أفردت الصحف الألمانية مساحات لمتابعة تداعيات العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة من زوايا غلب على معظمها الانحياز لإسرائيل. واتفقت اثنتان من كبرى الصحف الألمانية على أن "النظام العسكرى المصرى الذى حوّل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى عدو له ولا يجد سببا يدعوه للتدخل لمنع إنزال إسرائيل ضربة ساحقة بالحركة الإسلامية الفلسطينية، أصبح مستبعدا من القيام بوساطة" ورأت صحيفة ثالثة أن الخوف من سقوط ضحايا كثيرين بين الجنود الإسرائيليين ومن فقدان الغطاء الدولى وعدم اقتصار خسارة تل أبيب الحلفاء على الولايات المتحدة وتعديها لدول أخرى، يجعل رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو متخوفا من إرسال قوات برية إلى غزة. جرف مثقوب واستهل الكاتب هانز كريستيان روسلر مقالة الرأى الرئيسية بفرانكفورتر ألغماينة تسايتونغ قائلا:"إن حملة "الجرف الصامد" التى يشنها الجيش الإسرائيلى على غزة باتت مليئة بالثقوب بعد تنفيذ حماس تهديداتها بإيصال صواريخها للمرة الأولى إلى جنوب تل أبيب. وأشار إلى أن توسيع حماس دائرة قصفها الصاروخى لتشمل كل إسرائيل سيجعل من الصعب على نظام الدفاع الإسرائيلى إيقاف الصواريخ فى وقت مناسب، وأضاف أن سقوط قتلى إسرائيليين أصبح مسألة وقت، وأنه سيؤدى عند حدوثه لشنّ الإسرائيليين عملية برية لن تحقق لهم سوى المضي للنهاية المريرة باحتلال القطاع. ولفت روسلر إلى أن الجنود الإسرائيليين بقوا بدباباتهم ثلاثة أسابيع فى غزة بداية عام 2009، وعجزوا فى هذه الحملة مثلما عجزوا عام 2012 عن منع الفصائل الفلسطينية من زيادة ترسانتها من الصواريخ والأسلحة المتطورة، ورأى أن إسرائيل ظلت طويلا تتردد فى توجيه ضربة ساحقة لحماس خشية انتشار الفوضى بغزة وتنامى تأثير "الجهاديين". ونوه الكاتب إلى أن "اتساع نطاق دائرة العنف أظهر افتقاد وسيط مؤثر ومقبول من حماس وإسرائيل". وقال:"إن الوساطة المصرية الحالية هى فى أحسن الأحوال بلا قلب؛لأن النظام العسكرى الحاكم بالقاهرة يفضل أن تجهز إسرائيل على حماس مثلما فعل هو بجماعة الإخوان المسلمين، حسب تعبير الكاتب". مرسى والسيسى وتحت عنوان"لماذا الحرب التى يخوضها الإسرائيليون والفلسطينيون غير طبيعية" كتب بيتر مونيش فى زود دويتشة تسايتونغ "إذا خاض طرفان ضد بعضهما حربا لا يرغبان فيها فمن الطبيعى افتقاد طرف ثالث يقوم بالوساطة لتجنب وقوع الأسوأ بين المتقاتلين" وأشار مونيش إلى أن أزمات غزة المماثلة فى السنوات الماضية أوجدت حاجة لوسيط من الخارج، وجعلت الولايات المتحدة والأوروبيين يلجؤون للقاهرة حيث حكم رؤساء كانت لديهم قنوات اتصال مفتوحة مع كافة الأطراف، وأوضح أن نظام المخلوع حسنى مبارك حقق هدنة بعد حرب إسرائيل الأولى ضد حماس عامي 2008/2009، وهو ما نجح فيه الرئيس محمد مرسى. ونبّه إلى أن أوضاع مصر الحالية مختلفة ،لأن عبد الفتاح السيسى الذى حوّل حماس إلى "عدو" لا يجد سببا لإنقاذ الحركة من هزيمة، ورأى أن عدم وجود وسيط قادر على منع اتساع دائرة العنف يجعل الحرب الحالية أخطر من سابقاتها. وأشار إلى أن حماس تسعى لنقل نضالها إلى الضفة الغربية وبدء انتفاضة جديدة، وهى انتفاضة لا يمكن إيقافها حتى إن صمتت قعقعة السلاح بغزة. وفى تحليلها لاحتمال شنّ إسرائيل حربا برية، قالت دير تاجسشبيغيل:"إن القوميين اليهود بإسرائيل هم أكثر الحالمين بهدوء دائم من صواريخ حماس إذا تم القضاء على الحركة" وأشارت إلى أن الإسرائيليين الذين يعانون من ضغوط لوقوعهم فى دائرة استهداف الصواريخ يعرفون أن أى هدوء يمكن أن يجلبه جيشهم لن يتجاوز ثلاثة أعوام، كما شككت فى معرفة إسرائيل بمواقع المخازن السرية لصواريخ حماس. وانفرد حزب اليسار المعارض بالتنديد بالعدوان الإسرائيلى، حيث انتقد نائب رئيس كتلة اليسار فى البرلمان فولفغانغ جيركا انحياز المستشارة أنجيلا ميركل لجانب إسرائيل، وتحميلها الفلسطينيين وحدهم مسؤولية انفجار العنف.