تحت عنوان "مرشح كامب ديفيد".. نشرت مدونة "زقاق النت" مقالا للشاعر الكاتب الشاب محمد طلبة رضوان حول ترشح قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسى لانتخابات الرئاسة المزعومة، مؤكدا ان ثورة يناير في حقيقتها سوى ثورة على كامب ديفيد، ولم تكن كل المرارات الاجتماعية التي تجرعناها طوال عهد مبارك سوى نتيجة مباشرة لهذه المعاهرة (الراء مقصودة)، بل لم يكن نزول الناس مطالبين بإسقاط الإخوان سوى نتيجة طبيعية لاستدراجهم، أي الإخوان، لسياسات كامب ديفيد، ولا يعني ترشح عبد الفتاح السيسي مدير المخابرات الحربية في عصر مبارك، وعضو المجلس العسكري (عسكر كامب ديفيد) في عصر مبارك، سوى دورة جديدة من دورات "المعاهرة". وجاء فى نص المقال المنشور: " تفاصيل معاهدة كامب ديفيد، طويلة ومرهقة، تضج بها الكتب، والمواقع والمرارات المفقوعة، وإذا كنت من الجيل الذي حضر هذه المعاهدة اللعينة فلا حاجة لك بالتفاصيل، وتقليب المواجع، أما إذا كنت من مواليد منتصف السبعينيات وأنت طالع، فلك أن تعرف – على الماشي – أن كامب ديفيد هي المعاهدة التي نقلت مصر من مشروع الاستقلال إلى منحة الاستقرار، "الاست" هو "الاست"، إلا أن الفارق بين "قرار" و"قلال" – جمع قُلة – فارق كبير شف يا سيدي، قبل معاهدة العار كانت عقيدة العسكرية المصرية هي النضال من أجل بلاد مستقلة "استقلال تام"، يحفظ لها سلامة أراضيها ومواردها واقتصادها، ويضمن سياساتها الوطنية، ولا يسمح لأي دولة أو جهة أو منظمة أن تتدخل في هذا كله، بعد كامب ديفيد صار التنازل عن هذا كله ثمنا للاستقرار وما جرى تسويقه بوصفه "الراحة" من الحرب التي ضاع فيها شبابنا، وتحقيق التنمية والرخاء، والخروج من عنق الزجاجة، وكما ترى، وقعنا كامب ديفيد في 26 مارس 1979 ومن يومها ونحن "صلاة النبي علينا" في قمة الرخاء والرفاهية ومشروعات التنمية التي تهدف لارتفاع مستوى دخل "فرد"، "وميضرش فردين تلاتة معاه". وافقت مصر على تقسيم سيناء التي راح من أجلها دم آلاف الشباب إلى مناطق (أ،ب،ج،د) ، ورضخت لإعادة تعريف العلاقة بين الدولة المصرية وبين جزء أصيل منه ليصبح مجرد منطقة تابعة بشكل صوري لسلطة الدولة المصرية منزوعة السلاح والهوية والكرامة، حتى إن أهلها أصبح مستقرًا في وجدانهم الوطني الآن أن أيام الاحتلال الصهيوني كانت أحسن.. ليسوا خونة، لكنها كامب ديفيد!! وافقت مصر على الانسلاخ من محيطها العربي وجرى تشويه سمعة العرب الذين وقفوا إلى جوارنا في حرب أكتوبر وتسويقهم بوصفهم خونة و"أغبياء" و"بهايم"، ولا يفهمون شيئًا في السياسة (وكل عصر وله إبراهيم عيسى بتاعه). وافقت مصر على تحكم القرار الأمريكي منفردًا في مقدراتها السياسية في حالة الخلاف حول بعض البنود وطرق تفعيلها، وكان لهذه الموافقة استحقاقاتها السياسية والاقتصادية التي جعلت من بلادنا "أم الدنيا" أقل من ولاية أمريكية في توجهاتها الاقتصادية والسياسية و"الإنسانية" وأورثت أهلها فقرًا وذلًا طوال أكثر من 30 عامًا هي عمر المعاهدة التي تحكمنا حتى الآن. لم تكن ثورة يناير في حقيقتها سوى ثورة على كامب ديفيد، ولم تكن كل المرارات الاجتماعية التي تجرعناها طوال عهد مبارك سوى نتيجة مباشرة لهذه المعاهرة (الراء مقصودة)، بل لم يكن نزول الناس مطالبين بإسقاط الإخوان سوى نتيجة طبيعية لاستدراجهم، أي الإخوان، لسياسات كامب ديفيد، ولا يعني ترشح عبد الفتاح السيسي مدير المخابرات الحربية في عصر مبارك، وعضو المجلس العسكري (عسكر كامب ديفيد) في عصر مبارك، سوى دورة جديدة من دورات "المعاهرة". إن الفارق الشاسع بين عسكر مصريين مثل الشاذلي، والجمسي، وعبد المنعم رياض، وبين عسكري مثل مبارك، وطنطاوي، وعنان، والسيسي هو في حقيقته الفارق بين عسكر الوطنية المصرية وبين عسكر كامب ديفيد، بين طلاب الوطن وعزته وسلامة أراضيه واستقلاله واعتبار تهديد حدوده الشرقية بالوجود الصهيوني قضية أمن قومي تستحق الكفاح، وبين من دفعوا الوطن وأراضيه واقتصاده وسياساته ثمنًا لاستقرار زائف يحمي استقرار كراسيهم تحت "است–قرارهم"، ويحمي حياتهم ومصالحهم ويجنبهم ويلات الحروب التي لا قبل لهم بها، فهم في حقيقة الحال أجبن من أن يحاربوا، أو يقفوا كالرجال، وآخرهم الحرب على أهلهم. السيسي من هؤلاء، تاريخه كقاتل لا يحمل سوى أسماء ضحايا مصريين، لم يذق الجندي الإسرائيلي طعم رصاصته، ذاقها شباب "رابعة" وعرفوها حتى قال أحدهم "ليس بعد الفض ذنب"، أغلب قيادات الجيش المصري من بعد كامب ديفيد مثل السيسي، نفس العجينة، نفس العقيدة العسكرية "المرتخية"، العسكري المهزوم ابتداء، أسد على أهله وفي الحروب نعامة. وها هو السيسي يقدم أوراق اعتماده لدى "أصدقائه": شهداء رابعة، وما بعدها، وإعدام 529 بتهمة التحريض على العنف، واعتقال الشعراء، والمبدعين، وطلاب الجامعات، وشباب الثورة، والصحفيين، وغلق القنوات والصحف، و"تكتيف" البلد استعدادًا للدخول بها "بلدي".. كان من شروط المعاهدة الضمنية أو قل السرية، "أسرار يعرفها الجميع" أن يتم تصفية هذا الجيش و"تطهيره" من قيادات أكتوبر الحقيقية أصحاب الانحيازات الوطنية ضمانًا لعدم تكرار ما حدث يوم السادس من أكتوبر 73 وما بعده، ولم يعد في الجيش المصري مكان لأمثال الشاذلي أو الجمسي، إنها كامب ديفيد يا صديقي، شرط العبور الجديد إلى الكرسي. صار الجيش المصري عزبة "الكفتجية" الذين ساهموا بشكل ممنهج في تركيع هذا الجيش وتكريس تبعيته إلى الأمريكان، ثم المزايدة على خلق الله جميعا أنهم عملاء لأمريكا.. "إلا البجاحة أعيت من يداويها". أصبحا نتبنى وجهة نظر العدو في الحرب، وفي منظمات المقاومة الفسطينية، وفي مصطلحات الإرهاب، والإسلام السياسي، والدولة الإقليمية "مصر ومن بعدها الطوفان"، وفي الانفتاح الاقتصادي، "السداح مداح"، وفي السوق الحر، حتى آل الأمر إلى "أوسخ" مراحله على الإطلاق، حماس إرهابية وإسرائيل صديقة، "واللي عايز، يدفع، أنا معنديش حاجة ببلاش". لقد أطاحت كامب ديفيد ساعة توقيعها بالبرلمان المصري كله، حله السادات في أول استحقاقات كامب ديفيد – لا مؤاخذة – الداخلية، ونتائجها المباشرة ليس لأن البرلمان، لا سمح الله، اعترض على المعاهدة، بل لأن 15 عضوا – طابور خامس - أبدوا اعتراضهم بالغناء تحت قبة البرلمان "والله زمان يا سلاحي" فكان العقاب الجماعي على طريقة الفض الجماعي، "الحسنة تخص والسيئة تعم"، وتمت الإطاحة بمن وافق وبمن اعترض حتى يعلم الجميع أن مفهوم الوطنية الجديدة يعني الاستسلام التام، والموافقة الجماعية، وأن روح الثورة والاستقلال، والرأي والرأي الآخر قد فاضت إلى ربها في كامب ديفيد 79 ولم يعد لأحد في هذه البلاد الحق في الخروج من العباءة الأمريكية.. حدث هذا تحت شعارات الدولة الوطنية، والاستقرار، ولقمة العيش، والأهم: الديموقراطية.. أزهي عصور الديموقراطية .. وأنا وأنت والحبايب. هيبة كامب ديفيد كانت أقوى في النفوس من أن تترك المجال لمعارض كي يتنفس خارج الهواء الصهيوني، حتى إن المقاومة الفلسطينية حين تبنت الكفاح المسلح من أجل استرداد الأرض، كانت مصر "مبارك" أول من دعا لمؤتمر في شرم الشيخ 96 تحت شعار مكافحة الإرهاب، ولولا الملامة لأطلقوا عليه مؤتمر "تمكين العدو".. الآن يتواطأ أحفاد ال15 عضوا على ثورة مصر لصالح "كامب ديفيد" وتقف فصائل اليسار الناصري في صف أبناء السادات نكاية في الإخوان، مؤيدة ومبايعة، و"معرضة" بكل مرشح سوى "السيسي" ولا تطلب مشروعا، ولا برنامجا، ولا تعهدات سياسية، ولا اقتصادية، ولا تطلب شيئا سوى "الستر"، استر علينا إلهي يستر عليك، ولا يغلب لك ولايا.. لعله فارق نوعي بين يسار "والله زمان يا سلاحي" ويسار "تسلم الأيادي".. نحن نشهد دائما تغييرا حقيقيا في فصائل المعارضة، لكن الشهادة لله، "طول العمر العسكر عسكر" .. "القصد.. يقول محمد يسري سلامة رضي الله عنه: واجب الوقت هو ترتيب الثورة من الداخل، وأقول لكم: تعالوا نفعل فلم يعد من طريق آخر، سوى طريق المعتقل أو مكاتب الهجرة.. وعلينا اليوم أن نجيب على السؤال المؤجل بغير داع: الثورة مستمرة.. لكن كيف؟ وربنا يستر.