تنفيذ مخطط تفجير الأضرحة والمقابر السيناوية بعبوات ناسفة بمناطق أبوجرير ومزار ببئر العبد «قبيلة السواركة» تطالب الجيش والشرطة بحماية أضرحتها وتؤكد: «مرتزقة إرهابيين وسنلاحقهم للثأر منهم» التكفيريون لم يمسوا «صخرة موشيه ديان» الإسرائيلية ونسفوا أضرحة الأولياء الصالحين! القبائل طالبت القوات المسلحة تسليح السيناويين لمساعدتها فى ملاحقة التكفيريين...والجيش رفض بلحاهم الطويلة «المسترسلة» وعقولهم الصدئة التى لا تعرف عن الدين شيئاً، ظناً منهم بأنهم يطبقون شرع الله على الأرض، وبعد أن استكفوا من دماء الجنود والأهالى فى سيناء امتدت أياديهم الغاشمة إلى تفجير وقصف الأبنية الدينية وأضرحة أولياء الله التى لا تزال بعض القبائل السيناوية تعيش بجوارها، متمسكة بروحانيات آل البيت، وأضرحة الأولياء الصالحين، وأقطاب الصوفية كجزء من تراث الآباء والأجداد الذى يعتقد فيه المصريون جميعاً، متعلمين وأميين. وفى الماضى، لم تكن الجماعات الدينية المتطرفة فى سيناء التى كانت تقطن الكهوف والجبال تنظر يوماً ما إلى الحلال والحرام أو إلى ما يسعد الناس ويحزنهم، وأعضاؤها لم يسعوا لتطبيق الفكر الجهادى التكفيرى فقط، لكنهم تطلعوا لتطبيق تعاليم السلفية الوهابية التى صدرت لهم، وهى إقامة «سيناء إمارة إسلامية» بلا أضرحة وبلا متصوفون. البداية كانت منذ أن قامت جماعات مثل «السلفية والجهادية والتوحيد والجهاد ومجلس شورى المجاهدين وجيش الإسلام» التى تربطهم علاقات وطيدة بجماعة الإخوان، بقصف وتفجير كل الأضرحة المتواجدة بمنطقة جبل المغارة بشمال سيناء، والتى تقطنها قبيلة «الجريرات» المتصوفة، وهى القبيلة التى تعتبر أجدادها من أولياء الله الصالحين. إذ قام مسلحون يستقلون سيارة نصف نقل بدون لوحات معدنية بوضع عبوات ناسفة بجوار ضريحى الشيخ حميد أبو جرير بمنطقة المغارة بوسط سيناء، والشيخ سليم الشريف أبوجرير بمنطقة المزار فى بئر العبد، وفجروهما عن بعد فى نفس التوقيت، ولاذوا بالفرار بعد أن حاول الأهالى البطش بهم، حيث اعتبرت تلك الجماعات أن هذه وجود هذه الأضرحة يمثل «شركاً بالله»، على حد وصف الأهالى. ومن جانبه قال الشيخ عبد القادر مبارك من وجهاء عشيرة الجريرات التابعة لقبيلة السواركة أكبر وأعرق القبائل بشمال سيناء «احمل مسئولية تفجير ضريح الشيخ حميد أبو جرير بالمغارة والشيخ سليم أبو جرير بالروضة لجماعة الإخوان ومن يؤيدهم من الجماعات الدينية المتشددة، كما أحمل القوات المسلحة والشرطة المسئولية على تخاذلهما فى تطهير سيناء من الإرهاب، وإذا عجزوا عن ذلك فليعلنوها صراحة ونحن أهل لها، ونستطيع أن نطهر سيناء من هؤلاء المرتزقة الإرهابيين ومن يساندهم، فلن نسمح أن يتم الاقتراب من قبورنا وأضرحة أولياء الله الصالحين?. وأضاف مبارك قائلا: «لأنهم مرتزقة لإسرائيل وأمريكا لم يقتربوا من صخرة «ديان- صخرة الجندى المجهول الإسرائيلى بسيناء»، ولم يقتربوا من الحدود لمقاومة الصهاينة لأنهم يتاجرون بالدين فقط وعبيد للدولار، وقاموا بقتل الجنود المصريين الصائمين بمنطقة الشلاق فى رمضان قبل الماضى، وعلى بعد أمتار كانت هناك قوات حفظ السلام الأمريكية فلم يقتربوا منها لأنهم أصدقاؤهم وأحبابهم، فهم يفجرون ويقتلون بالليل ويتلقون المقابل بالدولارات بالنهار». واستنكر الناشط السيناوى خالد عرفات، أمين حزب «الكرامة» فى العريش، تفجير وهدم الأضرحة فى سيناء، والتعدى على حرمات القبور، مؤكداً أن «هذه الأضرحة موجودة فى سيناء منذ مئات السنين، ولم يتحدث عنهم أحد سوى فى هذه الأيام فقط، وأن الجماعات التكفيرية تحاول استفزاز القبائل السيناوية للدخول معهم فى حرب غاشمة وتشتيت الجيش والشرطة فى تلك النزاعات وإبعادهم عن الحدود». وفى المقابل قال الناشط السيناوى عبد الفتاح سلامة المنتمى للجماعات الإسلامية، «إن توقيت هذين التفجيرين يأتى فى سياق تلفيق تهمة التفجير للإسلاميين، وذلك بعد أن تأكد لكل أبناء سيناء أن الجرائم التى تُرتكب فى المحافظة وراءها أيدٍ أمنية وأخرى تخريبية، وأكبر دليل على ذلك هو القبض على ضابط الأمن الوقائى التابع للقيادى السابق بحركة فتح، والهارب حالياً بالإمارات محمد دحلان، والعثور فى منزله على مقاطع فيديو لأماكن حيوية بالمحافظة، وأيضاً العثور على جهاز تمرير مكالمات دولية ومبالغ مالية أجنبية»، حسب قوله. ومن ناحية أخرى، اتهم جابر قاسم، وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية، الجماعات التكفيرية والسلفية الجهادية بتدبير تفجيرات الأضرحة فى سيناء، موضحاً أنه « ليس بجديد عليهم القيام بذلك، فقد سبق أن قاموا بتكفير الصوفيين لأن مذاهبهم قائمة على الفكر الوهابى الذى يكفر كل من يزور الأضرحة». وأضاف قاسم ل«الصباح» أن «الصوفية شكلت لجاناً شعبية منذ فترة قريبة لحماية وتأمين الأضرحة فى القاهرة والإسكندرية وباقى المحافظات، وذلك بعد التهديدات التى ساقتها الجماعات الإسلامية الوهابية التكفيرية»، موضحاً أنه نظرًا لصعوبة الطبيعة الجغرافية فى سيناء، ومع حدة الأحدث بها من الصعب تشكيل لجان شعبية لخطورة الوضع الأمنى». وأوضح وكيل المشيخة الصوفية أنه سبق وأن طالب المشيخة العامة والأزهر والأوقاف بأن تتقدم بطلب لهيئة «اليونسكو» بتسجيل الأضرحة والمساجد بها لحمايتها دولياً، لأنه عندما تكون تابعة لهيئات دولية سيتم تسهيل حمايتها من الجماعات التكفيرية، وخاصة أضرحة العريش». وطرحت القبائل السيناوية مبادرة لتسليح شباب القبائل من أجل مواجهة المد التكفيرى فى سيناء فى سياق تأكيدها على تضامنها مع القوات المسلحة فى عملياتها التى تستهدف البؤر الإرهابية، لتحقيق حلم استقرار سيناء وتطهيرها تماماً من العناصر الإجرامية، حيث إن طرح تسليح القبائل ليس وليد الصدفة وإنما هو خطوة فى اتجاه توفير الحماية للقبائل التى أخذت على عاتقها أمر الوقوف فى مقدمة الصفوف لإرشاد القوات المسلحة عن أماكن تمركز التكفيريين والقائمين على العمليات الإرهابية بسيناء، وفقاً لرؤية بعض شيوخ القبائل الذين اعتبروا أن التس?يح الرسمى وإعلانه يعزز من موقف القبائل الموالية للجيش والتى تدعم التطهير الشامل القائم على الشراكة بين أبناء سيناء والقوات المسلحة. ووفقاً لروايات متعددة للكثير من القبائل السيناوية فإن التسليح بالنسبة للقبائل السيناوية قائم بالفعل، ولكنه بعيد عن الأعين الأمنية، وذلك لأن فكرة التعاون الأمنى فى هذا الشأن محاط بنظرية انعدام الثقة بين الجهاز الأمنى والمواطن السيناوى على امتداد أعوام سابقة، لكن القوات المسلحة رفضت كل المبادرات السيناوية رسمياً لأنها من شأنها أن تساهم فى تقسيم السيناويين بين مؤيدين ومعارضين للجيش باعتباره المؤسسة التى تحظى باحترام الجميع فى سيناء. ويرى الشيخ حسن خلف كبير قبيلة «السواركة» وقاضى قضاة الأحكام العرفية بسيناء، أن «التسليح للقبائل بشكل رسمى سيساهم فى تأمين سيناء من أخطار الجماعات التكفيرية التى تسهدف منشآت حيوية وتنشر الفوضى وتساهم بشكل فاعل فى إضرار المواطن السيناوى»، مشيراً إلى أن القبائل تعلن دعمها دائماً للجيش المصرى فى أعقاب كل حادثة أمنية تتعرض لها سيناء، فى حين أن قرار التسليح يعتبر تأكيداً للتضامن مع القوات المسلحة فعلا وليس قولاً فقط، وأنه قد تقدم بشكل رسمى للقيادات الأمنية فى الشيخ زويد لطلب حمل سلاح بصفة رسمية بعد أكدت له الأجه?ة الأمنية أنه مستهدف من الجماعت التكفيرية لأنه على علاقة وطيدة بالجيش فى سيناء. أما الناشط السياسى السيناوى مصطفى الأطرش فيقول «إن مبادرة تسليح القبائل بشكل رسمى ليست أمراً منطقياً، لأن الأمن لن يقبل بتدخل البدو فى الأحداث الراهنة، مما قد يحدث انقساماً بين القبائل على فكرة التسليح لمواجهة عناصر جهادية أو تكفيرية». وأوضح الأطرش ل«الصباح» أن «المصداقية غائبة بين شباب البدو والأمن، والجيش فى الوضع الراهن لن يقبل بتعزيز الانقسام بين أبناء سيناء، ووضع المؤيدين فى مواجهة المعارضين»، لافتاً إلى أن المصالح السياسية تحكم التحركات فى سيناء من جانب مؤيدى الرئيس المعزول محمد مرسى وبعض القوى الأخرى، وأن المواطن السيناوى يقف فى مفترق طرق مثل التائه بين مساندته للجيش ومحاولة تصفيته من قبل الجماعات الإرهابية الأخرى. وأخيراً يقول اللواء فؤاد علام وكيل جهاز مباحث «أمن الدولة» السابق: «إن الجيش ليس فى حاجة لمعاونة من قبائل سيناء من ناحية التسليح، لافتاً إلى أن الجيش لديه خطة مكتملة لمواجهة الحركات التكفيرية فى سيناء، وتسليح القبائل سيعطل الخطة الأمنية الموضوعة لتنظيف المنطقة من الإرهابيين والمتطرفين»، معتبراً أن «الحل الأمنى هو السبيل الوحيد لمواجهة تلك البؤر الإرهابية بعد نفاد جميع الطرق السلمية والسياسية».