مستشفى 15 مايو التخصصي ينظم ورشة تدريبية فى جراحة الأوعية الدموية    الفراخ البيضاء اليوم "ببلاش".. خزّن واملى الفريزر    اليوم، رئيس كوريا الجنوبية يلتقي السيسي ويلقي كلمة بجامعة القاهرة    اليوم.. محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها فى مصر القديمة    تحذير عاجل من الأرصاد| شبورة كثيفة.. تعليمات القيادة الآمنة    اليوم.. عرض فيلم "ليس للموت وجود" ضمن مهرجان القاهرة السينمائي    شاهد، أعمال تركيب القضبان والفلنكات بمشروع الخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    ترامب يرغب في تعيين وزير الخزانة سكوت بيسنت رئيسا للاحتياطي الاتحادي رغم رفضه للمنصب    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار فى الهرم    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    محمد أبو الغار: عرض «آخر المعجزات» في مهرجان القاهرة معجزة بعد منعه العام الماضي    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    موسكو تبدي استعدادًا لاستئناف مفاوضات خفض الأسلحة النووي    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معركة حول الاثار المصرية فى شيفلد فى انجلترا
نشر في الشعب يوم 20 - 07 - 2009

طفل انجليزى كتب بمدونة المتحف .. هذه البلاد لم تحافظ على اثارها فلماذا نعيدها اليهم
القانون الانجليزى يسمح بعودة المومياوات فهل نعمل على استردادها
الدول الغربية لاتوافق على عودة الآثار المصرية والا أغلقت متاحفها
تحقيق / على القماش
استفز المواطن المصر ى مؤمن الدسوقى عند زيارته لمتحف شيفلد بانجلترا عبارة تتباهى بمدونة المتحف طفلا زائر تقول ... هذه البلاد لم تحافظ على أثارها فلماذا نعيدها اليهم وتكرر استفزاز المواطن والمقيم بانجلترا عندما علم بوجود مخزن يضم أكثر من 1500 قطعة أثار مصرية وعندما توجه لمشاهدة هذه الآثار فوجئ بإخباره بان جميعها تعرضت للتلف نتيجة السيول التى استمرت دون اعداد وتجهيز جيد للمخزن الى درجة ان ادارة المخزن رفضت اطلاع المواطن على الاثار بسبب الدمار الذى أصابها ووافقت فقط على مشاهدته للقطع الاثرية من خلال الصور المدونة على شاشة الكمبيوتر
وعليه بذل المواطن المصرى كل الجهود من التردد على متحف شيفلد ومخزن الآثار والسفارة المصرية بلندن والاتصال بالعديد من المسئولين واجهزة الإعلام بمصر وانجلترا للعمل على عودة الاثار المصرية خاصة انه حسب قوله ان مدير متحف شيفلد وافق على عودة الآثار بشرط موافقة المجلس الاعلى للاثار فى مصر حيث ان هذه الاثار حصلوا عليها عن طريق الهدايا.
على الجانب الاخر نفى الدكتور حواس تنازله عن استرداد أثار مصرية تعود ملكيتها لمصر كما نفى وجود اى وثيقة لدى المواطن مؤمن الدسوقى تثبت تعهد مدير المتحف باعادة الاثار الى مصر وانه _ اى الدكتور حواس اتصل بالمواطن المصرى وطالبه بارسال اى دليل او خطاب لديه لاعادة تلك الآثار بل انه تلقى خطاب من الرئيس التنفيذى للمتحف المذكور برفض اعادة اى قطعة.
وبعيدا عن هذا الخلاف بين روايه المواطن المصرى الغيور ورد دكتور حواس الذى اكد انه لايقل غيرة فقد علمنا ان الاثار المصريه الموجوده بمتحف شيفلد بانجلترا ترجع الى نهاية الاسره 25 ورغم ان المتحف يؤكد انها مستخرجه من الاقصر الا ان الراى العلمى يؤكد استخراجها من منطقه هوليوبوليس اى عين شمس – اما عن الاثار الموجوده بالمخزن والبعيد عن المتحف فمعظمها من الاثار الفرعونيه وعصر النهضه ولوحات زيتيه ترجع الى نحو 200 سنه وان هذه المجموعه اشتراها مواطن انجليزى يدعى بات مان اى الرجل الوطواط واهداها للمتحف – وبالطبع عمليه شراء الاثار المسروقه او المستخرجه خلسه لا تكون موثقه بالمستندات ونعتقد ان هذا يعطى بارقه امل فى محاولات حتى لوكانت مضنيه باعادة ولو شىء منها.
وفضلا عن هذا الامل فان القانون البريطانى يسمح بعودة الاجزاء الادميه اى القطع التى من جسم الانسان والجثث ومن هنا يمكن المطالبه باسترداد المومياوات وبعض اجزاء الجسم الموجوده هناك حيث يوجد بالمخزن راس ويد انسان ولكن هذه العوده تتطلب جهودا مضنيه ومنها موافقات من الجهات المختلفه بانجلترا سواء بالمتحف والمخزن والمسؤلين بالدوله والوزير المختص.
وفى اغلب الاحوال يبدو ان هناك اتفاق غير مكتوب على عدم الاستجابه لعودة اى قطعه اثار لمصر سواء ادميه او غير ادميه – مومياوات او تماثيل وغيرها والا فتحت المتاحف الاجنبيه على انفسها ابوابا لاتنتهى ولاتريدها ومن هنا يلاحظ ان معظم القطع الاثريه التى تستردها مصر لاتكون من الاهميه الكبرى لتلك الدول حيث تكون مكرره او بها كسور وباعداد قليله للغايه وحتى القطع التى استردتها مصر من اسرائيل كانت فى هذا السياق فمعظمها بقايا فخار واكد العلماء والغيوريين على الاثار عدم استرداد الاثار المهمه وهو موضوع اخر
اما العجيب فان متحف شيفلد بانجلترا عباره عن حجره بها فاترينات لعرض التابوتين والملحقات والحجره والمتحف داخل – مول – ووسط محلات جزاره وسلع استهلاكيه وغيرها.
قصتى مع متحف شيفلد
بدايه يقول المواطن المصرى الغيور مؤمن الدسوقى والذى يعمل استشارى نظم الحاسب الالى ومقيم بمدينه شيفلد بانجلترا
تتميز مدينة شيفيلد البريطانية بطبيعة خلابة نظراً للخضره التى تكسو جبالها الوعرة و رغم تاريخ المدينة السابق كقلعة صناعة الصلب فى المملكة المتحدة إلا أن هذه الصناعه قد انكمشت نتيجة للتقدم التكنولوجى الذى جلب الآله و تخلى عن الصناعات اليدوية فى هذا المجال ، بعد ذلك تحولت المدينة إلى قبلةٍ مكتظةٍ بالطلبة من شتى بلدان العالم و المدن البريطانية المجاورة لوجود جامعتين شهيرتين بها.

فى أحد أيام العطلة الأسبوعية خرجت للتنزه فى المنطقه المجاوره لسكنى ، فقادتنى قدماى إلى احدى الحدائق العامة التى تبعد عن محل سكنى بعدة كيلومترات ، و أثناء تجوالى فى الحديقة توقفت أمام بوابة ضخمة ، تتسم بشىءٍ من الجمال العمرانى ، و عندما نظرت إلى اللافتة المعلقة أعلى البوابة الكبيرة علمت أن ذلك هو متحف مدينة شيفيلد ، سألت عن المعروضات الموجودة بالمتحف فقيل لى عند المدخل الرئيسي أنه يوجد ضمن المعروضات تابوتان ومومياوتان وبعض الآثار الفرعونية الأخرى بالإضافة إلى غيرها من آثار الدول الأخرى فشعرت أن القائمين على المتحف يفتخرون ويسوقون لمتحفهم بالمعروضات الفرعونية ففرحت وافتخرت بوجود شىءٍ مصرى فى بريطانيا ، خاصة أن الحنين إلى تراب الوطن كان قد استبد بى.

تجولت فى جوانب المعرض فلم أر شيئاً ذا قيمة تاريخية أو فنية إلى أن وصلت إلى الجانب الذى يعرضون به الآثار المصرية فإذا بى أمام تحفة فنية ، بداخلها مومياء حقيقية وبجانبها أخرى مثلها ، فشرعت فى قراءة المعلومات المدونة عنهما فوجدت أنهما تعودان إلى ما قبل الميلاد بحوالى سبعمائة عام ، فشعرت برغبة أكيدة فى إرجاع هاتين الفتاتين إلى وطننا ، فهما مصريتان مثلى ، متسائلاً: هل خيرت هاته الآثار عندما أُخِذت إلى هذه البلاد البعيدة؟ و هل يقبل أىٌ منا أن تطوف رفاته بلاد العالم بهذه الطريقة؟ و لماذا؟ ألمجرد أن الفراعنة كانوا بارعين فى التحنيط و الزخرفة تصير رفات أجدادنا معروضاً يجلب الثناء على متحف أجنبى لا متحف مصرى؟ كل ما أعلمه أن الفراعنة لم يضعوا أوانيهم وأمتعتهم معهم فى مقابرهم استعداداً للسفر إلى بريطانيا!

فى الحقيقة لم أفكر على الاطلاق فى استرداد هاته المومياوات رغم الحنين الذى تحرك بداخلى نظراً لكونهما من بنى جلدتى و تربيتا مثلى على ضفاف نهر النيل مع اختلاف الزمان.

وعندما اقتربت من التابوتين استرعى انتباهى وجود بعض الوريقات المغلفة بالبلاستيك المقوى عليها ملخص بيانات الفتاتين/المومياوتين فاستأذنت فى أخذ احدى هذه الوريقات - خاصة أننى وجدت أن هناك أكثر من نسخة من هذه البيانات المغلفة - لعلها تكون ذكرى لوجود مصريتين فى هذا المتحف الذى مررت به صدفةً ، إلا أن طلبى قوبل برفض قاطع ، و تأكيد بأن هذه الوريقات – البسيطة - أملاكاً للمتحف ولا يمكن خروجها منه ، فشعرت بالخجل من نفسى ، متعجباً كيف يحافظ هؤلاء على أبسط أوراقهم ونفرط نحن فى دمائنا!!! و ياله من فارق!!

فهل نحن أقل منهم وطنية وحفاظ على بلادنا ودمائنا ورفاتنا؟ هل نحن أقل منهم وطنية كى يحافظوا هو على الوريقات و نفرط نحن فى المومياء ذاتها فى تدنيةٍ لتاريخنا وحاضرنا!!

طلبت على الفور مقابلة مدير المتحف وسألته كيف دخلتا هاتين المومياوتين إلى بريطانيا ، فأجبنى أنها أتت على كهدايا فأجبته على الفور أنهما جثتين حقيقتين فهل تُهدى الجثث؟!! و أكملت .. أتقبل أن تقوم باهداء جثة أحد أفراد عائلتك بعد موته؟ فتهرب من الإجابه وقال أن الأمر يختلف فرددت وما وجه الاختلاف؟ أهؤلاء بشر ونحن غير ذلك؟! و ما كان منى بعد ذلك إلى أن أبلغته على الفور برغبتى فى عودة هذه الآثار إلى بلادى فأعطانى أسماء و عناوين بعض الجهات التى يمكن الاتصال بها فى هذا الخصوص.

بدأت الاتصال بالجهات التى حددها لى إلا أن عملية تحديد موعد كانت عملية صعبة جداً ، لم تخلو من المغامرات.

فبعد الاتصال الأول ، وعلم القائمين على هذه الجهات بما أنوى أن أطلبه قاموا بتجاهل الرد على اتصالاتى الهاتفية تماماً ، فقمت بارسال رسائل إلكترونيه عدة ، فلم أحصل على ردٍ جدى ، فبدأت أطوف بشوارع المدينه باحثاً عن موقع هذه الاداره و توصلت إليها بعد مجهود شاق.

طرقت الباب ففتح لى شاب وسيم و أبلغنى أنه يجب الحصول على موعد حتى يتسنى لى الدخول و مقابلة القائمين على الإدارة ، فأبلغته بمحاولاتى المستميته للحصول على هذا الموعد فوعدنى بردٍّ سريع.

فى اليوم التالى جاءنى الرد بالموافقة على تحديد موعد ومقابلتى لمناقشة اجرات الاسترداد ففرحت لمجرد الحصول على الموعد وفرحت أكثر لذكرهم فى الرساله البريديه عبارة (مناقشة إجراءات الاسترداد) فاتصلت على الفور بالسفارة المصرية ، والمكتب الثقافى المصرى فى لندن وطلبت حضور مندوب من السفاره فى المقابلة الأولى ، و بدأت كذلك بالبحث عن أى فردٍ فى الجالية المصرية لاصطحابه معى أذا لم يحضر مندوب السفارة ، و لكن مرت الأيام واقترب موعد المقابلة ، و لم أنجح فى الحصول على موافقة من أىٍّ من المصريين المتواجدين فى المدينة للحضور معى ، خاصة وأننى لم أكن مستريح للاجراءات الأمنية المشددة لهذه الشركة المالكة لمعارض مدينة شيفيلد ، كما استرعى انتباهى أن الكثير من المصريين يهتمون فقط بسماع القصة من باب العلم بالشىء ، قبل أن يعتذروا لى فى النهاية بعذرٍ أو بأخر ، مما أنهك قواى فى تكرار الشرح عشرات المرات بلا فائدة. أما السفارة فقد تعللت بأنه لم يأت اليها الرد من القاهرة.

و بدأت خلال هذه الفترة التردد على المتحف ، شاعراً بداخلى و كأننى أجدد العهد الي هاتين المصريتين/الممياواتين أننى لن أتركهما وحيدتين هنا فى بلاد تبعد آلاف الكيلومترات عن ضفاف نهر النيل ، الذى تربيتا إلى جواره ، و أثناء ترددى على المتحف لاحظت وجود مدونة أو دفتر بجوار موضع الممياوتين يستطلع رأى الزائر فى أمر رد هذه الاثار الى دولها الأصلية و روعنى تعليق لأحد الاطفال ، قال فيه بالحرف "هذه البلاد لم تحافظ على أثارها فلماذا نعيدها إليهم "، ثم توقيع الطفل بعدم الموافقة على إرجاع الآثار الى بلادها الأصلية.

كان هذا التعليق بمثابة المحرك الذى دفعنى الى المضى فى طريقى باصرار ، وأتى موعد المقابلة الذى كان فى الثانى والعشرين الماضى. ولم يأت مندوب من السفاره ، كما لم أنجح فى اقناع أحد من الأخوة المصريين بالحضور معى ، وعندما لاحظت ترددهم قررت الذهاب بمفردى مصطحباً معى أحد الاصدقاء الهنود ، و صديق أخر (بريطانى) ، و ذهبنا فى الموعد وتم الترحيب بنا ، قبل أن يتم اصطحابنا إلى غرفة الاجتماعات ، ولاحظت أنهم يتفحصون كل منا بدقة ، كما لاحظت حرصهم على معرفة تفاصيل بيانات كل منا!

بدأنا النقاش - والذى كان عاصفاً فى البداية بسبب المماطله التى حدثت فى تحديد موعد المقابلة - ثم بدأنا فى الحديث التفصيلى ، واستطردوا قائلين أنهم لكى يبدأوا النظر فى طلب الاسترداد يجب أولاً الحصول على مطالبة من الجهات الرسمية المصرية باسترداد هذه الاثار ، مؤكدين أن هناك عدة خطوات تلى ذلك ، منها أن تؤكد مصر أن لديها متاحف لاستقبال هذه الآثار ، بالإضافة إلى عدة تعقيدات و موافقات على إجراءات الاسترداد ، و التى أكدوا لى أنها طويلة ، قد تصل إلى عدة شهور. فرددت عليهم بكل حزم ، مؤكداً أننى مستعد لكافة المهاترات و المماطلات التى يسوقونها ، متسائلاً إن كان أحدهم يقبل أن تكون رفاة هنرى الثامن فى مصر ، موضوعة فى أحد المعارض المصرية ، و يأتى هو من بريطانيا لرؤيتها فى معارضنا؟! فأجابتى إحدهن بأنها لا تكون سعيدة بذلك بكل تأكيد. فاستطردت قالأ أن لدينا متاحف مثل متاحفكم ، ونعرف كيف نحافظ علي مقنياتنا و تاريخنا مثلكم و أكثر ، و انتهى الاجتماع.

فى اليوم التالى قمت بابلاغ السفارة بطلب القائمين على المتحف بضرورة الحصول على خطاب من الحكومة المصرية يطالب باسترداد الآثار (جدير بالذكر أن الجانب البريطانى قد اشترط لاحقاً أن تكون تلك المطالبةصادرة عن الهيئة العامة للآثار ، و موقعة من قبل رئيس الهيئة).

توالت الاجتماعات بعد ذلك - بعد أن زالت رهبة اللقاء الأول - فى جو من الود والتفاهم ، و إن لم تخلو أحياناً من المراوغات فى تحديد الموعد التالى ، مما اضطرنى فى احدى المرات الى ملاحقة أحدى موظفات الهيئة إلى خارج المبنى أثناء تدخينها للفافة تبغٍ (يحظر القانون البريطانى التدخين داخل الأماكن المغلقة) للحصزل على الموعد التالى ، و الذى حضره معى طالبان مصريان من طلبة الدكتوراه ، بتكليفٍ - تأخر كثيراً - من المكتب الثقافى فى لندن ، و كنت فى هذا الاجتماع مشحوناً بالعزيمة على استرداد آثارانا إلى حد قيامى بوضع صورة أبى الهول أمامهم وسؤالهم عن سبب ضربه بالمدافع إبان فترة الاحتلال ، ثم أخذ بعض أجزائه – و التى لازالت معروضة بالمتاحف خارج مصر – و التى يحصلون على عوائدها من زائرى هذه المعارض ، بينما لا تحصل مصر صاحبة الأصول والمقتنيات على شىء ،و كذلك تبيان مدى المعاناه التى مرت بها مصر نتيجة الاحتلال البريطانى ، واهدار ثرواتها و آثارها و تاريخها .. و يبدو أن الحديث عن فترة الاحتلال قد آتى بمفعول ما ، حيث بدأ القائمين على هذه الهيئة فى تناول إجراءات الاسترداد بجدية ملحوظة.

طال انتظار خطاب الجانب المصرى ، قبل أن تحضر مندوبة عن السفارة – بعد الحاح شديد منى - و برفقتها مندوب عن الهيئة العامة للآثار فى الثامن عشر من ديسمبر الماضى ، وقاموا بجولة مع مسئولى المتحف فى مخازنه ، واطلعوا على جميع الآثار الموجودة بهذه المخازن ، و التى يصل عددها إلى ألف وخمسمائة قطعة (وكما يبدو ذلك واضحاً فى احدى الصور التى سلمها لنا المتحف).

و على الرغم من اصرارى منذ البداية على المطالبة بجميع الآثار المصرية الموجودة فى مخازن هذا المتحف ، الا أننى فوجئت عند اشراكى فى الاجتماع النهائى للزيارة باتفاق الطرفين على المطالبة باسترداد خمسة قطع فقط ، هى:- تابوتان و رأس بشرية و كف أدمية و جرة.

بعد ذلك بدأت بمتابعة السفارة و هيئة الآثار للتعجيل بارسال المطالبة ، و كذلك محاولة دفع المتحف للبدء على التوازى باجراءات الاسترجاع ، إلا أن الجانب البريطانى أصر دائماً على انتظار رد هيئة الآثار.
و حين طالت فترة الانتظار ، و لم تصل أى مطالبة بالاسترداد اضطررت إلى التوجه إلى جهة أعلى من الشركة المالكة لمتاحف مدينة شيفيلد ، لسؤالهم عن موقف إجرءات الاسترداد ، ففاجئنى مدير ادارة التطوير الثقافى ببلدية شيفيلد أنه تم الاتفاق مع الجانب المصرى على أن تبقى الآثار فى متاحف شيفيلد ، مضيفاً أن سياسة المملكة المتحدة هى رد الآثار إلى دولها الأصلية إذا طالبت هذه الدول بآثارها ، كما زودنى بنسخة من المراسلات التى تؤكد اللاتفاق الذى تم بين الجانبين.

و على الرغم من خبية أملى و (دهشتى) .. بدأت فى التفكير فى حل آخر ، فإذا كانت هذه الآثار مهمة للحكومة البريطانيه فلماذا لا نطالب بايجار سنوى عنها ، وهو ما سيعود بنفع أكيدٍ على البلد ، حتى يمكننا من تكوين الكوادر التى تكون قادرة على العمل فى مجال التنقيب عن الآثار ، و تمصيره بالكامل ليكون قاصراً على المصريين.

إن فكرة الايجار السنوى مشابهة لأمر الملكية الفكرية ، فهذه أشياء و تحف صنعها أجدادنا ونحن نتوارثها .. أم أن الملكية الفكرية حلالٌ لهم وحرامٌ علينا!!!
تعقيب د . / حواس
نفي الدكتور زاهي حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار أنه تنازل عن استرداد أي أثار تعود ملكيتها لمصر في أي وقت من الأوقات ولأي متحف مؤكدا أنه لا يمكن لأحد مهما كان التنازل عن حق مصر في استرداد أي أثر خرج من البلاد بطرق غير مشروعة أو التفريط في الآثار المصرية وأشار حواس إلي انه استطاع استرداد نحو ستة الآف قطعة أثرية خلال السنوات الست الماضية من عدد من المتاحف العالمية ومن بعض صالات المزادات العالمية ببريطانيا والولايات المتحدة من خلال تقديم الأدلة الثبوتية علي ملكية مصر لتك الآثار وخروجها من البلاد عن طريق التهريب علي مدار عشرات السنين الماضية والتي تم تهريبها من مصر ولم يتم الإعلان عن اختفائها آنذاك.

ورفض د. حواس التشكيك في وطنيته وغيرته علي الآثار المصرية مشيرا الي أنه أول من أن أنشأ إدارة الآثار المستردة بالمجلس الأعلى للآثار لاستعادة الآثار المصرية بالخارج منذ عام 2002 لإيمانه الشديد بضرورة استعادة مصر أثارها التي تمت سرقتها وهو الأمر الذي أدي في النهاية الي استعادة تلك الآثار وأضاف أن هناك اتصالات تجري حاليا لاستعادة بعض القطع الأثرية من دول أجنبية أخري.

وقال إن من حق الرأي العام أن ينزعج إذا حدث تفريط في أثار مصر باعتبارها ملكا للشعب المصري ولكن قضية استعادة الآثار هي قضية قانونية بحتة وتحتاج لأدلة قانونية تدعم موقفنا المطالب باستعادة أي قطعة أثرية مهما كانت قيمتها ولا تحتاج إلي مجرد الرغبة في استعادة الآثار فقط.

ونفي حواس ما ادعاه أحد المواطنين المصريين العاملين في بريطانيا من وجود آية وثيقة لدي هذا المواطن تثبت تعهد مدير متحف ويسترن بارك بمدينة شيفيلد البريطانية بأن يعيد الآثار المصرية والمعروضة بالمتحف منذ عشرات السنين إلي مصر خاصة وأن بعض هذه القطع ترجع ملكيتها لأواخر القرن التاسع عشر الميلادي.

وأوضح حواس أنه طلب من المواطن المصري في اتصال هاتفي أجره معه بأن يرسل له أي دليل أو خطاب موجود لديه من المتحف البريطاني باستعداد المتحف أو موافقته علي إعادة تلك الآثار لمصر وهو مالم يستطع عمله حتى الآن وإن كل ما قام به مجرد اتصالات مع أفراد من هذا المتحف .

وقال د. حواس إن السفير المصري في لندن حاتم سيف النصر نفي في اتصال هاتفي معي وجود أي خطاب لدي السفارة المصرية من قبل متحف شيفيلد لإعادة الآثار المصرية الموجودة لديه الي مصر مما ينفي ما ذكره المواطن مؤمن الدسوقي المقيم في بريطانيا بأن لديه موافقة من متحف شيفليد.

وأوضح د. حواس انه تلقي خطابا من NICK DODD الرئيس التنفيذي لمتاحف شيفليد في الخامس من مارس الماضي بان المتحف لا يسعي لإعادة تابوتين وآنية كانوبية ورأس ويد محنطة الي مصر لأنها ملك المتحف. وطالب الجانب البريطاني أثبات ملكية مصر لتك الآثار وأنه لا يوجد دليل علي خروج الآثار بطريق غير مشروعة أو مسروقة من مصر ، كما أكد لي مدير المتحف في اتصال هاتفي معه أنه لن يعيد هذه الآثار لانها ملك المتحف منذ أكثر من قرن تقريبا.

وأضاف د. حواس أنه في حال ثبوت أن تلك الآثار خرجت من البلاد ووصلت هذا المتحف بطرق غير شرعية فلن نتواني عن المطالبة بعودة تلك الآثار الا أنه وبكل أسف لا نملك أي دليل حاليا.

وقال د. حواس ان المتحف ابلغني بضرورة التقدم بطلب استرداد ولكن عبر القضاء البريطاني الأمر الذي سيكلف الخزانة العامة ملايين الدولارات في قضية غير مضمونة لأننا لا نملك أدلة قانونية من واقع السجلات علي أحقية مصر في استعادة الآثار حتى الآن، مشيرا الي أنه استطاع من خلال الاتصالات وفي هدوء شديد ودون تحميل الخزانة العامة آية أموال في استعادة ستة الآف قطعة أثرية من خارج البلاد في أوروبا والولايات المتحدة.

وقال د. حواس انه علي الرغم من أن الاتفاقية الدولية الخاصة بالآثار التابعة لليونسكو والتي صدرت عام 1972 بخصوص استرداد الآثار المسروقة قد حددت حق الدول في استرداد أثارها بعد صدور الاتفاقية الا أننا نجحنا في استرداد أثار خرجت من البلاد قبل هذا التاريخ بعشرات السنين من خلال توافر الأدلة القانونية.

وأضاف حواس أن ما تم استعادته من الآثار المصرية من الخارج خلال السنوات الست الماضية لم يحدث في تاريخ الآثار المصرية وهو ما لم يقم به أي رئيس لهيئة الآثار من قبل بفضل التفاهم مع المتاحف والتهديد بوقف التعاون مع الدول التي تعرض متاحفها أثارا مسروقة من مصر وهو الأمر الذي أدي الي إرسال بعض المتاحف طواعية ما لديها من أثار مسروقة ورفض عرض أي أثر مسروق من مصر.

وأرجع د. حواس إلي أن أسباب وجود الآثار المصرية بالمتاحف الأجنبية بالخارج إلي عدة عوامل من بينها أن تجارة بيع وتصدير الآثار كانت قائمة حتى عام 1983 حينما منع قانون حماية الآثار رقم 117 عام 1983 الاتجار في الآثار أو تصديرها للخارج، كما أن الآثار المصرية كانت تباع حتى عام 1983 وكان لها منفذ بيع بالمتحف المصري بالإضافة لذلك فإن قانون اقتسام القطع الأثرية التي تكتشفها البعثات الأجنبية العاملة في مصر قد ساهم في خروج الآثار للخارج، هذا فضلاً عن عمليات التهريب والتي يتم ضبط حالات منها منافذ السفر والوصول في مصر وأشار حواس الي أن نقل الآثار المصرية للخارج بدأ منذ القرن الثامن عشر الميلادي سواء من خلال الهبات أو الإهداءات أو التجارة أو السرقات حتى منع قانون حماية الآثار هذا الأمر علي الإطلاق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.