- الاستراتيجية لم تتناول إعادة هيكلة بنية الأجهزة الرقابية وضمان فاعليتها - تداول المعلومات وحماية الشهود.. تشريعات ضرورية تنتظر البرلمان - الدولة تنفق الأموال لاستعادة الأصول.. ودون جدوى - حملة عالم واحد: نكافح الفساد من أجل حقوق الإنسان
كتب علي القماش في إطار أهداف تقرير مؤشرات مكافحة الفساد في مصر، الصادر عن عالم واحد للتنمية في إطار برنامج الشفافية والنزاهة، إلى قياس التقدم المحرز في مكافحة الفساد في مصر، و قياس درجة التزام الدولة والمؤسسات الحكومية بالتشريعات ذات الصلة. و صرح ماجد سرور مدير عالم واحد أن تقرير مؤشرات مكافحة الفساد واحد من المنتجات البحثية الدورية التي تصدر عن عالم واحد للتنمية ليُعطي صورة عن التطور في مكافحة الفساد في مصر و هو التقرير الأول من نوعه على الصعيد المحلى و أضاف سرور أن عالم واحد تسعى لإصدار مثل هذا التقرير على الصعيد المحلي تأتي هذه الأنشطة في إطار الحملة التي أطلقتها عالم واحد - نكافح الفساد من أجل حقوق الإنسان . أولا: القوانين والتشريعات الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد أطلقت الحكومة المصرية في 9 ديسمبر 2014 الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2014-2018، وذلك بالتزامن بالاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد، وذكرت الاستراتيجية في ديباجتها أنه تنطلق من الإدارة السياسية للشعب المصري لمكافحة الفساد والتي عبر عنها دستور 2014، وجهود الإصلاح الإداري الذي يأتي وفقا لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد 2005، والاتفاقية العربية لمكافحة الفساد 2014، وتم وضعها بواسطة الأجهزة الرقابية الستة، وهى أجهزة "الرقابة الإدارية، النيابة الإدارية، النيابة العامة، الجهاز المركزي للمحاسبات، جهاز مكافحة غسيل الأموال، وجهاز الكسب غير المشروع" وذلك تحت إشراف رئيس مجلس الوزراء[1].وأرجعت الاستراتيجية أسباب الفساد في مصر إلى عوامل اقتصادية كانخفاض مستوى الدخل وتفاوته بين الطبقات المختلفة مع ارتفاع معدلات البطالة وغياب العدالة الاجتماعية، علاوة على تركز الثروة في أيدي فئة وصفتها بأنها تجيد استغلال الأنشطة التي لا تتسم بالشفافية. كما أشارت إلى أن التوسع في الانفاق على المشتريات الحكومية تسبب في استقطاع جزء مهم من موارد الدولة في مقابل تحقيق مآرب شخصية للمسؤولين بالجهاز الإداري للدولة، واعتبرت الاستراتيجية أن نظم التعيين والتقييم والترقية في الوظيفة العامة للدولة ساهمت في انتشار الفساد، علاوة على ضعف الرقابة الداخلية في تلك الأجهزة. وبالنظر إلى الاستراتيجية القومية لمكافحة الفساد، نجد أنها تعيد سيطرة أجهزة الدولة على ملف مكافحة الفساد وتستبعد المجتمع المدني والأكاديمي والإعلامي من المشاركة برغم المحاولات التي جرت في السنوات الأخيرة لتوسيع نطاق هذه المشاركة، من جهة أخرى فإن إطلاق استراتيجية وطنية كان يجب أن تسبقه الإجابة على عدة أسئلة مهمة لا تزال تشغل المجتمع المصري بعدما يقرب من أربع سنوات على الثورة: ما الذي جعل الفساد يتفاقم ويستشرى إلى هذا الحد؟ ولماذا عجزت الأجهزة الرقابية عن التصدي له من قبل، هل بسبب ضعف الإمكانات، أم قصور التشريع، أم غياب الإرادة السياسية؟ كما ويتضح من خلال ما أوردته الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد أنها تتناول إجراءات معتادة[2] سبق الحديث عنها مثل تطوير الخدمات الحكومية، والحد من التعامل مع الموظفين، ووقف التعدي على الأراضي الزراعية، والمزيد من الشفافية، وتشديد العقوبات. هذه كلها أشياء بديهية ولا تمثل خروجًا عن الأساليب القديمة ولا تغييرًا جذريًّا يتناسب مع إطلاق استراتيجية جديدة. 1- قانون حرية تداول المعلومات. نص الدستور المصري 2014 في مادته 68 على حرية تداول المعلومات، وأن المعلومات والبيانات والإحصائيات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة حق تكفلة الدولة لكل مواطن، ووضعت المادة الدستورية الملامح الأساسية لقانون تداول المعلومات فيما يتعلق بالتزام الدولة بالشفافية، ومبدأ الإفصاح وقواعد خفض البيانات أو حجبها وفقا للقانون، ويعني ذلك ان المادة الدستورية قد ألزمت الدولة والبرلمان القادم لإصدار القانون والذي يعد بمثابة الوثيقة التشريعية لالتزام الحكومة بمبدأ الشفافية الذي أعلنت عنه أيضا الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، ومن قبلها اتفاقية الأممالمتحدة، والاتفاقية العربية لمكافحة الفساد. وفيما يتصل بالجهود الحكومية بشأن إصدار قانون ينظم ويتيح تداول المعلومات فقد أرسلت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات قد النقاط الخاصة بها والمتعلقة بقانون حرية تداول المعلومات إلى اللجنة التشريعية بوزارة العدل واصفة إياه بأنه نواة استراتيجية في كسب ثقة الشركات العالمية لتكنولوجيا المعلومات للاستثمار في مصر في عديد من المجالات الصناعية 2- حماية الشهود والمبلغين على الرغم من أن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، تناولت حماية الشهود والمبلغين كمبدأ يجب على الدولة الالتزام به عن طريق إصدار قانون لحماية الشهود والمبلغين، إلا أن الفترة محل الرصد لم تشهد صدور أية بيانات حكومية ذات صلة، وإذا كان قانون حماية الشهود والمبلغين هو أحد القوانين الهامة في أجندة البرلمان القادم، إلا أن الحكومة ينبغي عليها أن تعلن عن رغبتها في إصدار القانون كأحد الأدوات التي يجب استخدامها لمكافحة قضايا الفساد والجرائم الاقتصادية الكبرى. وقد شهدت الفترة محل الرصد إصدار تقرير لجنة تقصي الحقائق عن أحداث فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، والذي أوصى بضرورة حماية الشهود والمبلغين في مثل هذه الأحداث التي تمر بها البلاد، سواء تلك التي ترتبط بالجرائم الجنائية بشكل عام، أو التي تتعلق بالإبلاغ عن وقائع الفساد، وأصدرت عالم واحد للتنمية بيانًا طالبت فيه بسرعة إصدار قانون لحماية الشهود والمبلغين بما يتوافق والمعايير الدولية للقانون والتي كانت قد أصدرتها في بيان لاحق بشأن التعقيب على مشروع القانون الذي صدر عن وزارة العدل في فبراير العام الماضي 3- قانون تمويل الحملات السياسية لم تشهد الفترة محل الرصد أية جهود متعلقة بإصدار قانون بشأن تمويل الحملات السياسية، في حين نصت بعض مواد القانون 45 لسنة 2014 بشأن ممارسة الحقوق السياسية، على عدد من الضوابط المتعلقة بتمويل حملات الدعاية السياسية الخاصة بالانتخابات حيث حددت ضوابط التبرع لمرشحي مجلس النواب، والحد الأقصى لهذه التبرعات، وحجم المساهمة الشخصية من جانب المترشح، مع وضع عدد من الضوابط الأخرى المتعلقة بتقديم إقرارات الذمة المالية للمرشح وأفراد عائلته من الدرجة الاولى ثانيًا: غسيل الأموال قام البنك المركزي، بتعديل القواعد المنظمة لأعمال الصناديق النقدية التي تضمنت التأكيد على ضرورة أن يكون المكتتبون من عملاء البنك فقط، مع ضرورة إتمام إجراءات "اعرف عميلك" للتحقق من جديتهم، ورأى اقتصاديون أنه يجب تطبيق قواعد "اعرف عميلك"، في أي اجراءات تعاقدية داخل البنوك لاسيما أنها تتعلق بدخول أموال الاقتصاد القومي؛ حيث تضمن استيفاء البيانات الكاملة من العميل والتحقق من هوية وطبيعة النشاط، ويلتزم البنك بعدم فتح حسابات أو ربط ودائع أو قبول أموال من أشخاص بأسماء صورية أو شركات وهمية لا تحمل سوى السجل التجاري دون أن تمارس نشاطًا فعليًّا في السوق، وتقتضي القواعد متابعة تعاملات العميل بصفة دورية وملاحظة أي تغيير مفاجئ مقارنة ببيانات فتح الحساب، وملاحظة أي تعاملات غير عادية تكون محل الاشتباه. وعلى الجانب الآخر، فقد شهدت الفترة محل الرصد اتخاذ قرار من جانب النيابة العامة وجهاز الكسب غير المشروع باستدعاء 12 من رجال الأعمال والمقاولين بالسويس للتحقيق معهم بقضايا كسب غير مشروع من بينهم مقاولين وأصحاب معارض سيارات متهمين بغسيل الأموال، حيث توجد تحقيقات تقوم بها منذ أشهر الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة والكسب غير المشروع في قضايا غسيل الأموال، خاصة أموال الإرهاب وأموال المخدرات. ثالثا: استرداد الأصول يمثل استرداد الأموال المنهوبة في الخارج تعزيزًا لموارد الدولة من أجل الوفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها في مجال حقوق الإنسان كما أن عدم استعادة أموالها المسروقة يؤثر سلبًا على التزاماتها باتخاذ تدابير بأقصى ما هو متاح من الموارد للتوصل تدريجيًا إلى الإعمال الكامل للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وعلى الرغم من جهود الدولة في استعادة الأصول المهربة عقب ثورة 25 يناير 2011، إلا أنها لم تحرز أي تقدم في هذا الصدد، بل ربما مثّل هذا الملف عبئًا ثقيلا على الحكومة التي تنفق أمولا في سبيل استعادة الأصول بدون جدوى، ولم تشهد الفترة محل الرصد أية جهود حكومية رسمية لاستعادة الأصول المهربة. رابعًا: الجهات الرقابية / مكاتب الشكاوى تعد مكاتب الشكاوى وفاعليتها في تلقى البلاغات المتعلقة بوقائع الفساد، مؤشرا هامًا لمدى جدية الحكومة في مكافحة الفساد ومؤشرا كذلك للتنسيق الذي ينبغي أن تكون عليه كافة الجهات المحاسبية والرقابية المعنية بالدولة. وشهدت الفترة محل الرصد تدشين هيئة النيابة الإدارية، لمركز معلومات يتلقى شكاوى المواطنين للكشف عن الفساد الوظيفي بالجهاز الحكومي، وذلك لمسايرة وسائل الاتصال الحديثة وتوفيراً للوقت والجهد، وذلك عبر وسائل الاتصال الحديثة من فاكس وبريد إلكتروني وخط ساخن "16117"، أنشئ لهذا الغرض، على أن يوفر المركز المعلومات القانونية اللازمة لتمكين أعضاء النيابة من أداء عملهم بالدقة الواجبة. هيئة مكافحة الفساد على الرغم من وجود الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والتي يترأسها رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، إلا أنه لم يتم إنشاء هيئة عليا مستقلة معنية بمكافحة الفساد في مصر حتى الآن، كما لم تشهد الفترة محل الرصد أية بوادر من جانب الحكومة للإعلان عن إنشاء هيئة مستقلة معنية بوضع الأطر الأساسية لملاحقة جرائم الفساد، واكتفت الحكومة بإعطاء عدد من الصلاحيات للأجهزة الإدارية التابعة للدولة بمتابعة تنفيذ الخطة الاستراتيجية لمكافحة الفساد خلال الفترة 2014-2018.