يعيش أهالي محافظة أسوان وخاصة الأطفال وأمهاتهم حالة من الرعب بسبب انتشار حالات الوفاة والإصابة نتيجة لعقر ما يسمي بحيوان السلعوة لعدد من الأهالي في أماكن مختلفة، في ظل تكتم بعض المسئولين عن ذكر أية تفاصيل عنها مما يترك المجال للمزيد من التهويل أو الإنكار! وفي محاولة منا لعرض جوانب الموضوع قمنا بإجراء هذا التحقيق: إن تسمية الكلاب المسعورة بالسلعوة مصطلح غير علمي لأنه ليس موجوداً في المراجع الطبية القديمة أو الحديثة. وقد أرجع البعض سبب ظهور ما يسمي بالسلعوة حالة الجفاف التي أصابت أماكن تواجدها في الجبال وخاصة في صحراء مصر الشرقية بالقرب من الحدود السودانية، وتتبعها لقوافل رعاة الأغنام من قبائل البشارية، والحرائق التي أشعلتها الأجهزة الحكومية في نباتات "الهيش" بمنطقة وادي العلاقي جنوبأسوان وخاصة قبيل زيارة كبار المسئولين لمحافظة أسوان خوفاً من اختباء إرهابيين فيه.
ومن بين قتلى السلعوة بأسوان (في الفترة الأخيرة فقط) المواطن شاذلي – 57 سنة – حيث توفي بمستشفى أسوان التعليمي متأثراً بأعراض السعار بعد عقرها له بتوشكى بعدة أيام وبعد تناوله جرعة التطعيم وليس المصل المفترض تناوله ! ووفاة الطفلة فريدة محمود فوزي – عامان و3 شهور – ابنة د. صفاء كامل، وأحد خفراء مخازن هيئة تنمية بحيرة ناصر بمنطقة كركر والذي يعمل باليومية وذلك أثناء تأدية عمله إلا أن الهيئة رفضت احتساب وفاته إصابة عمل !! ومن بين المصابين الشابّان إبراهيم فرج إسماعيل وهيثم أحمد محمد والطفل مصطفى عبد الموجود.
توجهنا إلى المسئولين عن صحة المواطنين في أسوان فبدأنا بسؤال د. بركات أحمد السيد – مدير عام الصحة بالمحافظة – عن موضوع السلعوة وأماكن انتشارها وأعراض الإصابة بها وما قامت به المديرية من إجراءات لمواجهة هذه الظاهرة التي تعد حديث الساعة بين أهالي المحافظة إلا أنه لم يدلِ بأي تصريح !!
وفي لقاء مع د. نادية فخري مقار – مدير إدارة الطب البيطري بأسوان – أوضحت أن "السلعوة" أو "السلعاء" ما هي إلا أنواع مختلفة من الكلاب الجبلية ذات أحجام وأشكال وألوان متعددة وتتصف بالعدائية والشراسة وتعيش في مناطق نائية مختلفة وتسعى لمهاجمة أي مخلوق بشري أو حيواني دون إصدار نباح أو أي صوت مما يزيد من خطورتها وتعقر في الوجه أو في أي مكان تصل إليه وتصيبه بداء الكَلَب. وأكدت أن إدارة الطب البيطري تقوم بعمل حملات يومية لقتل الكلاب المسعورة باستخدام اللحوم المسمومة، وبطلقات الخرطوش بمساعدة أجهزة الشرطة، ومشاركة الأحياء، وبمعاونة بعض الأهالي. وقد أسفرت هذه الحملات في الآونة الأخيرة على قتل أكثر من 10 كلاب مسعورة.
ثم توجهنا إلى د. ممدوح الأمين – مدير المستشفى التعليمي – والذي صرح بعدم وجود بيانات دقيقة لديه عن عدد قتلى ومصابي السلعوة بالمستشفى، وأن إدارة المستشفى قد أصدرت منشوراً – بناءً على تعليمات وزارة الصحة – يوضح للمواطنين سرعة التوجه لمستشفى الحميات للحصول على العلاج اللازم مؤكداً إعطاء الجرعة الأولى لمن يصل للمستشفى التعليمي مباشرةً من المصابين ثم يتم نقله لمستشفى الحميات لاستكمال العلاج. إلا أن مصادرنا الموثوقة أكدت أن حالات عقر السلعوة والكلب والتي تم استقبالها بمستشفى أسوان التعليمي في الفترة من 4 أكتوبر الماضي وحتى 16 من نفس الشهر والمسجلة بالأوراق الرسمية قد وصل إلى 44 حالة 23 منها من الأطفال، وتتركز في مناطق السيل الريفي والشيخ هارون والحكروب وغرب أسوان وجبل تقوق وعزب كيما !!
أما د. نادر محروس – مدير مستشفى الحميات – فقد نصح بسرعة التوجه لأقرب مستشفى بمجرد العقر لأخذ مصل داء السعار مع غسل مكان العقر بالماء والصابون وتطهيره. وحذر من الإهمال أو التأخير لأنه إذا سال لعاب السلعوة مكان العقر حاملاً داء الكَلَب وسرى في الأعصاب حتى وصل إلا المخ فإن المريض لا يفلح معه العلاج. وأضاف د. نادر بأن أول أعراض الإصابة بالسعار ارتفاع درجة حرارة المصاب وآلام مكان العقر وحساسية وإحساس بالتنميل والشعور بالخوف والتقلص في عضلات البلع، كما تظهر أعراض أخرى إذا زاد المرض مثل إصابته بالتشنجات وبرهّاب الماء – أي الإحساس بالعطش الشديد – وقد يصل به إلى الهذيان الذي يستمر لعدة أيام ثم يدخل في غيبوبة.
ويطالب المواطنون الذين التقينا بهم بتكثيف العمل للقضاء على هذه الظاهرة التي منعت بعض المواطنين من الخروج من منازلهم ليلاً حتى لصلاة الفجر وخروج بعضهم حاملين العصيّ. وعلق بعضهم بأن السلعوة الحقيقية التي يجب مقاومتها وسرعة التخلص منها كل من تسبب في قتل أو تسميم أو نهب أموال أو إهدار كرامة المصريين !!.