"(( الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة و لا نوم له ما في السموات و ما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم و ما خلفهم و لا يحيطون بشيء من علمه إلابما شاء وسع كرسيه السموات و الأرض و لا يؤوده حفظهما و هو العلي العظيم)) (255) سورة البقرة هذه آية الكرسي و لها شأن عظيم و قد صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بأنها أفضل آية في كتاب الله عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : وكلني رسول الله صلى الله عليه و سلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته و قلت : لأرفعنك إلى رسول الله قال : دعني فإني محتاج و علي عيالي و لي حاجة شديدة قال : فخليت عنه فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه و سلم يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة قال : قلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة و عيالا فرحمته و خليت سبيله قال : " أما إنه قد كذبك وسيعود"فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله " إنه سيعود " فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته ، فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :دعني فإني محتاج و علي عيال لا أعود فرحمته و خليت سبيله ، فأصبحت فقال لي رسول الله : " يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة " قلت : يا رسول الله شكا حاجة و عيالا فرحمته فخليت سبيله قال :" أما إنه قد كذبك وسيعود " فرصدته الثالثة ، فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله و هذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم أنك لا تعود ثم تعود فقال : دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت : و ماهي ؟ قال : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي(الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) حتى تختم الآية فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ، و لا يقربك شيطان حتى تصبح فخليت سبيله ، فأصبحت فقال لي رسول الله " ما فعل أسيرك البارحة " قلت :يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله ، قال: "و ما هي ؟ "قال لي : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية " الله لا إله إلا هو الحي القيوم " وقال لي : لن يزال عليك من الله حافظ و لا يقربك شيطان حتى تصبح - و كانوا أحرص شيء على الخير - فقال النبي صلى الله عليه و سلم : "أما إنه صدقك و هو كذوب ، تعلم من تخاطب من ثلاث ليال يا أبا هريرة " قلت :لا قال : " ذاك شيطان" " وهذه الآية مشتملة على عشر جمل مستقلة "الله لا إله إلا هو " إخبار بأنه المتفرد بالإلهية لجميع الخلائق "الحي القيوم " أي الحي في نفسه الذي لا يموت أبدا القيم لغيره و كان عمر يقرأ القيام ، فجميع الموجودات مفتقرة إليه و هو غني عنها و لا قوام لها بدون أمره كقوله : "و من آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره "لا تأخذه سنة و لا نوم " أي لا يعتريه نقص و لا غفلة و لا ذهول عن خلقه ، بل هو قائم على كل نفس بما كسبت ، شهيد على كل شيء ، لا يغيب عنه شيء ، و لا يخفى عليه خافية و من تمام القيومية أنه لا يعتريه سنة و لا نوم فقوله : لا تأخذه أي لا تغلبه سنة و هي الوسن و النعاس و لهذا قال :و لا نوم لأنه أقوى من السنة و في الصحيح عن ابي موسى قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه و سلم بأربع كلمات فقال : "إن الله لا ينام و لا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط و يرفعه، يرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل ، و عمل الليل قبل عمل النهار حجابه النور أو النار ، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه " "له ما في السموات و ما في الأرض " إخبار بأن جميع عبيده و في ملكه و تحت قهره و سلطانه : "إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمان عبدا لقد أحصاهم و عدهم عدا و كلهم آتيه يوم القيمة فردا"" "من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه " كقوله : "و كم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء و يرضى" "و لا يشفعون إلا لمن ارتضى " وهذا من عظمته و جلاله و كبريائه عز و جل ، أنه لا يتجاسر أحد على أن يشفع لأحد عنده إلا بإذنه له في الشفاعة " كما في حديث الشفاعة : " آتي تحت العرش فأخر ساجدا ،فيدعني ما شاء الله أن يدعني ، ثم يقال ارفع رأسك ، و قل تسمع ، و اشفع تشفعقال : فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة " "يعلم ما بين أيديهم و ما خلفهم " دليل على إحاطة علمه بجميع الكائنات ، ماضيها و حاضرها و مستقبلها ، كقوله اخبارا عن الملائكة : "و مانتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا و ما خلفنا و ما بين ذلك و ما كان ربك نسيا" "و لا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء " أي لا يطلع أحد من علم الله على شيء إلا بما أعلمه الله عز و جل و أطلعه عليه و يحتمل أن يكون المراد ، لا يطلعون على شيء من علم ذاته وصفاته ، إلا بما أطلعهم الله عليه"و لا يحيطون به علما" "و سع كرسيه السموات و الأرض " عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : سئل النبي صلى الله عليه و سلم عن قول الله عز و جل " وسع كرسيه السموات و الأرض " قال : "كرسيه موضع قدميه ، والعرش لا يقدر قدره إلا الله عز و جل" عن ابي ذر الغفاري أنه سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن الكرسي فقال رسول الله : "والذي نفسي بيده ما السموات السبع و الأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة ، و إن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة" "ولا يؤوده حفظهما " أي لا يثقله و لا يكترثه حفظ السموات و الأرض ومن فيهما و من بينهما ، بل ذلك سهل عليه يسير لديه و هو القائم على كل نفس بما كسبت ، الرقيب على جميع الأشياء فلا يعزب عنه شيء و لا يغيب عنه شيء ، و الأشياء كلها حقيرة بين يديه، متواضعة ذليلة صغيرة بالنسبة إليه محتاجة فقيرة و هو الغني الحميد ، الفعال لما يريد الذي لا يسأل عما يفعل و هم يسألون , و هو القاهر لكل شيء الحسيب على كل شيء ، الرقيب العلي العظيم لا إله غيره و لا رب سواه "وهو العلي العظيم " كقوله الكبير المتعال