ذكرت إذاعة "فويس أوف أميركا" في تقرير أخير لها أن ممارسات قمع حرية التعبير للصحفيين في مصر، ليس قاصرا فقط في قضايا الرأي العام الشهيرة، وإنما تمتد لتشمل كافة أنواع الترويع التي ربما تكون مستترة وبعيدة عن أعين الكثيرين، حسبما رأت . وقالت الإذاعة إن حدة الجدل تزايدت حول حرية الإعلام في مصر هذا الشهر، بعدما رفض مئات الصحفيين إعلان رؤساء تحرير الصحف بشأن دعم الحكومة وحظر الأخبار الناقدة للشرطة والقضاء والجيش، مشيرة إلى قيود أخرى تفرضها السلطات على حرية التعبير. وقال ستيفن مكينيرني، المدير التنفيذي لمشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط: “تمارس الحكومة المصرية الحالية قيودا أكبر على حرية الإعلام؛ فهناك حالات لا تحصى من الترويع والتهديدات المباشرة للصحفيين ومصادرهم، وكذلك الرقابة على المقالات، ومصادرة أعداد من الصحف التي تجرأت وغردت خارج السرب". وتصاعدت الحملة الحكومية ضد حرية التعبير منذ الانقلاب على الرئيس الشرعي محمد مرسي العام الماضي، لتشمل اعتقال صحفيين، لاسيما حبس صحفيي قناة الجزيرة الثلاثة، فضلا عن الجهود المتواصلة من قبل الحكومة لخنق صوت النقد. واجتمع وفد حقوقي في مقر الأممالمتحدةبجنيف مؤخرا، محذرا من انتهاكات الحكومة ضد حريات التعبير والصحافة والتجمع. وقال ميشيل دن، باحث بارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: "قدمت الولاياتالمتحدة بجانب عدة دول أخرى في جنيف تصريحات ناقدة لوضع حقوق الإنسان في مصر، حيث ألقت واشنطن الضوء حرية التعبير بشكل خاص". حرية التعبير في "مصر الجديدة" كان السيسي، قد تعهد في خطابه الذي ألقاه خلال الاجتماع السنوي للجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة، بأن تضمن "مصر الجديدة" حرية التعبير. غير أن شريف منصور، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، شكك في هذه التصريحات، مشيرا إلى أنها جاءت بعد فترة وجيزة من حبس مزيد من الصحفيين في مصر. وأوضح قائلا “اُعتقل عدد من الصحفيين – بينهم أحد عشر شخصا لا يزالون يقبعون في السجن – بسبب كتابتهم تقارير حساسة تنتقد الحكومة"، مضيفا أن وعد السيسي بالحفاظ على حرية التعبير لا تتعدى كونها كلمات. وتابع منصور: “هذه سياسة مزدوجة تحاول إرضاء المجتمع الدولي، بزعم أن مصر تسير على الطريق الصحيح نحو الديمقراطية، وتبرر التدابير التقييدية تحت شعار مكافحة الإرهاب". ورأى المحلل دن أن السيسي وحكومته يحاولان تبرير الحملة القمعية بالقول إن مصر تحتاج لحماية نفسها من التهديد الإرهابي، ويُنظر إلى أي انتقاد للحكومة أو الجيش على أنه مساندة للإرهاب. وأضاف: “أمر السيسي الصحفيين صراحة بالامتناع عن تهييج الرأي العام، قائلا إن الإعلام يحتاج لأن يحافظ على سلامة ووحدة الدولة المصرية، وهو ما دفع بعض رؤساء الصحف القومية والخاصة إلى الامتناع عن تغطية الاضطرابات وانتقاد مؤسسات الدولة". وذكر شريف منصور: “ينضم المئات من الصحفيين معا لمواجهة تعهد رؤساء التحرير صراحة، رافضين محاولات إسكات التغطية المستقلة والنقدية للأحداث في مصر". وقال مكينيرني إن الصحفيين المصريين يحتاجون للمساعدة في معركتهم هذه، مضيفا: “أعتقد أنه من الأهمية بمكان أن تقترن المعارضة الداخلية بالضغط المستمر من المجتمع الدولي". وحث وزير الخارجية الأمريكية جون كيري مصر لدعم حرية الصحافة، مبينا: “أكدت دعمنا القوي للدفاع عن الحقوق العالمية وحريات جميع المصريين، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات". ورأى مكينيرني أن هناك حاجة لأن تتبع الولاياتالمتحدة تصريحاتها بإجراءات قوية، من شأنها ردع مصر عن استهداف الحريات.