إيهاب الطاهر ل "البوابة نيوز": الاحتفال بيوم الطبيب المصري يُمثل طاقة أمل    بالتزكية.. إعادة انتخاب ممدوح محمد رئيسًا لحزب الحرية    مستقبل وطن المنيا يكرم 100 عامل مؤقت    بنك قناة السويس يعزز ريادته فى سوق أدوات الدين ويقود إصدارين ناجحين لصكوك متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بقيمة 5.8 مليار جنيه    انهيار منزل سكني من 3 طوابق بالمحلة دون وقوع إصابات.. صور    مصر تُرحب بإعلان وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    طوابير خانقة وأسعار مضاعفة وسط غياب الحلول..أزمة وقود خانقة تضرب مناطق الحوثيين في اليمن    هانز فليك يؤكد جاهزية ثلاثي برشلونة قبل الكلاسيكو أمام ريال مدريد    مصرع طفلة وإصابة 4 أشخاص في حادث بين 3 سيارات بصحراوى البحيرة    لتقديم المستندات.. تأجيل إستئناف متهمين ب "داعش العمرانية" ل 13 مايو    حجاج القرعة 1446.. "الداخلية" تعلن استعداداتها لتقديم أفضل رعاية هذا الموسم    تأجيل محاكمة أربعة متهمين بالتسبب في انهيار عقار بأرض الجولف    محمد محمود عبد العزيز يكشف تفاصيل الأزمة بين بوسي شلبي مع الإعلامي عمرو أديب    أسامة رؤوف رئيسًا للجنة التحكيم الرسمية في المهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج    يغادر دور العرض قريبًا.. تعرف على الفيلم الأضعف في شباك تذاكر السينما    الأرصاد: طقس غداً الأحد شديد الحرارة نهاراً معتدل ليلاً    الأهلي يخطف صفقة سوبر من بيراميدز بعد تدخل الخطيب.. واستخراج التأشيرة    سام مرسي يقود تشكيل إيبسويتش تاون أمام برينتفورد في الدوري الإنجليزي    السودان.. 21 قتيلا في هجوم للدعم السريع على سجن بشمال كردفان    مرسوم عليه أعداء مصر ال9.. «كرسي الاحتفالات» لتوت عنخ آمون يستقر بالمتحف الكبير    منى زكي بعد حصدها جائزة أحسن ممثلة بمهرجان المركز الكاثوليكي: وسام أعتز به في مسيرتي    في يوم الطبيب.. وزير الصحة: الدولة تضع الملف الصحي بجميع ركائزه على رأس أولوياتها    القومي للمرأة يشارك في اجتماع المجموعة التوجيهية لمنطقة الشرق الأوسط    بعد تحقيق مكاسب سياسية.. اتهامات التطرف ومعاداة الإسلام تطارد الإصلاح البريطانى    "صورة الطفل في الدراما المصرية" ندوة بالمجلس الأعلى للثقافة    المشدد 3 سنوات لعاطل تعدى بالضرب على صديقه في القليوبية    استعدادا لموسم الصيف..محافظ مطروح يتفقد مستشفى رأس الحكمة    "بسبب ماس كهربائى" مصرع وإصابة ثلاثة أشخاص إثر نشوب حريق داخل حوش مواشى فى أسيوط    محافظ أسيوط يتفقد تطوير مدخل قرية بنى قرة ونقل موقف السرفيس لتحقيق سيولة مرورية    جدول مواقيت الصلاة في محافظات مصر غداً الأحد 11 مايو 2025    «الإحصاء»: 1.3% معدل التضخم الشهري خلال أبريل 2025    وصول جثمان زوجة محمد مصطفى شردى لمسجد الشرطة    مديرية أمن القاهرة تنظم حملة تبرع بالدم بمشاركة عدد من رجال الشرطة    بيتر وجيه مساعدا لوزير الصحة لشئون الطب العلاجى    طريقة عمل الكيكة بالليمون، طعم مميز ووصفة سريعة التحضير    شئون البيئة: التحول للصناعة الخضراء ضرورة لتعزيز التنافسية وتقليل الأعباء البيئية    رئيس صحة النواب: مخصصات الصحة في موازنة 2026 الكبرى في تاريخ مصر    جامعة أسيوط تُشارك في ورشة عمل فرنكوفونية لدعم النشر العلمي باللغة الفرنسية بالإسكندرية    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    رئيس الوزراء العراقي يوجه بإعادة 500 متدرب عراقي من باكستان    صحة غزة: أكثر من 10 آلاف شهيد وجريح منذ استئناف حرب الإبادة    جيروساليم بوست: ترامب قد يعترف بدولة فلسطين خلال قمة السعودية المقبلة    أبرز ما تناولته الصحف العالمية عن التصعيد الإسرائيلي في غزة    محافظ أسوان: توريد 170 ألف طن من القمح بالصوامع والشون حتى الآن    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الكلام وحده لايكفي !?    تحرير 16 محضرا لمخالفات تموينية في كفرالشيخ    تعرف على مواعيد مباريات الزمالك المقبلة في الدوري المصري.. البداية أمام بيراميدز    اليوم.. انطلاق الجولة 35 ببطولة دوري المحترفين    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب    استثمارات 159 مليون دولار.. رئيس الوزراء يتفقد محطة دحرجة السيارات RORO    خبر في الجول - زيزو يحضر جلسة التحقيق في الزمالك    «الصحة» تعلن تدريب أكثر من 5 آلاف ممرض وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع جارسيا بيمنتا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    حاجة الأمة إلى رجل الدولة    الرمادي يعقد جلسة مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بيراميدز    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية السبت 10 مايو 2025    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نسمات الحج لغير الحجاج
نشر في الشعب يوم 29 - 09 - 2014

استوقفني الحديث الصحيح المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بُنِيَ الإسْلامُ عَلَى خَمس: شَهَادة أنْ لا إله إلا الله وأَنْ محمدًا رَسُول الله، وإقام الصلاةِ وإيتاءُ الزَكَاةِ، وصَوْمُ رَمَضَان، وحَجُ البيْتِ...". ولفت نظري أن يكون الحج أحد هذه الأسس الخمس التي يُبنى عليها الإسلام!! وهو عبادة لا يكلف بها المسلم أو المسلمة إلا مرة واحدة في العمر، وهي لمن استطاع.. أي أن هناك ملايين من المسلمين على مر العصور لا يتمكنون من أداء هذه الفريضة لعدم الاستطاعة.. حتى من يستطيع أن يؤدي هذه الفريضة، فأغلبهم يؤديها مرة واحدة؛ أي أن هذه الفريضة لا تأخذ من وقت المسلم ومن حياته -إذا أداها- إلا وقتًا قليلاً جدًّا لا
يتجاوز الأسبوعين في أحسن الأحوال.
فلماذا يختار الله عز وجل هذه العبادة العارضة ليجعلها أساسًا من أسس هذا الدين؟!
رأيت أن الحج لا بد أن يكون له تأثيره على حياة الإنسان بكاملها في الأرض، وأن هناك فوائد تتحقق من أداء هذه
الفريضة في حياة الإنسان الذي أداها كلها.
وكذلك فقد شرع الله لمن لم يشهد الحج بعض الأمور التي تجعلنا نحيا في نفس جو الحجاج، ونتنسم معهم نسمات
الحج، ليس ذلك عن طريق سماعهم أو متابعتهم إعلاميًّا، وإنما بالفعل أيضًا.. ولتتأمل معي حديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله
من هذه العشر" (أي عشر ذي الحجة). قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله،
إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء".
أعمال العشر من ذي الحجة
هذه الأيام العشر من ذي الحجة هي الفرصة لكل المؤمنين في الأرض.. مما يعني أننا يجب أن نستغل هذه الأيام العشر
خير استغلال حتى نكون كمن حج تمامًا.
ولعلي أعرض عليك بعض الأعمال التي يمكن تحصيل الأجر بها إن شاء الله رب العالمين:
1- الصيام:
يجب أن يحرص كل مسلم على صيام التسع أيام الأول من ذي الحجة، وبخاصة يوم عرفة؛ لأن صيامه يكفر ذنوب
سنتين كاملتين: "سنة ماضية وسنة مستقبلة"، كما روى مسلم عن أبي قتادة .
ويجب أن نعلم أن الله يغفر ذنوب الحجاج جميعًا، ويعتق رقاب الكثيرين من خلقه في ذلك اليوم المبارك (يوم عرفة)..
روى مسلم عن السيدة عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من يوم أكثر من أن يُعتِق الله فيه عبدًا من
النار من يوم عرفة". فالحاج سيكفر الله له ذنوبه في عرفة، وغير الحجاج الصائمين في يوم "عرفة" سيغفر الله تعالى
لهم ذنوبهم وهم في بلادهم على بُعد أميال من مكة!! أيُّ نعمةٍ، وأي فضل أعظم من ذلك؟!
2- صلاة الجماعة:
فالحفاظ على صلاة الجماعة بالنسبة للرجال، والصلاة على أول وقتها بالنسبة للنساء يجب أن يكون حال المسلم
طوال العام، ولكن للشيطان أوقات يتغلب فيها على ابن آدم فيحرمه من الأجر والثواب العظيم، ومن فضل الله تعالى
ورحمته أن جعل للمؤمنين مواسم يشتاق فيها المرء للعبادة، مثل "شهر رمضان"، "والعشر الأوائل من ذي الحجة"..
وهي فرص ثمينة ليست لتحصيل الثواب فحسب، وإنما للتدرب والتعود على هذه الفضائل طوال العام وطول العمر.
وصلاة الفجر من أهم الصلوات التي يجب على المسلم أن يحافظ عليها في كل أيامه، وفي هذه الأيام المباركة على
الخصوص، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن صلاة الجماعة بصفة عامة: "من غدا إلى المسجد أو راح أعد
الله له نُزُلاً في الجنة كلما غدا أو راح".
ماذا نريد أكثر من ذلك؟!
إنها فرصة ذهبية، ألسنا نحسد الحجاج على وعد الله لهم بالجنة، في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحج
المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة". وها نحن تتوفر لنا فرصة رائعة ونحن في بلادنا.. فلا يتعلل المرء بأنه لا يستطيع الحج
في حين أنه في كل مرة يذهب فيها للمسجد أو يرجع منه، يُعِدُّ الله سبحانه له بيتًا في الجنة.
3- الإكثار من صلاة النوافل:
للحجاج بالطبع فرصة عظيمة في تحصيل الأجر من الصلاة في المسجد الحرام، والمسجد النبوي؛ لكن الله عز وجل لم
يحرم من لم يحج من فرصة زيادة الحسنات عن طريق صلاة النافلة.. وأنت في بلدك وفي بيتك.. ذلك إذا استشعرت
أنك كالحاج تمامًا في هذه الأيام العشر، فالحاج في مكة لا يضيع وقته؛ لأن كل صلاة يصليها بمائة ألف صلاة. وكذلك
أنت يجب ألاّ تضيع وقتك في هذه الأيام، وستجد أبوابًا للحسنات لا يمكنك حصرها:
أ- قيام الليل:
وهو من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه سبحانه وتعالى، وقيام الليل في هذه الأيام له وضع خاص وأجر
خاص.. وكثير من المفسرين يقولون في تفسير القسم في قول الله تعالى: {وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1، 2] أن
المقصود بها الليالي العشر الأول من ذي الحجة.. قُمْ صَلِّ قدر ما استطعت، واسأل الله من فضله ما أردت؛ فعن أبي
هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين
يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: مَن يدعوني فأستجيبَ له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له".
ماذا يريد العبد أكثر من ذلك؟!!
الله عز وجل يتودد إلى عِباده ويطلب منهم أن يسألوه حاجاتهم.. كل حاجاتهم، ويَعِدُهم بالإجابة سبحانه!!
ألسنا نحسد الحجاج على أن الله يكفّر عنهم كل سيئاتهم؟ ها هي الفرصة أمامنا، فقط قمِ الليل واستغفرِ الله،
وسيغفر لك الغفور الرحيم.. ولم تتكلف في ذلك عناء السفر، أو إنفاق الآلاف!!
ليس معنى ذلك أن يتوقف الناس عن الحج.. أبدًا؛ فالحج من أعظم العبادات في الإسلام، ولكنني أقول هذا لعموم
المسلمين الذين لم يُيسر الله لهم الحج أن أعطاهم المولى سبحانه وتعالى بدائل في نفس موسم الحج، ولها أجر يقترب
من أجر الحج نفسه، بل قد تكون أعلى إذا خلصت النية وكان هناك شوق حقيقي للمغفرة والعمل الصالح، وانظر
معي إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم في مرجعه من غزوة تبوك: "إن بالمدينة أقوامًا، ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم
واديًا إلا شركوكم الأجر". قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: "وهم بالمدينة، حبسهم العذر". فكان جزاء صدق
نواياهم أن كتب الله لهم الأجر كاملاً.
ب- السنن الرواتب:
في صحيح مسلمٍ عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد مسلم
يصلي لله كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعًا غير الفريضة إلا بنى الله له بيتًا في الجنة"؛ 12 ركعة!! ركعتان قبل الفجر،
وأربع ركعات قبل الظهر وركعتان بعده، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء.. أيُّ فضلٍ وأي خير هذا؟!
انظرْ كم باستطاعتك أن (تحجز) من البيوت، وتدبرْ معي: إذا وعدك أحد الملوك بأنه سيعطيك بيتًا واسعًا وجميلاً في
مكان جميل بشرط أن تفرِّغ له نصف ساعة يوميًّا من وقتك، فهل ستلبي طلبه أم تتقاعس عنه؟! فما بالك ورب العزة
عز وجل يعدك ببيت في الجنة التي وصفها فقال: {عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ} [آل عمران: 133]!!
لذلك فإنني أقول: إن المسألة مسألة إيمان ويقين في وعد الله تبارك وتعالى، فلا يفرط إنسان عاقل في هذه الفرص.
وغير ذلك من السنن والنوافل: صلاة الضحى، سنة الوضوء، صلاة الاستخارة، وغيرها...
لتجعلْ من هذه العشر هجرةً كاملة لله سبحانه وتعالى.
4- ذكر الله عز وجل:
والذكر في هذه الأيام له وضع خاص جدًّا، يقول الله عز وجل: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] أي هذه
العشر. وقال ابن عباس في قوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28] هي الأيام العشر. يقول النبي
صلى الله عليه وسلم: "سبق المفردون". قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: "الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات".
وكل أنواع الذكر محمودة ومطلوبة، لكن في هذه الأيام يكون هناك خصوصية لبعض الأذكار، ومنها: التهليل، والتكبير،
والتحميد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما رواه أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما: "ما من أيام أعظم عند
الله تعالى ولا أحب إلى من العمل فيهن من هذه الأيام العشر؛ فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد".
وكذلك فإن للاستغفار في هذه الأيام حضور ومكانة كبيرة؛ إذ تشعر أن الجو العام في هذه الأيام هو جو الرحمة
والمغفرة والتوبة، فهذه الأيام فرصة للاستغفار والتوبة إلى الله تعالى بصيغ الاستغفار المتعددة.. وتذكر دائمًا قول رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله".
5- الدعاء:
وقد رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرًا من قيمة الدعاء، فقال: "الدعاء هو العبادة". ويقول الله عز وجل: {وَقَالَ
رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60].
وإذا كان للحجاج فرص عظيمة لاستجابة الدعاء: في مكة، وفي الطواف، وعند رمي الجمرات... وغيرها، فإننا لدى غير
الحاج فرص كثيرة أيضًا، منها: الثلث الأخير من الليل، وعند السجود، وفيه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا فيه من الدعاء".
وعلى أية حال فإن الدعاء يكون في كل حال، وفي أي وقت، والأيام العشر كلها أيام عظيمة مباركة.
6- قراءة القرآن:
نعمة كبيرة جدًّا أن يمن الله علينا بحب قراءة كلامه عز وجل، وفي قراءة القرآن فضل وخير كثير.. اقرأ القرآن ولكَ
بكل حرفٍ فيه حسنة، والحسنة بعشر أمثالها؛ بل من الممكن أن تختم القرآن كله في هذه العشر.. نَعَمْ صعب، لكن
ليس مستحيلاً، اعتبرْ نفسك ستحج، كنت ستقتطع أسبوعين للحج، الآن اجعل ساعتين فقط يوميًّا لقراءة كتاب الله؛
وبذلك تتمكن من ختم القرآن كله خلال هذه الأيام بإذن الله.
7- الوحدة بين المسلمين:
إذا كان الشعور بإحساس الأمة الواحدة من الأهداف الرئيسية للحج، ولن يتواجد هذا الشعور والخلاف والشقاق
منتشر بين أجزاء هذه الأيام، فتجده بين أبناء البلد الواحد، والمدينة الواحدة، بل وبين أبناء البيت الواحد أحيانًا..
لذلك فقد تكون هذه الأيام العشر فرصة لغير الحاج ليجتهد في توحيد المسلمين في محيطه، وقد يساعدك في هذا
الأمر أن تسعى لتحقيق هذه الأمور:
أولاً: بر الوالدين.. فبرهما وطاعتهما مقدمة على كل شيء ما داما لم يأمرا بمعصية؛ وتذكر أنك تريد الحج حتى تدخل
الجنة، والوالدان يمكنهما أن يدخلاك الجنة.
ثانيًا: صلة الرحم.. فأنت بوصلك للرحم تكون أهلاً لأن يصلك الله سبحانه، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "
ليس الواصل بالمكافئ، لكن الواصل هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها".
ثالثًا: الأصحاب والجيران، ودوائر المجتمع المحيطة بك، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من عاد مريضًا، أو زار
أخًا له في الله ناداه منادٍ: أن طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً".
رابعًا: إصلاح ذات البين.. ابحثْ فيمن حولك عمَّن بينك وبينه خلاف أو قطيعة، واجتهد أن تصلح ما بينك وبينه، بل
واجتهد أن تصلح ما بين المسلمين من حولك أيضًا، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "تُفتح أبواب الجنة يوم
الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لك عبد لا يشرك بالله شيئًا إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظروا هذين
حتى يصطلحا".
8- الصدقات:
الإكثار من الصدقة في هذه الأيام المباركة له فضله وأجره، قال تعالى: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ
ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272].
فهذه الأيام أيام سعادة، وفقراء المسلمين في أمسّ الحاجة إلى السعادة في هذه الأيام.. فأكثرْ من النفقة واحتسبْ
أجرك عند الله، ولا شك أن الأجر مضاعف في هذه الأيام.. وتذكر أن الحاج ينفق من ماله الشيء الكثير في الحج، ولا
بد على من لم يحج ويريد أن يفوز بالأجر والثواب أن يتنافس معه قدر استطاعته، كلٌ بمقدرته (اتقوا النار ولو بشق
تمرة).
9- التقشف:
تعالَوْا نعِشْ مع الحجاج معيشتهم في هذه الأيام.. تعالوا نأخذ من الحج درسًا عمليًّا نطبقه في حياتنا في بيوتنا، وقد
كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصًا على أن يستشعر المسلمون حياة الحجيج حتى لو لم يذهبوا إلى مكة؛ ولذلك
قال فيما ترويه أم سلمة رضي الله عنها: "إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره وبشره
شيئًا".
ليس مهمًّا أن نلبس أفخم الثياب، أو نأكل أفضل الأكل.. لكن المهم أن نغتنم كل لحظة وكل دقيقة من هذه الأيام في
طاعة الله عز وجل.
10- ذبح الأضحية:
وهي من أعظم القربات إلى الله سبحانه، وهي مما يُشعر المسلم بجو الحج تمامًا.. ويكفي أن أذكر هنا حديثين للنبي
صلى الله عليه وسلم، أوَّلهما قوله: "ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله تعالى من إراقة دم، وإنه ليؤتى يوم
القيامة بقرونها، وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض.. فطيبوا بها نفسًا".
الحديث الثاني رواه ابن ماجه أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوه: يا رسول الله، ما هذه الأضاحي؟ قال: "
سنة أبيكم إبراهيم". قالوا: فما لنا فيها يا رسول الله؟ قال: "بكل شعرة حسنة". قالوا: فالصوف يا رسول الله؟ قال: "
بكل شعرة من الصوف حسنة".
تلك -أيها الإخوة الكرام- عشرة كاملة؛ عشرة واجبات في عشرة أيام، أعتقدُ أنه من خلالها يجد المرء بديلاً مناسبًا من
أعمال الخير إذا لم يحج، وهي أعمال علّمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ليثبت لنا فعلاً أن الحج ليس
للحجاج فقط، بل ينعكس أثره على الأمة الإسلامية بكاملها.
وأخيرًا..
كلمتي للمخلصين من أبناء هذه الأمة الذين لم يكتب لهم الحج بعد: لا تحزنْ يا أخي، فقد جعل الله لك عوضًا عن
ذلك؛ لا تحزنْ إن لم تكن مستطيعًا، فالله لا يكلف نفسًا إلا وسعها؛ لا تحزن فقد يكتب الله لك أجر الحجاج..
وزيادة، بنيتك الصادقة وشوقك الحقيقي ولهفتك غير المصطنعة.
ولكن إلى أن يكتب الله سبحاه وتعالى لك حجًّا لا تضيِّعْ وقتًا.. قد فتح الله عليك أبواب الخير على مصراعيها، فأعمال
الخير لا تنتهي، وأبواب الجنة لا تغلق في وجه طالبيها، ورحمة الله واسعة.
وأقول..
ليُقِمْ كلٌّ منا جبلاً لعرفات في قلبه، وليدعُ الله وقتما شاء.. ليرجم كل منا الشيطان في كل لحظة من لحظات حياته..
ليتخفف كلٌّ منا من دنياه، فما بقي من الدنيا أقل بكثير مما ذهب.. ليصلح كل منا ذات بينه وليسامح إخوانه، ويحب
الخير لكل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
أسألُ الله تبارك وتعالى حجًّا مبرورًا لكل من كتب له الحج، وعملاً صالحًا مقبولاً لمن لم ييسر له الحج.
المصدر: قصة الإسلام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.