عندما نتحدث اليوم عن العنف السائد في منطقتنا فعلينا أن نحاول الوصول إلى أعماقه وجذوره رغبة في استجلاء الحقيقة ووضعها أمام الضمير العربي الإفريقي. الصراع على الحدود بين ارتيرياوأثيوبيا : الحرب الإثيوبية الإريترية حرب أندلعت في مايو 1998 إلى يونيو 2000 بين أثيوبيا وأريتريا بسبب الخلافات الحدودية بين البلدين وقد تسببت الحرب في خسائر بشرية قدرت بمئات الالاف من الطرفين. في 25 مايو 2000 أعلنت إثيوبيا ان الحرب انتهت إذ تمكنت القوات الإثيوبية من السيطرة على ما يشكل من ربع الأراضي الإريتيرية ، في 18 يونيو 2000 وافق الطرفان على التفاوض ووقعت اتفاقية الجزائر في 12 ديسمبر 2000 التي أنهت رسمياً الحرب بين البلدين وقد نصت الأتفاقية على تشكيل منطقة أمنية مؤقتة على الحدود بين إريتريا وإثيوبيا. انتهى مع نهاية شهر نوفمبر 2007 الأجل الذي وضع لإريتريا وإثيوبيا من أجل ترسيم حدودهما. فمنذ الإعلان عن وقف إطلاق النار قبل سبع سنوات لم تستطع الوساطات الأفريقية والدولية ولا حكم اللجنة الحدودية المستقلة أن يضعا حدا لنزاع الدولتين الحدودي .أول ما يستوقف المرء بالنسبة لطبيعة الصراع بين الجانبين هو أنه ليس صراعا حدوديا فقط، وإنما البعد الحدودي هو أحد أوجه الصراع، أو أحد مخرجاته. ولعل هذا ما يكسبه خصوصية مقارنة بالنزاع مع اليمن حول جزر حنيش، بالرغم من الأهمية الإستراتيجية لهذه الجزر، مقارنة بمناطق النزاع بين إثيوبيا وإريتريا، حيث إن المناطق المتنازع عليها هي صحراء جرداء لا توجد بها موارد طبيعية، أو تجمع بشري يذكر. وبالرغم من ذلك، فإن المشكلة الحدودية مع اليمن تم حلها، في حين إن المشكلة في القرن الإفريقي لم تنتهِ، مما يضع شكوكا في إمكانية تنفيذ إريتريا الفعلي لقرار المحكمة. فالصراع الإثيوبي الإريتري يرتبط في جزء منه بالأوضاع الاقتصادية، وفي جانب آخر بالقيادة السياسية في كلتا الدولتين، وفي جانب ثالث يرتبط بالعامل النفسي في الصراع - وهذا هو الأهم - حيث لا يزال يشكل هاجسا كبيرا في علاقة البلدين ببعضهما البعض، والذي انعكس بدوره على ممارساتهما بعد استقلال إريتريا الفعلي عام 1991، والرسمي عام 1993 فإثيوبيا لم تنس أن إريتريا كانت في يوم من الأيام خاضعة لها، كما أنها كانت تشكل أهمية بالغة لها نظرا لوجود مواني إريترية على ساحل البحر الأحمر كمينائي مصوع وعصب، في حين أن إثيوبيا أصبحت دولة حبيسة بعد استقلال إريتريا؛ ومن ثم فإن استقلال إريتريا جعلها – أي إثيوبيا – خاضعة لها فيما يتعلق بمبادلاتها التجارية مع العالم الخارجي. ومن هنا يمكن فهم أسباب معارضة القيادة السياسية في إثيوبيا لاستقلال إريتريا، بالرغم من معارضة ذلك لقرارات الأمم المتحدة، فهذه القيادة كانت ترى أنه ينبغي أن تظل إريتريا مرتبطة بها عبر شكل من أشكال الكونفدرالية، ولم يخف رئيس وزراء إثيوبيا ميليس زيناوي ذلك، بل عبر عنه في مقابلة صحفية عام 1991- أشار فيها إلى معارضته لاستقلال إريتريا، وموافقة بلاده على إقامة علاقة كونفدرالية معها، وأوضح أن السبب في ذلك يرجع إلى رغبة بلاده في إيجاد منفذ لها على البحر، وباستقلال إريتريا ستحرم بلاده من هذا المنفذ، ولعل هذا يفسر أسباب قيام إثيوبيا في الحرب بالوصول إلى ميناء عصب، وعدم اقتصارها على المناطق الحدودية. ولقد اتضحت هذه الجزئية في الاتفاقات التي تم توقيعها عقب الاستقلال؛ إذ ضغطت إثيوبيا على إريتريا لاستغلال ميناء مصوع مقابل دفع رسوم رمزية تبلغ 1.5% فقط، ثم طالبت بإلغائها بعد ذلك. وفي المقابل نجد أن إريتريا - منذ الاستقلال - حريصة على التخلص من عقدة النقص التي لديها ومفادها أنها كانت محتلة من قبل إثيوبيا طيلة ما يزيد عن أربعة عقود؛ ومن ثم فهي تسعى للتخلص من هذه التبعية، وفي سبيل تحقيق ذلك اتخذت أسمره عدة إجراءات في هذا الشأن مثل صك عملة جديدة لها عقب الاستقلال هي "النقفة" بعدما كان التعامل يتم من خلال "البر" الإثيوبي، وهو ما دفع أديس أبابا إلى الرد بقوة من خلال فرض التعامل التجاري معها من خلال الدولار، وهو أمر صعب على صغار التجار في إريتريا، كما تلا ذلك اتخاذ إثيوبيا قرارا باستخدام ميناء جيبوتي من ناحية ثانية، بالرغم من أن التكلفة الاقتصادية ستكون أكبر، وفرضت أديس أبابا عقوبات على التجار الذين يستخدمون ميناء عصب. الصراع على الحدود بين الجزائر والمغرب : منذ سنة 1976 وعلى غاية نهاية الثمانينيات، اتسم وضع العلاقات بحصول تقدم مطرد للأداء الجزائري وسط ترحيب خفي وحذر من القوى الأجنبية الساعية لإحداث توازن إقليمي يضمن استمرار المشكلة بل ويزيد من تعقيدها. دون أمل في حلها أو في رجحان الكفة لصالح هذا الطرف أو ذاك. في هذه المرحلة التقى عنصران، الأول صادر عن صحراويي البوليساريو والثاني عن الجزائر: بالنسبة للأول، فقد بدت إرهاصاته الأولى في المؤتمر الثاني لجبهة البوليساريو 25 أغسطس 1974 حيث حددت الجزائر كحليف إستراتيجي للجبهة. فبعد المسيرة الخضراء في نوفمبر 1975 واسترجاع المغرب للصحراء، أصبح المغرب هو المستعمر، وما قوى ذلك هو بقايا التجربة المرة لمؤسس البوليساريو عند تحركه لجلب الدعم من داخل المغرب، وفي ظل هذا التحول بدأ التنسيق مع إسبانيا لضمان مساعدتها في الانتشار داخل الصحراء. هذا من جهة، وحصل الارتماء الكلي في أحضان المشروع الجزائري من جهة أخرى. وتوج ذلك بإعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في 27 فبراير 1976 وما تلاه من تصاعد قوتها خاصة وأن المغرب لم يمارس سياسة جذب لهم بل حصل العكس، أي دفعهم لأحضان الجزائر. تصبح احتمالات تسوية الخلافات المغربية الجزائرية وحصول انفراج في العلاقات البينية مسألة مستبعدة في المستقبل، بل إن الأفق الأكثر احتمالا هو استمرار الوضع الحالي والذي يشبه حالة حرب باردة متحكم فيها. عتبر النزاع الحدودي بين ليبيا وتشاد واحدا من أقدم النزاعات الحدودية وأكثرها غموضا وهو يدور حول تنازع السيادة على إقليم “اوزو” Aozou Strip”” وإقليم اوزو عبارة عن مساحة من الصحراء تضم بعض الواحات أهمها واحة “اوزو” وتصل مساحته إلى 114 ألف كليو متر مربع. ويمكن القول أن هذه المشكلة لم تكن وليدة عوامل داخلية فحسب وإنما كانت هناك عوامل خارجية ساهمت إلى درجة كبيرة في بلورتها إقليميا ودوليا وسوف نتناول هذا الموضوع من خلال إبراز محددات النزاع الليبي التشادي سواء كان ذلك: _1- في شكلها التقليدي ، ابتداء من القرن الثامن عشر الميلادي ، والمتمثل في المحاولات العديدة التي قامت بها القبائل العربية مستهدفة غزو واحتلال واحات التوبو في المناطق الشمالية من تشاد. 2- _أو في شكلها المعاصر الذي عبرت عنه حكومة العقيد معمر القذافى منذ 1 سبتمبر 1969 وحتى احتلاله إقليم اوزو عام 1973 وانتهاء بالفترة الأخيرة التي عرض فيها الخلاف على محكمة العدل الدولية ، وحكمت المحكمة لصالح تشاد. وتجدر الإشارة إلى عدد من القضايا الهامة وذلك على النحو التالي: توصيات اللجنة الخاصة بالخلاف الحدودي بين ليبيا وتشاد التابعة لمنظمة الوحدة الإفريقية ، واهما ما يلى: 1- _أخذا في الاعتبار أن كلا من ليبيا وتشاد عضو مؤسس الوحدة الإفريقية ، وأنهما موافقات على القرار 16 (1) الصادر عن القمة الأولى فى القاهرة ، فان الحل السياسي ممكن ويجب أن يكون هو الطريق الوحيد لحل ذلك الخلاف. 2- انه يجب على المنظمة أن تطلب من الطرفين نقل القضية إلى محكمة العدل الدولية للأسباب الآتية: أ- أثار طرفا النزاع عدة قضايا تعتمد على اعتبارات قانونية معقدة ، الأمر الذي يستلزم مستوى دولي قانوني رفيع. ب- اللجوء إلى أحكام القانون الدولي لتسوية قضايا الحدود له ميزة ، تتمثل فى أنها تتعمق إلى جذور المشكلة قانونيا. ج- أن هناك سابقين من الخلافات حول الحدود فى إفريقيا سبق وإحالتهما إلى محكمة العدل الدولية ، التى أصدرت حكمها فيهما وهما حالة تونس – ليبيا حول الرصيف القارى والأخرى حالة بوركينا فاسو – مالى حول الحدود بينهما. 3- التزام الطرفين باحترام مبادئ القانون الدولى التعاقدىDroitgonventionnel international ومبدأ عدم انتهاك الحدودinviolation de frontieres، خاصة المادة 62 من اتفاقية فيبنا في 23 مايو 1969 والمادة 11 من اتفاقية فيينا في 23 أغسطس 1978. خطورة الأزمة على صعيد العلاقات العربية الإفريقية كان غزو ليبيا (العربية) لتشاد (احدي دول الجوار الافريقى) واحتلال قطاع اوزو عام 1973 بالقوة ، يمثل سابقة خطيرة لعدة عوامل: 1- أن هذه العملية تعتبر إخلالا بالقانون سواء الأحكام القانونية الدولية ، أو الأحكام القانونية في نطاق منظمة الوحدة الإفريقية التي تجمع البلدين معا. ولا يمكن أن تترك هذه السابقة تستشرى ، لان تركها معناه أن القوة هي الحكم وليس القانون. 2- _انه بدلا من تعميق التفاهم العربى الافريقى ، اوجد الغزو والاحتلال مفهوما يقوم على أساس إحساس الافريقى الجار أن هناك طرفا أفريقيا – عربيا يمثل خطرا عليه. صراع الحدود بين الصومالوأثيوبيا : خلال الأسبوع الأول من المعارك استطاع الجيش الصومالي بسط سيطرته على وسط وجنوب الإقليم، وعلى مدار الحرب قام الجيش الصومالي بتحقيق الانتصارات على الجيش الإثيوبي الواحد تلو الأخر وتعقب فلول الجيش الإثيوبي المنسحبة حتى مقاطعة سيدامو الإثيوبية. وبحلول أيلول/سبتمبر من عام 1977 تمكنت الصومال من السيطرة على قرابة 90% من الإقليم كما نجحت في الاستيلاء على المدن الاستراتيجية الهامة مثل مدينة جيجيجا كما قامت بضرب حصار خانق حول مدينة ديرة داوا مما أصاب حركة القطارات من المدينة إلى جيبوتي بالشلل. وبعد حصار مدينة هرار قام الاتحاد السوفيتي بتوجيه دعم عسكري لم تشهده منطقة القرن الإفريقي من قبل لحكومة إثيوبيا الشيوعية تمثل في 18,000 من الجنود الكوبيين و 2,000 من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بالإضافة إلى 1,500 من الخبراء العسكريين السوفييت تدعمهم المدرعات والمركبات والطائرات السوفيتية. وفي مواجهة تلك القوة الهائلة أجبر الجيش الصومالي على الانسحاب وطلب المساعدة من الولايات المتحدة. وبالرغم من إبداء نظام جيمي كارتر استعداده لمساعدة الصومال خلال الحرب في بادئ الأمر إلا أن تدخل السوفييت السريع لإنقاذ إثيوبيا حال دون ذلك خشية توتر العلاقات أكثر فأكثر بين القوتين العظيمتين، ومع تراجع الولايات المتحدة عن مساعدة الصومال تراجع كذلك حلفاؤها من الشرق الأوسط وأسيا. صراع الحدود بين موريتانيا والسنغال : الحرب الموريتانية السنغالية الحدودية وهي نزاع دولي في غرب أفريقيا بين دولتي موريتانيا و السنغال في سنة 1989-1991 . النزاع كان على حدود نهر السنغال وكانت نتيجة الحرب هي إتفاق دبلوماسي لتقسيم النهر بين الدولتين أسفرت هذه المعركة عن مقتل 24 ألف شخص أليات تسوية نزاع الحدود في القارة الأفريقية : أن الدول المتنازعة قد لجأت إلى أساليب شتى من أجل حل هذه المنازعات وقد تفاوتت هذه الأساليب ما بين اللجوء إلى الحرب أو استخدام القوة المسلحة، إلى مختلف وسائل التسوية السلمية للمنازعات، بدءا من المفاوضات المباشرة، ومرورا بالأشكال المختلفة لتدخل الطرف الثالث، وانتهاء بالتحكيم والقضاء الدوليين وعادة ما تلعب أهمية النزاع وعمق الروابط القائمة بين أطرافه، فضلا عن الأهمية الاقتصادية أو الاستراتيجية للمناطق المتنازع عليها أو التى يفصل بينها خط الحدود، دورا مهما نى اختيار وسيلة معينة من وسائل التسوية السلمية للمنازعات دون غيرها، وذلك مع الأخذ بعين الاعتبار حقيقة أن اللجوء إلى الحرب أو استخدام القوة المسلحة فى هذا الخصوص قد أضحى أمرا محظورا بموجب أحكام القانون الدولى المعاصر وحيث أن الوسائل المختلفة للتسوية السلمية للمنازعات تنقسم بصفة عامة إلى مجموعتين: الوسائل السياسية والدبلوماسية من جانب، والوسائل القانونية من جانب أخر، لذا فقد يكون من المفيد أن يعرض التحليل هنا لبيان حدود الدور الذى تضطلع به كل واحدة من هذه الوسائل، مع الإشارة إلى الوضع الخاص بمنازعات الحدود التى نشبت بين بعض الدول العربية وجيرانها من غير العرب. أولا: التسوية السلمية لمنازعات الحدود من خلال اللجوء إلى الوسائل السياسية: كما هو معلوم، تشمل الوسائل السياسية (والدبلوماسية) التى يلجأ إليها عادة لتسوية المنازعات الدولية عامة ومنها المنازعات المتعلقة بالحدود المفاوضات، المساعى الحميدة، الوساطة، التوفيق أو المصالحة، اللجوء إلى المنظمات الدولية ذات الصلة: 1 التسوية السلمية لمنازعات الحدود من خلال المفاوضات 2 التسوية السلمية لمنازعات الحدود عن طريق تدخل طرف ثالث 3 المنظمات الدولية والتسوية السلمية لمنازعات الحدود 4- التسوية القضائية لمنازعات الحدود