذهاب بنفسه في منظر لا إنساني ليتعامل مع بقايا من مصابين بالسادية وهو مرض "لذة التعذيب" فيذهب مرات ومرات حتى يحصل على القرار في وقت لا تتوقف صرخات الألم، فإذا به يطالب بعمل إشاعات وتحاليل ترهقه حتى يستدين، ثم يطالب بتكملة الفارق بين قيمة القرار وقيمة تكلفة العملية؛ حيث يخضع تقدير قيمة القرار وفقا لمناقصات وزارة الصحة والمجالس الطبية بينما يرى المستشفى أن "الشريحة" التي يتم تقدير قيمتها في المناقصات غير مناسبة على الإطلاق، وتتكرر استدانة المريض. عذاب مرضى التأمين وحتى مريض التأمين الصحي رغم أنه يسدد نسبة من راتبه إضافة إلى النسبة التي تسددها جهة عمله، فإنه يعانى أيضا من التعذيب، فرغم وجود إدارة طبية بالمستشفى مفترض أنها متخصصة ومن واجبها التحصيل، إلا أن البعض يتلذذ بتعذيب المريض كعب داير. التعذيب المالي لا يتوقف، الطبيب يبحث عن مخرج لزيادة التكلفة، فبدلا من أن يقرر أن العملية "متوسطة" وهو التوصيف الطبيعي لها، يذكر عبارة "ذو مهارة" وبالطبع المهارة والشطارة بتكاليف أعلى، وكله على حساب المريض المطحون ثم يفاجأ المريض بعد هذا كله بتأجيل الجراحة عدة شهور ليتم وضع اسمه على قوائم الانتظار. الطبيب أول من يعلم أن هناك خطورة في الانتظار قد تأتي في تسوس العظام، أو في حالات التيبس بحكم طول الوقت، وبعدها لا يصلح العلاج، يضاف إلى ذلك ما يعانيه المريض من شدة الألم كلما مر الوقت عليه، كما أن أسرته تعاني مزيدا من الفقر؛ بسبب بطالة المصاب وعدم قدرته على العمل، إذ ذكرنا أن معظم هؤلاء المرضى من الفقراء. الفقراء يدفعون الثمن فإذا قدر للمريض بعد هذا كله إجراء الجراحة وعمل العملية، يفاجأ بداخل المستشفى ما هو أقرب لوكالة البلح والباعة الجائلين، بما يسمى بيع الأجهزة التعويضية، ولأن هذه الأجهزة لا علاقة لها بالمستشفى فقد تحولت إلى "سبوبة" بمنح حافز أو عمولة لكل من يحصل على زبون، جبيرة ماشي.. رقبه ماشي.. حزام طبي ماشي، وعليه تحول السكرتارية والممرضات وغيرهم إلى تجار باله. أما إذا مات المريض نتيجة الحادث، فبصرف النظر عن العلاج المجاني كحالة طوارئ لا يطبق الا مصادف؛ حيث تقوم المستشفيات – معظم المستشفيات إن لم تكن كلها - بطرد المصاب، إلا أن ما يحدث أن تجد من يطلب من أهل المتوفى مبلغ بعد الوفاة ويتظاهر إنه شهم وأنهى الإجراءات على مسئوليته وضمانته، وإن لم تسدد سيتحمل هو المبلغ.. وعليه يلهف قدر ما يستطيع ولا مانع من إيصالات مضروبة. من تمورجي لمحاسب أما إذا ذهبت للحسابات فستجد من لا يفهمك، لأن الموظف بسلامته كان تمورجي أو فراش وحصل على مؤهل من التعليم المفتوووووح على الآخر، وطلب تغيير وظيفته لمحاسب، وعليه تصبح الممرضة مديرة حسابات. أما إذا ذهب الشاكي للمراجعة فسيجد كشك داخل المكتب.. بسكويت.. سجائر.. حاجة ساقعة قوي. مستشفى خارج الخدمة فإذا ذهب للشكوى في أي إدارة فسيجد الموظفات بأطفالهن فيما هو أقرب للحضانة فإذا صعد بالشكوى إلى مستوى أعلى سيفاجأ بمجموعة من الثوريين – لا مؤاخذة الألقاب ببلاش !! – عاملين جروب على "الفيسبوك" ويهددوا كل من يعارض مكاسب سعادتهم الثورية.. ويتوجهوا برابطة المعلم للأمانة التابعة لوزارة الصحة، وهى بالأمانة لاتهش ولاتنش اكتفاء بنسبة 4% تحصلها من كل حالة من كوم الزبالة.. عفوا مستشفى الهلال سابقا.