قالت والدة الشهيد الشاب عيسى القطري "22عامًا" والدموع تسبق كلماتها: "جهزنا له شقته واشترينا غرفة نومه، حتى أن حلوى الزفاف حجزناها تمهيدا لزفافه نهاية هذا الشهر، وكل هذا تم قبل شهر من الآن، ولكن بعد استشهاد ابن عمه قررنا تأجيل العرس إلى العام القادم". وتضيف "لم أستطع النوم الليلة الماضية بعد أن علمت بخروجه من المنزل أثناء وجود الجيش الإسرائيلي داخل المخيم، وفجأة صرخت ابنتي بأن عيسى قد أصيب برصاصة، فانطلقنا مسرعين إلى المستشفى وأخبرنا الأطباء بأنه فارق الحياة". وبحسرة وبكلام متقطع تتابع والدته: "البارحة قمت بتنظيف الشقة لينام فيها، واليوم رأيته نائما في نعشه، حسبي الله ونعم الوكيل وربي يرضى عليه". أما خطيبته سماح (19عامًا) فتقول بحرقة إنها لم تتوقع أن يمر يومًا كهذا عليها.. لا أعرف ماذا حدث، همنا هو الزواج والاستقرار والبعد عن ما ينغص حياتنا، ومنذ سماعي خبر استشهاده لم أصدق". وأبرقت برسالة معاتبة لقيادة السلطة قائلة: "ماذا ينتظر محمود عباس؟ أينتظر حتى يقتل جميع الشعب أمام عينيه؟، لكني لا أملك له إلا الدعاء بالرحمة والشفاعة". بانتظار زفافه وخارج أروقة المنزل ينتظر العشرات من أصدقائه الذين رافقوه في حياته، وطالما أملوا السير في زفافه، إلا أنهم ساروا بعكس ما ينتظرون. ويقول صديقه أمين ريحان (17عامًا): "كان من أعز أصدقائي رغم أنه أكبر مني سنا، خرج من المدرسة مبكرًا وعمل في مجال الدهانات ليجمع المال ويتزوج، وقبل شهر أجل زواجه لاستشهاد ابن عمه، واليوم تأجل زواجه إلى الأبد". ويروي تفاصيل استشهاده فيقول: "أقدم الجنود على اعتقال شاب من الحارة التحتا للمخيم، فانطلق عشرات الشبان ورشقوا الجنود بالحجارة، فتجمع الجنود على مدخل المخيم واقتحموه مرة أخرى وأطلقوا رصاصتين حية إحداها قتلته". بينما يقول عمه ياسر: "عمل عيسى في عدة مجالات لمسابق الزمن لجمع تكاليف زفافه، وكان توافق في العائلة على تأجيل الزفاف، للبعد عن أجواء الحزن خلال عرسه، لكن ما حدث إلى الآن يصعب تصوره والتعبير عنه، فأفراحنا تحولت مآتم، وهذا ما يريده الاحتلال". وشيع آلاف المواطنين بعد ظهر اليوم جنازة القطري وسط توتر وغضب شديد يسود المخيم، ومطالبات لأجنحة المقاومة العسكرية بالرد على جرائم الاحتلال، فيما اندلعت مواجهات عنيفة عقب التشييع.