أمّ المصلين بالجامع الأزهر، أول تعليق من الطالب محمد أحمد حسن بعد نجاحه بالثانوية الأزهرية    الجنيه السوداني يتراجع إلى مستوى قياسي جديد مقابل الدولار    حمزة إسماعيل يحصد المركز الأول بالثانوية الأزهرية في فلسطين ب 98%    جالطة سراى يسعى لضم دوناروما مستغلا أزمته مع باريس سان جيرمان    الداخلية تكشف ملابسات ابتزاز فتاة من قِبل خطيبها السابق بالزقازيق    أرملة شوقي حجاب تحكي عن آخر لحظات في حياة زوجها    كيفية علاج الإمساك أثناء الحمل بطرق فعالة وآمنة بالمنزل    طريقة عمل الكفتة المشوية زي الجاهزة وبأقل التكاليف    قصة الصراع بين تايلاند وكمبوديا.. خلاف حدودى قديم قد يتحول إلى صراع إقليمى    صور| ترامب يلعب الجولف في مستهل زيارته إلى أسكتلندا «قبل تظاهرات مرتقبة»    حزب الجبهة الوطنية يختتم دعايته ب8 مؤتمرات جماهيرية قبل الصمت الانتخابي    بيراميدز يقترب من حسم صفقة البرازيلي إيفرتون دا سيلفا مقابل 3 ملايين يورو (خاص)    أحمد حسن كوكا يقترب من الاتفاق السعودي في صفقة انتقال حر    انتقال أسامة فيصل إلى الأهلي.. أحمد ياسر يكشف    انتقال أسامة فيصل إلى الأهلي.. أحمد ياسر يكشف    محافظ المنيا يضع حجر الأساس المرحلة الاولى من مبادرة "بيوت الخير"    إخلاء سبيل زوجة والد الأطفال الستة المتوفيين بدلجا بالمنيا    الداخلية تكشف ملابسات ابتزاز فتاة بالزقازيق من خطيبها السابق    غدا آخر موعد للتقديم.. توافر 200 فرصة عمل في الأردن (تفاصيل)    فرص للعمل من المنزل.. 3 أبراج الأكثر حظا ونجاحا هل أنت منهم؟    أكسيوس عن مصادر: أعضاء بإدارة ترامب يقرون سرا بعدم جدوى استراتيجيتهم بغزة    سميرة عبدالعزيز في المهرجان القومي للمسرح: الفن حياتي وكل مخرج أضفت من خلاله إلى رصيدي    الأزهر يرد على فتوى تحليل الحشيش: إدمان مُحرّم وإن اختلفت المُسميات    خبراء إسرائيليون: استمرار الهجمات على غزة يزيد عزلة بلادنا دوليا    ماكرون: دعم فرنسي كامل للمساعي المصرية لإدخال المساعدات إلى غزة    نجاح جراحة ميكروسكوبية دقيقة لاستئصال ورم في المخ بمستشفى سوهاج الجامعي    وزير الأوقاف يحيل مخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة    "الزراعة" تعلن التوصيات النهائية لورشة العمل تنمية المهارات الشخصية للعاملين بالقطاع    الدفاع المدني في غزة يحذر من توقف مركباته التي تعمل في التدخلات الإنسانية    أبو ليمون يهنئ أوائل الثانوية الأزهرية من أبناء محافظة المنوفية    بعد إصابة 34 شخصًا.. تحقيقات لكشف ملابسات حريق مخزن أقمشة وإسفنج بقرية 30 يونيو بشمال سيناء    مصرع سيدة أسفل عجلات قطار بمدينة إسنا خلال توديع أبناؤها قبل السفر    "القومي للطفولة" يشيد بقرار محافظ الجيزة بحظر اسكوتر الأطفال    انخفاض سعر الدواجن المجمدة ل 110 جنيهات للكيلو بدلا من 125 جنيها بالمجمعات الاستهلاكية.. وطرح السكر ب30 جنيها.. وشريف فاروق يفتتح غدا فرع جديد لمبادرة أسواق اليوم الواحد بالجمالية    مركز التجارة الدولي: 28 مليون دولار صادرات مصر من الأسماك خلال 2024    سميرة عبد العزيز في ضيافة المهرجان القومي للمسرح    الإنجيلية تعرب عند تقديرها لدور مصر لدعم القضية الفلسطينية    حبس أنوسة كوته 3 أشهر وتعويض 100 ألف جنيه في واقعة "سيرك طنطا"    بسبب 19 تذكرة.. دور العرض ترفع فيلم في عز الضهر من شاشاتها    في ذكرى رحيله.. محمد خان الذي صوّر مصر بعيون محبة وواقعية    مصر تدعم أوغندا لإنقاذ بحيراتها من قبضة ورد النيل.. ومنحة ب 3 ملايين دولار    ما حكم تعاطي «الحشيش»؟.. وزير الأوقاف يوضح الرأي الشرعي القاطع    مطالبات في المصري بالتجديد لمحمود جاد    المدرسة الأمريكية تقترب من القيادة الفنية لرجال الطائرة بالأهلي    إنتر ميامي يتعاقد مع الأرجنتيني دي بول لاعب أتلتيكو مدريد    محافظ أسوان يتفقد نسب الإنجاز بمشروعات المياه والصرف ميدانيًا (صور)    أسوان تواصل توريد القمح بزيادة 82% عن العام الماضي (صور)    إصابة سيدة في انهيار منزل قديم بقرية قرقارص في أسيوط    الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 154 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    مقتل 4 أشخاص في روسيا وأوكرانيا مع استمرار الهجمات الجوية بين الدولتين    شهيد في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    سعر الخضار والفواكه اليوم السبت 26-7-2025 بالمنوفية.. البصل يبدأ من 10 جنيهات    كيف احافظ على صلاة الفجر؟.. أمين الفتوى يجيب    الأوقاف تعقد 27 ندوة بعنوان "ما عال من اقتصد.. ترشيد الطاقة نموذجًا" الأحد    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألم تفهموا بعد أن أمريكا هي التي تحمي مبارك؟!
نشر في الشعب يوم 04 - 12 - 2014

بعد 30 سنة ضاعت من عمر مصر في عهد المخلوع.. وبعد 4 سنوات ضاعت في تخبط الثورة والاخوان لهم القدح المعلى في ذلك لأنهم التنظيم الشعبي الأكبر.. بعد 34 سنة ما يزال الرأي العام ولا تزال النخبة تحت تأثير شيطان الاعلام.. ما يزال الانقسام يدور حول المظاهر دون الجواهر. ولا جدال أن الحكم اهانة للشعب المصري ولثورة يناير 2011 وإعلان طوي صفحتها.. ولا شك أن هذا القاضي المريض الذي "كافح" لكتابة آلاف الصفحات والذي استعبد نفسه لكتابة كل هذا الحكم الطويل الذي لايستحق الحبر الذي كتب به، كان أشرف له أن يتنحى عن القضية، ولا شك انه عنوان جديد على سقوط القضاء المصري في قبضة العسكر.
في كل منعطف من منعطفات أحداث الثورة يختفي المجرم الأول وهذه براعة نحسبها له. لقد خضنا كل الصراعات: اسلامي- علماني- عسكر- اخوان، ولكن كل الأطراف تواطأت على استبعاد اللاعب والمجرم الأساسي (أمريكا- اليهود) وهذا ما جعل رواية كل طرف ناقصة ولا تشفي الغليل وهذا ما أصاب الشعب المصري بالحيرة، وهذا هو سبب حالة المراوحة التي نعيشها منذ 4 سنوات حتى عدنا إلى ما قبل 25 يناير 2011!! وفيما يتعلق بهذا الحكم الذي كان متوقعا نقول: انه بعد بضع أيام من اندلاع الثورة رأت أمريكا أن على مبارك أن يرحل لأنه أصبح كرتا محروقاً، كما أنه رفض القيام بأي ترميمات لنظامه الاستبدادي ورفض نصائح أمريكا. واتفقت أمريكا مع العسكر وكان اتفاقاً سهلاً، لأن العسكر يرفضون ثوريث الحكم لجمال، ولا يريدون أن يلوثوا أيديهم بالدماء من أجله ومن أجل أبوه. وثبت بعد ذلك أنهم يقبلون أن يلوثوا أيديهم لتكون السلطة لهم!! هذا الاتفاق هو الذي سهل مأمورية الخلاص من مبارك (الشعب- الجيش- أمريكا ضده) ولكن قيادة الجيش وأمريكا اتفقا على استمرار النظام، ودخل الاخوان على نفس الخط وهذه هي خطيئتهم الكبرى التي يدفعون ثمنها حتى الآن. ولكن في مقابل ذلك كان لأمريكا وأوروبا شرط حاسم، أن يعامل مبارك باحترام ويخرج من السلطة "بشرف". وهذه مسألة استراتيجية بالنسبة لأمريكا، فالعملاء تنتهي صلاحيتهم ولكن لابد أن يتقاعدوا بشكل "محترم" فهذه رسالة لكل العملاءالآخرين في السلطة داخل مصر وفي العالم بأسره أن أمريكا وفية وتضمن حسن معاملة عملائها عند التقاعد. وهذا ما حدث مع زين العابدين بن علي رئيس تونس المخلوع الذي يعيش في أحد القصور الملكية في السعودية، وعلى عبد الله صالح الذي تمت إقالته بصورة تحفظ كرامته بل واستمرار تأثيره في الحياة السياسية حتى رأت أمريكا أخيراً أنه زاد عن حده . والمعروف أن السفير الأمريكي حضر بنفسه الاجتماع الذي رتب لخروج صالح من الحكم وحضره علي محسن الأحمر وعبد ربه منصور نائب صالح ومحمد عبد الله البدوي رئيس حزب الجمع اليمني للاصلاح (الاخوان)!!
ولم تنقطع الاتصالات التليفونية بين مبارك وأمريكا واسرائيل وأيضا سوزان من خلال قنوات محددة وحصلا على تطمينات كاملة، وعندما ذهب مبارك لشرم الشيخ كان واثقاً أنه أمام احتمالين: أن يعود للحكم مرة أخرى، أو البقاء بدون ازعاج، وكان المجلس العسكري ملتزما مع أمريكا وكان ينوي بالفعل عدم المساس بمبارك بل أصدر بيانا خاصاً حول ضرورة الوفاء لمبارك وهو ما لاقى استهجان الثوار. ومليونيات التحرير هي التي ضغطت على المجلس العسكري ليقوم بهذه المناورة الكبرى (عشرات القضايا التي تفضي إلى البراءة) والتي ما تزال ذيولها مستمرة حتى الآن، فهذا موقف المؤسسة العسكرية لأن المجلس العسكري تغيرت بنية أعضائه ولكن ظل التوجه كما هو في هذه النقطة، وأعلن السيسي بوضوح أن أحداً لن يحاسب على قتل متظاهر!!
وطبعا يمكن للعسكر أن يفكروا في التضحية بمبارك ليحصلوا على شعبية، ولكن هذا خط أحمر مع أمريكا. وقد كان الموقف الأمريكي والغربي واضحاً، فعندما كانوا يضغطون على مبارك للخروج من الحكم كتبوا في اعلامهم عن الأموال المسروقة والمهربة للخارج التي تراوحت بين 70 مليار دولار إلى 170 مليار دولار، ولكن بعد خروج مبارك من الحكم توقفوا عن نشر كل ما يسيئ إليه ولأسرته "الكريمة"، وكانت التعليمات صارمة: قفلوا الموضوع. وشهد طنطاوي وعمر سليمان لصالح مبارك في المحكمة.. إلى آخر التفصيلات المعروفة. وكنا أمام قضية مضروبة لا تحاكم مبارك على جرائمه الأساسية، أما قتل المتظاهرين فلم يكن يحتاج إلى كل هذه الجهود.. هو مسئول سياسياً عن قوات الأمن، ولجنة تقصي الحقائق الأولى برئاسة المستشار عادل قورة أكدت أن الشرطة أطلقت الرصاص الحي. لقد قتل مبارك عشرات الآلاف من المصريين بالفشل الكلوي والكبدي والسرطان جراء التعاون الاجباري مع اسرائيل في مجال الزراعة. واعدام مبارك له ألف سبب وسبب ولكن القضية كانت مضروبة، وكان مفاجئا، بل وسياسياً أن يحصل على المؤبد في المرة الأولى!
إن المحاكمة الحقيقية لمبارك ستفضي إلى قطع العلاقات مع اسرائيل وأمريكا، لأنها ستثبت أنه كان عميلاً لهما للإضرار بشعب مصر وتخريب الوطن. وهذه المحاكمة تحول السيسي وعمر سليمان (قبل موته) وكل المجلس العسكري إلى متهمين. فهم جزء لا يتجزأ من نظام مبارك. لذلك كان الالتزام بالتوجيهات الأمريكية حاسماً. ولذلك عاش مبارك أولاً في شرم الشيخ ثم مستشفى شرم الشيخ ثم المستشفى العسكري الدولي، ثم تم تأسيس جناح خاص له في مزرعة طرة، ثم ذهب لمستشفى المعادي. وسوزان تم تسوية وضعها واغلاق التحقيقات معها. وهناك وعود لعلاء وجمال بأنهما لن يبقيا كثيرا في السجن، للعسكر مصلحة في إخراج جمال من العمل السياسي تماماً، والأمريكان غير حريصين على عودة جمال للسياسة ولكن ما يشغلهم هو حسن المعاملة وعدم استطالة السجن كامتداد لحسن معاملة أبوهم. هذه التطمينات الأمريكية سبب حالة الاسترخاء والثقة الظاهرة على وجهي جمال وعلاء. وليس من مصلحة أمريكا وأوروبا فتح موضوع الأموال المهربة لأنهم استولوا عليها أو على معظمها!!
ووجود حسين سالم بالخارج ليس للهرب، ولماذا يهرب؟ كل المفسدين أمثاله أخذوا براءة!! حسين سالم من أهم العناصر التي تعرف الكثير عن الأموال المهربة لمبارك، وهو اعترف بأنه يحمل جواز سفر اسرائيلي، وهو يعيش بأمان تام في أسبانيا تحت حماية الموساد والمخابرات الأمريكية، كما أن سوزان وأخوها ثابت وغيرهما غير ممنوعين من السفر، فأموال أسرة مبارك تتوزع في شبكة معقدة من الحسابات البنكية والعقارات في سويسرا وفرنسا ودول أوروبية وأمريكا، وهي موضوعة بأسماء متعددة. حسين سالم كان يُوصف دائماً بأنه مدير أعمال مبارك في البزينس. والاسرائليين لاموا أمريكا كثيراً على أنها "باعت" مبارك ولم يكونوا موافقين على خلعه، وضغطوا كثيراً من أجل حماية مبارك من الأسوأ، ومن الثابت أن مبارك اشتكى في اتصالات هاتفية مع مسئولين اسرائيليين من الغدر الأمريكي. وهددت سوزان بنشر فضائح كثير من حكام العرب إذا تعرض مبارك للاعدام أو السجن المؤبد. وتلقت تطمينات من مصادر أمريكية وغربية وأثبتت الأيام صحتها ومصداقيتها. بل وصل بهم الطمع إلى إمكانية عودة جمال إلى العمل السياسي والترشح للرئاسة، وهذا ما لم يسمح به الجيش.
إن حسن معاملة العسكر لعائلة مبارك رغم عدم ردهم أي شئ من المليارات المسروقة، هو خيانة صريحة للوطن، وهو أمر يثبت عجزهم أو تورطهم ونحن نعلم أنهم يعيشون عيشة الملوك، فرئيس الأركان السابق (عنان) يعيش في قصر في 40 غرفة، فهل هذا من مرتبه؟ أم من الحوافز؟! وهذا مجرد مثال بسيط.
إننا سنظل نرفض هذا التغول العسكري في السياسة والاقتصاد لأن هذا ضد سنن الحياة فهذا ليس من عمل الجيوش، وهم يمارسون سلطات لا محدودة بدون أي رقابة بنص الدستور الجديد 2014 ، وهذا التغول يتم بالتزاوج مع الأمريكان. لا ندري ما هو الفرق بين حكم مبارك وحكم السيسي في العلاقة مع الأمريكان؟ ألم يعتبروا مقابلة السيسي وأوباما نصراً قومياً، ألم يقيموا الأفراح لحضور 66 مستثمر أمريكي، وقابلهم السيسي بنفسه.
إن المؤسسة العسكرية تسمع كلام أمريكا في أمور أخطر من مسألة (صيانة مبارك) الذي لم يعد له دور للأسباب التي أشرنا إليها. العسكر أخذوا الضوء الأخضر من أمريكا لانقلاب 3 يوليو 2012 وهذا موثق في اجتماعات الكونجرس. وتقول رواية مخابراتية مصرية منشورة أن المخابرات الأمريكية أبلغت عمر سليمان بأنها هي التي رشحت أحمد شفيق وهذا تمهيد لترشيحه (أي سليمان) وعليه أن يسحب ترشيحه ويترك المعركة لشفيق فإذا فاز لن ينجح في الرئاسة وعندها "ندفع بك مرشحا" وان فاز مرشح الاخوان فسيفشل وتكون أنت البديل وهذا هو سبب سفر سليمان الى الامارات انتظاراً لدوره، حتى وان كانت أمريكا تخدع سليمان فما يهمنا هذا الأسلوب المنحط في التدخل في شئوننا الداخلية، ولماذا يقبله من سموه "الفارس"؟ وقد تعرض لخديعة وغالبا فإن أمريكا هي التي قتلته لأنه كرت محروق كمبارك ولديه الكثير من الأسرار.
الاعلام الرسمي والخاص يجمع على شئ واحد: التستر على أمريكا واسرائيل. وعندما يتحدث الاعلام الاسرائيلي عن التعاون الأمني المصري- الاسرائيلي في سيناء فلا يشير إلى ذلك إلا فهمي هويدي في إحدى مقالاته. وعندما يقول الاعلام ان طائرة بدون طيار قصفت الارهابيين في سيناء لا يقول لنا انها طائرة اسرائيلية لأن مصر ليس لديها طائرات بدون طيار. وعندما تختنق غزة بسبب اغلاق المعبر والأنفاق معاً، فإن هذا الاعلام يصمت، وعندما تعلن منظمة الأونروا حالة الطوارئ في غزة بسبب الفيضانات لاينشر الخبر عندنا أصلا. ويصرح السيسي أن غزة مسئوية اسرائيل ولا علاقة لنا بها وتكتب صحيفة قومية في افتتاحيتها إن معركتنا القادمة مع غزة. ويقولون إن السيسي بطل قومي بينما هو أسوأ من مبارك في مجال تلبية متطلبات أمن اسرائيل. واسرائيل تعول عليه فيما فشلت هي فيه: قتل حماس والمقاومة الفلسطينية. والسيسي يدعو أمريكا والغرب (الناتو) لاستكمال المعركة في ليبيا. الاعلام الرسمي لايزال يروج ان السودان يستعد لغزو مصر بأسلحة قطرية!! السيسي يقول إنه في تحالف مواجهة داعش ويرسل ممثل عسكري في كل اجتماعات التحالف، بينما يقول الاعلام المنافق ان داعش صناعة أمريكية، إذن الفرق الوحيد بين السيسي ومبارك في مجال التبعية لأمريكا ان الاعلام الرسمي حصل على مساحة أكبر ل "سب" أمريكا واتهامها بالتآمر على مصر وتأسيس داعش ودعم الاخوان، وهذا لأن أمريكا ما زالت تتعامل بتحفظ مع السيسي لأنه لا يريد الوصول إلى صيغة وفاق مع الاخوان، ولكن أيضا فإن اعلام مبارك كان مليئا بالانتقادات و "الردح" للرد على أي مقالات في صحف أمريكية أو أي مواقف في الكونجرس. وهذه أمور لا تشغل أمريكا فما يهمها هو العلاقات على الأرض. أمريكا لم توقف كل أنواع المعونة العسكرية فقد سلمت مثلا القطع العسكرية البحرية المتفق عليها وأخيرا وافقت على الأباتشي. والسيسي يعلم أن المعونة ستنتظم تماماً بعد إجراء الانتخابات البرلمانية بعد 4 شهور، حتى تستر أمريكا عورتها وتستطيع أن تؤكد انتهاء الانقلاب العسكري تماماً. فقد رأينا كيف خضع العسكر وكان السيسي عضواً في المجلس العسكري ومدير المخابرات الحربية وقاموا بتهريب المتهمين الأمريكيين في قضية التمويل الأجنبي رغم أنف المحكمة التي تحاكمهم، وكانت من أكبر ضربات العسكر للقضاء ولكرامة المصريين وكرامتهم هم أنفسهم. هذا الموقف وضح طبيعة العلاقة الدونية مع الأمريكان، لقد سحبنا مطالبتنا بعودة مرسي والاخوان لأنهم متمسكون بكامب ديفيد وبكل التزاماتهم مع الأمريكان رغم كل ما جرى لهم، ولكن العسكر أكثر ارتهانا بالأمريكان وقد عبر عمر سليمان عن موقف المؤسسة العسكرية (الذي لم تغيره الثورة مع الأسف) ولاتزال ترى أن العلاقات مع أمريكا من الثوابت "العقائدية"!! أو الاستراتيجية وقال ذلك في حديث مع جهاد الخازن قبل موته وكان أشبه بالوصية حيث هدد بالانقلاب العسكري وقال بتاريخ 20/5/2012 : (علاقات مصر الاستراتيجية مع الأمريكان مهمة جدا لاستقرار مصر، كما حدث في السابق وما هو مقبل، إذا ساءت العلاقة ستصبح مصر ألعن من باكستان وأفغانستان وينظر إليها كبلد يصدر الارهاب، فتخسر مصر دورها ويخسر جيشها الذي تمثل الأسلحة الأمريكية 70% مما لديه، ويتم ضرب الاقتصاد، فهناك 500 مصنع ضمن برنامج الكويز لتصدير البضائع للولايات المتحدة يفترض أن تزيد) وهو البرنامج الذي يشترط مشاركة اسرائيل ب 11% على الأقل في مكونات المنتج!! هذا رأي المؤسسة العسكرية كلها كما نسمعه من كل اللواءات و"خبراء" الاستراتيجية في الفضائيات، وليس رأي عمر سليمان وحده. فقد تربى هذا الجيل من القيادات في كامب ديفيد ويفكر بنفس الطريقة بل السيسي ومن بعده لم يشاركوا في حرب أكتوبر ولا أي حرب!! وعقلية كامب ديفيد تقول: إن مصر في قبضة أمريكا واسرائيل وعليها أن تتحرك في المساحات المحدودة التي توفرها عملية ارتخاء أصابع القبضة الأمريكية مع بعض المناكفة من جانبنا ولكن في نفس القبضة ومن داخلها. وهم لايريدون نهاية لهذا الوضع المشين. وربما يراهنون على شئ واحد: هو سقوط أمريكا كما سقط الاتحاد السوفيتي. وهي رؤية خنوعة وبليدة، وهناك قيد شخصي فأمريكا لها ممسكات بطريقة السيطرة، أي أشياء ممسوكة على بعض قيادات الجيش، والتخلص من ذلك يمكن عن طريق تسليم قيادة الجيش لجيل أصغر لم يتلوث بعد وقبل أن يتلوث. ولكنه حب السلطة والسيطرة والمال والشهرة.
الناصريون العاملون تحت مظلة أجهزة العسكر يطالبون السيسي بالحسم والبطش مع رموز عهد مبارك ومحاربة الفساد، ورفض المعونة الأمريكية والديمقراطية التي تتسع لاخراج دومة وعلاء عبد الفتاح (دون أي اسلامي) من السجون. وفيما عدا النقطة الأخيرة فإنهم يخدعون أنفسهم أو يخدعون الناس، فالسيسي ابن مدرسة مبارك والاثنان من مدرسة كامب ديفيد، وكل خياراته في القرارات أو تعيين الأشخاص كلها من دائرة تفكير ورجال ونساء عهد مبارك. إذن جبهة الانقاذ وقيادة الجيش يضيعون وقت الأمة، والاخوان أيضا يضيعون وقت الأمة بانشغالهم بالثأر وضرورة عودة مرسي، بينما نترك السرطان الأصلي يستفحل في جسد الأمة (التبعية لأمريكا واسرائيل تحت عنوان معاهدة الذل والعار..كامب ديفيد).. ونحن أيضا نضيع عمرنا لتصحيح المسار!! نسأل الله أن يكون قريبا.
(الشعب)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.