هناك مؤشرات ودلالات أن حربًا عالمية قادمة لا محالة، ويعتقد معظم الناس أنه، ومنذ نهاية الحرب الباردة، أصبحت فرص نشوب حرب نووية ضئيلة أو غير موجودة على الإطلاق، وعلى الرغم من ظهور بعض التوترات بعد اندلاع الأزمة في أوكرانيا، ما يزال من الصحيح أنه من غير المحتمل أن تقوم الولاياتالمتحدة وروسيا بمهاجمة بعضهما البعض باستخدام السلاح النووي. ولكن الوضع في جنوب شرق آسيا هو مسألة مختلفة، كما يحذر غريغوري كوبلنتز في تقرير لمجلس العلاقات الخارجية، تحت عنوان "الاستقرار الاستراتيجي في العصر النووي الثاني" وفي مقابلة معه حول هذا التقرير أجرتها دويتشه فيله الألمانية، قال كوبلنتز: "إن أربع دول فقط تقوم بتوسيع ترساناتها النووية حاليًا، وهذه الدول هي: الصين، والهند، وباكستان، وكوريا الشمالية". وعلى سبيل المثال، تقوم الصين الآن بتطوير صواريخ باليستية عابرة للقارات، وكذلك غواصات قادرة على إطلاق الصواريخ الباليستية، وفي الوقت نفسه، وبحلول عام 2020، سوف يكون لدى باكستان ما يكفي من المواد النووية لبناء مائتي سلاح نووي، وهي نفس الكمية التي تمتلكها بريطانيا العظمى حاليًا. وقال كوبلنتز لدويتشه فيله: "إجمالًا، نشرت باكستان أو تقوم بتطوير 11 نظام نقل نووي مختلف، بما في ذلك الصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز، والطائرات"، وأضاف: "بما أنه من المتوقع أن يستمر نمو اختلال التوازن العسكري التقليدي بين الهندوباكستان؛ نتيجةً لأن الهند لديها اقتصاد أكبر ومعدل نمو أعلى للناتج الإجمالي المحلي GDP، فإن اعتماد باكستان على الأسلحة النووية للتعويض عن النقص التقليدي من المرجح أن يكون سمةً دائمةً من سمات التوازن النووي في جنوب آسيا". وما يجعل الأسلحة التكتيكية خطرة للغاية هو أنها قد تحول استخدام الأسلحة النووية من أمر غير وارد إلى أمر وارد. ويوضح كوبلنتز قائلًا: “إدخال الأسلحة النووية التكتيكية قد يؤدي بباكستان إلى تخفيف سيطرتها المركزية؛ حيث إن هذه الأنواع من الأسلحة تحتاج إلى نشرها بالقرب من الخطوط الأمامية، وجاهزة للاستخدام الفوري”. وبالتالي، هذا سيمنح الضباط الأقل رتبة" سلطة أكبر، وقدرة على إطلاق الأسلحة النووية"، وهو الأمر الذي "يزيد من مخاطر القيام بإجراءات غير مصرح بها خلال الأزمة". وهناك خطر آخر أيضًا وهو حدوث تصعيد غير مقصود؛ حيث أنه وفي حال اندلاع صراع تقليدي، قد تتصاعد الأمور إلى المستوى النووي إذا ما وجد أي قائد وحدة مسلحة نوويًا على الخطوط الأمامية نفسه في وضع مناسب لاستخدام وإطلاق الأسلحة النووية التي تحت سيطرته. ورغم أن البعض في الولاياتالمتحدة قد يعتقد بأن هذه ليست مشكلة بالنسبة له، وأن الباكستانيين والهنود هم من يحفرون قبورهم بأيديهم، إلا أن الحرب النووية في جنوب شرق آسيا ستكون لها القدرة على تحويل العالم كله إلى قبر، في الواقع. حيث أنه، وإذا ما تم خوض الحرب النووية هناك من خلال استخدام 100 قنبلة من حجم قنبلة هيروشيما، وهي الأسلحة المتوفرة حاليًا في ترسانات الهند، وباكستان، فإن: 20 مليون شخص سوف يموتون نتيجة الآثار المباشرة لهذه الأسلحة، وهو ما يعادل تقريبًا نصف عدد الأشخاص الذين قتلوا خلال الحرب العالمية الثانية. الأسلحة التي سيتم تفجيرها في أكبر مدن الهند، وباكستان سوف تخلق عواصف نارية هائلة تنتج ملايين الأطنان من الدخان. ما بين 1 إلى 5 ملايين طن من الدخان سوف ترتفع بسرعة إلى مستوى 50 كم فوق مستوى الغيوم في الغلاف الجوي. سوف ينتشر الدخان في جميع أنحاء العالم، مشكلًا طبقة الستراتوسفير الدخانية التي ستمنع أشعة الشمس من الوصول إلى سطح الأرض. في غضون 10 أيام بعد الانفجارات، سوف تصبح درجات الحرارة في نصف الكرة الشمالي أكثر برودة مما كانت عليه خلال العصر الجليدي الصغير، وهذا الطقس البارد من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض بنسبة 10٪ في متوسط هطول الأمطار العالمي، وانخفاض كبير في الرياح الموسمية الصيفية الآسيوية. سوف يتم تدمير 25-40٪ من طبقة الأوزون الواقية عند منتصف خطوط العرض، وهو ما سيؤدي إلى توغل الأشعة فوق البنفسجية الضارة التي ستكون لها آثار سلبية كبيرة على الإنسان، والحيوانات، والحياة النباتية. هذه التغيرات في المناخ العالمي من شأنها أن تقصر مواسم النمو في نصف الكرة الشمالي لعدة سنوات على الأقل، وسيكون الطقس باردًا جدًا؛ بحيث لا يمكن زراعة القمح في معظم كندا. مخزونات الحبوب العالمية، والتي هي بالفعل عند مستويات منخفضة تاريخيًا، سوف تنفد تمامًا، وستتوقف الدول المصدرة للحبوب على الأرجح عن التصدير؛ من أجل تلبية احتياجاتها الغذائية الخاصة. يتوقع بعض الخبراء أن النقص في المواد الغذائية قد يتسبب بوفاة مئات الملايين من الجياع بالفعل حاليًا، خلال السنوات التالية للصراع النووي.