قال الناشط السيناوى، سعيد عتيق، أن شباب سيناء لن يسمحوا لرموز الأنظمة السابقة بالعودة للساحة السياسية، والمدنيون يدفعون فاتورة حرب الدولة على على ما يسمى بالإرهاب في سيناء، وأنه لم يأت مستثمر إلى سيناء إلا زاد الطين بلة ولم يخدموا أهالينا بمثقال ذرة واعتبر أعتيق، ابن قبيلة السواركة، أن ما تشهده سيناء من أحداث دامية يعبر بوضوح عما أفرزته إدارة الدولة لشئونها عبر 3 عقود، مشيرًا إلى أن التعامل الأمنى البحت مع ملف القبائل كان له بالغ الأثر فى خلق تراكمات نفسية سلبية تجاه وزارة الداخلية بالتحديد. وأوضح أعتيق في حوار مع "مصر العربية" أن الدولة تجاهلت مناشدات الشباب بضرورة دمجه فى الحياة السياسية، واستمرت فى دعم رموز فقدت كل رصيد لها فى المجتمع السيناوى، يقتصر دورهم على الظهور الإعلامى الرسمى، مشددًا على أن الشباب السيناوى اتخذ قراره بأن يفرض نفسه على الساحة رافضاً سياسة الإقصاء المتعمدة. وحذر أعتيق فى حوارصحفي من محاولات رجال الأنظمة البائدة من محاولة امتطاء ظهور الشباب، وأكد أن حالة الوعي الشبابى فى سيناء نضجت وأدركت حقيقة ما يحدث على الأرض. الباحث السيناوي أكد سقوط ضحايا من المدنيين فى حرب الدولة على الإرهاب، مطالبًا بضرورة أن تقدم الجهات المعنية بدائل للأسر التى تفقد عائلها فى تلك الحرب التى يشارك فيها المجتمع السيناوى دولته. حسب قوله كما ناشد أعتيق المسئولين بمعاملة أسر هؤلاء الضحايا معاملة أسر شهداء الثورة.
وإلى نص الحوار: بداية.. ما تقييمك للأوضاع فى سيناء حاليا ؟ هناك 3 محاور يمكن من خلالها الوقوف على الأوضاع فى سيناء، وهى المحور الاجتماعى والسياسى والأمنى. أما المحور الاجتماعي فمتدهور، والظروف الإنسانية والاقتصادية صعبة للغاية، وبرغم تقديرنا للظروف الحرجة التى تمر بها البلاد، وخاصة شمال سيناء، ودعمنا الكامل للقضاء على الإرهاب، إلا أن القرارات الاستثنائية المتمثلة فى حظر التجول أصابت الحياة اليومية للمواطن المقيم فى سيناء بشبه شلل. لكن هناك تخفيض تدريجي لساعات الحظر وهو ما نأمل أن ينتهى للأبد بزوال السبب، ودعنا نكون أكثر صدقًا مع أنفسنا قبل الآخرين، لنعترف بأن الأجواء الخاصة التى تشهدها الساحة السيناوية، تفرض على المجتمع تحمل بعض المسئوليات تجاه الدولة، مع العلم بأنه تحمل ما لا طاقة لبشر أن يتحمله من تهميش وإقصاء وتربص وتلفيق على مدار ثلاثة عقود. وتأتى فى المرتبة الأولى من مسؤوليات المجتمع أن يقاوم كل محاولات جره إلى حرب أهلية تجاه من يقتلون أبناءه عمدًا من الجماعات المسلحة، فعليه أن يتمسك بالحكمة وعدم الانجراف وراء العنف المتبادل رغم قدرة القبائل على التصدي. أما ما يخص الساحة السياسية فنحن كشباب نرصد محاولات نظام مبارك ومن بعده تنظيم الإخوان، التى تهدف إلى ركوب ظهر الشباب غير المحسوب على أي نظام سابق، فى محاولة منهم لتطهير أنفسهم، وخوض الحياة السياسية بما أنك من أبناء القبائل ومدينة الشيخ زويد وقريب من أحداث العنف التى تشهدها سيناء.. ما هي رؤيتك للنجاحات التى تتحدث عنها البيانات الرسمية فى محاربة الإرهاب؟ تراجع عدد وقوة العمليات المسلحة مؤشر على تعديلات تمت فى خطة التعامل مع الجماعات المسلحة، فبعد أن كانت العمليات تحدث بشكل يومي، قد يمر أسبوع وأسبوعان الآن دون عمليات تذكر، اللهم إلا الاشتباكات اليومية التى تحدث بين الطرفين. المؤشرات على أرض الواقع تؤكد أيضا أن شهري ديسمبر من العام الماضى ويناير من العام الجاري شهدا ضربات قوية من القوات المسلحة، كانت أكثر دقة وقوة من الفترة السابقة، وهو ما يظهر فى محاولات التنظيمات المسلحة تعويض قلة عملياتها بالظهور الإعلامى للحفاظ على وجودها. لكن سقوط ضحايا من المدنيين على يد المسلحين تزايد بشكل ملحوظ، وللأسف يدفع المدنيون فاتورة إهمال الدولة لسيناء عشرات السنوات، وهو ما أنتج هذه التنظيمات، وهؤلاء المدنيون هم الضحايا الحقيقيون ومن يستحقون أن يطلق عليهم لقب شهداء بجانب إخوانهم من شهداء الثورة، وعلى الدولة توفير معاشات مالية وإعانات شهرية لأسرهم. كيف ترى عمليات الإخلاء لسكان الشريط الحدودي في رفح مع قطاع غزة؟ هذه عملية معقدة على الفهم لمن هو خارج المجتمع السيناوى، كما أن مردودها المتوقع على المستوى الاجتماعى والأمنى أكثر تعقيداً، فلو نظرنا إليها من منظور اجتماعى لوجدناها الخطأ بعينه، حيث تسيطر حالة من الحزن على كل مواطن ترك منزله وأرضه فى انتظار مصير مجهول، وهو ما سيورث أثرًا سلبيًا لدى الأجيال القادمة، وعلى الدولة أن تدرك ذلك وتسعى لإزالته لدى المواطنين الذين أخلوا منازلهم. أما من المنظور الأمنى فإن الأمر على النقيض تماماً، فحماس استخدمت فيه الأنفاق كوسيلة أساسية ووحيدة لأن تكون معبرها غير الشرعي إلى الأراضي المصرية، وقامت بنشاطات عسكرية واقتصادية من شأنهما الأضرار بالدولة، كما كانت هى اللبنة الأولى لتصعيد العنف المسلح في سيناء، لاستخدامه كورقة ضغط على مؤسسات الدولة. كل هذا وغيره أوجب ضرورة السيطرة على تلك المنافذ غير الشرعية لفرض جزء من الأمن على سيناء، لكن كل هذا لا يمنعنا من أن يرتفع صوتنا، مؤكدين على أن الأمن القومي المصري في سيناء يبدأ من التعمير وليس الإخلاء. وما هو دور رجال الأعمال في هذا التعمير؟ هذا السؤال ينكأ جروحًا فى قلب كل سيناوي، فرجال الأعمال قدموا إلى شمال سيناء بلسان معسول أغرى أبناء البادية من القبائل، وخيل لهم أن هؤلاء سيحولون شمال سيناء إلى جنة الله الخضراء على الأرض. لكن مع الوقت بدأ هؤلاء فى السيطرة على خيرات سيناء، وخلق إمبراطوريات اقتصادية عملاقة، وبالتدريج بدأ نفوذهم يتعاظم داخل القبائل من خلال صنع رموز جديدة باستخدام المال والقوة، ليكونوا حائط صد لهؤلاء المستثمرين من أي رفض قبائلي تجاه ممارستهم. وقد كشفت ثورة 25 يناير حقيقة هؤلاء بعد أن جلسوا وأكلوا على جميع الموائد من أجل الحفاظ على ضخ الأموال لخزائنهم، وأقولها بملء الفم: لم يأت مستثمر إلى سيناء إلا زاد الطين بلة ولم يخدموا أهالينا بمثقال ذرة، بل كان كل همهم زيادة أرصدتهم المليارية في البنوك. وبالنسبة لرجال الأعمال السيناوية فالقليل منهم تحرى الصدق واحترم جذوره وأبناء جلدته فى استثماره، أما الغالبية فلم يختلفوا كثيرًا عمّن ذكرناهم من خارج سيناء، بل إن بعضهم سمحت لهم ضمائرهم بأن يكونوا بوابة خلفية لمن يتربص بالدولة المصرية، وخاصة حركة حماس. وبعض هؤلاء يحاولون الترويج بأن لهم علاقات برجال ومؤسسات الدولة السيادية من أجل ترهيب واستقطاب الأهالي والحصول على أموال منهم عبر مشروعات وهمية، واقول لمثل هؤلاء: يومكم قد اقترب وستأكلون فى بطونكم نارا. على المستوى الخدمي.. كيف ترى أداء الأجهزة التنفيذية في سيناء ؟ للأسف جميع الأجهزة التنفيذية فاشلة بامتياز، فمنذ ثورة 25 يناير وحتى الآن تتعاقب الأنظمة من المجلس العسكري وحتى السيسي، ولم تقدم هذه الأجهزة بأي أمر يستحق الإشادة أو التقدير. واعتقد أن الأمر لا يتوقف على سيناء وحدها، بل إنه مشهد مكرر فى كل محافظات مصر، لكنه فى سيناء له حساسية خاصة، وأؤكد أن محاربة الإرهاب والتطرف والأفكار المتشددة يبدأ من رفع الولاء والانتماء تجاه الوطن. الانتماء ليس مجرد مصطلح رنان نستدعيه وقت الحاجة وفى المناسبات القومية ومانشيتات الصحف، لكنه رد فعل لما تقدمه الدولة من واجبات تجاه المواطن من خدمات أساسية، وبالتالى يكون المردود هو الانتماء والولاء للدولة. وبرغم ما يعانيه أبناء شمال سيناء من ويلات، إلا أنهم مازالوا متمسكين بالولاء لأرض وسيادة الوطن، وعلى الدولة استغلال ذلك والارتقاء به من خلال تنشيط وتكثيف العمل الخدمي، فأهالي سيناء يطالبون بأبسط مطالب الحياة الإنسانية، من مياه وصرف وكهرباء واتصالات. ولك أن تتخيل أن قرى كاملة لا يوجد بها مياه شرب أو صرف صحى، وأكررها: الشباب هم القوة الدافعة للدولة فى سيناء، ويجب تصعيدهم واحتواؤهم وتدريبهم وتأهليهم لإدارة سيناء سياسياً وتنفيذياً واجتماعياً، وبينهم العشرات من أصحاب الأفكار الإبداعية ممن يستحقون أن تقف الدولة وراءهم، بدلاً من حالة الفشل التى نعيشها. هل تستبعد أن يكون للكيان الصهيونى دور فيما تشهده سيناء؟ دائماً ابحث عن المستفيد، هكذا يتعامل المحققون مع أي جريمة، وما يحدث فى سيناء من عنف وتطرف هو جريمة والمستفيد من زعزعة الاستقرار فى سيناء أطراف عديدة، يأتى فى مقدمتها الكيان الصهيونى، ولعل الشواهد تؤكد ذلك من التسليح وأجهزة اللاسلكي وغيرها من الأدوات فى يد المسلحين. ثمة شواهد أخرى تتعلق بقيادات فى التنظيمات المسلحة وعلاقتهم المشبوهة بالكيان الصهيونى؛ حيث كانوا يعملون على مدار سنوات فى تهريب الروس والأفارقة للأراضي المحتلة بالتنسيق مع عناصر من داخل الكيان الصهوينى، وفجأة أصبحوا يرفعون راية الجهاد ونصرة بيت المقدس دون أي مقدمات.