الأخوة في قيادة حزب الاستقلال: -السلام عليكم ورحمة الله وبركاته-: لقد ظللنا لمدة عام كامل نناقش مرارًا وتكرارا إعلان موقف الانسحاب من لجنة أو تحالف دعم الشرعية مع استمرار موقفنا الثابت الرافض لانقلاب 3 يوليو 2013، وأنا إذ أحيي اليوم من محبسي القرار الذي اتخذته الأمانة العامة للحزب في اجتماعها الأخير بقيادة نائب رئيس الحزب الأستاذ عبدالحميد بركات بتجميد ووقف نشاطنا داخل تحالف دعم الشرعية بقيادة الإخوان، أعيد توضيح الموقف باختصار: (1)- إن السبب الوحيد لذلك، أن استمرارنا في هذا التحالف يعني العمل تحت راية الإخوان المسلمين؛ لأنهم هم التنظيم الأكبر، ولهم الدور الأكبر في الفاعليات، وهم يفعلون ما يريدون، ولا يستجيبون لأي من مطالبنا الأساسية، وهم يفسرون دعم الشرعية في نقطة واحدة هي عودة مرسي، وهم غير مشغولين بأي قضية أخرى إلا استعادة أوضاعهم في الحكم وفق نفس السياسات، ووفق نفس التفاهمات مع أمريكا: الاعتراف بإسرائيل، وكل ما يتعلق بكامب ديفيد - استمرار القواعد الأمريكية في سيناء- استمرار التطبيع مع إسرائيل، واتفاقية الكويز- استمرار المعونة الأمريكية والتسليح الأمريكي للجيش المصري- استمرار كل الأوضاع والمصالح الأمريكية في مصر كما هي- سرقة الغاز والبترول المصري- التسهيلات العسكرية- تسهيلات العبور لقناة السويس.. إلخ، فالإخوان غير مشغولين بقضية الاستقلال، ولا العدالة الاجتماعية (يمكن الرجوع لمقالي: خلافاتنا مع الإخوان). (2)- إن اشتراكنا في هذا التحالف كان بسبب رفضنا القاطع للانقلاب العسكري، وعلى أمل أن تتطور نظرات ورؤى الإخوان، ولكن هذا لم يحدث؛ فالإخوان حريصون على علاقات مع أمريكا والغرب، وقد طالبنا في وثيقة العهد بأن يتخذ الإخوان ومرسي موقفًا واضحًا من قضيتي الاستقلال والعدالة الاجتماعية، وعرضناها عليهم، ولم نتلقَّ أي رد حتى الآن. وللأمانة، فقد كان هذا موقف معظم الأحزاب الإسلامية الأخرى، وقد رأوا جميعًا أن نكتفي بمسألة الديمقراطية، والعودة لاختيار الصندوق. (3)- إن استمرارنا في هذا التحالف الذي لا يأخذ برأينا في أمور نعتبرها جوهرية وأساسية، بل سبب ضياع الثورة (تجاهل الهيمنة الأمريكية- الصهيونية على السلطة في مصر) يضعنا في موقف ذيلي للإخوان المسلمين. في حين أن خروجنا من هذا التحالف لا يعني عقد أي مساومات مع الانقلاب العسكري، فستظل مواقفنا كما هي، ويمكن أن ننسق مع الحركة الإسلامية، أو أي حركات ثورية أخرى فيما نراه مطلوبا ولا خلاف عليه، فنحن لن نتخلى عن قضية الحريات بطبيعة الحال. كذلك فنحن سنظل على مواقفنا الرافضة للتنكيل بالإخوان بدون أي أساس قانوني صحيح، ونرفض تلفيق القضايا التي تعرضوا لها، والحملات الإعلامية الهابطة ضدهم. (4)- إن هدفنا المعلن هو بلورة طريق ثالث بين الانقلاب، وبين عودة الإخوان للحكم، وشرحنا ذلك في مجال آخر، ولاشك أن موقفنا من التحالف قد تغير منذ إصدار وثيقة العهد، ولكننا لم ندرك ضرورة الانسحاب من تحالف دعم الشرعية، وللأمانة فقد كنت شخصيا أطالب بذلك منذ قرابة العام، وكنت في موقع الأقلية بالحزب. (5)- أخيرا هناك مسألة شخصية لابد من طرحها، فأنا غير مستعد أن أنهي حياتي بالسجن بتهمة التبعية للإخوان المسلمين. ولطالما كانت لدي آمال كبيرة أن يتغيروا، ولكن القيادة الراهنة لا أمل فيها، وسنظل نحب ونأمل خيرًا في القواعد والشباب؛ مرة أخرى لست مستعدًا أن أنهي حياتي الشخصية، والسياسية بهذه التهمة السخيفة (أنني أعمل تحت راية الإخوان)؛ لأنني أرى أن مصر والحركة الإسلامية لن يتجاوزا الأزمة الراهنة إلا بتجاوز مدرسة الإخوان التي انتهى دورها التاريخي. وأقبل بصدر رحب أن أحاكم، أو أسجن، أو أعدم بتهمة مستقلة عن الإخوان، بتهمة تتعلق بنشاطنا الخاص حتى وإن كانت ملفقة. ستقولون ما الفرق؟ أقول بالنسبة لتهمة العمل تحت راية الإخوان فهي ليست ملفقة؛ فنحن نعمل تحت راية الإخوان إذا استمرينا في هذا التحالف، ولن أستطيع أن أدافع عن نفسي أمام الله، وأمام محكمة التاريخ، أو أمام الشعب، أو أمام ضميري!! الأمر الآخر هل يمكن أن نحقق شيئًا إذا استقلينا عن الإخوان كعمل جبهوي؟ (بالمناسبة أنا لا أطرح القطيعة أو وقف الاتصالات الثنائية فالإخوان فصيل مصري سواء اتفقنا أو اختلفنا معه)، لايهم ماذا يمكن أن نحقق المهم أن نرفع راية الحق، وأن تكون راية الحق منفصلة عن أي تشويش، فنحن نقيم الحجة على الإسلاميين، وعلى الشعب المصري في كل الأحوال.. والله شهيد بيننا وبينهم. أكرر للمرة الألف أن مشكلة مصر.. هي أمريكا.. ثم أمريكا.. ثم أمريكا (بما يعني التبعية للحلف الأمريكي الصهيوني)... وتجاهل العسكر والإخوان معًا لذلك، وتجاهل العلمانيين والإسلاميين لذلك هو سبب استمرار ضياع مصر.. وضياع الثورة. ختاما أرجو أن تتقبلوا تحياتي وتقديري لمواقفكم الحقة.. معاهدًا الله - سبحانه وتعالى- أن أظل مجاهدًا مع الشعب المصري على نفس الدرب ووفقًا لنفس المبادئ، وثقتي كبيرة بل لدي يقين أن المصريين سيدركون ما نقوله.. ولكن أتمنى على الله أن يحدث هذا وأنا على قيد الحياة حتى أرى مصر حرة قبل مواراتي في التراب، ولكنني أعلم علم اليقين أيضا أن الله سيرعى مصر، وما أنا إلا مجرد جندي أحاول أن أكون سببًا، وأن أقوم بالواجب.. ويعلم الله أيضا أن أطماعي الكبرى هي في الآخرة، ولا أملك في سجني إلا ترديد دعاء الرسول الأكرم (اللهم إني أشكو لك ضعفي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يارب أنت ربي ورب المستضعفين إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري.. إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي). نعم.. هذا فقط الذي أراه الآن (إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي). مجدي أحمد حسين (هذا وكانت الأمانة العامة للاستقلال قد اتخذت قرارًا بتجميد عضوية الحزب في تحالف دعم الشرعية، وفوضت الهيئة القيادية للحزب بتوقيت إعلان هذا القرار).