قرر المستشار محمدي قنصوه رئيس محكمة جنايات القاهرة، أمس، حظر النشر في قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، رغم علنية الجلسات، التي يحاكم فيها رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، ومحسن السكري، ضابط أمن الدولة السابق، وذلك بجميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. كما أمر بمصادرة ثلاثة كتب عن الجريمة!!، وهي "براءة هشام من دم سوزان"، "الكبار ومقتل سوزان تميم" و"الفريسة والصياد"، وقصر النشر على منطوق قرارات المحكمة وما يصدر عنها من أحكام سواء كانت تحضيرية أو تمهيدية، وكذلك الحكم النهائي، وحصرت التسجيل (ما يدور في الجلسة) على التدوين في محضر الجلسة فقط دون النشر. وقررت المحكمة التحفظ على كتاب بعنوان "براءة هشام من دم سوزان" للمدعي بالحق المدني في القضية سمير الششتاوي وإحالته إلى النيابة، مشيرة إلى أنها اطلعت على الكتاب دون محتوياته. وقالت إنها ترى بالكتاب المذكور محاولات لتوجيه الرأي العام، ما يعد تدخلا في شئون العدالة بمحاولته الإجابة على السؤال الوحيد المنوط بالمحكمة وحدها الإجابة عنه في نهاية القضية طبقا للضوابط القانونية الصحيحة، وهو: هل ارتكب المتهمان الجريمة أو الفعل المسند إليهما؟. واعتبر رأفت عزيز المحامي في مداخلته أمام المحكمة "أن مثل هذا الفعل من شأنه أن يؤثر على مجرى العدالة وسير المحاكمة بإعطاء معلومات وآراء للرأي العام، بما يعد تدخلا ومساسا بقضية تنظرها المحكمة في الوقت الحالي". من جانبه، قال المحامي سمير الششتاوي، مؤلف الكتاب وأحد المدعين بالحق المدني ضد محسن السكري - موجها كلامه لهيئة المحكمة- "إنه كان بصدد تقديم الكتاب ضمن المذكرات وحوافظ المستندات التي كان يزمع تقديمها إلى المحكمة في القضية"، معتبرا أن الكتاب هو مستند يتعلق بالقضية. واعتبر الششتاوي، أن الكتاب لا يتعارض أو يعد تدخلا في المحاكمة، مؤكدا تمسكه بكل كلمة وردت به، ويتحمل المسئولية الكاملة عنه. بدوره، قال المستشار مصطفى سليمان المحامى العام الأول لنيابة استئناف القاهرة - ممثل النيابة في القضية - "إن من شأن هذا الكتاب أن يؤثر على سير المحاكمة، وإنه مخالف وبمثابة انتهاك للقانون، كون القضية بكل تفاصيلها وملابستها لا تزال بحوزة المحكمة، ولم يتم البت والحكم فيها حتى الآن". والتمس من المحكمة التحفظ على الكتاب، وتطبيق نص المادة (187) من قانون العقوبات، التي تعاقب بالحبس مدة 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 5 ألاف جنيه على كل من نشر أو أذاع أمورا من شأنها التأثير في القضاة، الذين يناط بهم الفصل في دعوى مطروحة أمام أية جهة من جهات القضاء في البلاد، أو التأثير في الرأي العام لمصلحة طرف في الدعوى أو التحقيق أو ضده. ووافقت المحكمة على طلبه وأصدرت قرارها بعد رفع الجلسة للمداولة لمدة دقائق بالتحفظ على الكتاب. على صعيد متصل، قررت المحكمة إحالة كتابين آخرين بعنواني "الكبار ومقتل سوزان تميم" و"الفريسة والصياد" - يتناولان مقتل سوزان تميم – إلى النيابة ، وسلمتهما المحكمة للمستشار مصطفى سليمان المحامى العام الأول لنيابة استئناف القاهرة. وكان المحامى فريد الديب قد تقدم بمذكرة ونسخة من الكتابين المذكورين إلى رئيس المحكمة في المداولة، مشيرا إلى أنهما ينطبق عليهما ما قررته المحكمة بشأن الكتاب الأول للمحامى المدعى بالحق المدني في القضية. وقالت المحكمة في كلمة وجهتها للمتهمين، إن واجبها التوصل إلى الجاني الحقيقي. وكانت المحكمة في جلسة أمس الأول، قد قامت بفض إحراز القضية، وهي حقيبة الأموال التي تسلمها السكري من هشام والموضح عليها الأحرف الأولي من اسم رجل الأعمال، ومسدس مملوك للسكري وملابس خاصة يشتبه في أن السكري كان يرتديها أثناء ارتكابه الجريمة. يذكر أن هذه هي المرة الثانية التي يتم حظر النشر في تلك القضية، المرة الأولى كانت بقرار من النائب العام في أعقاب وقوع الجريمة في أواخر يوليو الماضي.
صحفيون وحقوقيون.. حظر النشر في قضية تميم وراءه دوافع سياسية
وعقب قرار الحظر تظاهر عدد من الصحفيين أمس احتجاجا على القرار، ومنع وسائل الإعلام من تغطية وقائع المحاكمة. وقدم المحتجون مذكرة إلى مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين، طالبوا فيها مجلس النقابة بالتدخل لدى وزير العدل المستشار ممدوح مرعي لإلغاء القرار، في الوقت الذي دافع فيه رجال قضاء وخبراء قانون عن قرار حظر النشر باعتباره "حقا مشروع" كفله القانون والدستور للقاضي وللنائب العام، حفاظا على سير العدالة، ولا يتعارض مع حرية الرأي والتعبير. وكانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ومركز هشام مبارك قد طعنا في قرار النائب العام بحظر النشر في القضية في نهاية أغسطس الماضي، واعتبراه مخالفا للدستور المصري والقانون والمواثيق الدولية. وحثا الحكومة المصرية على احترام الحريات الصحفية وحرية النشر والرأي والتعبير، حفاظا على الشفافية، ووفاءً بالتزاماتها الدستورية والقانونية والدولية التي تنص على حماية هذه الحريات.