السعودية: الأسرة الحاكمة تنفق ببزخ تنجبًا للسخط الشعبي رغم عجز الميزانية الكبير. قال صحيفة بروس رايدل المونيتور، خلال تقرير لها، إن الميزانية السعودية التي أعلنت مؤخرًا هذا الشهر، والتي حافظت على معدلات الإنفاق المحلي والأجنبي رغم تراجع عائدات النفط، تعكس حالة القلق التي تنتاب العائلة المالكة حول الاضطرابات الداخلية بعد مرور أربع سنوات منذ اندلاع أحداث الربيع العربي؛ حيث يبدو أنه قد تم تأجيل الخيارات الصعبة في الوقت الراهن. حيث من المقرر أن يبلغ حجم الإنفاق السعودي على المشاريع للعام المقبل 229 مليار دولار، بينما ستبلغ الإيرادات 190 مليار دولار وفقًا لجريدة السعودية، لذا فإن العجز يقدر بحوالي 38.6 مليار دولار؛ حيث سيرتفع معدل الإنفاق قليلا عن العام الماضي، في حين ستتراجع قيمة الإيرادات؛ نتيجة لانخفاض أسعار النفط، فيما سيكون العجز هو الأكبر في تاريخ المملكة. وقال وزير المالية السعودي، إبراهيم العساف، إنه سيتم تمويل العجز عن طريق سحب احتياطيات المملكة، والتي تقدر بنحو 750 بليون دولار أو أكثر، كما وافق الملك عبد الله بن عبد العزيز بالفعل على السحب من الاحتياطيات؛ للحفاظ على أعلى مستوى للإنفاق، ووعد أيضًا بالحفاظ على معدلات ضخ نحو 9.6 مليون برميل من النفط الخام يوميًّا. كانت المملكة قد خفضت معدلات الإنفاق خلال فترات سابقة حدث فيها انخفاض لأسعار النفط؛ حيث قال "عبد الله"، إنه في عام 1998 على سبيل المثال اضطر السعوديون إلى تغيير نمط حياتهم والاعتراف بأن "وقت الرخاء قد انتهى"، وتكرر الأمر في عام 2009، في حين واجهت المملكة أسوأ أزمة في الدخل في الثمانينات حينما انخفض نصيب الفرد بنسبة 50٪ تقريبًا. إلا أنه منذ بداية الربيع العربي في عام 2011، زادت الأسرة المالكة السعودية بشكل كبير الانفاق على دولة الرفاه في المملكة لدعم العاطلين عن العمل، والطبقة الوسطى، وتوفير السكن بأسعار معقولة. كما زادت رواتب ال 2 مليون موظف في الحكومة، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كما ارتفعت ميزانيات تمويل التعليم والرعاية الصحية، وسعى الملك لشراء ذمم أي معارضة، حتى في المنطقة الشرقية ذات الكثافة الشيعية، زادت ميزانيات الإنفاق على البرامج العامة هناك. كما زادت العائلة المالكة أيضًا من النفقات العسكرية والأمنية، ففي مارس عام 2011، تم خلق 60 ألف وظيفة أمنية جديدة؛ بهدف تعزيز الأمن في المنشآت الحكومية الرئيسية، كما لا يزال الإنفاق على واردات الأسلحة مرتفعًا، خاصة مع مشاركة القوات الجوية الملكية السعودية في الحرب ضد داعش حسب موقع التقرير. ويعكس قرار الملك عبد الله بالحفاظ على معدلات الإنفاق في أعلى مستوياتها، قناعة الأسرة المالكة بأن أكبر خطر يهدد بقاءها في الداخل هم المواطنون الساخطون. فالسعوديون أكثر قلقًا بشأن الاضطرابات الداخلية من معظم المراقبين الخارجيين. فمع كون الملك وولي العهد الأمير سلمان في حالة صحية سيئة، فليس هذا هو الوقت المناسب لحدوث أي اضطراب اجتماعي أو تجارب محفوفة بالمخاطر خلال الإصلاح السياسي، ويأتي قرار عدم السماح للنساء بقيادة السيارة كانعكاس لتلك العقلية المحافظة. كما تزايدت معدلات الإنفاق الخارجي للمملكة منذ عام 2011؛ حيث تحافظ المملكة على علاقاتها الودية مع الحكومتين البحرينية والأردنية عن طريق الدعم الحكومي الكبير، كما يشكل النظام العسكري في مصر حليفًا مكلفًا للغاية، كما تعد باكستان مستفيدًا رئيسيًّا آخر من السخاء السعودي، أما اليمن فهي الأزمة الأكثر إلحاحًا، فمع سيطرة الحوثيين على صنعاء، تواجه المملكة عدوًا عانت منه منذ فترة طويلة على الحدود الجنوبية الغربية للبلاد، لذا ففي حين قطعت المملكة المساعدات عن الحكومة التي يسيطر عليها الزيدية، إلا إنه يجب عليها زيادة الإنفاق لمقاومة من يتربص بالمملكة؛ وقال مسؤول كبير بالسعودية: "إن المملكة قد أنفقت 30 مليار دولار في عام 2014 لدعم أصدقائها". نظرًا لحجم احتياطاتها، فإن المملكة يمكنها أن تتعامل مع العجز بشكل أفضل بكثير من منافستها إيران. كما أن الرياض لديها متسع من الوقت لانتظار تحسن أسعار النفط، لكن أولويتها في الوقت الراهن هي الحفاظ على هدوء الوضع الداخلي، وإبقاء المستبدين في الخارج في السلطة.